أسر تتجه إلى خليج غوانتانامو سعياً وراء العدالة بقضية تفجيرات بالي

الهجوم أدى إلى مقتل 202 شخص من سائحين وعمال من 22 دولة

أدت التفجيرات عام 2002 إلى مقتل سياح وعمال من 22 دولة (رويترز)
أدت التفجيرات عام 2002 إلى مقتل سياح وعمال من 22 دولة (رويترز)
TT

أسر تتجه إلى خليج غوانتانامو سعياً وراء العدالة بقضية تفجيرات بالي

أدت التفجيرات عام 2002 إلى مقتل سياح وعمال من 22 دولة (رويترز)
أدت التفجيرات عام 2002 إلى مقتل سياح وعمال من 22 دولة (رويترز)

كان فرنك هيفرنان يظن أن ابنته، ميغان، في كوريا الجنوبية، حيث كانت تعمل معلمة لغة إنجليزية، عندما سمع نبأ الهجوم الإرهابي المدمر على جزيرة بالي الإندونيسية في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2002.

فرانك هيفرنان وزوجته، بوني هول، في منزلهما في ملبورن، فلوريدا، وقال هيفرنان عن ابنته ميغان، التي قُتلت في الهجوم الإرهابي عام 2002: «لا يمر يوم دون أن أفكر فيها» (نيويورك تايمز)

وبعد ذلك، فوجئ باتصال من وزارة الخارجية لإخطاره بأن ميغان هيفرنان، 28 عاماً، التي وُلدت ونشأت في ألاسكا، وكانت شغوفة بالسفر، كانت من بين 202 شخص قُتلوا في التفجيرات التي نفذتها إحدى الجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» داخل حانة وملهى متجاورين في بالي، حيث كانت تقضي إجازة هناك مع بعض الأصدقاء.

وقال هيفرنان، وهو يمسح عينيه بمنديل في منزله في فلوريدا: «لا يمر يوم دون أن أفكر فيها»، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأحد.

ميغان هيفرنان توفيت عن عمر يناهز 28 عاماً - نشأت في ألاسكا وكان لديها شغف بالسفر (نيويورك تايمز)

وفي أسلوب إرهابي وحشي عشوائي، أدى التفجير إلى مقتل سائحين وعمال من 22 دولة تصادف وجودهم في منطقة تجارية، بينهم 38 إندونيسياً. وكان من بين القتلى مواطنون أستراليون وبريطانيون كانوا هناك لحضور مباراة للرغبي، وأميركيون متحمسون لممارسة رياضة ركوب الأمواج. وكانت ميغان وصديقان كوريان في الخارج لزيارة عدد من المعالم السياحية عندما انفجرت القنابل.

مدخل المعسكر الأول في خليج غوانتانامو (أرشيفية - متداولة)

والآن، بعد مرور 20 عاماً، يتجه العشرات من أقاربهم إلى خليج غوانتانامو، في الجزء الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة من كوبا. وهناك، من المقرر أن يمثلوا القتلى أمام هيئة محلفين عسكرية مكلفة بإصدار حكم بالسجن على رجلين ماليزيين اعترفا بتورطهما في التآمر في التفجيرات.

ومن بين المشاركين بهذه الرحلة إلى غوانتانامو، هيفرنان. أما والدة ميغان، وتدعى ساندرا، فقد توفيت جراء إصابتها بفيروس «كورونا» منذ 3 سنوات.

وقال هيفرنان إنه سوف يعرب أمام هيئة المحكمة عن الخسارة الحقيقية التي مُني بها بفقدانه «ابنته، وهي فتاة حكيمة ومتدينة للغاية، وتعشق السفر».

وقال إنه يثق بالمحكمة – القاضي وهيئة المحلفين العسكرية التي من المتوقع أن تجتمع الأسبوع المقبل – وقدرتها على إصدار حكم عادل.

وقالت بوني هول، زوجة هيفرنان الحالية، عن السجناء الذين تحتجزهم الولايات المتحدة منذ عام 2003، في البداية لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، ثم منذ عام 2006 داخل خليج غوانتانامو: «نحن لا نعرف حتى إن كان هذان الرجلان متورطين بالحادث».

وفي مقابلة أُجريت معه، قال هيفرنان إنه لم يحاول فهم السبب وراء الهجوم.

وكتب في بيان قدمه للمحكمة: «مهما كان المنطق الفاسد والملتوي وراء التفجير، سواء كان ذلك بسبب الحكومة أو الدين أو الاختلافات الوطنية، فقد كلف التفجير حياة 202 شخص».

وأضاف أن الهجوم ترك «وجعاً أبدياً للآلاف من أقارب وأصدقاء الضحايا».

جدير بالذكر أن المدعين لم يقترحوا مطلقاً عقوبة الإعدام في قضية تفجيرات بالي التي تضم 3 متهمين، على عكس قضية هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في غوانتانامو. الآن، مع إقرار المتهمين بالذنب هذا الأسبوع، سيمثل رجل إندونيسي يعرف باسم حنبلي أمام المحكمة بوصفه «العقل العملياتي المدبر» وعضو «الجماعة الإسلامية»، التي دبرت التفجير. ويمكن أن تبدأ المحاكمة العام المقبل.

وقال هيفرنان إنه أصبح معارضاً لعقوبة الإعدام منذ سنوات بعد زيارته مدينة الفاتيكان، حيث التقى البابا يوحنا بولس الثاني. وأضاف أن ذلك كان نوعاً من الغطاس الذي جعله يتماشى مع «اللاهوت المناهض لعقوبة الإعدام».

وأضاف: «بجانب ذلك، ونظراً لأني رجل كبير في السن، أدرك أنه إذا جرى منحك ما يكفي من النعمة لتعيش كل هذه المدة، يمكنك النظر إلى الوراء والندم على الأشياء التي اقترفتها سابقاً».

وفي كل عام منذ وفاتها، يحتفل هيفرنان بعيد ميلاد ابنته، في 12 ديسمبر (كانون الأول)، من خلال التبرع بمجموعة من الملابس الأرجوانية، اللون المفضل لديها، للكاهن ليرتديها أثناء الاحتفال بالقداس. وحملت كل قطعة ملابس منها بطاقة صغيرة تخلد ذكرى ابنته.

بحلول وقت وفاتها، كانت ميغان هيفرنان قد تزلجت في الأرجنتين، وقامت برحلة أثناء المدرسة الثانوية إلى اليونان، وزارت آيرلندا مع شقيقها الأكبر مايكل، وشقيقتها الصغرى مورين وزوجها. وتحمّل والدهم ثمن الرحلة، لكنه لم يرافقهم خوفاً من أن يفسد الأجواء المرحة للرحلة.

وسافرت ميغان في جميع أنحاء آسيا إلى اليابان وتايوان وتايلاند. وقال والدها إنها ذهبت من الصين إلى فيتنام على متن قوارب نهرية عبر نهر ميكونغ، واستقلت حافلة إلى هانوي. وكان هيفرنان قد زار بعض تلك الأماكن خلال حرب فيتنام عندما كان يعمل طياراً خلال عامي 1967 و1968 لطائرة هليكوبتر تابعة للجيش، وحصل على وسام الطيران المتميز لشجاعته. وقال هيفرنان: «كانت تذهب إلى مكان ما، وتخبرنا برحلتها في وقت لاحق».

وقد اتصلت وزارة الخارجية بهيفرنان في غضون يوم أو نحو ذلك من التفجيرات. وعلم هيفرنان أن ابنته كانت في إجازة في إندونيسيا، في وقت كان فيه عمال الإنقاذ في بالي، الواقعة على مسافة 13 منطقة زمنية، يحاولون التعرف على الناجين والمصابين والمفقودين.

وفي المكالمة التالية، طلب مسؤولو الخارجية سجلات أسنان ميغان. وقال هيفرنان إنه عندها بدأ بالصلاة من أجل المغفرة عن أي أخطاء ارتكبها على طول الطريق في تربية ابنته الكبرى.


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إسكالييه التي كانت آنذاك عميدة في الجيش الأميركي تتحدث خلال تدريب القيادة القانونية الاحتياطية للجيش عام 2019 (نيويورك تايمز)

من هي وكيلة العقارات التي حسمت قضية 11 سبتمبر؟

أثارت موافقة سوزان إسكالييه على صفقة الإقرار بالذنب، وهو واحد من أهم القرارات في تاريخ محكمة الحرب في خليج غوانتانامو.

كارول روزنبرغ
آسيا عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية، توفي عبد الرحيم غلام رباني، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو في كراتشي، مسقط رأسه.

عمر فاروق (إسلام آباد )
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

أحدث قراران دراماتيكيان صدمة في إطار قضية 11 سبتمبر (أيلول): إبرام صفقة الإقرار بالذنب مقابل إسقاط عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها، ثم التراجع عنها.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».