ترمب وبايدن: إجراءات عزل تتشابه في المظهر وتختلف في المضمون

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: دعم المستقلين سيتزعزع

بايدن يحترم دقيقة صمت تكريما لضحايا 9/11 في ألاسكا (أ.ف.ب)
بايدن يحترم دقيقة صمت تكريما لضحايا 9/11 في ألاسكا (أ.ف.ب)
TT

ترمب وبايدن: إجراءات عزل تتشابه في المظهر وتختلف في المضمون

بايدن يحترم دقيقة صمت تكريما لضحايا 9/11 في ألاسكا (أ.ف.ب)
بايدن يحترم دقيقة صمت تكريما لضحايا 9/11 في ألاسكا (أ.ف.ب)

وكأن التاريخ يعيد نفسه، لكن هذه المرة تغّيرت الوجوه: فبدلاً من الرئيس السابق دونالد ترمب، يقف الرئيس الحالي جو بايدن في قفص الاتهام. وبدلاً من رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، يوجّه رئيس المجلس الجديد كيفين مكارثي أصابع الاتهام لقاطن البيت الأبيض في استعراض لعضلاته السياسية، بعد مشوار متأرجح للوصول إلى كرسي رئاسة المجلس.

وتتشابه التهم الموجهة ضد الرئيسين السابق والحالي في إجراءات العزل بإطارها العام رغم اختلاف تفاصيلها، فعنوانها الفساد والعرقلة، وهي نقاط شدد عليها مكارثي في عرضه السريع للقضية لتبرير تأييده لإجراءات العزل رغم غياب دعم جمهوري واسع النطاق لجهوده، خاصة في مجلس الشيوخ.

يواجه بايدن تحديات كثيرة في السباق الانتخابي (أ.ب)

وعلى الرغم من التشابه العام، فإن نقطة الاختلاف الأساسية هي التوقيت. فقد تزامنت الإجراءات هذه المرة مع موسم انتخابي حامٍ، يواجه فيه الرئيس الأميركي جو بايدن تحديات كبيرة، بدءاً من الاقتصاد مروراً بكبر سنه وتدهور أدائه ووصولاً إلى علاقته بنجله هنتر، وهو محور إجراءات العزل هذه.

ويقول الخبير الاستراتيجي الديمقراطي كالفن دارك، إن إجراءات العزل الجمهورية وتسليط الضوء على الادعاءات المرتبطة بعلاقة بايدن بنجله، «سيدفعان بعض الناخبين المستقلين لإعادة النظر في دعمهم لبايدن». ويضيف دارك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتحدث هنا عن بعض الناخبين المستقلين، وليس عن الكثيرين منهم»، لكنه يعقّب محذراً: «لكن إن لم ينجم عن تحقيقات العزل أي دليل ذي مصداقية حول مخالفات ارتكبها بايدن، حينها سيدفع الجمهوريون ثمناً سياسياً».

ويتهم الجمهوريون الرئيس الأميركي باستغلال منصبه نائبا للرئيس في عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لإفادة عائلته مادياً بشكل عام، ونجله هنتر بشكل خاص في تعاملاته التجارية. وفي هذا الإطار، وجّه مكارثي اللجان المختصة في مجلس النواب بالبدء بتحقيقاتها وجمع الأدلة للمباشرة بإجراءات العزل.

زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر يتحدث للصحافيين في 12 سبتمبر (إ.ب.أ)

إجراءات طويلة

ويذكّر جون مالكوم، مدير مركز الدراسات القانونية والقضائية في مؤسسة «هيريتاج» والمدعي العام الفيدرالي السابق، بتعقيدات إجراءات العزل القانونية، خاصّة في ظل عدم وجود دعم لها في مجلس الشيوخ. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في مجلس النواب، هناك حاجة للأغلبية البسيطة فقط للعزل، أما في مجلس الشيوخ فهناك حاجة لأغلبية ثلثي الأصوات».

ويتحدث مالكوم عن خطورة الاستراتيجية الجمهورية المتمثلة بـ«محور مكارثي»، قائلاً: «رغم أن الجمهوريين يتمتعون بالأغلبية في مجلس النواب، فإنها أغلبية بسيطة جداً... وبعد جمع الأدلة، على الجمهوريين أن يقرروا ما إذا كان من المنطقي المضي قدماً بإجراءات عزل بايدن، كما عليهم التكاتف معا للحصول على تصويت الأغلبية لصالح العزل».

