بايدن يستقبل ميلوني في البيت الأبيض

هل تنسحب روما من صفقة الحزام والطريق الصينية لاسترضاء واشنطن؟

رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني والرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة الناتو في ليتوانيا في 12 يوليو الحالي (رويترز)
رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني والرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة الناتو في ليتوانيا في 12 يوليو الحالي (رويترز)
TT

بايدن يستقبل ميلوني في البيت الأبيض

رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني والرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة الناتو في ليتوانيا في 12 يوليو الحالي (رويترز)
رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني والرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة الناتو في ليتوانيا في 12 يوليو الحالي (رويترز)

يستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليبحث معها في أوضاع أوكرانيا والتطورات في شمال أفريقيا، خاصة الوضع في ليبيا وتونس وقضايا الهجرة واللجوء، وما يتعلق بالسياسات تجاه الصين.

وتتوافق المواقف الإيطالية والأميركية في ثلاث قضايا من مجموعة القضايا المطروحة للنقاش. فرئيسة الوزراء الإيطالية من أشد المؤيدين لتدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوكرانيا. وتصف ميلوني (46 عاماً) نفسها بأنها صديقة لا تتزعزع لأوكرانيا وعدوة للعدوان الروسي، ووقفت بقوة مع واشنطن والغرب لفرض عقوبات ضد روسيا، ودعمت تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا كما تقدم روما تدريبات للجيش الأوكراني. وتدافع ميلوني وتناصر الهيمنة الأميركية ونفوذ الولايات المتحدة في أوروبا ودعمت مهام حفظ السلام في حلف «الناتو»، التي تدفع بها الولايات المتحدة، وبالتالي لن تكون في اجتماعات مجموعة السبع العام المقبل اعتراضات من أي دولة حول سياسات الولايات المتحدة. وتوجد في إيطاليا سبع قواعد عسكرية أميركية فيها قوات من الجيش الأميركية والبحرية والقوات الجوية. وتعد هذه القواعد نقطة انطلاق للقوات الأميركية لأي عمليات في منطقة البحر المتوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.

رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني تفتتح مؤتمراً أممياً حول الغذاء في روما الاثنين (إ.ب.أ)

إيطاليا والصين وربما سيكون ملف العلاقات الإيطالية مع الصين هو ما سيجذب الاهتمام مع تسريبات حول انسحاب محتمل لإيطاليا من مبادرة الحزام والطريق ليس لأسباب اقتصادية، ولكن لأسباب سياسية وعسكرية ومحاولة استرضاء إيطالية لإدارة بايدن تحصل، بمقتضاها روما على مزايا سياسية واقتصادية وعسكرية أخرى. وافقت إيطاليا على الانضمام إلى المشروع الصيني وبرنامج البنية التحتية «الحزام والطريق»، حيث وقَّعت الحكومة الإيطالية السابقة عام 2019 صفقة لتعزيز الروابط التجارية والاستثمار بين روما وبكين. ووقَّع رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك جوزيبي كونتي مذكرة تعاون مع الصين، لتصبح إيطاليا أول دولة في مجموعة السبع توقع على مبادرة الحزام والطريق الصينية. وقد أزعج هذا الاتفاق كلاً من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة. وأشارت ميلوني إلى أن حكومتها على استعداد للانسحاب من الاتفاق، وهي خطوة يمكن اعتبارها هدية لواشنطن. كما ستكون خطوة لها دلالات حينما تتولى إيطاليا الرئاسة الدورية لمجموعة السبع العام المقبل. ويتعين على إيطاليا أن تقرر بحلول مارس (آذار) 2024 ما إذا كانت ستوافق على تمديد صفقة «الحزام والطريق» مع الصين لمدة خمس سنوات قادمة أو الانسحاب من الصفقة. وأبدت الصين قلقها من هذه التوجهات الإيطالية، وأشارت إلى أن ميلوني تحاول استغلال زيارتها للبيت الأبيض لتعزيز العلاقات الأميركية - الإيطالية على حساب مبادرة «الحزام والطريق»، وهو مشروع الحزب الشيوعي الصيني المصمم لضمان توثيق العلاقات الصينية مع الدول من خلال ربطها بشبكة من الاعتماد على المنتجات والتجارة الصينية.

رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني تتقدم المشاركين في المؤتمر الدولي حول الهجرة في روما الأحد الماضي (أ.ب)

طموحات اقتصادية

يقول المحللون إن حكومة ميلوني ستحاول الفوز ببعض الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية من إدارة بايدن، حيث يعاني الاقتصاد الإيطالي من ركود نسبي مع ارتفاع لمعدلات التضخم، وتعد نسبة الدين الحكومي في إيطاليا من أعلى المعدلات بين جميع دول الاتحاد الأوربي ليتجاوز 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وجزء من هذا الدين مستحق لصندوق النقد الدولي. وتحاول ميلوني استثمار هذا التقارب مع الولايات المتحدة وإظهار التوافق مع السياسات العسكرية للولايات المتحدة لتحقيق مصالح اقتصادية لإيطاليا. وتلوح ميلوني بأنه إذا انسحبت إيطاليا من مبادرة «الحزام والطريق»، فيجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لتزويد إيطاليا بحوافز اقتصادية جديدة. وبعيداً عن الجغرافيا السياسية، ستكون القضايا الاقتصادية على جدول أعمال اجتماع بايدن وميلوني بقوة.

سياسات الهجرة

وتنتهج ميلوني سياسات قوية في مكافحة الهجرة واستطاعت ميلوني حشد الدعم الأوربي لإجراء إصلاحات شاملة لسياسات اللجوء في الاتحاد الأوربي.

وترتكز خطة الإصلاح على ترحيل بشكل سريع لطالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم ورفع غرامات الاتحاد الأوروبي على الدول التي ترفض استقبال المهاجرين من دول الاستقبال مثل إيطاليا واليونان.

وتولت ميلوني زمام المبادرة في إبرام اتفاق أوروبي كبير مع كل من تونس وليبيا للحد من الهجرة عبر البحر المتوسط. ووافق الاتحاد الأوربي على استثمار ملايين الدولارات لمساعدة دول شمال أفريقيا على تنفيذ تشديد خطط مكافحة الاتجار بالبشر وإحكام السيطرة على الحدود وقامت روما بتزويد تونس بالقوارب الحديثة لمراقبة الحدود.


مقالات ذات صلة

إسرائيل لاستغلال «فرصة تحصل مرة كل 100 سنة» في سوريا

تحليل إخباري صبي يرفع إشارة النصر بجوار نقطة تفتيش في الطريق إلى درعا جنوب سوريا في 17 ديسمبر ضمن مخاوف من التوغلات العسكرية الإسرائيلية في منطقة كبيرة يحرسها في الغالب فصائل مدنية (إ.ب.أ)

إسرائيل لاستغلال «فرصة تحصل مرة كل 100 سنة» في سوريا

لا يبدو ادعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الاحتلال الجديد للأراضي السورية «إجراء مؤقت» لغرض حماية أمن الدولة العبرية من هجمات المتطرفين، صادقاً.

نظير مجلي (تل ابيب)
أوروبا ألمانيا قد تزيد عدد قواتها المسلحة إلى 230 ألف جندي لتعزيز قدراتها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (رويترز)

ألمانيا قد تزيد قواتها إلى 230 ألف جندي ضمن مسعى لـ«الأطلسي»

ألمانيا قد تزيد عدد قواتها المسلحة إلى 230 ألف جندي ضمن مسعى حلف شمال الأطلسي لتعزيز قدراته بعد الغزو الروسي أوكرانيا في عام 2022.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا فرقة ألمانية في قوات «الناتو» تنقل جنوداً أميركيين في مركبات عسكرية مائية في نهر فستولا ببولندا خلال مناورات حربية (أرشيفية - رويترز)

