أسئلة حائرة حول خطة بايدن لإقامة رصيف بحري لنقل مساعدات إلى غزة

محللون يقولون إن البديل الأكثر فاعلية يتمثل في إقناع إسرائيل بزيادة عمل الممرات البرية

الرئيس جو بايدن أعلن إقامة رصيف بحري مؤقت يجري بناؤه خلال شهرين لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة (أ.ب)
الرئيس جو بايدن أعلن إقامة رصيف بحري مؤقت يجري بناؤه خلال شهرين لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة (أ.ب)
TT

أسئلة حائرة حول خطة بايدن لإقامة رصيف بحري لنقل مساعدات إلى غزة

الرئيس جو بايدن أعلن إقامة رصيف بحري مؤقت يجري بناؤه خلال شهرين لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة (أ.ب)
الرئيس جو بايدن أعلن إقامة رصيف بحري مؤقت يجري بناؤه خلال شهرين لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة (أ.ب)

أثار إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن إنشاء رصيف مؤقت قبالة سواحل غزة لاستقبال سفن تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين، كثيراً من التساؤلات حول فاعلية هذه الخطوة المعقدة والعالية التكلفة، والتي يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، مقابل طرق أقل تعقيداً وأسرع في توصيل المساعدات عن طرق الضغط على إسرائيل لفتح معابر برية لتمرير شاحنات النقل، التي تحمل المساعدات الغذائية والمياه والأدوية.

وقال الرئيس الأميركي، مساء الخميس، في خطاب حالة الاتحاد، إنه أعطى تعليماته للجيش الأميركي بإنشاء ميناء مؤقت في غزة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وناشد إسرائيل عدم استخدام المساعدات ورقة مساومة، مؤكداً أن حماية وإنقاذ أرواح الأبرياء يجب أن تكون لهما الأولوية.

وقال بايدن، خلال جلسة مشتركة للكونغرس: «سأوجه الجيش الأميركي لقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف مؤقت في البحر الأبيض المتوسط، قبالة ساحل غزة، يمكنه استقبال سفن كبيرة محمّلة بالغذاء والماء والدواء والملاجئ الموقتة». وأضاف: «سيتيح هذا الرصيف البحري المؤقت زيادة هائلة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة، كل يوم». وأوضح الرئيس الأميركي أن إقامة هذا الرصيف البحري لا تعني نشر جنود أميركيين على الأرض في غزة.

وقبل إلقاء بايدن خطاب حالة الاتحاد، قدّم مسؤولو البيت الأبيض إحاطة صحافية حول تفاصيل حول هذه الخطوة. وقال مسؤول أميركي، للصحافيين: «إن إدارة بايدن ستواصل العمل لزيادة المساعدات عبر المعابر الحدودية في رفح وكرم أبو سالم، وطلبت من الحكومة الإسرائيلية تجهيز معبر بري جديد يؤدي مباشرة إلى شمال غزة، وسيسمح هذا المعبر الثالث بتدفق المساعدات مباشرة». وأوضح أن الإدارة تتوقع وصول أول دفعة من المساعدات عبر المعبر الجديد، خلال الأسبوع المقبل.

أطفال فلسطينيون نازحون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يجلسون في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

وسرَد المسؤول، للصحافيين، مزايا إنشاء هذا الرصيف المؤقت، قائلاً إنه سيوفر القدرة على استيعاب مئات الحمولات الإضافية من المساعدات، حيث ستأتي الشحنات من ميناء لارنكا في قبرص التي تبعد 210 أميال بحرية عن غزة، وسيتاح للمسؤولين الإسرائيليين فحص وتفتيش المساعدات المتجهة إلى غزة. وأوضح أن واشنطن ستعمل لبناء تحالف من الدول التي ستسهم في توفير التمويل والقدرات لهذه المبادرة، وتحويل هذا الميناء المؤقت إلى منشأة يجري تشغيلها تجارياً بمرور الوقت.

