مخاوف أميركية من حسابات صينية متنكرة للتدخل في الانتخابات

بهدف «زرع الشكوك» حول قيادة الولايات المتحدة وتوسيع نفوذ الصين

شعار «إكس» على المقر الرئيسي للشركة في سان فرنسيسكو (رويترز)
شعار «إكس» على المقر الرئيسي للشركة في سان فرنسيسكو (رويترز)
TT

مخاوف أميركية من حسابات صينية متنكرة للتدخل في الانتخابات

شعار «إكس» على المقر الرئيسي للشركة في سان فرنسيسكو (رويترز)
شعار «إكس» على المقر الرئيسي للشركة في سان فرنسيسكو (رويترز)

كشف مسؤولون وباحثون أميركيون أن جهات صينية أنشأت حسابات سرّية تتنكر بأنها أميركية تؤيد الرئيس السابق دونالد ترمب، وتهاجم الرئيس جو بايدن عبر الترويج لنظريات المؤامرة وتأجيج الانقسامات قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل الرئاسية في الولايات المتحدة.

وتعيد هذه المعلومات إلى الأذهان اتهامات الولايات المتحدة لروسيا منذ عام 2016 بأنها تدخلت في الانتخابات الأميركية عامذاك. وإذا صحت الاتهامات الجديدة، فإنها تمثل تحولاً تكتيكياً محتملاً في سعي بكين إلى التأثير على السياسة الداخلية الأميركية، وتسخير الانقسامات الحزبية لتقويض سياسات إدارة بايدن، على الرغم من الجهود الأخيرة من الطرفين لخفض درجة التوتر بينهما.

ونشرت صحيفة «النيويورك تايمز» أن «بعض الحسابات الصينية تنتحل شخصية معجبي ترمب المتحمسين»، مشيرة إلى حساب على منصة «إكس» يدّعي أنه لـ«أب وزوج وابن» يعتنقون شعار ترمب: «فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (أي «ماغا» اختصاراً) بكل جوارحهم، بهدف السخرية من عمر بايدن (82 عاماً)، ونشر صور مزيفة له وهو يرتدي زي السجن، والادعاء بأنه شيطاني وشاذ.

وقالت المحللة الأولى لدى معهد الحوار الاستراتيجي في لندن أليز توماس إنها لم ترَ «أي شيء على هذا المنوال من قبل على الإطلاق»، كاشفة مع باحثين آخرين عن مجموعة من الحسابات المعروفة باسم «سباموفلاج» ذات الصلة بالحكومة الصينية، والتي نشرت سابقاً محتوى مؤيداً لبكين بلغة الماندرين، لكنها عادت إلى الظهور في الأشهر الأخيرة تحت ستار أميركيين حقيقيين يكتبون باللغة الإنجليزية.

170 صفحة وحساباً

وفي مشروع منفصل، حددت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات البحثية في واشنطن 170 من الصفحات والحسابات غير الحقيقية على «فيسبوك» نشرت أيضاً رسائل معادية للولايات المتحدة، ومنها هجمات موجهة ضد بايدن. وأفادت بأن «هذه الجهود نجحت في جذب انتباه المستخدمين الفعليين، وصار من الصعب على الباحثين تحديدها مقارنة بالجهود الصينية السابقة للتأثير على الرأي العام في الولايات المتحدة».

صورة لشاشات هواتف والتطبيقات الموجودة عليها (أ.ف.ب)

ونسبت الصحيفة إلى الباحثين قولهم إنه على الرغم من أن «التوجه السياسي العام للحملة لا يزال غير واضح، فإنه أثار احتمال أن حكومة الصين تعتقد أن رئاسة ترمب الثانية، على الرغم من تصريحاته العدائية أحياناً ضدها، قد تكون أفضل من ولاية بايدن الثانية».

وأثار هذا النشاط من الصين بالفعل إنذارات داخل الحكومة الأميركية. وأفاد مكتب مدير الاستخبارات الوطنية في تقرير أصدره أخيراً بأن الصين تعمل على توسيع حملات نفوذها «لزرع الشكوك حول القيادة الأميركية، وتقويض الديمقراطية وتوسيع نفوذ بكين»، معبراً عن قلقه من أن بكين يمكن أن تستخدم أساليب متطورة للتأثير على الانتخابات الأميركية بهدف «تهميش منتقدي الصين».

ولوحظ أنه حتى الآن، كانت الجهود التي تبذلها الصين لتعزيز آيديولوجيتها في الغرب «تكافح من أجل اكتساب المزيد من الثِّقَل، أولاً عندما دفعت دعايتها الرسمية حول تفوق ثقافتها واقتصادها، ثم في وقت لاحق عندما بدأت تشوه سمعة الديمقراطية وتأجيج المشاعر المعادية لأميركا».

ثني عن التصويت

وذكّرت «النيويورك تايمز» بأنه في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، أفادت شركة «مانديانت» للأمن السيبراني بأن حملة «دراغون بريدج» المرتبطة بالصين «حاولت ثني الأميركيين عن التصويت مع تسليط الضوء على الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة».

