العالم يترقب «الثلاثاء الكبير» في أميركا

بايدن من دون منافسين رغم القلق من تقدم سنه... وترمب يتوقع انتصارات كبيرة

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ريتشموند بولاية فرجينيا السبت (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ريتشموند بولاية فرجينيا السبت (أ.ف.ب)
TT

العالم يترقب «الثلاثاء الكبير» في أميركا

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ريتشموند بولاية فرجينيا السبت (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ريتشموند بولاية فرجينيا السبت (أ.ف.ب)

يترقب العالم «الثلاثاء الكبير» في الخامس من مارس (آذار) حين تستضيف 15 ولاية أميركية منافسات الترشيح التمهيدي للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويدلي ملايين الناخبين بأصواتهم في الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية، ويشمل الاقتراع سباقات مجلسي النواب والشيوخ، إضافة إلى منافسات محلية داخل كل ولاية.

يحمل «الثلاثاء الكبير» أهمية كبرى؛ لأنه يمثل أكثر من ثلث المندوبين الذين سيجري تعيينهم للمؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي سيُعقد في يوليو (تموز) المقبل في مدينة ميلووكي بولاية ويسكنسن. وتشير استطلاعات الرأي باستمرار إلى أن دونالد ترمب هو المرشح الأوفر حظاً في الولايات الرئيسية. وتتوقع حملة ترمب بثقة الحصول على ما لا يقل عن 773 مندوباً يوم «الثلاثاء الكبير»، ما يمهد له الطريق للفوز بالترشيح خلال الأسابيع التالية. ويحتاج المرشح الجمهوري إلى ما لا يقل عن 1215 مندوباً من إجمالي 2429 مندوباً للفوز بترشيح الحزب.

أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتجمعون بالقرب من شيلبي بارك قبل زيارته للحدود الأميركية - المكسيكية في إيغل باس بولاية تكساس في 29 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

وفي المقابل، فإن ترشيح الحزب الديمقراطي أمر مفروغ منه بالنسبة للرئيس جو بايدن الذي لا يواجه منافسين؛ إذ يُتوقع أن يتجمع أنصار الحزب الديمقراطي خلفه في المؤتمر الوطني للحزب في أغسطس (آب) المقبل في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي. ويحتاج بايدن إلى 1439 مندوباً من إجمالي 3979 مندوباً.

ترمب والقبضة الحديدية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ريتشموند بولاية فرجينيا السبت (أ.ف.ب)

ويظل الرئيس السابق ترمب قادراً على الإمساك بقبضة حديدية على الحزب الجمهوري، وعلى تحفيز القاعدة الانتخابية للمشاركة في الانتخابات التمهيدية بنسبة أكبر من مشاركة الديمقراطيين لصالح بايدن.

وقبل «الثلاثاء الكبير»، فاز ترمب بأصوات المندوبين في ميشيغان وميسوري وإيداهو في انتخابات الحزب الجمهوري. وتعزز هذه الانتصارات خطوة ترمب نحو ضمان ترشيح الحزب الجمهوري، أمام منافسته السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي. ويحظى ترمب بتأييد نوايا التصويت بنسبة 79 في المائة مقابل 15 في المائة لهايلي، وفق استطلاع موقع «RealClearPolitics». ويتقدم ترمب على بايدن بفارق نقطتين مئويتين، كما يتقدم عليه في الولايات المتأرجحة، بما في ذلك أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا وويسكنسن، بينما يتقدم بايدن على ترمب بفارق ضئيل في ولاية بنسلفانيا.

أنصار دونالد ترمب يهتفون له خلال تجمع انتخابي في ريتشموند بولاية فيرجينيا السبت (أ.ف.ب)

وأفاد استطلاع للرأي لجامعة هارفارد، بأن ترمب يتفوق على بايدن على المستوى الوطني بفارق 6 نقاط. وقال الاستطلاع إن ترمب يوحد الجمهوريين بقوة أكثر مما يوحد بايدن الديمقراطيين.

وقد هاجم ترمب مراراً منافسته نيكي هايلي، وقال إنها لا تستطيع التغلب على بايدن أو أي مرشح ديمقراطي آخر، مشيراً إلى أنه يتطلع إلى تحقيق فوز غير مسبوق في «الثلاثاء الكبير»، إلا أن أكبر وأشد انتقاداته وهجماته ركزت على منافسه بايدن الذي اتهمه في تجمع حاشد في ولاية نورث كارولاينا بالقيام بمؤامرة للإطاحة بالولايات المتحدة الأميركية، وقال إن بايدن يمثل التهديد الحقيقي للديمقراطية، ويريد انهيار النظام الأميركي، وإبطال إرادة الناخبين الأميركيين.

تحديات أمام نيكي هايلي

السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي تتحدث خلال تجمع انتخابي في نيدهام بولاية ماساتشوستس السبت (إ.ب.أ)

ربما يكون «الثلاثاء الكبير» الفرصة الأخيرة أمام نيكي هايلي لوقف تقدم ترمب للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض سباق الرئاسة، وسط شكوك كبيرة في قدرتها على ذلك.

