المحكمة العليا تنظر في قضية استبعاد ترمب من الانتخابات الرئاسية

غالبية قضاتها يميلون إلى الحكم لصالح الرئيس السابق

متظاهرون أمام المحكمة العليا بينما يستعد القضاة لسماع المرافعات (إ.ب.أ)
متظاهرون أمام المحكمة العليا بينما يستعد القضاة لسماع المرافعات (إ.ب.أ)
TT

المحكمة العليا تنظر في قضية استبعاد ترمب من الانتخابات الرئاسية

متظاهرون أمام المحكمة العليا بينما يستعد القضاة لسماع المرافعات (إ.ب.أ)
متظاهرون أمام المحكمة العليا بينما يستعد القضاة لسماع المرافعات (إ.ب.أ)

بدأت المحكمة العليا النظر في قضية تاريخية قد تحدد شكل الانتخابات الرئاسية ومستقبل دونالد ترمب المرشح الجمهوري الأبرز. واستمعت السلطة القضائية الأعلى في البلاد، ممثلة بقضاتها التسعة، لمرافعات حول إمكانية استبعاد الرئيس السابق من خوض الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بسبب دوره في هجوم 6 يناير (كانون الثاني) على مبنى الكابيتول.

وبعد استماعها لمحامين لمدة ساعتين الخميس، بدا من أسئلة غالبية القضاة أن المحكمة تميل للحكم لصالح ترمب في هذه القضية. وقال رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، إن فكرة أن تتحكم ولاية واحدة بمصير الانتخابات مروعة للغاية.

متظاهرون يطالبون بمنع ترمب من خوض الانتخابات خارج المحكمة العليا (إ.ب.أ)

ورغم سعي المحكمة العليا إلى البقاء بعيدا عن العملية الانتخابية، فإن قرار ولاية كولورادو استبعاد ترمب من بطاقات الاقتراع حوّل أهلية الرئيس السابق إلى قضية جدلية، يتوقع حسمها نهائياً أمام المحكمة.

وكانت المحكمة العليا في كولورادو قد منعت، في ديسمبر (كانون الأول)، ترمب من خوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولاية على خلفية دوره في أحداث الكابيتول عام 2021. وطعن ترمب في الحكم الصادر في هذه الولاية أمام المحكمة العليا ذات الأغلبية المحافظة، التي تشمل ثلاثة قضاة عيّنهم الرئيس السابق. وثمة جدل بين الخبراء القانونيين حول صحة مثل هذا الإجراء ومدى ملاءمته السياسية، غير أنهم يجمعون على أن المحكمة التي اتخذت قرارا في عام 2000 بمنح الفوز في الانتخابات الرئاسية للجمهوري جورج دبليو بوش على حساب الديمقراطي آل غور، ترغب في تجنب إثارة الشبهات المتعلقة بالتدخل في الانتخابات. وتدرك المحكمة أن قرارها في هذه القضية يحمل تداعيات على سمعتها، وثقة الرأي العام، وتهم تسييس الملاحقات القضائية ضد ترمب.

ويدور الجدل القانوني حول ما إذا كان الرئيس السابق قد انتهك التعديل الدستوري الرابع عشر، الذي ينص على أنه لا يجوز لأي شخص انخرط في تمرد ضد الولايات المتحدة أن يشغل منصباً مدنياً أو عسكرياً بعد أن أقسم الولاء على حماية الدستور. وستكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها النظر في وضع ترمب، أو أي مرشح رئاسي، بموجب هذا البند الدستوري أمام أعلى محكمة في البلاد.

الرئيس السابق دونالد ترمب المرشح الجمهوري الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

وفضل الرئيس السابق دونالد ترمب عدم حضور الجلسة والبقاء في منتجع مارلاغو بولاية فلوريدا، وقال في تصريحات تلفزيونية مقتضبة: «إنهم يحاولون إخراجي من السباق، وسيكون ذلك أمراً فظيعاً جداً؛ لأن الأمر يتعلق بدستورنا، وسيكون ذلك سيئاً بالنسبة للديمقراطية ولبلدنا».