أما الحملات الأخيرة المرتبطة بالصين فسعت إلى «استغلال الانقسامات الواضحة بالفعل في السياسة الأميركية، والانضمام إلى النقاش المثير للخلاف حول قضايا مثل حقوق المثليين والهجرة والجريمة من منظور يميني بشكل رئيسي». وكشف معهد الحوار الاستراتيجي في فبراير (شباط) الماضي أن حساباً مرتبطاً بالصين على «إكس» أطلق على نفسه اسماً غربياً إلى جانب شعار «ماغا 2024» مع مشاركة فيديو من شبكة «آر تي» الروسية للادعاء بأن ترمب تورط في عمليات إرهابية، وأن بايدن ومسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) أرسلوا أحد رجال العصابات النازيين الجدد للقتال في أوكرانيا.

تنكر ليبدو أصلياً

واتخذ الحساب الذي يحمل شعار «ماغا 2024» خطوات ليبدو أصلياً، واصفاً نفسه بأنه يديره أحد مؤيدي ترمب البالغ من العمر 43 عاماً في لوس أنجليس. لكنه استخدم صورة شخصية مأخوذة من مدونة سفر لرجل دنماركي. وعلى الرغم من أن الحساب افتُتح قبل 14 عاماً، فإن أول مشاركة مرئية له كانت في أبريل (نيسان) الماضي. وفي هذا المنشور، حاول الحساب، دون دليل، ربط بايدن بجيفري أبستين، الثري الذي ارتبط اسمه بسلسلة من الفضائح الجنسية، قبل أن يُعتقل وينتحر في السجن.

طلاب من جامعة ترويه يشاركون في دورة على الإنترنت مخصصة للقرصنة الأخلاقية في ليل بشمال فرنسا (أ.ف.ب)

وقالت توماس إن ما لا يقل عن أربعة حسابات أخرى مماثلة تعمل أيضاً، وكلها لها علاقات بالصين. ودفع حساب واحد مقابل اشتراك في «إكس» وهو يقدم امتيازات، على غرار حسابات أخرى شاركت ادعاءات مؤيدة لترمب ومناهضة لبايدن، بما في ذلك نظريات المؤامرة عبر «كيوآنون» واتهامات تزوير الانتخابات التي لا أساس لها.


مقالات ذات صلة

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

الولايات المتحدة​ جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

لم تمض سوى أيام على اختيار جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن كامالا هاريس تتحدث للصحافة بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

3 طرق أمام ترمب لإنهاء «شهر عسل» هاريس

تعيش كامالا هاريس «شهر عسل» بشكل ملحوظ، وقد لا يدوم طويلاً، فماذا سيفعل ترمب وحملته؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترامب سيستأنف عقد تجمعات انتخابية في أماكن مفتوحة بعد محاولة اغتياله

قال دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية اليوم السبت إنه سيواصل عقد تجمعات في أماكن مفتوحة خلال حملته الانتخابية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

على بُعد 100 يوم من الانتخابات تحاول نائبة الرئيس، كامالا هاريس، المرأة السوداء، إعادة تشكيل تحالف ساعد أولاً الرئيس الأسود باراك أوباما للفوز بالبيت الأبيض.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

ردّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب اليوم (الجمعة) على ما أثير من شكوك بشأن الجرح الذي أصاب أذنه خلال محاولة اغتياله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بلينكن: نعمل بشكل حثيث على وقف إطلاق النار في غزة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن  يحضر اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا الإقليمي في لاوس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحضر اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا الإقليمي في لاوس (أ.ب)
TT

بلينكن: نعمل بشكل حثيث على وقف إطلاق النار في غزة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن  يحضر اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا الإقليمي في لاوس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحضر اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا الإقليمي في لاوس (أ.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم (السبت) أن الولايات المتحدة «تعمل يومياً بشكل حثيث» من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإيجاد مسار لسلام وأمن دائمين، وفقاً لوكالة «رويترز».

جاء ذلك في تصريحات لبلينكن خلال اجتماع لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في فينتيان عاصمة لاوس.

وجاءت تصريحاته بعدما قالت نظيرته الإندونيسية ريتنو مرسودي إنه يتعين التوصل بشكل عاجل إلى سلام دائم. وأضافت «لا يمكننا مواصلة غض الطرف عن الوضع الإنساني الأليم في غزة».

وقبل أن يجتمع مع نظيره الصيني اليوم، حض بلينكن دول رابطة آسيان على التعاون لمعالجة قضايا مثل الصراعين في غزة وأوكرانيا وبرامج الصواريخ في كوريا الشمالية.

كما دعا وزراء خارجية الرابطة إلى الإسهام في التصدي لتحديات منها «أفعال (بكين) التصعيدية وغير القانونية» في بحر الصين الجنوبي.

ووصف بلينكن أيضاً الحرب الأهلية في ميانمار بأنها «تفطر القلب».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث في الاجتماع السابع والخمسين لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا (رويترز)

وعلى الرغم من أن بلينكن اختص الصين بالنقد بسبب تحركاتها في بحر الصين الجنوبي ضد الفلبين، حليفة واشنطن، فقد أشاد بكلا البلدين لتمتعهما بالدبلوماسية بعد ساعات من إكمال مانيلا مهمة إعادة إمداد لقواتها في منطقة تطالب بكين أيضا بالسيادة عليها.