وقد حقق ترمب انتصارات متتالية في ولايتي إيداهو وميسوري، كما ضمن حصوله على كل المندوبين في ميشيغان، بما رفع عدد المندوبين لصالحه إلى 244، في حين لدى هايلي 24 مندوباً فقط، ولذا فإن المرشح الفائز يحتاج إلى ما لا يقل عن 1215 مندوباً لتأمين ترشيح الحزب، وهو ما يجعل ترمب أقرب إلى الفوز بهذا الرقم من المندوبين.

وقد لحقت الهزائم بالمرشحة الجمهورية نيكي هايلي في الانتخابات التمهيدية التي جرت في 27 فبراير (شباط) في ميشيغان، بأكثر من 40 نقطة مئوية، وفي ولايتها نورث كارولاينا، عانت هايلي من هزيمة بأكثر من 20 نقطة مئوية.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ينتقد منافسته نيكي هايلي كما يهاجم الرئيس جو بايدن خلال تجمع انتخابي في ريتشموند بولاية فرجينيا (رويترز)

وعلى الرغم من الضغوط الكبيرة من ترمب، الذي حثها على الخروج من السباق، فإن هايلي لا تزال ملتزمة بحملتها، وتخطط للقيام بجولة واسعة النطاق على مستوى البلاد قبل يوم «الثلاثاء الكبير»، وقد كشفت حملتها النقاب بشكل استراتيجي عن فريق قيادي في جورجيا، وهي ولاية من المقرر إجراء انتخابات تمهيدية مهمة فيها في 12 مارس. وسيكون فوز ترمب بانتخابات «الثلاثاء الكبير» نهاية الطريق أمام هايلي إذا لم تنجح حملتها في إحداث تغيير في قبضة ترمب الحديدية على الحزب.

وقد نجحت حملة هايلي في جمع 12 مليون دولار من التبرعات في شهر فبراير، وقبلها جمعت 16.5 مليون دولار في يناير (كانون الثاني)، ويقول القائمون على الحملة إن جانباً كبيراً من الجمهوريين يرفضون سياسات ترمب المثيرة للانقسام والسياسات الانعزالية. وتراهن حملة هايلي على أصوات المعارضين لترمب والمستقلين. وقد انتقدت هايلي ترمب ووصفته بأنه أقل قابلية للفوز بالانتخابات عند مواجهة بايدن، مشيرة إلى أن مشكلاته القانونية ستكون بمثابة عوائق في مسار الحملة الانتخابية، ومشكلة كبيرة للجمهوريين.

بايدن ومخاوف السن المتقدمة

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث للصحافة قبل مغادرته البيت الأبيض إلى المنتجع الرئاسي في كامب ديفيد بولاية ماريلاند الجمعة (أ.ف.ب)

وفي الجانب الديمقراطي، لا تزال المخاوف بشأن سن الرئيس بايدن تشكل تهديداً عميقاً لمحاولته إعادة انتخابه، وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع كلية سيينا. وتفيد نتائج الاستطلاع بأن غالبية الناخبين الذين دعموه في انتخابات عام 2020 يقولون إنه بات الآن أكبر سناً من أن يقود البلاد بفاعلية. ورأى 61 في المائة أنهم يعتقدون أنه «متقدم في السن»، بحيث لا يمكنه أن يكون رئيساً فعالاً.

وتمتد الشكوك بشأن عمر بايدن عبر الأجيال والجنس والعرق والتعليم، ما يؤكد فشل الرئيس في تبديد المخاوف داخل حزبه وهجمات الجمهوريين التي تصوره على أنه خرف. ورأى 73 في المائة من جميع الناخبين المسجلين أنه أكبر من أن يكون فعالاً، وأعرب 45 في المائة عن اعتقادهم أنه لا يستطيع القيام بهذه المهمة.

.

السيدة الأولى جيل بايدن تتحدث إلى أنصارها يوم السبت 2 مارس 2024 في لاس فيغاس خلال حدث «النساء من أجل بايدن - هاريس» لحثهن على التصويت لصالح بايدن وكان هذا الحدث جزءاً من برنامج وطني لتنظيم وتعبئة الناخبات (أ.ب)

وتشير استطلاعات الرأي السابقة إلى أن تحفظات الناخبين بشأن عمر الرئيس بايدن زادت بمرور الوقت. وفي 6 ولايات حاسمة جرى استطلاعها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال 55 في المائة ممن صوتوا لصالحه في انتخابات عام 2020، إنهم يعتقدون أنه أكبر من أن يكون رئيساً فعالاً، وهي زيادة حادة على 16 في المائة من الديمقراطيين الذين شاركوا هذا الاستطلاع. وإذا أعيد انتخابه في نوفمبر المقبل، فسيحطم بايدن رقمه القياسي بوصفه أكبر رئيس أميركي سناً في منصبه، وسيكون عمر بايدن 86 عاماً بنهاية ولايته الثانية.

