تتجه أنظار الناخبين الأميركيين، مساء الأربعاء، إلى مدينة توسكالوسا بولاية ألاباما التي تحتضن المناظرة الجمهورية الرابعة.
وفيما يواصل الرئيس الأميركي السابق مقاطعة هذه المناظرات، سيشارك في النقاش أربعة مرشحين رئاسيين من الحزب الجمهوري؛ هم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، ومندوبة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة السابقة نيكي هالي، ورجل الأعمال فيفك راماسوامي، وحاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي. ورغم نشاط حملاتهم الانتخابية، لا يزال ترمب يتقدّم على هؤلاء المرشحين في استطلاعات الرأي الجمهورية بأكثر من 40 في المائة.
وبعد ترمب، الذي يعقد حملة لجمع التبرعات في فلوريدا في توقيت المناظرة، يبدو أن المنافسة ترتكز بشكل أساسي بين نيكي هايلي ورون ديسانتيس على المركز الثاني. وقد تمكنت هايلي من جذب اهتمام الناخبين بأداء قوي في المناظرة الثالثة، التي عقدت في «مكتبة ريغان الوطنية» في ولاية كاليفورنيا الشهر الماضي. واستطاعت إحراز نجاح كبير في استطلاعات الرأي.
على الجانب الآخر، يعد الجمهوريون المناهضون لترمب حاكم ولاية فلوريدا ديسانتيس منافسا واعدا في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، ويعتمدون على نجاحه الكبير في إعادة انتخابه حاكما للولاية العام الماضي. لكن استطلاعات الرأي الوطنية في الفترة الأخيرة أظهرت منافسة قوية بينه وبين نيكي هايلي.
وتعتري هذه المناظرة أهمية كبيرة، حيث إنها تسبق مؤتمر الحزب الجمهوري في ولاية أيوا في منتصف يناير (كانون الثاني)، والانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في نيوهامبشير.
هل ينسحب كريس كريستي؟
يرى ديفيد كوشيل، الخبير الاستراتيجي الجمهوري في ولاية أيوا أن «الشخصين على المسرح اللذين لديهما فرصة لتحدي ترمب وجهاً لوجه هما ديسانتيس وهايلي». ويضيف كوشيل أنه ليس من المضمون أن يقدم أي من المرشحين الآخرين نوع الأداء المطلوب لإعادة تشكيل السباق. ويحاول رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، الذي يحتل المركز الرابع، منافسة هايلي وديسانتيس، إلا أن شعبيته لا تزال متراجعة بالمقارنة معهما.
وقد تلقت هايلي استحسان الناخبين والمانحين للطريقة التي تعاملت بها مع الجدل الساخن حول السياسة الخارجية مع راماسوامي خلال المناظرة الأولى في أغسطس (آب). لكن التبادلات الأخيرة بينهما خلال المناظرة الثالثة في كاليفورنيا، تحولت إلى تبادل الهجمات الشخصية، وأثارت الكثير من الجدل. ففي هذه المناظرة، وجّهت هايلي وصفا قاسيا لمنافسها راماسوامي، بعد أن أشار إلى استخدام ابنتها تطبيق «تيك توك»، المملوك لشركة صينية، الذي يعده كثير من الجمهوريين خطرا على الأمن القومي.
أما المرشح الجمهوري كريس كريستي، الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي، فقد تخطى بصعوبة الحد الأدنى من عتبة الاقتراع التي حددتها اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري للتأهل للمناظرة، لكنه يتعرض لضغوط للانسحاب من السباق لضعف أرقامه في استطلاعات الرأي. وقد انسحب من السباق السناتور تيم سكوت عن ولاية ساوث كارولاينا، والحاكم الجمهوري لولاية داكوتا الشمالية دوغ بورغوم، ونائب الرئيس السابق مايك بنس.
ووفقا لشروط اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، فإن معايير التأهل للمناظرة الرابعة في توسكالوسا، هي الوصول إلى 80 ألف متبرع، وتسجيل ما لا يقل عن 6 في المائة في استطلاعين وطنيين مؤهلين أو في استطلاع وطني واحد واستطلاعين من ولايات منفصلة للتصويت المبكر: أيوا أو نيوهامبشير أو كارولاينا الجنوبية أو نيفادا. وعلى غرار ظروف المناظرات السابقة، تواصل اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري مطالبة المرشحين بالتوقيع على تعهد يلتزمون فيه بدعم مرشح الحزب الجمهوري النهائي.
وتركز المناظرة الرابعة على قضايا السياسة الخارجية، حيث تتصدر قضية حرب إسرائيل في غزة وحرب روسيا في أوكرانيا النقاشات، كما ستركز على قضايا داخلية تحظى بكثير من الجدل، منها موضوعات الهجرة والإجهاض.
وتحظى المناظرات بمتابعة واسعة من الناخبين، حيث اجتذبت المواجهة الأولى لمرشحي الحزب الجمهوري 13 مليون مشاهد على شبكة «فوكس نيوز»، في حين تابع حوالي 9.5 مليون مشاهد معركة المرشحين الثانية التي تم بثها على شبكة «فوكس بيزنس» و«فوكس نيوز». وبثت شبكة «إن بي سي نيوز» المناظرة الثالثة التي استقطبت حوالي 7.5 مليون مشاهد.