واعترف المسؤول الأميركي بأن الطرق البرية هي الأكثر فاعلية وكفاءة في إيصال المساعدات بطريقة أفضل وأسرع وأقل تكلفة. وقال: «لقد أصدر الرئيس توجيهات في النظر بجميع الخيارات، وألا ننتظر الإسرائيليين، وأن نقوم بتوصيل المساعدات جواً وبحراً وبراً».

الأسئلة الحائرة

ومن غير الواضح أين تنوي إدارة بايدن بناء هذا الرصيف البحري العائم في غزة، الذي أشار المسؤولون إلى أن إقامته تستغرق ما يقرب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين، وربما تصل إلى عدة أشهر.

وينطوي إقامة رصيف مؤقت لاستقبال سفن كبيرة تحمل شحنات على تعقيدات كثيرة تتعلق بالوقت الذي يستغرقه البناء، وأسئلة حول تكلفته العالية، ومَن سيتولى تنظيم العمليات اللوجستية والإدارية وعمليات الحراسة من أي هجمات تُعرّض الميناء والسفن والمساعدات للخطر. وفي ظل تعهد بايدن بعدم إنزال قوات أميركية على الأرض في غزة، ليس من الواضح ما إذا كانت القوات الإسرائيلية أو قوات أخرى أو شركات خاصة ستقوم بتوفير العمليات الأمنية للميناء المؤقت، أو توفير عمليات نقل المساعدات إلى داخل القطاع.

المظلات تُسقط الإمدادات والمساعدات الإنسانية شمال قطاع غزة اليوم الجمعة 8 مارس (أ.ب)

ترحيب متحفظ

ورغم ترحيب سيغريد كاغ، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، بالإعلان الأميركي، لكنها أشارت إلى أن الخطة في توصيل المساعدات بحراً لن تكون بديلاً عن توصيلها براً. وأكدت أن توصيل المساعدات عبر المعابر البرية التي تربط إسرائيل بغزة أسهل وأكثر فاعلية. وقال تور وينيسلاند، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام بالشرق الأوسط: «هناك إحباط عميق في المجتمع الدولي لأننا لا نستطيع توفير إمدادات كافية، والجميع متفقون على أن الطريقة الأكثر فاعلية هي إيصال المساعدات لغزة عن طريق الشاحنات البرية».

الغرض والأهداف

وقال محللون إن اتجاه إدارة بايدن لاتخاذ هذه الخطوة المعقدة والعالية التكلفة والمحفوفة بالمخاطر لتوفير المساعدات عبر البحر، علامة على الإحباط الشديد لدى الإدارة من تعنت الجانب الإسرائيلي في توصيل المساعدات، ويشير إلى الفشل الأميركي في الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لمنع وقوع أزمة إنسانية لأكثر من مليونين من سكان غزة يعانون نقص الغذاء.

ويوضح المحللون أن البديل الأفضل والأسرع والأكثر فاعلية يتمثل في إقناع إسرائيل بزيادة عمل الممرات البرية المؤدية إلى غزة، لكن يبدو أن النفوذين الاقتصادي والعسكري الأميركي ليسا كافيين لإقناع إسرائيل بالاستماع إلى المطالب الأميركية.

متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين في مظاهرة احتجاج أمام البيت الأبيض ومبنى الكابيتول بواشنطن قبل خطاب حالة الاتحاد للرئيس جو بايدن (أ.ف.ب)

من جانب آخر، وصف محللون هذا الإعلان الأميركي بأنه يستهدف الترويج الإعلامي لجهود إدارة بايدن في تقديم المساعدات لتهدئة الغضب في الشارع الأميركي، ولدى تيار التقدميين في الحزب الديمقراطي، من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، وعدُّوها وسيلة لتبييض وجه الولايات المتحدة، خصوصاً أن إدارة بايدن سمحت بصفقات تزيد عن مائة صفقة من الأسلحة والذخائر والقنابل لإسرائيل، بما يؤكد الدعم الأميركي لاستمرار الحرب.

وفي الجانب الآخر، تستهدف إدارة بايدن بهذا الإعلان أيضاً تهدئة غضب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وفي أوروبا الذين يمارسون ضغوطاً لضمان وصول المساعدات إلى سكان غزة، كما أنه يوفر مساحة سياسية لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، مع تخفيف الغضب الدولي، وتخفيف معاناة المدنيين من سكان غزة، بما يسمح لحكومة نتنياهو بتجنب الضغوط التي يمارسها اليمين المتشدد في ائتلافه الحاكم، لمنع دخول كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة بزعم استيلاء حركة «حماس» على تلك المساعدات.


مقالات ذات صلة

إردوغان: مبادرة بايدن لوقف النار في غزة متأخرة لكنها خطوة مهمة

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (يمين) يصافح سلطان عمان هيثم بن طارق خلال اجتماعهما في أنقرة (إ.ب.أ)

إردوغان: مبادرة بايدن لوقف النار في غزة متأخرة لكنها خطوة مهمة

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس، إن إعلان نظيره الأميركي جو بايدن إطلاق مبادرة جديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يعد خطوة متأخرة، لكنها مهمة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)

ارتياح أوروبي لمرشح ترمب لمنصب مبعوث أوكرانيا وروسيا

أثار إعلان الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، عن تعيين كيث كيلوغ مبعوثاً خاصاً لأوكرانيا وروسيا، ردود فعل إيجابية داخل الولايات المتحدة، وفي أوروبا.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)

واشنطن تعلن الإفراج عن 3 أميركيين محتجزين في الصين

أفرجت الصين عن ثلاثة مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» حسبما أعلن مسؤولون أميركيون اليوم الأربعاء، وذلك قبل أسابيع قليلة من تسلم ترمب للسلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عناصر من الجيش الإسرائيلي يقفون خارج منزل أصيب بصواريخ أطلقها «حزب الله» من لبنان على بلدة كريات شمونة الحدودية شمال إسرائيل... 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

إدارة بايدن تعتزم بيع أسلحة بقيمة 680 مليون دولار لإسرائيل

قال مسؤول مطلع، اليوم الأربعاء، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تسعى إلى المضي قدما في صفقة لبيع أسلحة بقيمة 680 مليون دولار لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

رأى موقع «بوليتيكو» أن اتفاق وقف إطلاق النار «انتصار كبير للبيت الأبيض»، وقالت «نيويورك تايمز» إن بايدن يريد تذكّره بأنه وضع الشرق الأوسط على طريق تسوية دائمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ماسك يعلن عن أسماء الموظفين الحكوميين الذين يريد تسريحهم

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

ماسك يعلن عن أسماء الموظفين الحكوميين الذين يريد تسريحهم

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

عندما قال الرئيس المنتخب دونالد ترمب إن وزيري «الكفاءة الحكومية» إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي سيوصيان بتخفيضات كبيرة للحكومة الفيدرالية في إدارته، كان العديد من الموظفين الحكوميين يعرفون أن وظائفهم قد تكون على المحك.

