ترمب يدلي بإفادته في قضية «الاحتيال المالي»

أمام محكمة مانهاتن

ترمب يصل إلى قاعة المحكمة في نيويورك في 6 نوفمبر 2023 (رويترز)
ترمب يصل إلى قاعة المحكمة في نيويورك في 6 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

ترمب يدلي بإفادته في قضية «الاحتيال المالي»

ترمب يصل إلى قاعة المحكمة في نيويورك في 6 نوفمبر 2023 (رويترز)
ترمب يصل إلى قاعة المحكمة في نيويورك في 6 نوفمبر 2023 (رويترز)

يوم حافل للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، يدلي خلاله بإفادته رسمياً أمام محكمة نيويورك، حيث يواجه تهماً مدنية متعلقة بتهرب مؤسسته من دفع الضرائب في قضية الاحتيال المالي.

ووقف ترمب بمواجهة فريق المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، للإجابة عن أسئلة تتعلق بضلوعه في قضية الاحتيال، التي تسعى جيمس من خلالها لفرض غرامة بقيمة 250 مليون دولار على الرئيس السابق، بالإضافة إلى حظره عن العمل في الولاية، الأمر الذي من شأنه أن يهدد شركاته ومؤسساته التي عمل على تأسيسها طوال حياته المهنية.

وكما جرت العادة، هاجم ترمب الادعاء، متهماً «خصمه السياسي» جو بايدن بالتحريض على ذلك «للتدخل في الانتخابات». وقال ترمب قبل دخوله إلى قاعة المحكمة التي تعقد جلسات بعيدة عن عدسات الكاميرات إن بايدن «يهاجمه» للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن أرقام الاستطلاعات تظهر تقدمه على خصمه الديمقراطي.

كما قال ترمب في تصريح على منصته «تروث سوشيال» قبل الوصول إلى المحكمة: «هذه هي المرة الأولى التي يتم استعمال فيها هذه الطريقة في الغش في الانتخابات في الولايات المتحدة بشكل مفضوح كسلاح سياسي... إنها حملة مطاردة ساحرات».

المدعية العامة ليتيتيا جيمس في محكمة نيويورك في 6 نوفمبر 2023 (أ.ب)

أما جيمس فقد ردت خارج قاعة المحكمة قائلة: «المهم هنا هو الوقائع والأرقام، والأرقام لا تكذب...».

وفيما تختلف هذه القضية المدنية عن غيرها من القضايا الفيدرالية التي يواجهها ترمب، التي ترتب عليها أكثر من 90 تهمة جنائية، إلا أنها قد تكون القضية الأكثر تأثيراً معنوياً ومالياً على الرئيس السابق الذي عرف في ولاية نيويورك بسمعته بوصفه رجل أعمال قبل خوضه المجال السياسي.

ولهذا السبب يكرر ترمب هجماته على المدعية العامة واصفاً القضية المرفوعة ضده بـ«وصمة عار» عليها، ويتهمها باستهداف أعماله وعائلته.

بالإضافة إلى ترمب، أدلى نجلاه إريك ودونالد جونيور بإفادتيهما أمام المحكمة، التي تنتظر كذلك شهادة ابنته إيفانكا يوم الأربعاء.

متظاهرون خارج قاعة المحكمة العليا في نيويورك في 6 نوفمبر 2023 (أ.ب)

استراتيجية دفاعية

ارتكزت استراتيجية فريق ترمب الدفاعية على إلقاء اللوم على المحاسبين، الذي عملوا في شركته. ويسعى محامو ترمب إلى تحويل الانتباه إلى ممارسات المحاسبين المالية، وهي استراتيجية اعتمدها دونالد ترمب جونيور في إفادته قائلاً: «واجبي هو الاستماع إلى نصيحة الخبراء في هذه القضايا».

وتشبه هذه الاستراتيجية إلى حد كبير استراتيجية الدفاع عن ترمب في قضية التحريض على الغش في الانتخابات، إذ ألقى فريقه باللوم على محامي الرئيس السابق الذين نصحوه بضرورة تحدي نتيجة الانتخابات نظراً لوجود غش فيها على حد تعبيرهم.