ترمب يثير الجدل
ومثلما حدث في المناظرات الثلاث السابقة، بتغيّب الرئيس السابق دونالد ترمب أيضا عن المناظرة الرابعة.
وفي حدث انتخابي أداره شون هانيتي من شبكة «فوكس نيوز»، توقع ترمب الفوز في ولاية أيوا، وتجنب الأسئلة حول السعي للانتقام من «أعدائه» إذا تم انتخابه. وعن خصمه الديمقراطي، جدد ترمب هجومه على القدرات المعرفية والذهنية للرئيس جو بايدن، وتوقع ألا يكون الأخير مرشح الحزب الديمقراطي في سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
وقال ترمب مشككا في قدرات بايدن: «أنا شخصياً لا أعتقد أنه سينجح، لا أستطيع أن أفكر في أي ظهور له خلال الشهرين الماضيين حيث لم يكن يتمتم أو يتلعثم أو يتعثر (...) ليس لديه أدنى فكرة إلى أين يذهب أو أين يخرج». وأضاف ترمب «أعتقد أنه في حالة بدنية سيئة، أعتقد أنه سيسقط».
واستحضر هانيتي تحذير السياسية الجمهورية البارزة ليز تشيني من أن البلاد «تسير في نومها إلى الديكتاتورية» في حال انتخاب ترمب، وإمكانية استغلاله للسلطة أو سعيه للانتقام. وفي ردّه على أسئلة هانيتي، قال ترمب: «أحب هذا الرجل. سألني: لن تكون دكتاتورا أليس كذلك؟، فقلت له: كلا كلا كلا، باستثناء اليوم الأول. سنغلق الحدود وسنحفر ونحفر ونحفر (لاستخراج النفط). بعد ذلك، لن أكون دكتاتورا».
جاءت التصريحات المتشائمة لتشيني، النائبة الجمهورية السابقة وابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني التي باتت منبوذة في الحزب بسبب معارضتها لترمب، في إطار انتقاداتها الحادة للرئيس السابق. وقالت لشبكة «إن بي سي»، الأحد: «إنها لحظة خطيرة جدا». وتابعت أن «لا شك» في أن ترمب سيحاول البقاء في السلطة إلى ما بعد عام 2028، مضيفة أن هجوم السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 على الكابيتول من قبل أنصاره الذين حاولوا تغيير نتيجة الانتخابات عقب فوز بايدن كانت مجرد «تدريب».
مخاوف الديمقراطيين
جاء ذلك في الوقت الذي يصدر فيه مشرعون ديمقراطيون تحذيرات من عواقب عودة ترمب إلى السلطة. وأعرب كثير من الديمقراطيين، بمن فيهم بايدن، عن قلقهم بشأن خطاب حملة ترمب ومقترحاته الطموحة لولاية ثانية تشمل الإقالة الجماعية للعاملين في قطاعات كبيرة من «البيروقراطية الفيدرالية» والتركيز على استهداف خصومه السياسيين.
وقال بايدن، الثلاثاء، إنّه «غير واثق» من أنّه كان سيسعى للفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في نهاية العام المقبل، لو لم يترشّح سلفه الجمهوري دونالد ترمب لهذه الانتخابات. وقال الرئيس الديمقراطي البالغ من العمر 81 عاماً، خلال حملة لجمع التبرّعات في مدينة ويستون بولاية ماساتشوستس، إنّه «لو لم يترشّح ترمب، لما كنت واثقاً من أنّني كنت لأترشّح. لكن، لا يمكننا أن ندعه يفوز». وأضاف أنّ «ترمب لم يعد حتّى يخفي مراده. إنّه يخبرنا بما سيفعله». ولدى عودته إلى واشنطن، أكّد بايدن أنّ من واجبه خوض الانتخابات لمنع ترمب من الفوز. وردّاً على سؤال للصحافيين عمّا إذا كان سيمضي في ترشّحه إذا لم يكن ترمب المرشّح الجمهوري، قال بايدن: «هو ترشّح وأنا عليّ أنّ أترشّح». وعمّا إذا كان سيسحب ترشيحه لولاية ثانية في حال قرّر ترمب الانسحاب من السباق الرئاسي، قال بايدن: «كلا، ليس الآن»، كما نقلت «وكالة الأنباء الفرنسية». وبايدن الذي تواجه حملته الانتخابية مصاعب عدّة، لا ينفكّ يؤكّد أنّه في وضع أفضل للتغلّب مجدّداً على غريمه الجمهوري، على الرّغم من أنّه يواجه مكامن ضعف في تسويق نفسه أمام الناخبين، ولا سيّما بسبب عمره وحصيلة عهده على الصعيد الاقتصادي. ويواصل بايدن القول إنّ الديمقراطية الأميركية ستكون مجدّداً على المحكّ في الانتخابات المقبلة، والتي يتوقّع أن تكون نسخة من الانتخابات السابقة. وعلى الرّغم من أنّ بايدن لا يتمتّع بشعبية جارفة في أوساط حزبه، فإنّ فوزه ببطاقة الترشيح الديمقراطية لانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 يكاد يكون مضموناً ما لم تحصل مفاجأة كبيرة أو مشكلة صحية خطيرة تجبره على الانسحاب.