صفقة الأسلحة «الطارئة» الثانية لإسرائيل تثير انتقادات بواشنطن

قيمتها 147 مليون دولار... وإدارة بايدن تجاوزت الكونغرس

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

صفقة الأسلحة «الطارئة» الثانية لإسرائيل تثير انتقادات بواشنطن

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

تجاوزت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، للمرة الثانية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول)، الحصول على موافقة الكونغرس الأميركي، لكي تبيع لإسرائيل ذخائر مدفعية عيار 155 ملم ومعدات ذات صلة، بقيمة 147.5 مليون دولار.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في بيان، الجمعة، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن «قرر وقدم تبريراً مفصلاً للكونغرس بأن هناك حالة طوارئ تتطلب البيع الفوري» لإسرائيل لتلك المعدات.

وفي بيان مشابه، قال بلينكن: «هناك حالة طوارئ تتطلب هذا البيع الفوري للحكومة الإسرائيلية»، ما يتيح عدم عرض الطلب على الكونغرس ليراجعه، وبأن الذخائر ستُسَلَّم من مخزونات الجيش الأميركي التي يعتقد على نطاق واسع أنها موجودة داخل إسرائيل نفسها. وأضاف: «إسرائيل ستستخدم القدرة المعززة لردع التهديدات الإقليمية وتعزيز دفاعاتها»، مؤكداً أنه «يتعين على كل الدول استخدام ذخائر تتوافق مع القانون الإنساني الدولي».

دبابة إسرائيلية في مدينة خان يونس (رويترز)

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إنه «نظراً لضرورة الاحتياجات الدفاعية لإسرائيل، أبلغ الوزير الكونغرس بأنه مارس سلطته المفوضة لتحديد حالة الطوارئ التي تتطلب الموافقة الفورية على عملية النقل».

 

انتقادات لإدارة بايدن

وتأتي عملية البيع البالغة قيمتها 147.5 مليون دولار في الوقت الذي تكثف فيه إسرائيل حملة القصف المكثفة على قطاع غزة، بينما تؤكد تصريحات إدارة بايدن «أهمية تقليل إسرائيل من الخسائر البشرية وتقليص هجومها».

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي (أ.ب)

وتسبب القرار بانتقادات جديدة لإدارة بايدن التي طالبت بممارسة ضغوط جدية على إسرائيل لوقف عمليات القصف الكثيفة التي تؤدي إلى مقتل المدنيين الفلسطينيين بوتيرة لم يعد لها معنى، وبات ينظر إليها على أنها عملية إبادة جماعية.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن جوش بول، خبير الأسلحة السابق في وزارة الخارجية، والذي استقال احتجاجاً على الحرب الإسرائيلية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قوله: «إن قرار بلينكن تسليم هذه الذخائر غير الموجهة يمكّن إسرائيل من مواصلة نوع العمليات في غزة، التي أدت إلى مقتل كثير من المدنيين الفلسطينيين».

أضاف جوش بول أنه بينما تفكر إسرائيل في تصعيد الصراع ضد «حزب الله» في لبنان، وهي خطوة يقول المسؤولون الأميركيون إنهم يعارضونها، فإن نقل الأسلحة يعني أن المسؤولين الإسرائيليين لن يضطروا إلى اتخاذ «خيارات صعبة بشأن متطلباتها الدفاعية... هذا أمر مخزٍ وجبان، ويجب بصراحة أن يقلب معدة أي إنسان محترم».

وخلص تحليل نشرته «واشنطن بوست» إلى أن إسرائيل «واصلت حربها في غزة بوتيرة ومستوى من الدمار يبدو أنه تجاوز أي صراع آخر في القرن الحادي والعشرين».

 

التزام بأمن إسرائيل

ورغم ذلك، قالت الخارجية الأميركية يوم الجمعة إن «الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، ومن المهم للمصالح الوطنية الأميركية مساعدة إسرائيل على تطوير والحفاظ على قدرة قوية وجاهزة للدفاع عن النفس، وإن هذا البيع المقترح يتوافق مع تلك الأهداف».

وكانت واشنطن قد وافقت بشكل طارئ أيضاً في 9 ديسمبر (كانون الأول) على بيع إسرائيل ما يقرب من 14 ألف قذيفة دبابة عيار 120 ملم، بقيمة 106 ملايين دولار، لاستخدامها في حربها على «حماس» في قطاع غزة.

وفي الوقت نفسه، لا تزال إدارة بايدن، تحض الكونغرس على الموافقة على حزمة المساعدات الطارئة بقيمة 106 مليارات دولار، التي ربطت المساعدات بين أوكرانيا وإسرائيل وتايوان وأمن الحدود الأميركية مع المكسيك.