تظهر استطلاعات الرأي تراجع بايدن مقابل تقدم ترمب في ولايات متأرجحة (أ.ب)

استطلاعات الرأي

ورغم القضايا المتعددة التي يواجهها ترمب، فإنه من الواضح أنها لم تؤثر على رأي الناخب الأميركي بعد. على العكس تماماً، إذ أظهرت استطلاعات للرأي تقدمه على منافسه الأساسي الرئيس الحالي جو بايدن في ولايات حاسمة.

ووفق الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع جامعة سيينا يتقدم ترمب على بايدن في ولايات جورجيا، حيث يواجه ترمب قضية فيدرالية، ونيفادا وأريزونا وميشيغان وبنسلفانيا.

كما يظهر الاستطلاع تراجعاً في دعم الأميركيين من أصول أفريقية ولاتينية لبايدن، عادّين أن المشكلة الأساسية هي كبر سنه.

ويتخوف الناخبون، بحسب استطلاعات الرأي، من أداء بايدن في الاقتصاد، كما أن أغلبيتهم لا يوافقون سياسته في حرب غزة، في أرقام كانت صادمة حتى للديمقراطيين الذين تحدثوا عن تداعياتها. فقال دايفيد أكسلرود المستشار السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما إن هذه الأرقام «نشرت بذور الشك في الحزب»، ملوحاً باحتمال سحب بايدن لترشيحه من الرئاسة، مضيفا في تصريحات على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) «جو بايدن يستطيع اتخاذ هذا القرار. إذا استمر بالترشح فسيكون مرشح الحزب الديمقراطي الرسمي. وعليه أن يقرر ما إذا كان هذا الأمر حكيماً. وما إذا كان يصب لمصلحته أو مصلحة البلاد».

وتحدثت النائبة الديمقراطية براميلا جايبال عن تراجع شعبية بايدن في ولايات مثل ميشيغان بسبب «دعمه الشرس لإسرائيل» فقالت إنها تعتقد و«للمرة الأولى» أن حظوظ بايدن بإعادة الانتخاب مهددة؛ لأن العرب المسلمين والعرب الأميركيين والشباب يرون هذا النزاع (في غزة) على أنه «نزاع أخلاقي وأزمة أخلاقية».

لكن اللافت في النظر في أرقام الاستطلاع هو أن نحو 6 في المائة من الناخبين في ولايات ميشيغان وأريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وويسكنسن قالوا إنهم سيغيرون رأيهم ويصوتون لصالح بايدن في حال إدانة ترمب، الأمر الذي قد يؤدي إلى فوز الرئيس الحالي بولاية ثانية.

المرشحون الجمهوريون على مسرح المناظرة الأولى في ويسكنسن في 3 أغسطس 2023 (رويترز)

مناظرة جمهورية ثالثة

يأتي هذا فيما يستعد الجمهوريون لمناظرتهم الثالثة مساء الأربعاء في ولاية فلوريدا. وسيشارك في المناظرة كل من حاكم الولاية رون ديسنتس والمندوبة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، إضافة إلى رجل الأعمال فيفيك راماسوامي وحاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي والسناتور الجمهوري ريك سكوت. وتظهر الاستطلاعات أن هايلي تتمتع بحظوظ أكبر في الفوز على بايدن في الانتخابات الرئاسية، متقدمة بذلك على ديسنتس، لكن المرشح الأبرز لهزيمة الرئيس الحالي يبقى ترمب الذي يحتل صدارة الاستطلاعات.

إشارة إلى أن الغائب الأبرز عن المناظرة هذه المرة هو نائب ترمب السابق مايك بنس الذي أعلن انسحابه من السباق.


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب متوسطاً ابنته إيفانكا وابنه دونالد جونيور خلال اتجاههم إلى طائرة الرئاسة 4 يناير 2021 (أ.ف.ب)

نجل ترمب أسهم في تشكيل حكومة والده الجديدة

استكمل الرئيس المنتخب دونالد ترمب ترشيحات حكومته الجديدة، بإعلان رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت»، بروك رولينز وزيرةً للزراعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

فريق ترمب للشرق الأوسط... «أصدقاء لإسرائيل» لا يخفون انحيازهم

اختصر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سياسته المحتملة في الشرق الأوسط باختياره المبكر شخصيات لا تخفي توجهها اليميني وانحيازها لإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ بروك رولينز مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الزراعة (أ.ب)

ترمب يرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لمنصب وزير الزراعة

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لشغل منصب وزير الزراعة في إدارته المقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».