ترجيحات أميركية بالتركيز على توسيع عضوية «بريكس»

لصعوبة المواجهة مع هيمنة الدولار على التعاملات الدولية

رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (يسار) ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا (الثاني يساراً) ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (وسط) ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو (الثاني يميناً) ورئيسة «بنك التنمية الجديدة» رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف (يمين) يحضرون بداية القمة الخامسة عشرة لدول «بريكس» في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا في 22 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (يسار) ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا (الثاني يساراً) ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (وسط) ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو (الثاني يميناً) ورئيسة «بنك التنمية الجديدة» رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف (يمين) يحضرون بداية القمة الخامسة عشرة لدول «بريكس» في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا في 22 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
TT

ترجيحات أميركية بالتركيز على توسيع عضوية «بريكس»

رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (يسار) ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا (الثاني يساراً) ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (وسط) ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو (الثاني يميناً) ورئيسة «بنك التنمية الجديدة» رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف (يمين) يحضرون بداية القمة الخامسة عشرة لدول «بريكس» في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا في 22 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)
رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (يسار) ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا (الثاني يساراً) ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (وسط) ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو (الثاني يميناً) ورئيسة «بنك التنمية الجديدة» رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف (يمين) يحضرون بداية القمة الخامسة عشرة لدول «بريكس» في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا في 22 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)

مع انعقاد قمة دول «بريكس» للاقتصادات الناشئة في منطقة ساندتون المالية بجوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، تجددت التكهنات حول قدرة التكتل الذي يضم نحو 40 في المائة من سكان العالم، ويحظى بأكثر من 30 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، على تحدي الاقتصادات الغربية الكبرى، وأكبرها الولايات المتحدة، ولا سيما مواجهة الهيمنة المتواصلة منذ عقود للدولار الأميركي على التعاملات الدولية.

ويعتقد على نطاق واسع في الولايات المتحدة أن الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام بمشاركة شخصية من الرؤساء الصيني شي جينبينغ، والبرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ولكن افتراضياً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأرجح بسبب مذكرة التوقيف التي أصدرتها ضده محكمة الجنايات الدولية قبل أشهر على خلفية الحرب في أوكرانيا؛ سيركز على درس النظر في ضم دول أخرى إلى التكتل، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران، علماً أن أكثر من 20 دولة طلبت الانضمام. ويتوقع أن يحضر القمة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وكذلك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وعلى الرغم من الأحاديث المتزايدة عن سعي المجموعة، التي تشكلت عام 2009 من البرازيل وروسيا والهند والصين، قبل إضافة جنوب أفريقيا إليها عام 2010، إلى مناقشة إنشاء عملة جديدة تنافس الدولار الأميركي؛ فإن إحراز تقدم في هذا المجال يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، بسبب إدراك الدول الأعضاء أن الدولار الأميركي يمثل حالياً نحو 90 في المائة من إجمالي تداول العملات ونحو 100 في المائة من تداول النفط. وهناك خشية من أنه إذا أنشأت دول «بريكس» عملة احتياطية جديدة، فمن المحتمل أن يؤثر ذلك بشكل كبير على الدولار، مما سيؤدي إلى انخفاض الطلب عليه، وبالتالي ستكون لهذه الخطوة تداعيات على الاقتصاد الأميركي والعالمي.

وعلى غرار ما يتردد حالياً، شهدت القمة التي عُقدت في أبريل (نيسان) الماضي مطالبة الرئيس البرازيلي بمعرفة سبب استمرار العالم في بناء كل تجارته تقريباً على الدولار. وسأل وسط تصفيق مدوٍّ: «لماذا لا يمكننا التداول على أساس عملاتنا؟ من الذي قرر أن يكون الدولار هو العملة بعد اختفاء معيار الذهب؟».

وردد خطاب لولا صدى جانب واحد من الجدل الذي احتدم في السنوات الأخيرة حول مستقبل الدولار الأميركي باعتباره العملة العالمية المهيمنة. ويعتقد البعض أن الدولار في حال تراجع لأنه على مدار الأعوام الـ600 الماضية، ارتفعت العملات الاحتياطية وانخفضت جنباً إلى جنب مع اقتصاداتهم المحلية. وهم يزعمون أنه مع تقلص حصة الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي، فإن دور الدولار سوف يتضاءل أيضاً، لكن الحقيقة هي أنه لم تكن هناك عملات احتياطية عالمية مهيمنة قبل الدولار، الذي لا يزال العملة الوحيدة التي لعبت مثل هذا الدور المحوري في التجارة الدولية.