 

بلينكن إلى المنطقة

ومن المتوقع أن يسافر بلينكن إلى الشرق الأوسط في أواخر الأسبوع المقبل لمناقشة حرب غزة، في رحلة هي الرابعة له إلى المنطقة، والخامسة إلى إسرائيل، منذ بدء الحرب. وقد تشمل زيارته الضفة الغربية والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. وتعد رحلته جزءاً من سلسلة مستمرة من الزيارات رفيعة المستوى التي يقوم بها مسؤولو إدارة بايدن لإجراء مشاورات مستمرة مع الحكومة الإسرائيلية والشركاء الإقليميين حول الأزمة.

والتقى بلينكن يوم الثلاثاء في واشنطن بوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي التقى أيضاً بمستشار الأمن القومي جيك سوليفان. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن الاجتماع ناقش «التخطيط للانتقال من القتال العنيف في غزة إلى مرحلة مختلفة من الحرب» تركز إلى حد كبير على «أهداف عالية القيمة لـ(حماس)». وقال المسؤول إن سوليفان وديرمر ناقشا أيضاً الخطوات العملية لتحسين الوضع الإنساني في غزة وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والجهود المبذولة لإعادة الرهائن المتبقين إلى ديارهم. ووفق المسؤول، تحدث سوليفان وديرمر عن التخطيط عن ما بعد الحرب، بما في ذلك الحكم والأمن في غزة، والأفق السياسي للشعب الفلسطيني، ومواصلة العمل على التطبيع ودمج إسرائيل في المنطقة.

ويوم الثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قام بتوسيع عمليته البرية في غزة لتشمل المنطقة الواقعة بين مدينة غزة وخان يونس، وهي إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في القطاع. وقُتل أكثر من 21 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب، وفقاً لوزارة الصحة في قطاع غزة. وحذر المسؤولون الإسرائيليون من أن الحرب من المرجح أن تستمر «أشهراً عدة أخرى». لكن يرجح أن يكون توغل الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة هو آخر جهد كبير في «المرحلة عالية الكثافة» من القتال، قال مسؤولون إسرائيليون إنه من المتوقع أن تكتمل بحلول نهاية يناير (كانون الثاني).


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

الاستطلاعات تُبيّن أن نتنياهو قائد إسرائيل الأول

لم يكسب حزب الليكود شيئاً من خطاب زعيمه بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي، فيما استفاد منه المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه أمام الكونغرس في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

إلقاء يرقات داخل فندق نتنياهو في واشنطن (فيديو)

أطلق ناشطون مؤيدون لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق ووترغيت في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي (أ.ب)

بيلوسي: خطاب نتنياهو في الكونغرس هو الأسوأ مقارنة بأي شخصية أجنبية

وصفت رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي في الكونغرس بأنه «الأسوأ»، مقارنة بأي شخصية أجنبية أخرى تمت دعوتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

لم تمض سوى أيام، على اختيار السيناتور عن ولاية أوهايو، جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، على بطاقة السباق الرئاسي، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً؛ فقد أعرب العديد من أعضاء الحزب الجمهوري عن استيائهم منه، بعد انتشار مقاطع فيديو قديمة وثقت انتقاده من وصفهن بـ«نساء القطط»، في إشارة إلى نساء الحزب الديمقراطي. ونشرت العديد من الصحف الأميركية، بينها مجلة «بوليتيكو» وصحيفة «نيويورك تايمز»، تصريحات مسؤولين جمهوريين، ورسائل بريد إلكتروني ونصية، تشير إلى تحولاته السياسية من خصم قوي لترمب إلى نائب له، وتحولاته «الثقافية» بعد تأييده الحظر الذي فرضته ولاية أركنساس عام 2021 على الرعاية الصحية للمتحولين جنسياً.

نساء القطط

تقول مجلة «بوليتيكو»، إن فانس واجه أسبوعاً صعباً بعد انتشار تصريحات قديمة، يصف فيها نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، وديمقراطيات أخريات بأنهن «نساء قطط بلا أطفال»، ويقترح أن الآباء يجب أن «يتمتعوا بسلطة سياسية أكبر» ممن لا أطفال لهم.

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضافت المجلة أن جمهوريين أعلنوا عن إحباطهم وقلقهم من تلك التصريحات (الحديثة نسبياً)، من بينهم المعلق المحافظ بن شابيرو الذي تساءل عما إذا كان يجب على ترمب اختيار فانس، قائلاً: «إذا كانت هناك آلة زمن، وإذا عاد الوقت أسبوعين إلى الوراء، فهل كان ترمب سيختار جي دي فانس مرة أخرى؟ أشك في ذلك».

