واشنطن تحشد التأييد للرد على هجوم «حماس»

أزمة الرهائن الأميركيين قد «تعيد تورط» الولايات المتحدة في المنطقة

منظمو مؤتمر صحافي في تل أبيب (الثلاثاء) يعدون لافتات للأميركيين الإسرائيليين المفقودين منذ هجوم مفاجئ لـ«حماس» السبت (أ.ب)
منظمو مؤتمر صحافي في تل أبيب (الثلاثاء) يعدون لافتات للأميركيين الإسرائيليين المفقودين منذ هجوم مفاجئ لـ«حماس» السبت (أ.ب)
TT

واشنطن تحشد التأييد للرد على هجوم «حماس»

منظمو مؤتمر صحافي في تل أبيب (الثلاثاء) يعدون لافتات للأميركيين الإسرائيليين المفقودين منذ هجوم مفاجئ لـ«حماس» السبت (أ.ب)
منظمو مؤتمر صحافي في تل أبيب (الثلاثاء) يعدون لافتات للأميركيين الإسرائيليين المفقودين منذ هجوم مفاجئ لـ«حماس» السبت (أ.ب)

أظهر الموقف الأميركي الذي تكرر على لسان غالبية المسؤولين الأميركيين وقادة الحزب الجمهوري، منذ بدء هجوم «حماس» على إسرائيل، «نظرة موحدة» تجاه أهم حليف للولايات المتحدة في المنطقة.

وتُرجم ذلك عبر تأكيدات على توفير وتقديم كل وسائل الدعم لها في تجاوز للخلافات الداخلية، لتسهيل إقرار المزيد من الأموال لإسرائيل، «إذا تطلب الأمر موافقة الكونغرس»، وفق البيت الأبيض.

وبينما عدت العملية التي نفذتها «حماس»، يوم السبت، أكبر خطأ قامت به الحركة، متجاوزة بكثير الخطوط الحمراء، نقلت وسائل الإعلام الأميركية تأكيدات عن قيام إدارة الرئيس جو بايدن بتوسيع دائرة مناقشاتها واتصالاتها مع قادة دول المنطقة والعالم، خصوصاً حلفاءها الأوروبيين، لحشد الدعم لإسرائيل.

وأجرى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الثلاثاء، اتصالاً بنظيره الإسرائيلي، إيلي كوهين، ناقش فيه الدعم الأميركي لإسرائيل. وقال في بيان، إنه «أكد مجدداً الجهود لضمان الإفراج الفوري عن جميع الرهائن». كما أجرى بلينكن اتصالاً بوزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، وجددا التأكيد على تنديدهما بهجمات «حماس» على إسرائيل. وأضاف بلينكن: «لإسرائيل الحق في حماية مواطنيها من هذه الهجمات، وتأمين إطلاق سراح الرهائن».

دعم عسكري غير محدود

وسارعت إدارة بايدن إلى تقديم الدعم العسكري لإسرائيل التي توعد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو «بتغيير وجه الشرق الأوسط»، بينما تعهد المسؤولون الأميركيون بمحاسبة «أولئك الذين قتلوا أميركيين أو يُحتمل أن يكونوا قد أُخذوا رهائن في قطاع غزة».

السكرتير الصحافي للبنتاغون العميد الجنرال بات رايدر خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون 5 أكتوبر (أ.ب)

وقال مسؤول دفاعي كبير، إن البنتاغون «يزيد دعمه» لأقرب حليف له في الشرق الأوسط، رداً على ما وصفه المسؤولون الأميركيون بـ«التكتيكات الوحشية الجديدة»، التي ميزت هجوم (السبت) الذي شنه مسلحو «حماس» على جنوب إسرائيل.

ومع تصاعد أعداد القتلى، وتنفيذ إسرائيل أوسع عمليات قصف لقطاع غزة، وفرض حصار واسع النطاق عليه، فقد عد ذلك تمهيداً للطريق، لما يمكن أن يكون هجوماً دموياً طويلاً. وقال مسؤول الدفاع للصحافيين: «هذه الوحشية التي رأيناها ترتكب ضد المدنيين الإسرائيليين، تشبه ما قامت به (داعش)».