«الناتو» يتولى تنسيق المساعدات العسكرية لكييف بدلا من أميركا

قال مصدر اليوم الثلاثاء إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) تولى مهمة تنسيق المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا بدلا من الولايات المتحدة مثلما كان مقررا في خطوة…

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ ازدياد القلق من أيّ دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي قد تقدّمه روسيا لبرنامج التسلّح غير القانوني لكوريا الشمالية (إ.ب.أ)

أميركا ودول أوروبية تندد بتوطيد العلاقات العسكرية بين موسكو وبيونغ يانغ

حذّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها من أن الدعم «المباشر» الذي تقدّمه كوريا الشمالية لروسيا في أوكرانيا يشكّل «توسّعاً خطراً» للنزاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

أطلق رئيس الوزراء اليوناني، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل غياب حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

لغز المسيّرات الغامضة يربك أميركا

صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)
صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)
TT

لغز المسيّرات الغامضة يربك أميركا

صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)
صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)

مسيّرات غامضة تحلّق في سماء الولايات المتحدة، وتفجّر نظريات وتكهنات حول طبيعتها ومصدرها وهدفها ومدى خطورتها، بدءاً من وجود «سفينة إيرانية» قبالة السواحل الأميركية تطلقها باتجاه الأراضي الأميركي، مروراً باتهامات للحكومة الأميركية بتسييرها لأغراض غامضة، ووصولاً إلى ادعاءات بضلوع كائنات مجهولة في هذه الظاهرة.

كلها نظريات تم دحضها من قِبل الإدارة الأميركية، التي سعت جاهدة لاحتواء ما وصفته بـ«الهستيريا» المحيطة بالمسيّرات والتي وصلت مشاهداتها إلى قرابة الـ5000 بحسب حالات الإبلاغ عنها. لكن الكثيرين يقولون إن سبب انتشار هذه النظريات هو رد الإدارة المرتبك نفسه، والذي لم يقدم أجوبة كافية حول ظهور هذه المسيّرات وطبيعتها؛ ما فتح المجال أمام وابل من النظريات التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح من الصعب اليوم احتواؤها.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، ظاهرة المسيّرات والنظريات المحيطة بها، بالإضافة إلى تلكؤ الإدارة الأميركية بالرد عليها، وما إذا كان انتشارها يشكّل ثغرة في أمن الولايات المتحدة قد يستغلها خصومها.

مسيّرات غامضة ورد مرتبك

تواجه إدارة بايدن انتقادات حادة حيال ردّها على قضية المسيّرات (رويترز)

بدأ الأميركيون يلاحظون هذه المسيّرات في منتصف الشهر الماضي، عندما شهد سكان نيوجرسي تحليق بعضها في سماء الولاية، ليصبح الأمر بمثابة مشاهدات يومية. المشاهدات لم تقتصر على ولاية نيوجرسي، بل تعدتها لتصل إلى ولايات أخرى كـنيويورك وماريلاند وفيرجينيا وغيرها.

يستبعد دايف دي روش، المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية والخبير في مركز الشرق الأدنى للدراسات الأمنية، نظرية ضلوع دول أجنبية في هذه الظاهرة، كما أشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك مكول الذي اتهم الصين بالوقوف وراءها. لكن دي روش قال في الوقت نفسه، إن الدول الأجنبية تراقب الولايات المتحدة حالياً وقضية التعامل مع المسيّرات لتقييم قدراتها، مضيفاً أن «لوم البعض دولاً أجنبية يعود إلى المنطاد الصيني الذي حلّق في الأجواء الأميركية، فهم يسعون لتأكيد فكرة أن إدارة بايدن فشلت في حماية الولايات المتحدة».

وتتحدث أليكس غانجيتانو، مراسلة صحيفة «ذي هيل» في البيت الأبيض، عن رد إدارة بايدن، مشيرة إلى تأكيدها المستمر على أن ما يجري لا يهدّد أمن الولايات المتحدة القومي رغم تحذير عدد من أعضاء الكونغرس من خطورة هذه الظاهرة، خصوصاً في ظل تحليق المسيّرات فوق قواعد عسكرية أميركية.

