أوكرانيا تبذل جهوداً كبيرة لجذب الحكومات الأفريقية مع تراجع حماسة الغرب

تأمل من برنامجها الموسع لشحنات الحبوب أن تتمكن من عكس الانطباع بأنها هي أيضاً وليست روسيا فقط من يهمها المصالح الأفريقية

الرئيسة مايا ساندو (الثانية من اليسار) بمناسبة اجتماع لقادة أوروبيين في 28 فبراير (أ.ف.ب)
الرئيسة مايا ساندو (الثانية من اليسار) بمناسبة اجتماع لقادة أوروبيين في 28 فبراير (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تبذل جهوداً كبيرة لجذب الحكومات الأفريقية مع تراجع حماسة الغرب

الرئيسة مايا ساندو (الثانية من اليسار) بمناسبة اجتماع لقادة أوروبيين في 28 فبراير (أ.ف.ب)
الرئيسة مايا ساندو (الثانية من اليسار) بمناسبة اجتماع لقادة أوروبيين في 28 فبراير (أ.ف.ب)

في ظل تراجع حماسة الولايات المتحدة، أو على الأقل لدى شريحة من الجمهوريين المحافظين المؤيدين بشدة للرئيس السابق دونالد ترمب، على مواصلة الدعم المالي لجهود الحرب في أوكرانيا، وتأخر المساعدات الأوروبية، وتحول الاهتمام العالمي نحو الصراع في غزة، تعمل كييف على توسيع تحالفاتها إلى ما هو أبعد من الغرب.

وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور (أ.ف.ب)

ومع تقديرات كثير من المسؤولين الغربيين والأميركيين، وكذلك من مراقبين ومحللين، بأن الحرب الأوكرانية الروسية تحولت إلى حرب استنزاف، ويمكن أن تستمر لسنوات، ترى أوكرانيا نفسها في حرب وجودية لبناء علاقات جيوسياسية على مستوى العالم، لما هو أبعد من الغرب، وخصوصاً في دول الجنوب، ومع القارة الأفريقية تحديداً.

وتسعى أوكرانيا إلى تعزيز تحالفاتها مع الدول الأفريقية من خلال توسيع برنامج شحنات الحبوب، ومضاعفة سفاراتها في أفريقيا، حيث يتوقع أن يقوم الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأول زيارة دولة للقارة في الأشهر المقبلة.

زيلينسكي إلى بريتوريا

وهو ما كشفت عنه وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور، خلال زيارتها إلى واشنطن، للمشاركة في فعالية أقيمت نهاية الأسبوع الماضي في معهد كارنيغي لأبحاث السلام. وقالت باندور: «في الأشهر القليلة المقبلة، أعتقد أن الرئيس زيلينسكي سيأتي إلى جنوب أفريقيا؛ لأنه يرغب في تعزيز وتوسيع المشاركة».

ورأت أوساط عدة أن جنوب أفريقيا، التي وقفت «على الحياد»، منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، بدأت تستجيب لمساعي كييف الدبلوماسية، لتغيير المزاج العام الذي سيطر على استجابة الدول الأفريقية، لتلك الحرب.

ممثلو الدول الخمس في جوهانسبرغ قبل التوسيع وقد مثّل روسيا وزير خارجيتها سيرغي لافروف (رويترز)

وفي الأشهر القليلة الأولى من الصراع، كان ما يقرب من نصف الدول الـ35 التي امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة، لإدانة الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، من أفريقيا. وهو ما أوضح أن الإدانة الدولية لموسكو ليست عالمية.

وتعكس الجهود التي تبذلها أوكرانيا لكسب القلوب والعقول في أفريقيا تقديراً متزايداً للدور الذي تلعبه القارة في الشؤون الجيوسياسية، وخصوصاً دور جنوب أفريقيا، الدولة الأكثر نفوذاً في القارة من الناحية الجيوسياسية.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

وقالت باندور، إن جنوب أفريقيا تريد الحفاظ على الحوار مع كل من روسيا وأوكرانيا. وأضافت قائلة: «على الرغم من الانتقادات والاعتقاد بأن جنوب أفريقيا منحازة، فإننا نتحدث مع كليهما. نحن الدولة التي لا تزال تتحدث كل أسبوع إلى كليهما، ونقول: علينا أن نجمعكما في الغرفة نفسها».

وكانت جنوب أفريقيا ثابتة في رفضها إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وأكدت مراراً التزامها بعدم الانحياز لمصالح كتل القوى الكبرى. لكن علاقتها مع روسيا، جزء منها في مجموعة دول «البريكس»، التي تضم الدول الأعضاء المؤسسين، البرازيل والهند والصين، أثارت اتهامات من البعض في الغرب، بأن بريتوريا انحازت إلى موسكو في الصراع.

كييف تزيد شحنات الحبوب

وتضررت البلدان في جميع أنحاء أفريقيا من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العامين الماضيين منذ أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعطيل نقل الحبوب من بلد يعد من بين أكبر منتجي القمح في العالم.

وعملت أوكرانيا، منذ أواخر عام 2022، مع برنامج الأغذية العالمي لتوصيل الحبوب إلى إثيوبيا والصومال وكينيا، التي كانت من بين الدول الأفريقية الأكثر تضرراً من نقص الغذاء في أعقاب الصراع، وانضم إلى ذلك هذا العام نيجيريا والسودان.