وفي القمة التي عُقدت في منتصف عام 2022، قال الرئيس الروسي إن دول «بريكس» تخطط لإصدار «عملة احتياطي عالمية جديدة»، ومستعدة للعمل بشكل مفتوح مع جميع الشركاء المنصفين.

وينطلق سيلفا وبوتين في ذلك من أن هناك جانباً سلبياً للدولار المهيمن. وفي حال النجاح المفترض في إنشاء عملة جديدة بديلة، يجب على الولايات المتحدة السماح لرأس المال بالتدفق بحرية عبر حدودها وامتصاص المدخرات واختلالات الطلب في البلدان الأخرى؛ أي إنه يجب عليها معالجة العجز لتعويض فوائض الآخرين والسماح لهم بذلك، فضلاً عن تحويل فائض إنتاجهم ومدخراتهم إلى أصول جديدة عن طريق شراء العقارات أو المصانع أو الأسهم أو السندات. وسيؤدي هذا إلى انخفاض الطلب العالمي، مما يجبر الولايات المتحدة على التعويض. ويمكن للولايات المتحدة والعالم بأسره الإفادة من دولار أميركي أقل هيمنة، ولكن على عكس توقعات لولا، فإن تبني عملة احتياطي عالمية بديلة لن يفيد بالضرورة البلدان ذات الفائض مثل البرازيل نفسها. بدلاً من ذلك، ستجبر هذه الدول على مواجهة أسباب فوائضها ومعالجتها من خلال تقليص الإنتاج وإعادة توزيع الدخل.

لهذه الأسباب، يجب على المستثمرين أن يراقبوا عن كثب التقدم في عملة «بريكس» المحتملة. وإذا قامت الكتلة في نهاية المطاف بإنشاء واحدة، فسيكون من المهم مراقبة تأثير العملة على اقتصادات الدول الأعضاء والسوق العالمية الأوسع.

وخلال السنوات الأخيرة، خفت سيطرة الدولار على التجارة العالمية إلى حد ما؛ إذ تحولت البنوك والشركات والمستثمرون إلى اليورو واليوان الصيني، لكن بعد مضي 24 عاماً على طرح اليورو، لا تزال العملة الثانية في العالم لا تنافس الدولار في الجاذبية الدولية. وقال الخبير الاقتصادي بجامعة هارفرد، جيفري فرانكل، إن «الدولار يستخدم في ثلاثة أضعاف عدد معاملات الصرف الأجنبي مثل اليورو».

واليوان مقيد برفض بكين السماح بتداول العملة بحرية في الأسواق العالمية.

وقال الزميل الأول في كلية فليتشر للشؤون العالمية بجامعة تافتس ميهايلا بابا: «لم ينجح أي من بدائل الدولار في الوصول إلى مستوى الهيمنة»، مضيفاً: «لذا؛ فإن فكرة أنه سيكون لديك الآن، بين عشية وضحاها، عملة (بريكس) جديدة من شأنها (أن تسبب) اضطراباً كبيراً - يستغرق الأمر وقتاً، ويستغرق الثقة... أرى أن هذا المسار طويل جداً».


مقالات ذات صلة

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

الولايات المتحدة​ مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ اليوم (أ.ف.ب)

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

مع ازدياد التحديات العالمية وتعقيداتها، من التغير المناخي إلى الأزمات الجيوسياسية، تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة واقع جديد يتسم بتعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ممثل السياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل ومفوض شؤون التوسعة أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل (من حساب الأخير في «إكس»)

الاتحاد الأوروبي قلق لتراجع تركيا ديمقراطياً

عبّر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري كيف يؤثر الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على نزاع «سد النهضة»؟

رغم أن «بريكس» هو تجمع لتكامل قدرات وإمكانات الدول المنخرطة فيه، لكن ذلك لم يمنع ظهور إشارات على عمق الخلاف المصري - الإثيوبي خلال القمة التي استضافتها روسيا.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
TT

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

وكشفت الصحيفة أن الاتفاق المطروح يتضمن الدعوة لهدنة 60 يوماً، تنسحب خلالها إسرائيل من جنوب لبنان وينسحب مقاتلو «حزب الله» لشمال الليطاني.

كما أشارت إلى أن «اتفاق وقف إطلاق النار يشمل انتشار الجيش اللبناني وبعثة حفظ السلام في المنطقة الحدودية خلال هدنة الـ60 يوماً».

وقال المسؤولون للصحيفة إن الاتفاق يشمل آلية جديدة برئاسة أميركا، لضمان بقاء قوات «حزب الله» وإسرائيل خارج المنطقة الحدودية.

ويأمل المفاوضون في أن تصمد الهدنة 60 يوماً لتتحول إلى دائمة خلال عهد إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.