البداية في كولورادو

بدأت هذه القضية التاريخية في سبتمبر (أيلول) الماضي، حين رفعت مجموعة من الناخبين في ولاية كولورادو تحمل اسم «مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق في واشنطن» (CREW) دعوى قضائية قالوا فيها إن ترمب ليس مؤهلاً لخوض الانتخابات الرئاسية، ووضع اسمه على بطاقة الاقتراع بسبب دوره في تشجيع أنصاره على الهجوم على مبنى الكابيتول، أثناء تصديق الكونغرس على فوز الرئيس جو بايدن بانتخابات عام 2020. واستندت الدعوى إلى المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر في الدستور، الذي وضع في حقبة الحرب الأهلية الأميركية.

وقرر قاضي المقاطعة في كولورادو أن ترمب شارك في التمرد، لكنه رأى أنه لا ينبغي منعه من خوض الانتخابات. إلا أن المحكمة العليا في ولاية كولورادو ألغت حكم القاضي وأصدرت قرارها في ديسمبر الماضي بمنع ترمب من المشاركة في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وحكمت أنه شارك في تمرد السادس من يناير.

واستأنف الفريق القانوني لترمب هذا الحكم أمام المحكمة العليا الأميركية. ووافقت المحكمة في أوائل فبراير (شباط) النظر في القضية. وكانت ولاية ماين هي الولاية الثانية التي أمرت بإلغاء إدراج ترمب على بطاقة الاقتراع، بعد ما يزيد قليلاً على أسبوع من حكم ولاية كولورادو. واستأنف فريق ترمب هذا الأمر أمام المحكمة العليا في الولاية، التي أرجأت الحكم إلى ما بعد تسوية قضية كولورادو في المحكمة العليا.

وهناك عشرات الطعون القانونية التي تتعلق بالتعديل الرابع عشر قدمها ناخبون أفراد، وسياسيون سابقون، ومرشحون رئاسيون جمهوريون، ومنظمات رقابية إلى المحاكم، ومجالس الانتخابات، خلال العام الماضي عبر 34 ولاية أميركية.

مجريات نظر القضية

متظاهر أمام المحكمة العليا يحمل لافتة يتهم فيها ترمب بالخيانة (إ.ب.أ)

ووفق النظام القضائي المعمول به في المحكمة العليا، يبدأ محامي الرئيس ترمب بإلقاء مرافعة افتتاحية، ثم يقوم كل قاض حسب الأقدمية باستجواب المحامي. يقوم بعد ذلك محامي الناخبين في كولورادو بإلقاء مرافعته والحجج التي يستند إليها لمنع ترمب من الترشح، ويخضع بدوره لاستجواب من قبل القضاة. وتبدأ المحكمة العليا نقاشاتها بعد انتهاء المرافعات. وقد خصصت المحكمة 80 دقيقة لكل مرافعة.

وتتطرق النقاشات خلال الجلسة إلى ما إذا كانت المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر من الدستور «ذاتية التنفيذ بشكل تلقائي»، بمعنى أن مسؤولي الانتخابات ليسوا بحاجة إلى إذن من المشرعين لاستبعاد ترمب من الاقتراع. كما تتطرق إلى تحديد التعريف الدقيق للتمرد، وما إذا كانت أعمال الشغب التي وقعت في الكابيتول في السادس من يناير تعدّ تمرّداً. فضلاً عما إذا كان يمكن اتهام الرئيس السابق بارتكاب جريمة التمرد، وفقاً للتعريف الذي ستصل إليه المحكمة.

ويرى محامو ترمب أن بند الأهلية في التعديل الرابع عشر لا يمكن تنفيذه إلا من خلال قانون يصدره الكونغرس، ويشيرون إلى أن القانون الفيدرالي يجرم التحريض على التمرد، لكن لم يتم توجيه اتهامات لترمب بهذه الجريمة. كما ينفي محامو ترمب مشاركة الرئيس السابق في التمرد، كما يعتبرون أن أحداث 6 يناير لا ترقى إلى تمرد لأنها لم تتضمن محاولة منظمة للإطاحة بالحكومة الأميركية أو مقاومتها. وقال جوناثان ميتشل، محامي ترمب في مستهلّ المرافعات إن «الأمر يعود بالكامل إلى الكونغرس» للبتّ في هذه المسألة.