وتساءل جمهوريون آخرون عما إذا كانت حملة ترمب قد توقعت حقاً الموجة العارمة من التعليقات القديمة للسيناتور فانس، وعمّا إذا كان انسحاب الرئيس الديمقراطي جو بايدن من السباق، وحلول كامالا هاريس شبه المؤكد على بطاقة السباق، من شأنه أن يغير اختيار ترمب له؟

وقال الاستراتيجي الجمهوري من ولاية ويسكونسن، بيل مكوشين: «من بين الأشخاص الذين تم ذكرهم بوصفهم مرشحين محتملين لتولي منصب نائب ترمب، كان فانس أكبر مخاطرة، لأنه لم يتم اختباره على المستوى الوطني من قبل». وأضاف: «سنرى خلال الأيام الـ100 المقبلة كيف سيصمد تحت الأضواء الساطعة في الحملة الانتخابية».

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ب)

لا يوجد جمهوري يدعمه

قال أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين إن هذه المخاوف لم تأت فقط من المنتقدين، متسائلاً: «اعثر لي على مسؤول منتخب علناً في مجلس الشيوخ يدعم جي دي فانس، غير السيناتور مايك لي».

وتأتي هذه التعليقات، فيما حملة هاريس تحطم أرقاماً قياسية في جمع التبرعات، وتقدمها في استطلاعات الرأي، مزيلة تفوق ترمب السابق. وفي ردها على تعليقات فانس، أصدرت حملة هاريس بياناً بعنوان «يوم سعيد للتلقيح الاصطناعي للجميع باستثناء جيه دي فانس».

ومنذ أن بدأت هاريس حملتها الانتخابية، بدأ الديمقراطيون في شن هجمات على فانس، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه الهجمات بدأت تؤثر عليه. وقال محلل شبكة «سي إن إن»، هاري إنتن، إن فانس «حصل على نسبة تأييد (سالب 5 في المائة) في استطلاعات الرأي، وهو أقل من أي مرشح لمنصب نائب الرئيس في التاريخ».

وكانت شعبية فانس أقل بنحو 3 نقاط مئوية في استطلاعين للرأي أصدرتهما هذا الأسبوع صحيفة «نيويورك تايمز/كلية سيينا»، والإذاعة الوطنية «إن بي آر» مع «بي بي إس نيوز/ كلية ماريست»، حيث وجد الأخير أن 28 في المائة من الناخبين المسجلين لديهم وجهة نظر إيجابية لفانس، بينما نظر إليه 31 في المائة بشكل سلبي، و41 في المائة غير متأكدين أو لم يسمعوا عنه.

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

المعركة تغيرت

يقول خبراء إن اختيار فانس جاء خلال مرحلة مختلفة تماماً من السباق الرئاسي، حين كانت المنافسة بين بايدن وترمب قبل أسبوع واحد فقط، كوسيلة لتنشيط قاعدة كانت بالفعل موحدة بقوة خلف ترمب بدلاً من استقطاب أي دوائر انتخابية جديدة.

وقال جوشوا نوفوتني، وهو استراتيجي جمهوري: «لم يكن فانس اختياراً سياسياً. لم يتم اختياره للحصول على أفضلية في بعض المجالات، بل تم اختياره كشخص يثق به ترمب، ويريد أن يخدم معه».

ورغم ذلك، يصر ترمب على أنه «لا يشعر بأي ندم» على اختياره لفانس. وقال لشبكة «فوكس نيوز»، الخميس، إنه لم يكن ليختار بشكل مختلف، حتى لو كان يعلم أن هاريس ستكون هي مرشحة الديمقراطيين.

ويخشى الجمهوريون من أن يؤدي التركيز على سجل فانس وتعليقاته اليمينية المتشددة، تجاه قضايا الإجهاض والمرأة والجندر والمتحولين جنسياً، إلى حرمانهم، ليس فقط من الفوز في انتخابات الرئاسة، بل خسارة سباقات مهمة في مجلسي الشيوخ والنواب أيضاً. وغني عن الذِّكْر أن المعارك الانتخابية تدور على الفوز فيما يسمى بالولايات المتأرجحة، وغالبيتها تضم ناخبين لا يحملون توجهات اجتماعية متشددة، وقد لا يكفي تحريضهم على قضايا الاقتصاد وأمن الحدود، للفوز بأصواتهم.