حرمان العقل المدبر لهجمات سبتمبر من محامٍ

خالد شيخ محمد تعرّض للإيهام بالغرق 183 مرة

خالد شيخ محمد متهم بأنه العقل المدبر لهجمات سبتمبر (غوانتانامو)
خالد شيخ محمد متهم بأنه العقل المدبر لهجمات سبتمبر (غوانتانامو)
TT

حرمان العقل المدبر لهجمات سبتمبر من محامٍ

خالد شيخ محمد متهم بأنه العقل المدبر لهجمات سبتمبر (غوانتانامو)
خالد شيخ محمد متهم بأنه العقل المدبر لهجمات سبتمبر (غوانتانامو)

استدعى المدعون عميلاً متقاعداً كان يعمل لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، هذا الأسبوع، للإدلاء بشهادته بأن العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) تحدث بحرية عن مؤامرة اختطاف الطائرات طوال أربعة أيام من الاستجواب في يناير (كانون الثاني) 2007.

وكشف العميل السابق فرانك بيليغرينو أنه في بداية الاستجواب استفسر السجين عن متى سيلتقي محامياً عنه. وقال بيليغرينو، إنه تجاهل استفسار المتهم، ومضى في الحصول منه على اعتراف خلال من 12 إلى 13 ساعة من الاستجواب داخل خليج غوانتانامو.

معسكر «جاستس» حيث تقام محاكمات السجناء في خليج غوانتانامو (نيويورك تايمز)

وعلى امتداد 15 شهراً لاحقة، لم يتمكن السجين خالد شيخ محمد من استشارة محامٍ. وبحلول ذلك الوقت، كان الادعاء قد أصدر بحقه اتهامات ضد عقوبتها الإعدام، بعد خمس سنوات من القبض عليه في باكستان، وبعد احتجازه لسنوات في شبكة السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، حيث تعرض للتعذيب، بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز».

وبناءً على هذا الكشف؛ أصبحت المحكمة أمام مسألة أخرى للنظر فيها عندما تبتّ في مسألة محورية تتعلق بقضية هجمات 11 سبتمبر التي طال أمدها. وبعد سنوات من العزلة تضمنت تعرضه للإيهام بالغرق 183 مرة، بجانب أشكال أخرى من التعذيب، يبقى التساؤل: هل اعترف محمد طوعاً في خليج غوانتانامو، وهل يمكن استخدام ما قاله ضده خلال محاكمته النهائية التي تصل عقوبة الإدانة فيها إلى الإعدام؟

وأفاد مدعون بأن محمد ناقش طواعية دوره بوصفه العقل المدبر للهجمات الذي نفذه 19 رجلاً اختطفوا أربع طائرات تحطمت؛ ما أسفر عن مقتل نحو 3000 شخص في 11 سبتمبر 2001. وأكد محامو الدفاع أن محمد جرى تدريبه على الاعتراف في إطار برنامج تعذيب يتبع وكالة «سي آي إيه».

معسكر «دلتا» عند افتتاح «غوانتانامو» احتُجز فيه سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

جدير بالذكر، أن سياسة إدارة بوش قامت على حرمان السجناء السابقين لدى «سي آي إيه» من التواصل مع محامين حتى جرى توجيه اتهامات إليهم أمام محاكم عسكرية، نظام محاكم عسكري - مدني مختلط أنشأته الإدارة للالتفاف على بعض المسائل الدستورية».

ومن أجل بناء قضاياهم، قام المدعون العسكريون بتشكيل فرق من العملاء الفيدراليين لاستجواب محمد وغيره من المشتبه بهم في غضون أشهر من نقلهم من السجون التابعة لـ«سي آي إيه» عام 2006.

ودارت الفكرة حول الحصول على اعترافات جديدة من السجناء بحيث لا تكون ملوثة بالعمل القذر الذي تورطت فيه «سي آي إيه». وفي انتكاسة لهذه النظرية، استبعد أحد قضاة الجيش في وقت قريب أحد هذه الاعترافات في قضية أخرى؛ كونها اعترافات جرى الحصول عليها من خلال التعذيب.

من جهته، أكد بيليغرينو أنه وشريكيه في الاستجواب عاملوا محمد باحترام، ووصفوا تعاملهم معه بأنه كان ودياً وغير صدامي.