ترمب برفقة القيادات الجمهورية في الكونغرس وأعضاء من إدارته في 6 يناير 2018 (أ.ب)

وفيما باشرت لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي واللجنة القضائية ولجنة الوسائل المالية، بجمع الأدلة المتعلقة بالعزل، يتوقع أن تطول فترة هذه الإجراءات وأن تصل إلى المحاكم التي قد تبت في طلب هذه اللجان الحصول على وثائق خاصة من البيت الأبيض، في حال رفض تسليمها. وبالانتظار، يشدد دارك على أهمية الاستراتيجية الديمقراطية، التي تحاكي إلى حدّ ما استراتيجية ترمب في التصدي لإجراءات عزله. فيقول إن «الاستراتيجية الديمقراطية الذكية هي تذكير الأميركيين كلما سنحت الفرصة بأن هذه الاتهامات سياسية بامتياز، وأن غياب أي دليل فعلي ضد بايدن يثبت ذلك».

أما مالكوم، فيترك الباب مفتوحاً أمام الجمهوريين لتغيير مسارهم وعدم طرح عزل بايدن للتصويت في الكونغرس، فيقول: «أعتقد أن الجمهوريين سيسعون لقراءة مزاج البلاد، والتداعيات السياسية لتصويت من هذا النوع، رغم أنه من المستحيل طبعاً أن يحصلوا على أغلبية ثلثي الأصوات في مجلس الشيوخ، وهو عامل آخر يجب أن ينظروا إليه».


مقالات ذات صلة

انتقادات لإيلون ماسك بعد نشره فيديو متلاعباً به لهاريس

الولايات المتحدة​ إيلون ماسك في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

انتقادات لإيلون ماسك بعد نشره فيديو متلاعباً به لهاريس

نشر إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، مقطع فيديو مُحرَّراً لحملة نائبة الرئيس كامالا هاريس متلاعباً به رقمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

100 يوم تفصل ترمب وهاريس عن الانتخابات الرئاسية الأميركية

يدخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلة مفصلية اعتباراً من الأحد؛ حيث يُتوقع أن تشهد الأيام المائة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، منافسة محمومة.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)

انتقادات لإيلون ماسك بعد نشره فيديو متلاعباً به لهاريس

إيلون ماسك في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)
إيلون ماسك في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)
TT

انتقادات لإيلون ماسك بعد نشره فيديو متلاعباً به لهاريس

إيلون ماسك في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)
إيلون ماسك في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

نشر إيلون ماسك، مالك منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، مقطع فيديو مُحرَّراً لحملة نائبة الرئيس كامالا هاريس يبدو أنه تم التلاعب به رقمياً لتغيير التعليق الصوتي للإعلان بطريقة خادعة.

ويحاكي الفيديو صوت هاريس، ولكن بدلاً من استخدام كلماتها من الإعلان الأصلي، يظهر نائبة الرئيس وهي تقول إن الرئيس بايدن مصاب بالخرف، وإنها «لا تعرف أول شيء عن إدارة البلاد»، وإنها، كامرأة وشخص ملون، هي «الاختيار الأمثل للتنوع».

بالإضافة إلى ذلك، تم تحرير المقطع لإزالة صور الرئيس السابق دونالد ترمب ونائبه السيناتور جيه دي فانس من أوهايو، وإضافة صور بايدن. والإعلان الأصلي غير المعدل، الذي أصدرته حملة هاريس يوم الخميس، بعنوان «نختار الحرية».

لا تحتوي النسخة المنشورة على «إكس» على «إخلاء مسؤولية»، على الرغم من أن الحساب الذي قام بتحميله لأول مرة صباح أول من أمس (الجمعة)، باسم @MrReaganUSA، أشار في منشوره إلى أن الفيديو كان «محاكاة ساخرة». عندما أعاد ماسك نشر الفيديو على حسابه الخاص بعد 8 ساعات، لم يكشف عن ذلك، وقال فقط: «هذا مذهل»، متبوعاً برمز تعبيري ضاحك.

وشوهد المنشور المصحوب بالفيديو الذي نشره ماسك نحو 108ملايين مرة، وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه يتعارض مع سياسات «إكس»، التي تحظر مشاركة «وسائل الإعلام الاصطناعية أو المتلاعب بها أو خارج السياق والتي قد تخدع أو تربك الناس وتؤدي إلى الأذى».

وسارع بعض المراقبين إلى انتقاد المنشور. ونشر أليكس هوارد، خبير الحوكمة الرقمية ومدير مشروع الديمقراطية الرقمية عبر «إكس»: «هذا انتهاك لسياسات (إكس) بشأن الوسائط الاصطناعية والهويات المضللة. هل سيتم تغير السياسات للسماح بالانتهاكات في عام الانتخابات؟».

وفي بيان، قالت حملة هاريس: «يريد الشعب الأميركي الحرية الحقيقية والفرصة والأمن الذي تقدمه نائبة الرئيس هاريس؛ وليس الأكاذيب المزيفة والمُتلاعب بها لإيلون ماسك ودونالد ترمب».

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن الجماعات المؤيدة للديمقراطية أثارت ناقوس الخطر بشكل مزداد بشأن التزييف العميق، وهو مصطلح واسع النطاق للمحتوى الرقمي الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات لإنشاء صوت أو فيديو أو صور تنشر معلومات كاذبة ويمكن أن تؤثر على سلوك الناخبين.

ويحظر قانون الحملة الانتخابية الفيدرالية التزوير الاحتيالي للمرشحين الفيدراليين أو الأحزاب السياسية، لكن القانون، الذي كتب في عام 1971، غامض عندما يتعلق الأمر بالتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وفقاً للصحيفة.

اختلاف تشريعي

في أغسطس (آب) الماضي، وافقت لجنة الانتخابات الفيدرالية على عريضة لوضع القواعد من مجموعة المراقبة «بابليك سيتيزن» التي تدعو إلى تعديل القانون لتوضيح أنه «ينطبق على إعلانات الحملات الانتخابية الخادعة المتعمدة للذكاء الاصطناعي». وقد أيدت اللجنة الوطنية الديمقراطية هذا التعديل، فضلاً عن 52 عضواً ديمقراطياً في الكونغرس، لكن اللجنة الوطنية الجمهورية عارضته، وقالت إنه «ليس وسيلة مناسبة لمعالجة هذه القضية المعقدة» وجادلت بأنه قد ينتهك التعديل الأول، والذي يمنع صياغة قوانين تحد من حرية التعبير.

ولم تصوت اللجنة على الاقتراح، وتنقسم بالتساوي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وغالباً ما تكون منقسمة بشأن مسائل السياسة.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)

إلى ذلك، تطلب شركة «ميتا»، التي تمتلك «فيسبوك» و«إنستغرام»، أن يتم تصنيف «الوسائط المُتلاعب بها» على هذا النحو، وأن يتم إلحاق السياق بالمنشور. وفي مارس (آذار)، أعلنت شركة «غوغل»، التي تمتلك «يوتيوب»، عن سياسة تتطلب من المستخدمين الذين ينشرون مقاطع الفيديو الكشف عن «المحتوى الذي يمكن للمشاهد أن يخطئه بسهولة على أنه شخص أو مكان أو مشهد أو حدث حقيقي، باستخدام وسائط معدلة أو اصطناعية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي».

وتم وضع سياسة موقع «إكس» الحالية في أبريل (نيسان) 2023، بعد فترة طويلة من تولي ماسك زمام الأمور في المنصة. وهي تحدد الوسائط المضللة على أنها محتوى «تم تغييره أو التلاعب به أو فبركته بشكل كبير ومضلل»، و«من المرجح أن يؤدي إلى ارتباك واسع النطاق بشأن القضايا العامة».

انتقادات من متابعين

في الماضي، قال ماسك إن ميزة «ملاحظات المجتمع» الخاصة بشركة «إكس» يجب استخدامها لتنبيه الجمهور إلى المعلومات المضللة المحتملة.

وناقش مستخدمو «ملاحظات المجتمع»، وهي مجموعة مختارة تقترح وتصوت على مثل هذه الإشعارات، الجمعة، ما إذا كان ينبغي إضافة تنبيه إلى منشور ماسك، واقترح أحد مستخدمي «ملاحظات المجتمع» أن «هذا مقطع فيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لهاريس باستخدام صوت مقاطع لم يتم ذكرها فعلياً من قبل نائبة الرئيس، وأن مقاطع الفيديو مثل هذه تشكل خطورة على أولئك الذين لا يستطيعون فك شفرة المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي من الواقع».

تم اقتراح ما لا يقل عن 7 ملاحظات، ولكن لم تتم إضافة أي منها بحلول مساء السبت، إلى منشور ماسك أو المنشور الأصلي، ولم تتم إزالة أي من المنشورين من الموقع. وعلى الرغم من وجود كثير من المنشورات على «إكس» من قبل أطراف ثالثة تشكك في تضخيمه لفيديو مزيف، فإن ماسك، الذي يرد بشكل متكرر مباشرة على المنتقدين على الموقع، لم يرد على هذا الفيديو.

الأكثر تأثيراً على المنصة

مع 191 مليون متابع، يعدّ ماسك الصوت الأكثر تأثيراً على المنصة، ويمكن القول، على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وهو قادر على جعل أي محتوى تقريباً ينتشر بسرعة بمجرد إعادة نشره، وفقاً لـ«نيويورك تايمز».

وقبل أسبوعين، أيد ماسك ترمب في منشور على «إكس»، بعد وقت قصير من إطلاق النار على المرشح الجمهوري المفترض في أذنه في محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي ببنسلفانيا. وتمت مشاهدة هذا المنشور 218 مليون مرة.

وفي منشور ظهر يوم السبت، استخدم ماسك حسابه لتعزيز منشور لمستخدم مجهول قال: «اليقظة تهديد للحضارة». في غضون 6 دقائق، تمت مشاهدته بالفعل 481 ألف مرة.