حجج أنصار استبعاد ترمب

صورة أرشيفية للهجوم على الكابيتول في 6 يناير 2021 (رويترز)

في المقابل، تتضمن المذكرة القانونية المقدمة نيابة عن ناخبي كولورادو صوراً للهجوم على مبنى الكابيتول، في محاولة لتجسيد حجم الاعتداء وخطورته. ويقولون إن ترمب أقسم على الحفاظ على الدستور وحمايته والدفاع عنه، لكنه قام بخيانة هذا القسم ورفض قبول إرادة أكثر من 80 مليون أميركي صوتوا ضده. ويجادلون أنه بدلا من التنازل عن السلطة بشكل سلمي، قام ترمب عمداً بتنظيم وتحريض حشد كبير من مؤيديه لمهاجمة مبنى الكابيتول بشكل عنيف، في محاولة يائسة لمنع فرز الأصوات الانتخابية ضده.

وشدد محامو ناخبي كولورادو على أن المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر وضعها الآباء المؤسسون لمنع إعطاء المتمردين الذين حنثوا بالقسم القدرة على إطلاق العنان لمثل هذه الفوضى مرة أخرى.

ويرجّح معظم خبراء القانون الدستوري أن تقف المحكمة العليا إلى جانب ترمب، وشككوا في إصدارها حكما ضده في غياب سوابق قانونية في قضية مشابهة.


مقالات ذات صلة

ميشيل أوباما: الولايات المتحدة «غير مستعدة» لانتخاب رئيسة

الولايات المتحدة​ السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما تتحدث عن كتابها «النظرة» في واشنطن (أ.ب)

ميشيل أوباما: الولايات المتحدة «غير مستعدة» لانتخاب رئيسة

صرحت السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما بأن الأميركيين ليسوا مستعدين لانتخاب رئيسة، مشيرةً إلى هزيمة نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس أمام الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل جورج كلوني وكامالا هاريس (أ.ف.ب)

جورج كلوني: اختيار كامالا هاريس بديلاً لبايدن «كان خطأ»

قال الممثل الأميركي الشهير جورج كلوني إنه يشعر بأن اختيار كامالا هاريس بديلاً لجو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 كان «خطأً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي السابقة كامالا هاريس (رويترز) play-circle

«الأكثر تأهيلاً على الإطلاق»... كامالا هاريس تلمّح لإمكانية ترشحها للرئاسة عام 2028

لمّحت نائبة الرئيس الأميركي السابقة، كامالا هاريس، إلى احتمال ترشحها للرئاسة عام 2028، وأكدت أن البعض وصفها بأنها «المرشحة الأكثر تأهيلاً على الإطلاق».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعقيلته في أثناء مشاركتهما باحتفال في ذكرى 11 سبتمبر (أ.ب)

تحليل إخباري فوز كاسح لمرشح ديمقراطي في فرجينيا يلوّح بتحول سياسي أوسع

فوز كاسح لمرشح ديمقراطي في فرجينيا يلوّح بتحول سياسي أوسع ويسلط الأضواء على انتخابات 2026 النصفية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب وإيلون ماسك ونائب الرئيس جي دي فانس يحضران مباراة كرة القدم الجامعية بين الجيش والبحرية في لاندوفر بولاية ماريلاند 14 ديسمبر 2024 (أرشيفية-أ.ف.ب) play-circle

ماسك يتخلى عن خطط إطلاق حزب سياسي... ويدعم فانس لرئاسة أميركا في 2028

قالت صحيفة أميركية إن الملياردير إيلون ماسك يتخلى في هدوء عن خططه لإطلاق حزب سياسي جديد، وأبلغ حلفاءه بأنه يريد التركيز على شركاته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

أظهرت وثيقة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسعى إلى منع حدوث صراع مع الصين بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي، عبر تكثيف بناء قوة عسكرية للولايات المتحدة وحلفائها، وفق ما نشرت «رويترز».

وحدّدت إدارة ترمب نهجها تجاه واحدة من أكثر القضايا الدبلوماسية حساسية في العالم في وثيقة تتعلق باستراتيجية الأمن القومي تتألف من 29 صفحة، ومؤرخة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، ولكن لم تُنشر على الإنترنت إلا في الآونة الأخيرة.