غضب الجالية العربية

حملة الجالية العربية والمسلمة لحث الناخبين على التصويت بـ«غير ملتزم» اعتراضاً على انحياز بايدن لإسرائيل في الحرب ضد غزة (أ.ف.ب)

ولا يتعلق الأمر بعمر بايدن المتقدم فقط، فقد أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن هناك رد فعل عنيفاً يلوح في الأفق بالنسبة للرئيس الحالي في انتخابات «الثلاثاء الكبير» إذا اتجهت نصف الولايات المشاركة في الانتخابات الرئاسية على التصويت بـ«غير ملتزم» في بطاقة الاقتراع، ما يشير إلى اتساع ثورة الناخبين اليساريين التي انطلقت شرارتها في ولاية ميشيغان، الأسبوع الماضي، بعد حملة شنتها الجالية العربية والمسلمة. وقد حصدت الحملة في ولاية ميشيغان 101 ألف صوت تحت خانة «غير ملتزم»، وهو ما مثَّل 5 أضعاف التصويت الذي جرى في انتخابات تمهيدية سابقة.

ويحث الناشطون الذين أطلقوا حملة ميشيغان الناخبين على التصويت بـ«غير ملتزم» في ولايات ماساتشوستس ومينيسوتا وكولورادو ونورث كارولاينا وتينيسي وفيرمونت ومين وألاباما، وكلها ولايات يوجد على بطاقة التصويت الخاصة بها «غير ملتزم».

وأشارت تقارير صحافية إلى أن الأميركيين المسلمين والناخبين الشباب يبتعدون عن بايدن بسبب انحيازه لإسرائيل في الحرب ضد غزة، كما توجد نسبة مقلقة من الناخبين السود يعترضون أيضاً على تعامل بايدن مع الحرب على غزة.


مقالات ذات صلة

بسبب «الكثير من الخطوات»... جونسون يكشف رفض بايدن زيارة حاملة طائرات بريطانية

أوروبا الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) يصافح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون (رويترز)

بسبب «الكثير من الخطوات»... جونسون يكشف رفض بايدن زيارة حاملة طائرات بريطانية

رفض الرئيس الأميركي جو بايدن زيارة حاملة الطائرات الرائدة للبحرية البريطانية بسبب عدد الخطوات خلال زيارته إلى المملكة المتحدة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (أرشيفية- إ.ب.أ)

بايدن يشكِّك في «سلمية» انتخابات الرئاسة الأميركية

قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه غير واثق من أن الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل ستكون سلمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري ترمب وهاريس في المناظرة الرئاسية ببنسلفانيا في 10 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل يؤثر التصعيد في المنطقة على خيار الناخب الأميركي؟

الانتقاد الأبرزالموجّه للمرشحة الديمقراطية هاريس يرتبط بتداعيات خبرتها المحدودة في السياسة الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن: على إسرائيل البحث عن بدائل لاستهداف منشآت نفطية إيرانية

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الجمعة)، إن إسرائيل لم تحسم أمرها بعد بشأن الرد على الضربة الإيرانية التي استهدفتها، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في نيويورك (أ.ف.ب)

«لو موند»: دور أميركا في الشرق الأوسط تحول إلى «متفرج»

تحول انتباه العالم الآن من غزة إلى لبنان، حيث تستمر إسرائيل بضرب بيروت، وتواصل القوات الإسرائيلية تنفيذ عمليات في جنوب لبنان ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (باريس)

بايدن: على إسرائيل البحث عن بدائل لاستهداف منشآت نفطية إيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
TT

بايدن: على إسرائيل البحث عن بدائل لاستهداف منشآت نفطية إيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الجمعة)، إنه سيفكر في بدائل عن استهداف حقول النفط الإيرانية، لو كان في مكان إسرائيل، مضيفاً أنه يعتقد أن إسرائيل لم تتوصل بعد إلى كيفية الرد على إيران. وأضاف في إفادة صحافية بالبيت الأبيض: «لم يتوصل الإسرائيليون إلى قرار فيما يتعلق بالضربة. الأمر قيد المناقشة». وتابع: «لو كنت في مكانهم، لفكرت في بدائل أخرى غير استهداف حقول النفط».

وأكد أن الفرق الأميركية والإسرائيلية على تواصل دائم.

وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يجري حالياً درس فرض عقوبات جديدة على إيران. وقال: «لن تتخذ الفرق الأميركية والإسرائيلية قراراً على الفور، وسننتظر لنرى متى سيتحدثون إلينا».

وعندما سئل هل يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول عبر رفض الحلول الدبلوماسية التأثير على نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، أجاب: «لا أعرف إذا كان يحاول التأثير على الانتخابات أم لا... لم تفعل أي إدارة أكثر مني لمساعدة إسرائيل».

وتصاعد التوتر بين الطرفين، في وقت تدرس فيه إسرائيل خيارات للرد على هجوم طهران الصاروخي يوم الثلاثاء، الذي جاء رداً على العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان.