يوم حافل للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، يدلي خلاله بإفادته رسمياً أمام محكمة نيويورك، حيث يواجه تهماً مدنية متعلقة بتهرب مؤسسته من دفع الضرائب في قضية الاحتيال المالي.
ووقف ترمب بمواجهة فريق المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، للإجابة عن أسئلة تتعلق بضلوعه في قضية الاحتيال، التي تسعى جيمس من خلالها لفرض غرامة بقيمة 250 مليون دولار على الرئيس السابق، بالإضافة إلى حظره عن العمل في الولاية، الأمر الذي من شأنه أن يهدد شركاته ومؤسساته التي عمل على تأسيسها طوال حياته المهنية.
وكما جرت العادة، هاجم ترمب الادعاء، متهماً «خصمه السياسي» جو بايدن بالتحريض على ذلك «للتدخل في الانتخابات». وقال ترمب قبل دخوله إلى قاعة المحكمة التي تعقد جلسات بعيدة عن عدسات الكاميرات إن بايدن «يهاجمه» للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن أرقام الاستطلاعات تظهر تقدمه على خصمه الديمقراطي.
كما قال ترمب في تصريح على منصته «تروث سوشيال» قبل الوصول إلى المحكمة: «هذه هي المرة الأولى التي يتم استعمال فيها هذه الطريقة في الغش في الانتخابات في الولايات المتحدة بشكل مفضوح كسلاح سياسي... إنها حملة مطاردة ساحرات».
أما جيمس فقد ردت خارج قاعة المحكمة قائلة: «المهم هنا هو الوقائع والأرقام، والأرقام لا تكذب...».
وفيما تختلف هذه القضية المدنية عن غيرها من القضايا الفيدرالية التي يواجهها ترمب، التي ترتب عليها أكثر من 90 تهمة جنائية، إلا أنها قد تكون القضية الأكثر تأثيراً معنوياً ومالياً على الرئيس السابق الذي عرف في ولاية نيويورك بسمعته بوصفه رجل أعمال قبل خوضه المجال السياسي.
ولهذا السبب يكرر ترمب هجماته على المدعية العامة واصفاً القضية المرفوعة ضده بـ«وصمة عار» عليها، ويتهمها باستهداف أعماله وعائلته.
بالإضافة إلى ترمب، أدلى نجلاه إريك ودونالد جونيور بإفادتيهما أمام المحكمة، التي تنتظر كذلك شهادة ابنته إيفانكا يوم الأربعاء.
استراتيجية دفاعية
ارتكزت استراتيجية فريق ترمب الدفاعية على إلقاء اللوم على المحاسبين، الذي عملوا في شركته. ويسعى محامو ترمب إلى تحويل الانتباه إلى ممارسات المحاسبين المالية، وهي استراتيجية اعتمدها دونالد ترمب جونيور في إفادته قائلاً: «واجبي هو الاستماع إلى نصيحة الخبراء في هذه القضايا».
وتشبه هذه الاستراتيجية إلى حد كبير استراتيجية الدفاع عن ترمب في قضية التحريض على الغش في الانتخابات، إذ ألقى فريقه باللوم على محامي الرئيس السابق الذين نصحوه بضرورة تحدي نتيجة الانتخابات نظراً لوجود غش فيها على حد تعبيرهم.
استطلاعات الرأي
ورغم القضايا المتعددة التي يواجهها ترمب، فإنه من الواضح أنها لم تؤثر على رأي الناخب الأميركي بعد. على العكس تماماً، إذ أظهرت استطلاعات للرأي تقدمه على منافسه الأساسي الرئيس الحالي جو بايدن في ولايات حاسمة.
ووفق الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع جامعة سيينا يتقدم ترمب على بايدن في ولايات جورجيا، حيث يواجه ترمب قضية فيدرالية، ونيفادا وأريزونا وميشيغان وبنسلفانيا.
كما يظهر الاستطلاع تراجعاً في دعم الأميركيين من أصول أفريقية ولاتينية لبايدن، عادّين أن المشكلة الأساسية هي كبر سنه.
ويتخوف الناخبون، بحسب استطلاعات الرأي، من أداء بايدن في الاقتصاد، كما أن أغلبيتهم لا يوافقون سياسته في حرب غزة، في أرقام كانت صادمة حتى للديمقراطيين الذين تحدثوا عن تداعياتها. فقال دايفيد أكسلرود المستشار السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما إن هذه الأرقام «نشرت بذور الشك في الحزب»، ملوحاً باحتمال سحب بايدن لترشيحه من الرئاسة، مضيفا في تصريحات على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) «جو بايدن يستطيع اتخاذ هذا القرار. إذا استمر بالترشح فسيكون مرشح الحزب الديمقراطي الرسمي. وعليه أن يقرر ما إذا كان هذا الأمر حكيماً. وما إذا كان يصب لمصلحته أو مصلحة البلاد».
وتحدثت النائبة الديمقراطية براميلا جايبال عن تراجع شعبية بايدن في ولايات مثل ميشيغان بسبب «دعمه الشرس لإسرائيل» فقالت إنها تعتقد و«للمرة الأولى» أن حظوظ بايدن بإعادة الانتخاب مهددة؛ لأن العرب المسلمين والعرب الأميركيين والشباب يرون هذا النزاع (في غزة) على أنه «نزاع أخلاقي وأزمة أخلاقية».
لكن اللافت في النظر في أرقام الاستطلاع هو أن نحو 6 في المائة من الناخبين في ولايات ميشيغان وأريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وويسكنسن قالوا إنهم سيغيرون رأيهم ويصوتون لصالح بايدن في حال إدانة ترمب، الأمر الذي قد يؤدي إلى فوز الرئيس الحالي بولاية ثانية.
مناظرة جمهورية ثالثة
يأتي هذا فيما يستعد الجمهوريون لمناظرتهم الثالثة مساء الأربعاء في ولاية فلوريدا. وسيشارك في المناظرة كل من حاكم الولاية رون ديسنتس والمندوبة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، إضافة إلى رجل الأعمال فيفيك راماسوامي وحاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي والسناتور الجمهوري ريك سكوت. وتظهر الاستطلاعات أن هايلي تتمتع بحظوظ أكبر في الفوز على بايدن في الانتخابات الرئاسية، متقدمة بذلك على ديسنتس، لكن المرشح الأبرز لهزيمة الرئيس الحالي يبقى ترمب الذي يحتل صدارة الاستطلاعات.
إشارة إلى أن الغائب الأبرز عن المناظرة هذه المرة هو نائب ترمب السابق مايك بنس الذي أعلن انسحابه من السباق.