وجاء في الوثيقة أن «منع الصراع بشأن تايوان، من خلال الحفاظ على التفوق العسكري، يُمثل أولوية».

وتعدّ الصين أن تايوان، التي تنعم بحكم ديمقراطي، جزءاً لا يتجزأ منها، ولم تتراجع بكين مطلقاً عن فكرة استخدام القوة لإخضاع الجزيرة لسيطرتها. كما أن للصين مطالبات بالسيادة على مناطق شاسعة، تشمل بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً، وهو بحر متنازع عليه مع عدد من جيرانها الأصغر.

وليس للولايات المتحدة، شأن معظم الدول، علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان. لكن واشنطن هي أهم داعم دولي للجزيرة، وهي ملزمة بحكم القانون بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها.

وتوضح الوثيقة أن إدارة ترمب ترى أن عدم الاستقرار قرب تايوان يُشكل خطراً بسبب هيمنة الجزيرة على تصنيع أشباه الموصلات، ولأن حصة كبيرة من التجارة العالمية تمر عبر المياه القريبة.

ودائماً ما كانت هذه القضية مصدر إزعاج في العلاقات الأميركية الصينية.

وتجنّب الرئيس الجمهوري إلى حد بعيد التصريح مباشرة بالطريقة التي يمكن أن يرد بها على تصاعد التوتر بشأن الجزيرة، وقال إنه يتطلع إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وحضّ كذلك اليابان وكوريا الجنوبية، وهما حليفتان إقليميتان رئيسيتان، على زيادة الإنفاق الدفاعي.

وورد في أحدث وثيقة «سنكّون جيشاً قادراً على صد العدوان في أي مكان، في سلسلة الجزر الممتدة من اليابان إلى جنوب شرق آسيا... لكن الجيش الأميركي لا يستطيع القيام بذلك بمفرده، وينبغي ألا يضطر إلى ذلك».


روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
TT

روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم (الجمعة)، أن قرار الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة مالية كبيرة على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي هو اعتداء على الشعب الأميركي من قبل حكومات أجنبية، كما يعد هجوماً على جميع شركات التكنولوجيا الأميركية.

وأضاف روبيو في منشور على «إكس»: «أيام فرض الرقابة على الأميركيين عبر الإنترنت قد ولت».

وقررت الجهات المنظمة لقطاع التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي في وقت سابق اليوم تغريم «إكس»، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، 120 مليون يورو بسبب «انتهاكات» تتعلق بالمحتوى على الإنترنت بعد تحقيق استمر لعامين، وأمهلت المنصة 60 يوماً لتقديم حلول و90 يوماً للتنفيذ.

وانتقد رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية الأميركية بريندان كار قرار المفوضية الأوروبية، قائلاً إن أوروبا تغرم شركات التكنولوجيا الأميركية لأنها ناجحة، وتسعى للحصول على أموال غير مستحقة.

وحذر نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الاتحاد الأوروبي، أمس (الخميس)، من فرض عقوبات على «إكس»، قائلاً إن على أوروبا «دعم حرية التعبير بدلاً من مهاجمة الشركات الأميركية بسبب أمور تافهة».

وقالت المفوضية الأوروبية في وقت سابق اليوم رداً على فانس إن قوانين المحتوى الرقمي «ليست رقابة».


أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
TT

أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)

قُتل أربعة أشخاص في ضربة جوية أميركية ضد قارب يُشتبه في تهريبه مخدرات شرق المحيط الهادئ، في خضم مساءلات في الكونغرس حيال ما إذا كانت الولايات المتحدة ارتكبت جريمة حرب خلال هجوم في سبتمبر (أيلول) الماضي بجنوب البحر الكاريبي لاستهدافها شخصين نجوا من الضربة الأولى.

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

وأعلنت القيادة العسكرية الجنوبية في الجيش الأميركي وقوع الضربة الـ22 ضد «قوارب المخدرات» الخميس، وسط انتقادات متزايدة من المعارضة الديمقراطية للضربات التي بدأت في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 87 شخصاً حتى الآن، من دون تقديم أي دليل على صلاتهم بتهريب المخدرات. وأفادت عبر منصات التواصل الاجتماعي بأنها استهدفت «قارباً في المياه الدولية تديره منظمة مصنفة إرهابية»، مضيفة أن «معلومات استخبارية أكدت أن القارب كان يحمل مخدرات غير مشروعة، ويعبر طريقاً معروفاً لتهريب المخدرات في شرق المحيط الهادئ». وأكدت «مقتل أربعة رجال من إرهابيي المخدرات كانوا على متن القارب».

ووقعت الضربة في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث انتقادات، بسبب عملية وجهت خلالها القوات الأميركية ضربة ثانية على قارب سبق أن قُصف في البحر الكاريبي، مما أدى إلى مقتل ناجيَين اثنين من الضربة الأولى. وقُتل 11 شخصاً في الضربتَين الأولى والثانية.

السيناتور مارك كيلي (أ.ب)

واحتدم الجدال الأسبوع الماضي عندما أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن اثنين من الناجين من الضربة الأولى كانا متشبثين بقاربهما المشتعل، قُتلا في ضربة ثانية أذن بها هيغسيث.

وبعد مشاهدة مقطع فيديو قدمته وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى أعضاء من الكونغرس، وعُرض خلال جلسة مغلقة مع المسؤول عن العمليات الخاصة في القوات المسلحة الأميركية الأميرال فرنك برادلي، أكد كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب جيم هايمز، أن الضربة أدت إلى مقتل «بحّارَين غارقين»، موضحاً أن الفيديو يُظهر «شخصين من الواضح أنهما في حالة حرجة، من دون وسيلة تنقل، قتلتهما الولايات المتحدة»، ومشيراً إلى أن الأميرال برادلي قدّم «عناصر سياقية» في شأن قراره. وأضاف: «نعم، كان في حوزتهما مخدرات»، لكنهما «لم يكونا في وضع يسمح لهما بمواصلة مهمتهما بأي شكل من الأشكال».

صورة مجمّعة للرئيسين الأميركي ترمب والفنزويلي مادورو (أ.ف.ب)

ودافع رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري توم كوتون عن القرار، واصفاً إياه بأنه «عادل». وأكد على غرار هايمز، أن الأميرال نفى تلقيه أمراً من وزير الدفاع بالقضاء على جميع البحارة على متن السفينة.

تأتي هذه الحملة العسكرية الأميركية في إطار تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا. ويتهم ترمب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأنه زعيم كارتل لتهريب المخدرات. أما مادورو فينفي ذلك بشدة، مندداً بمحاولة الولايات المتحدة إطاحة حكومته بذريعة مكافحة تهريب المخدرات.

ومع استمرار هذا التوتر، تواجه فنزويلا عزلة جوية بعدما أعلن الرئيس ترمب إغلاق المجال الجوي لهذا البلد في أميركا الجنوبية، وبعدما علّقت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها حرصاً على سلامة طائراتها وركابها.

أنصار المعارضة الفنزويلية يشاركون في وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين الفنزويليين في بوغوتا بكولومبيا (رويترز)

ونشر ترمب تحذيراً جاء فيه: «كل شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات والبشر، يُرجى اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا وحولها مغلقاً تماماً».

وألغت شركتا «بوليفانا دي أفياسيون» و«ساتينا» الكولومبيتان رحلاتهما إلى كاراكاس الخميس، فيما مدّدت شركة «كوبا إيرلاينز» البنمية تعليق رحلاتها حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وسبق أن علقت شركات «إيبيريا» و«تي إيه بي» و«أفيانكا» و«غول» و«لاتام» و«إير أوروبا» والخطوط الجوية التركية و«بلاس ألترا» رحلاتها إلى فنزويلا. واتهمت كاراكاس هذه الشركات بـ«الانخراط في أعمال إرهاب الدولة» التي تمارسها واشنطن، وألغت تراخيص تشغيلها.

ولا يؤثر إغلاق المجال الجوي الذي أشار إليه ترمب على الرحلات التي تقل مهاجرين رحّلتهم الولايات المتحدة إلى فنزويلا. ووصلت، الأربعاء، طائرة تقل عدداً من هؤلاء، وكان من المتوقع وصول طائرة أخرى الجمعة.