وتأمل أوكرانيا أن تتمكن من خلال برنامجها الموسع لشحنات الحبوب من عكس الانطباع بأن روسيا هي الجانب الوحيد في الصراع الذي يحاول معالجة تأثيره على الأفارقة. ونقل موقع «سيمافور» عن نائب وزير الزراعة الأوكراني، ماركيان دميتراسيفيتش، قوله إنه تم تسليم أكثر من 200 ألف طن إلى الدول الأفريقية حتى الآن، وإن حكومته تخطط لتوسيع البرنامج. وقال: «نحن نعمل جنباً إلى جنب مع برنامج الأغذية العالمي لتخطيط عمليات التسليم إلى موزمبيق وموريتانيا وجيبوتي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالاوي».

لافروف مع نظيره الغامبي في موسكو أمس (أ.ف.ب)

وفي الوقت نفسه، توفر زيارة زيلينسكي إلى جنوب أفريقيا فرصة رفيعة المستوى لإظهار التقارب معها. وعلى المدى الطويل، فإن مضاعفة سفارات أوكرانيا في القارة من شأنها أن تعزز بشكل جذري قدرة كييف على التوسط في الاتفاقيات الدبلوماسية، وتعزيز وجودها بشكل أكثر وضوحاً في القارة بشكل عام.

التصدي لروسيا في أفريقيا

وتأتي جهود أوكرانيا لتعميق علاقاتها عبر أفريقيا في أعقاب حملة طويلة ومتعددة الأوجه قامت بها روسيا لكسب الحكومات في القارة. وسعت موسكو إلى ممارسة نفوذها من خلال مزيج من برنامجها الخاص لتوصيل الحبوب، والمساعدة العسكرية، والشراكات الإعلامية، ودورات اللغة، والمنح الدراسية الجامعية.

وفي الشهر الماضي، قالت روسيا إنها شحنت 200 ألف طن متري من الحبوب المجانية إلى ست دول أفريقية، فيما يعد جزءا من جهودها للوفاء بالتزاماتها. وحظي عرض روسيا بزيادة تعاونها العسكري في الأشهر الأخيرة، بقبول من قبل المجالس العسكرية في ثلاث دول في غرب أفريقيا، النيجر ومالي وبوركينا فاسو، التي تقاتل تمرداً من تنظيمات جهادية إسلامية متطرفة في منطقة الساحل.

وفي الآونة الأخيرة، كشفت وسائل إعلام أميركية وأوروبية عن إرسال أوكرانيا قوات خاصة إلى عدد من البلدان الأفريقية، وخصوصاً إلى السودان، حيث تشارك في القتال ضد مجموعة «فاغنر» الروسية المرتزقة.


مقالات ذات صلة

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

ينصح أولئك الذين فحصوا سجلات ملف اغتيال كينيدي التي تم الكشف عنها حتى الآن، بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيناتور الجمهوري لينزي غراهام (أ.ف.ب)

سيناتور جمهوري: أي دولة تدعم قرارات الجنائية الدولية ستواجه موقفاً أميركياً صارماً

عبّر السيناتور الجمهوري الأميركي البارز لينزي غراهام عن رفضه الشديد لقرار المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

واشنطن: لا نرى «أيّ سبب» لتعديل العقيدة النووية الأميركية

أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض اليوم الخميس أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية بعد ما قامت به روسيا في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

«النواب» الأميركي يقر مشروع قانون يستهدف المنظمات غير الربحية «الداعمة للإرهاب»

صادق مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون يمنح وزارة الخزانة سلطة أحادية لإلغاء وضع الإعفاء الضريبي للمنظمات غير الربحية التي ترى الوزارة أنها تدعم الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مات غايتز (أ.ف.ب)

انسحاب مات غايتز مرشح ترمب لوزارة العدل على خلفية تجاوزات أخلاقية

أعلن مرشّح الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، لتولي وزارة العدل، مات غايتز، الخميس، سحب ترشّحه لهذا المنصب بعدما واجهت تسميته معارضة واسعة.

إيلي يوسف (واشنطن)

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)
الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)
TT

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)
الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)

ينصح أولئك الذين فحصوا سجلات ملف اغتيال كينيدي التي تم الكشف عنها حتى الآن، بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

لا تزال نظريات المؤامرة منتشرة على نطاق واسع بعد أكثر من 60 عاماً من اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي، ولا تزال أي معلومات جديدة عن يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 في دالاس تجذب الاهتمام.

وخلال حملة إعادة انتخابه، تعهَّد الرئيس المنتخَب دونالد ترمب برفع السرية عن جميع الوثائق الحكومية المتبقية المتعلقة بالاغتيال، إذا ما أعيد انتخابه.

وخلال فترة ولايته الأولى، قدم ترمب التزاماً مماثلاً، لكنه استسلم في النهاية للضغوط من مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) لحجب بعض المعلومات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ولم يكشف حتى الآن سوى عن بضعة آلاف من ملايين الوثائق الحكومية المتعلقة بالاغتيال، وينصح أولئك الذين فحصوا السجلات التي تم الكشف عنها حتى الآن بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

وقال جيرالد بوسنر، مؤلف كتاب «القضية مغلقة»، الذي توصل فيه إلى استنتاج مفاده أن القاتل لي هارفي أوزوالد تصرف بمفرده: «إن أي شخص ينتظر دليلاً دامغاً يقلب هذه القضية رأساً على عقب سيشعر بخيبة أمل شديدة».

ومن المتوقَّع أن يتم إحياء الذكرى الحادية والستين للاغتيال، اليوم (الجمعة)، بدقيقة صمت في الساعة 12:30 ظهراً بديلي بلازا؛ حيث قُتِل كينيدي بالرصاص أثناء مرور موكبه.

وعلى مدار هذا الأسبوع، جرى تنظيم عدد من الفعاليات لإحياء الذكرى.