منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، خصوصاً منذ تنصيبه الاثنين، يكافح معارضوه لإسماع صوتهم في خضم خيبة أمل من انتصاره وإرهاق بعد حملة شاقة.
في عام 2017، عندما دخل الملياردير البيت الأبيض لولاية أولى، خرج ملايين الأميركيين إلى الشوارع لإظهار «مقاومتهم» بينما أمل الديمقراطيون بعرقلة طريق الجمهوري.
بعد 8 سنوات، وبينما يعود الملياردير إلى السلطة ويزيد من مراسيمه المدوّية، تواجهه تظاهرات أقل كثافة، ويتحدث أعضاء المعارضة في الكونغرس عن «العمل» مع الرئيس بشأن مواضيع معينة.
وقال أندرو كونيشوسكي، المستشار الإعلامي السابق للديمقراطي البارز في مجلس الشيوخ تشاك شومر، إن «المقاومة وحدها هي استراتيجية محكوم عليها بالفشل». وأضاف في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لو كان هذا الأمر ناجحاً فلما أصبح ترمب رئيساً».
ولفت النظر إلى أن الديمقراطيين جعلوا من فكرة «مقاومة» الملياردير الجمهوري حجر الزاوية في استراتيجيتهم خلال الحملة الانتخابية في 2024، وكان تأثيرها ضئيلاً.
وفي حين يَعِد دونالد ترمب بطرد «ملايين» المهاجرين غير النظاميين، ويهدد بانسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي (ناتو) ويتوعد بملاحقة «العدو الداخلي»، سيتواصل قلق الديمقراطيين في عام 2025.
«نحو المحاكم»
ويبدو أن مجموعة التدابير التي أعلنها الرئيس منذ تنصيبه تُواجه بالانتظار والترقب وليس بالسخط.
ورأى كونيشوسكي أنّ المعارضة غيّرت استراتيجيتها لتركّز على جوانب محددة من برنامج دونالد ترمب مستخدمة المجالَين القضائي والإعلامي، مؤكداً أن «المقاومة لم تختفِ، بل تطوّرت. انتقلت من الشوارع إلى المحاكم»، مشيداً بحالات «لجوء إلى القضاء مدروسة جيداً».
واستشهد خصوصاً بطعن 20 ولاية أميركية بإصدار ترمب، الاثنين، مرسوماً يلغي حق نيل الجنسية عند الولادة.
وأصدر قاضٍ فيدرالي في الولايات المتحدة، الخميس، قراراً بتعليق محاولة ترمب، عادّاً أنها «أمر غير دستوري بشكل صارخ».
وقال مايك فاهي، المستشار في مجال استراتيجيات الحملات الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين، إن أولئك الذين واجهوا دونالد ترمب في عام 2024 ليشاهدوه يفوز بسهولة في نهاية المطاف، يعانون الإرهاق أكثر من كونهم غير مبالين.
وأضاف أن المعارضة تثير حالياً ضجة أقل من قبل، لكن من دون أن تكون بالضرورة أقل فعالية.
وأكد فاهي أنه «بدلاً من الاعتماد على الاحتجاجات الضخمة التي طبعت الأسابيع الأولى من رئاسة ترمب» في عام 2017، بدأت مجموعات المعارضة «تصميم أحداث عامة أكثر تعقيداً وأقل وضوحاً لتحقيق أهدافها».
«مواضيع رنانة»
وفي حين كان فوز دونالد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) مؤلماً للديمقراطيين، يعتقد كثر أن وصف الجمهوري بأنه سبب علل المجتمع الأميركي سيفضي إلى نتائج عكسية، كما الصراخ في مواجهة كل إعلان صادم له.
ورأى بيتر لوج، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، أن معارضة الديمقراطيين بنحو ذكي ستكون بتجاهل منشورات ترمب على منصته «تروث سوشال».
وقال إنه سيكون من الضروري أن نبتعد عن «المواضيع الرنانة» لنركّز مجدداً على «الحياة اليومية» للأميركيين، وبالتالي على أهداف سياسية محددة.
ورغم فوز الملياردير الجمهوري بكل الولايات الرئيسية في الانتخابات الأخيرة، فإن فوزه في التصويت الشعبي لم يكن واسعاً، وهي حجة تستخدمها بعض المجموعات لدحض فكرة أن الرئيس الجديد يتمتع بتفويض واضح ونهائي كما يدعي.
وعدَّ عزرا ليفين، المدير التنفيذي المشارك لجماعة الضغط اليسارية «إنديفيزيبل»، أن «الديمقراطيين لا يستطيعون أن يختبئوا وراء نصف إجراءات أو أعذار».
وأضاف: «إذا لم تكن لديهم شجاعة خوض المعارك حالياً، عندما تكون كل الأمور على المحك، فسيمنحون ترمب والجمهوريين الحاملين شعار (اجعل أميركا عظيمة مجدداً) ما يريدونه: انتصار دعائي من شأنه أن يشجع هجماتهم على حرياتنا».