وتتحدث غانجيتانو عن تصريحات الرئيس المنتخب دونالد ترمب الذي اتهم الحكومة الأميركية بمعرفة ما يجري وإخفائه عن الأميركيين، مضيفة: «لقد حرَّك الأمور أكثر عندما أعلن أنه لن يذهب إلى منزله في بدمنستر في نيوجرسي»، بعد الإفادة عن تحليق مسيّرات فوق ملعب الغولف الخاص به هناك.

اتهم ترمب إدارة بايدن بإخفاء معلومات عن الأميركيين (رويترز)

من ناحيته، يوجّه مؤسس موقع «public news» مايكل شلنبرغر انتقادات لاذعة لإدارة بايدن، ويتهمها بالكذب على الأميركيين، مذكراً بنفيها لتحليق هذه المسيّرات فوق قواعد عسكرية أميركية في بداية الأمر لتعود وتغيّر روايتها. ويتساءل: «لماذا يستمرون بالكذب حيال هذا الأمر؟ لأنهم لا يريدون التحدث عن حقيقة أن الجيش الأميركي لا يتحكّم بالمجال الجوي الأميركي، ولا يملك السيطرة على المجال الجوي فوق القواعد العسكرية أو فوق المناطق السكنية».

ويعرب شلنبرغر عن استغرابه من تأكيد الإدارة أنها نظرت في نحو 6000 تقرير عن مشاهدات لمسيّرات في ولايات مختلفة، من دون أن تجد فيها شائبة. مضيفاً: «لا يمكن أن يكونوا قد قاموا بذلك في يومين أو ثلاثة أيام. هذه حالة غريبة، لم أرَ الحكومة من قبل تنخرط في مثل هذا الكذب الواضح. ولا شك بأن الحقيقة ستنكشف، ولا شك أنهم قلقون من أن الناس سيطرحون أسئلة صعبة جداً عن سبب استمرار تسلل طائرات مسيّرة فوق مواقع حساسة وعسكرية».

ثغرات أمنية خطيرة

مسيّرات فوق مدينة بيرنارسفيل في نيوجرسي في 5 ديسمبر 2024 (أ.ب)

يسلّط دي روش الضوء على ثغرة أمنية خطيرة في سماء الولايات المتحدة، فيشير إلى أن الجيش الأميركي في هذه القواعد العسكرية لا يتمتع بصلاحية إسقاط المسيّرات التي تحلّق فوقه إلا في حالات استثنائية ونادرة. ويقول: «نواجه مشكلة بيروقراطية هنا (...) لكن برأيي أن البيروقراطية الموجودة لدينا، والقوانين، وجزءاً كبيراً من التقنيات التي نستخدمها، لم تواكب التطوّرات الهائلة التي حققتها الطائرات المسيّرة». ويشير دي روش كذلك إلى نقص في الأسلحة المطلوبة للتصدي لهذه المسيّرات داخل الولايات المتحدة. ويفسر: «الأمر ليس كما يعتقد الناس، فليس لدينا الكثير من الصواريخ أرض – جو الجاهزة للاستخدام؛ لأن نظامنا يتحكّم بالحركة الجوية من خلال تدابير في زمن السلم. وفقط عندما يتم تحديد تهديد واضح، يتحوّل الأمر اعتداءً عسكرياً ويتم التصرف على أساسه».

ويضيف: «سيُصاب معظم الأميركيين بالصدمة عندما يعلمون مدى ضعف الدفاعات الجوية الثابتة التي نملكها في الولايات المتحدة، فهم يفترضون بأننا نملكها، لكن ما عدا في حالات محدودة وقليلة جداً، نحن لا نملك تلك الدفاعات».