ووفق تقرير نشرته شبكة «سي إن إن»، الآن لدى الموظفين الحكوميين خوف جديد: أن يصبحوا أهدافاً شخصية لأغنى رجل في العالم - وجحافل أتباعه. في الأسبوع الماضي، في خضم موجة من رسائله اليومية، أعاد ماسك نشر منشورين على موقع «إكس» يكشفان عن أسماء وألقاب أشخاص يشغلون 4 مناصب حكومية غامضة نسبياً تتعلق بالمناخ. تمت مشاهدة كل منشور عشرات الملايين من المرات، وتعرض الأفراد المذكورون لوابل من الاهتمام السلبي. قامت واحدة على الأقل من النساء الأربع المذكورات بحذف حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من أن المعلومات التي نشرها عن تلك المناصب الحكومية متاحة من خلال قواعد البيانات العامة على الإنترنت، فإن هذه المنشورات تستهدف موظفين حكوميين غير معروفين في أدوار لا تتعامل مباشرة مع الجمهور. أخبر العديد من الموظفين الفيدراليين الحاليين الشبكة أنهم يخشون أن تتغير حياتهم إلى الأبد - بما في ذلك التهديد الجسدي - حيث يحول ماسك البيروقراطيين وراء الكواليس إلى أهداف شخصية. وقال آخرون إن التهديد بالوقوع في مرمى نيران ماسك قد يدفعهم إلى ترك وظائفهم بالكامل.

قال إيفرت كيلي، رئيس الاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة، الذي يمثل أكثر من 800 ألف من أصل 2.3 مليون موظف فيدرالي مدني: «تهدف هذه التكتيكات إلى بث الرعب والخوف بين الموظفين الفيدراليين. ويهدف هذا إلى جعلهم خائفين من التحدث». هذا ليس سلوكاً جديداً بالنسبة لماسك، الذي غالباً ما كان يستهدف الأفراد الذين يدعي أنهم ارتكبوا أخطاء أو يقفون في طريقه. قالت إحدى الموظفات الفيدراليات السابقات، التي استهدفها ماسك سابقاً، إنها عانت من شيء مشابه جداً.

وقالت ماري ميسي كامينغز، أستاذة الهندسة وعلوم الكمبيوتر في جامعة جورج ماسون، التي أثارت غضب ماسك بسبب انتقاداتها لشركة «تسلا» عندما كانت في الإدارة الوطنية لسلامة المرور: «إنها طريقته في ترهيب الناس للاستقالة أو إرسال إشارة إلى جميع الوكالات الأخرى مفادها أنكم التاليون».

أثارت كامينغز غضب ماسك عندما تم تعيينها مستشارة أولى في الإدارة الوطنية لسلامة المرور لأن أبحاثها وتعليقاتها العامة كانت تنتقد برامج مساعدة السائق في «تسلا». استهدف ماسك كامينغز على ما كان يسمى آنذاك «تويتر»، وتبعه جحافل من المعجبين به.

في مقابلة، قالت كامينغز إنها تلقت سيلاً من الهجمات، بما في ذلك التهديدات بالقتل، واضطرت إلى نقل مكان إقامتها مؤقتاً.

قالت كامينغز إنها تعرف بالفعل موظفين فيدراليين «كرسوا حياتهم للخدمة المدنية»، وتركوا وظائفهم بالفعل تحسباً لما سيأتي. وأضافت: «كان ينوي لهم، لأشخاص مثلهم، أن يتم ترهيبهم والمضي قدماً والاستقالة حتى لا يضطر إلى طردهم. لذا فإن خطته، إلى حد ما، تعمل».

تواصلت الشبكة مع العديد من الخبراء والأكاديميين المتخصصين في التحرش الإلكتروني والتشهير والإساءة عبر الإنترنت. لكن العديد منهم رفضوا التعليق على السجل خوفاً من أن يصبحوا أهدافاً لماسك. قال أحدهم: «ما حدث له تأثير مخيف لا يصدق ومروع». وقال آخر إنهم «غير متفاجئين»، مضيفاً أنها مثال على «نمط كلاسيكي» للتحرش الإلكتروني.

لم يرد راماسوامي بشكل مباشر على الأسئلة حول تحديد الموظفين الفيدراليين الأفراد ولكنه قال للشبكة: «معظم الموظفين الفيدراليين، مثل معظم البشر، هم أشخاص طيبون في الأساس ويستحقون أن يعاملوا باحترام، لكن المشكلة الحقيقية هي البيروقراطية». وأضاف: «خصمنا ليس فرداً معيناً. خصمنا هو البيروقراطية».