وأضاف عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي، أنه كسر الجمود خلال التحقيق مع المتهم، عندما قال إنه يحسد الكومبيوتر المحمول الذي كان محمد يستخدمه قبل القبض عليه في باكستان في مارس (آذار) 2003.

ويعدّ المدعون رواية بيليغرينو عن الاستجواب، أهم دليل ضد خالد شيخ محمد.

جدير بالذكر، أن بيليغرينو كرّس عقداً من حياته المهنية الممتدة على مدار 33 عاماً بمجال مكافحة الإرهاب، لمحاولة تعقب محمد بعد تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993.

وبحلول الوقت الذي التقى فيه الرجلان داخل غرفة الاستجواب في غوانتانامو، كان بيليغرينو قد بنى بالفعل قضية مختلفة ضده بتهمة التورط في مؤامرة، جرى إحباطها، لاختطاف طائرة تجارية في جنوب شرق آسيا.

وقال: «لقد كنت أستعد طيلة حياتي لمقابلة محتملة مع خالد شيخ محمد».

وأضاف أنه أخبر محمد أنه غير مهتم بما قاله السجين لمسؤولي «سي آي إيه» خلال اعتقاله بين عامي 2003 و2006، وأنه أراد سماع قصته بشكل مستقل.

وقال بيليغرينو في شهادته: «أنا لا أتفق مع ما حدث». إلا أنه أضاف أن محمد كان مسؤولاً عن طول المقابلة ومحتواها، وكان يحصل على استراحة للصلاة كل يوم وماء للشرب. وقال: «عندما ذهبنا للتحدث معه، شعرنا براحة شديدة؛ لأنه كان يتحدث إلينا طواعية، وأتيحت أمامه فرصة المغادرة إذا أراد».

وقال بيليغرينو: إن السجين كان مقيداً إلى مسمار على أرضية غرفة الاستجواب من أحد كاحليه أو كليهما، لكنه بدا سالماً.

عند استجواب غاري دي سواردز، محامي محمد، قال بيليغرينو إنه لم يكن على علم في ذلك الوقت بأن محمد قد تعرّض سابقاً للإيهام بالغرق وأساليب استجواب عنيفة أخرى من جانب «سي آي إيه». ومع ذلك، قال في شهادته، الأربعاء، إنه متمسك باعتقاده أن محمد تحدث إليه طواعية.

وأظهرت ملاحظات الاستجواب، أن محمد وصف نفسه بأنه «عبد» في الساعة الأولى من تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي معه عام 2007.

وبدا بيليغرينو مندهشاً من هذا الأمر أمام المحكمة، لكنه عبّر عن اعتقاده بأن هذا لا بد أنه قد قيل بعد أن فحص ملاحظات مكتوبة بخط اليد كتبها محلل سابق لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي شارك في الاستجواب.

وأضاف أنه يتذكر أن محمد شرح الأهداف الثلاثة لهجمات 11 سبتمبر: البنتاغون كونه رمزاً عسكرياً، ومركز التجارة العالمي كونه رمزاً اقتصادياً، وأخيراً البيت الأبيض أو مبنى الكابيتول كونه رمزاً سياسياً.

من جانبهم، قاوم الركاب على متن الرحلة 93 مجموعة الخاطفين، وأجبروا الطائرة على التحطم في حقل في شانكسفيل ببنسلفانيا.

وتولى اثنان من المدعين العسكريين بمراقبة الاستجواب، الذي لم يجر تسجيله أو تدوينه، حسب الشهادة التي أدلى بها.


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إسكالييه التي كانت آنذاك عميدة في الجيش الأميركي تتحدث خلال تدريب القيادة القانونية الاحتياطية للجيش عام 2019 (نيويورك تايمز)

من هي وكيلة العقارات التي حسمت قضية 11 سبتمبر؟

أثارت موافقة سوزان إسكالييه على صفقة الإقرار بالذنب، وهو واحد من أهم القرارات في تاريخ محكمة الحرب في خليج غوانتانامو.

كارول روزنبرغ
آسيا عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية، توفي عبد الرحيم غلام رباني، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو في كراتشي، مسقط رأسه.

عمر فاروق (إسلام آباد )
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

أحدث قراران دراماتيكيان صدمة في إطار قضية 11 سبتمبر (أيلول): إبرام صفقة الإقرار بالذنب مقابل إسقاط عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها، ثم التراجع عنها.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».