وفي ظل هذا الغموض، دعا البعض كالنائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين الأميركيين إلى إسقاط هذه المسيّرات بأنفسهم، وتقول غانجيتانو إن رغبة الأميركيين بالحصول على رد واضح من الإدارة دفعهم إلى تولي زمام الأمور بأنفسهم، مشيرة إلى أن غياب أجوبة واضحة من قِبل الإدارة يدفع بشعور من عدم الأمان من قِبل المواطنين عندما يرون هذه الأجسام تحلّق فوق منازلهم. وتضيف: «دعوة الأميركيين إلى إطلاق النار على هذه الأجسام هو أمر خطير، خصوصاً إذا ما تم إطلاق النار مثلاً على جسم ظنوا بأنه طائرة مسيّرة ليتضح بأنه أمر آخر. الأمر يتعدى إسقاط الطائرات المسيّرة للتخلّص منها... فالناس تريد إسقاطها لأنهم فضوليون بالفعل ويريدون معرفة ما هي، هل هي من خارج عالمنا أو من عدو غريب؟».

مسيّرات أم أجسام غريبة؟

صورة لما يبدو أنه مسيّرات فوق نيوجرسي في 4 ديسمبر 2024 (أ.ب)

يسلط شلنبرغر الضوء على التناقض في تصريحات الحكومة، بين تطمينها المواطنين بغياب أي تهديد، وحديثها في الوقت نفسه عن محاولة اكتشاف ما يجري. ويتساءل: «كيف يمكن الجزم بعدم وجود تهديد إذا كنت لا تعلم ما الذي تواجهه؟».

ويتحدث شلنبرغر عن مخاطر إسقاط هذه «الأجسام» في مناطق سكنية، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أنها تحلّق فوق مناطق غير سكنية كقواعد عسكرية في الصحراء. ويقول: «هناك احتمال بأنهم لا يستطيعون إسقاطها أو غير قادرين على ذلك. الأمر غامض جداً، ومن المهم ألا ننسى أن الأمور التي يراها الناس لا تتصرّف دائماً وكأنها طائرات مسيّرة. فهناك الكثير من الظواهر الغريبة، منها ما يبدو وكأنها طائرات مسيّرة مزودة بمراوح، وكأنها طائرات نفاثة صغيرة قريبة جداً من الأرض، في حالات أخرى، تشبه أكثر الأجسام الطائرة المجهولة مثل الكرات الطائرة. ويجب وضع ذلك في سياق حقيقة أننا شهدنا هذه الأنواع من المشاهدات والتقارير فوق القواعد العسكرية الأميركية لعقود وليس فقط لسنوات». يقصد شلنبرغر هنا التقارير عن الأجسام الطائرة المجهولة التي ناقشها الكونغرس في جلسات استماع متعددة، آخرها كانت جلسة استماع أدلى بإفادته فيها أمام الكونغرس. وقال: «أعتقد أن الحديث يجب أن يركز على وجود نقص كبير في الشفافية. فحين أدليت بشهادتي أمام الكونغرس الشهر الماضي، عرضت وثائق عدّة تم إخفاء معظم المعلومات عنها، أو خضعت للرقابة».

وفي ظل وجود هذه النظريات، يعرب دي روش عن قلقه العميق من استغلال عناصر غير حكومية لهذه الثغرات الأمنية في الأجواء الأميركية. وقال: «عندما نتساءل ما يمكن لطائرة مسيّرة عدائية أن تقوم به؟ أولاً: يمكن أن تنفذ هجوماً، أو أن تبحث عن مواقع ضعف ويمكن أن تكون تجمع المعلومات الاستخباراتية أو حتى يمكن أن تجمع الصور». ويضيف: «أعتقد أن القلق الأكبر هو ليس التجسس، بل سيناريو الهجوم، خصوصاً في ظل وجود مجموعات إرهابية ومنظمات إجرامية. ومن الواضح أننا لا نملك القدرة لمواجهتها هنا؛ لأن نظامنا مُصمَّم ليس لحماية مرافق حساسة ضد الهجمات الجوية خلال فترات السلام، بل لتسهيل التجارة الجوية المدنية».