وقال المسؤول إن الخطوات لتزويد إسرائيل بالذخائر وإعادة نشر الأصول العسكرية الأميركية تهدف إلى إظهار التزام الولايات المتحدة تجاه حليفتها، وردع إيران أو الجماعات الوكيلة لها في الشرق الأوسط من شن هجمات متراكمة. وأضاف المسؤول: «يجب على هؤلاء الخصوم أن يفكروا مرتين».

وقال مسؤول ثانٍ بوزارة الدفاع، إن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات «يو إس إس جيرالد فورد»، التي تضم قوة تتراوح ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف فرد، ستنتشر في المنطقة. ومن المتوقع أن يجري وضع عناصر أخرى من دعم البنتاغون الموعود، بما في ذلك طائرات «إف 35» و«إف 16» المتمركزة في المنطقة، في مواقعها الجديدة في الأيام المقبلة. وقال المسؤول: «التركيز الآن هو وضع الأصول التي أُعْلِنَ عنها في مكانها الصحيح لتوفير أكبر مجموعة متنوعة من الخيارات للقيادة السياسية».

تورط جديد في المنطقة؟

وتدرس الإدارة أيضاً تسريع تسليم إسرائيل طلباتها من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ الدفاع الجوي وقذائف المدفعية وذخيرة الرشاشات. ومن المعروف أنه لدى البنتاغون مخازن أسلحة استراتيجية في إسرائيل منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، جرى استخدام بعض مخزوناتها في الحرب الأوكرانية، ويتوقع أن تُستخدم من قبل إسرائيل التي لها الحق في ذلك من بين كل دول المنطقة.

الرئيس جو بايدن مع وزير الخارجية بلينكن يلقيان ملاحظات حول هجمات «حماس» في إسرائيل في البيت الأبيض السبت (إ.ب.أ)

ويعدّ احتمال تصاعد الصراع وتمدده في المنطقة بما يشمل إيران تحدياً للرئيس بايدن الذي حاول تركيز سياسته الخارجية على الصين والحرب في أوكرانيا، غير أن الأزمة المتجددة، وإمكان تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر، على الأقل في أزمة الرهائن الناشئة، يهددان بجر البيت الأبيض بشكل أعمق إلى المنطقة.

لا يوجد تورط إيراني مباشر

وحضّ الجنرال تشارلز براون، الرئيس الجديد لهيئة الأركان المشتركة، إيران على «عدم التورط»، وقال في أول تصريحات له منذ هجوم يوم السبت: «أردنا أن نبعث رسالة قوية مفادها أننا لا نريد أن يتسع هذا الأمر». وأضاف براون: «الفكرة هي أن تصل هذه الرسالة بصوت عالٍ وواضح لإيران». وأجرى براون اتصالات مع نظيره الإسرائيلي اللفتنانت جنرال هيرتسي هاليفي حول تطورات الوضع يوم الاثنين.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللواء هارتسي هاليفي (أرشيفية)

ورغم تأكيد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، على أن الولايات المتحدة «ليس لديها أي نية لنشر قوات أميركية على الأرض»، فإنه حذر من أن «الرئيس بايدن سيتأكد دائماً من أننا نحمي مصالح أمننا القومي».

ورغم كل المعطيات التي تشير إلى «دور إيراني ما»، فإن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين لم يصلوا إلى حد إسناد دور مباشر لها في التخطيط لهجوم «حماس».

وعُدت التحفظات الأميركية والإسرائيلية على اتهام إيران بالتورط مباشرة، إشارة إلى احتمال أن يكون قرار «حماس» بتنفيذ العملية قد اتخذه قائد «كتائب القسام» محمد الضيف بنفسه، خصوصاً أن «التحرشات» التي تجري على الجبهة اللبنانية مع إسرائيل يعدها البعض «مدروسة»، ولا تشير إلى «مغامرة غير محسوبة من إيران».

ملف الرهائن الصعب

ويعترف المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون بصعوبة ملف الرهائن، خصوصاً بعد تهديد «حماس» بأنها ستقوم بإعدام الرهائن إذا واصلت إسرائيل قصف غزة وقتل المدنيين. ورغم هذا التهديد، يعتقد البعض أنه يشير إلى أن «حماس قد استنفدت» زخم ما حققه هجومها المفاجئ، وباتت في موقع الدفاع، معرضة كل قياداتها للخطر.

وقال آرون ديفيد ميلر، المسؤول السابق بوزارة الخارجية، والذي شارك في محادثات التوسط في السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، إن إسرائيل من المحتمل أن تأخذ زمام المبادرة في المفاوضات أو العمليات العسكرية لاستعادة الرهائن، حتى لو كان هناك أميركيون من بين المحتجزين، واستطرد: «إذا كان هناك بالفعل مواطنون أميركيون (أو مزدوجو الجنسية) رهائن، فإن المعضلة الأساسية هي كيف يمكن للإسرائيليين التوفيق بين توغل كبير في غزة ومصير هؤلاء الرهائن؟».


مقالات ذات صلة

أميركا تحمّل «حزب الله» مسؤولية الهجوم على الجولان

الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أ.ف.ب)

أميركا تحمّل «حزب الله» مسؤولية الهجوم على الجولان

قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تحمل «حزب الله» اللبناني مسؤولية الهجوم الصاروخي الذي أدى إلى مقتل 12 طفلاً وفتى بهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل أمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (أ.ف.ب)

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جندي إسرائيلي فوق دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع غزة (أ.ب)

تقرير: «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترحات جديدة

أكد مصدر قيادي فلسطيني اليوم (السبت)، أنه في ظل ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أنه سيقدم اقتراحاً جديداً، فإن حركة «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون في مستشفى «ناصر» يندبون ويحزنون حول جثث ذويهم الذين قتلوا خلال هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة (د.ب.أ)

إسرائيل تطلب من سكان غزة إخلاء مناطق جنوب خان يونس «مؤقتاً»

قال بيان للجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن الجيش طلب من الفلسطينيين إخلاء الأحياء الجنوبية في منطقة خان يونس بقطاع غزة «مؤقتاً».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
TT

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الأميركية أنّ الحريق المستعر شمال كاليفورنيا منذ 3 أيام أصبح أحد أكبر الحرائق المسجّلة على الإطلاق في تاريخ هذه الولاية الواقعة غرب الولايات المتحدة.

يعد هذا الحريق سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية (رويترز)

وقالت وكالة «كال فاير» التابعة للولاية إنّ حريق «بارك فاير» - أشد حرائق الغابات التي تضرب كاليفورنيا هذا الصيف - التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت، ليصبح بذلك سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية.

والحريق الذي أجبر أكثر من 4000 شخص على إخلاء منازلهم اندلع في منطقة ريفية وجبلية بالقرب من بلدة تشيكو الصغيرة، على بُعد نحو 145 كيلومتراً شمال سكرامنتو، عاصمة الولاية.

في عام 2018 دُمر أكثر من 18 ألف مبنى وقتل 85 شخصاً في بلدة بارادايس القريبة عندما حاصر حريق كامب الآلاف من الناس وأصبح أعنف وأكثر الحرائق تدميراً في تاريخ كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت الوكالة أنّ «الظروف القاسية لهذا الحريق لا تزال تمثّل تحدّياً لعناصر الإطفاء. في الوقت الحالي، لم تتمّ السيطرة عليه سوى بنسبة 0 في المائة فقط»، على الرغم من جهود نحو 2500 شخص وأكثر من 10 مروحيات وعدد من الطائرات، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد 3 ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرنسيسكو.

أدت الرياح القوية والنباتات الجافة إلى تأجيج الحريق الذي انفجر على مساحة 70 ألف فدان في أول 24 ساعة بعد أن دفع رجل سيارة مشتعلة في وادٍ لإشعال الحريق عمداً (أ.ف.ب)

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الجمعة، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايس التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب ويستعد سكانها لأي احتمال.