واشنطن: الحرب ضد «داعش» لم تنتهِ

مسؤول رفيع لـ«الشرق الأوسط»: اجتماع الرياض فرصة لإعادة تنشيط التحالف الدولي

صورة وزعها الجيش الأميركي لدورية قام بها التحالف في أجواء شمال شرقي سوريا في سبتمبر 2019 (غيتي)
صورة وزعها الجيش الأميركي لدورية قام بها التحالف في أجواء شمال شرقي سوريا في سبتمبر 2019 (غيتي)
TT

واشنطن: الحرب ضد «داعش» لم تنتهِ

صورة وزعها الجيش الأميركي لدورية قام بها التحالف في أجواء شمال شرقي سوريا في سبتمبر 2019 (غيتي)
صورة وزعها الجيش الأميركي لدورية قام بها التحالف في أجواء شمال شرقي سوريا في سبتمبر 2019 (غيتي)

قبل أيام من استضافة الرياض اجتماعاً وزارياً للتحالف الدولي لمكافحة «داعش»، في 8 يونيو (حزيران)، نفى مسؤول أميركي رفيع أن تكون الحرب ضد التنظيم قد انتهت، على الرغم من أنه أصبح «أكثر ضعفاً وتشتتاً» مما كان عليه قبل 5 أو 10 سنوات.

وقال إيان مكاري، نائب المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة «داعش»، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن التحالف الذي يضمّ 85 دولة يعمل مع الدول لتعزيز قدراتها على مكافحة «داعش» وتمكينها من دحض عودته.

إيان مكاري (وزارة الخارجية الأميركية)

تركيز خاص على أفريقيا

منذ عام 2021، يركّز التحالف الدولي على مكافحة «داعش» والتنظيمات التابعة له في أفريقيا بشكل خاص. توجّهٌ أكّده مكاري، الذي لفت إلى ظهور بعض الجماعات التابعة للتنظيم في مناطق مختلفة بالقارة الأفريقية، لا سيما في غرب أفريقيا والساحل. «لقد ظهرت في شمال نيجيريا وأجزاء من النيجر وبوركينا فاسو ومالي وأجزاء أخرى من الساحل».

وفيما أقرّ المسؤول الأميركي بأن «داعش» ليس الجماعة الإرهابية الوحيدة الموجودة في المنطقة، إلا أنه برر التركيز على مكافحة هذا التنظيم بالذات بحجم التهديدات التي يطرحها.

وأوضح مكاري أن التحالف الدولي يعمل على مكافحة الإرهاب في أفريقيا عبر بناء شراكات مع الحكومات، وتزويدها بالموارد والأدوات اللازمة لمكافحة اندماج جماعات منتسبة لـ«داعش» في المنطقة.

وقال: «من الواضح أنه كلما كانت (الحكومات) مجهزة بشكل أفضل للقتال (ضد داعش)، زاد امتلاكهم لأدوات وموارد مكافحة الإرهاب التي يحتاجون إليها لمحاربة المنتسبين لـ(داعش) هناك».

وكشف مكاري عن عمل التحالف على توسيع التعاون مع الدول التي لديها موارد وخبرات في مكافحة الإرهاب، ومشاركتها مع الحكومات الأفريقية، مع التركيز على تشجيع مزيد من التعاون والتفاعل بين دول المنطقة، ومساعدتها في تطوير بنيتها التحتية. وتوقّف المسؤول الأميركي عند أهمية تطوير القدرات البيومترية للعثور على الشبكات وتفكيكها.

تعزيز روح التعاون

جانب من اجتماع مجموعة التركيز الخاصة بأفريقيا في النيجر في مارس (موقع التحالف)

وتشهد أفريقيا تنافساً حاداً بين القوى الدولية، بما يشمل مجال مكافحة الإرهاب. وفي ردّه عما إذا واجه التحالف الذي تقوده واشنطن مقاومة أو انتقادات من الحكومات الأفريقية، شدد مكاري على التزام التحالف بروح التعاون.

وقال: «عقدنا اجتماعاً ناجحاً جداً استضافته حكومة النيجر في بداية شهر مارس (آذار)، شارك فيه نحو 34 دولة ومنظمة دولية، بينها عدد من الدول الشريكة من أميركا الشمالية وأوروبا، والخليج، فضلاً عن عدد كبير من ممثلي الدول الأفريقية».

وعلى مدى يومين، طوّر المجتمعون تصوّراً مشتركاً لطبيعة التهديد، كما اتفقوا بالإجماع على خطة عمل توفر إطاراً للتعاون. وتوقّع مكاري البناء على هذه الاتفاقات في الرياض الشهر المقبل.

ويندرج اللقاء المنعقد بالنيجر في إطار عمل «مجموعة التركيز الخاصة بأفريقيا»، التي تأسست في 2021؛ وهي مجموعة فرعية داخل التحالف الدولي لمكافحة «داعش».

قلق مزدوج في سوريا

اعتبر مكاري أن مهمة التحالف الدولي في سوريا «محدودة النطاق»، وأن لديها هدفاً «محدداً بدقة»؛ وهو العمل مع الشركاء المحليين على الأرض لمساعدتهم في الحفاظ على الأمن، وإعادة بناء وتأهيل المجتمعات التي دمرت خلال سنوات سيطرة «داعش».

وأكد مكاري أن أحد المحاور الرئيسية للاجتماع الوزاري المرتقب في الرياض، تعزيز الجهد الدولي المستمر لتنفيذ مشروعات الاستقرار الهادفة إلى إعادة تأهيل هذه المجتمعات، ومساعدة الأشخاص العالقين في مخيمات النازحين بشمال شرقي سوريا، وعودتهم إلى مجتمعاتهم وإعادة دمجهم.

واعتبر المسؤول الأميركي أن مخيمات النازحين في شمال شرقي سوريا تطرح تحدياً إنسانياً وأمنياً مزدوجاً. وقال: «سافرت بنفسي إلى شمال شرقي سوريا مع عدد قليل من زملائي في نهاية العام الماضي. ورأيت بنفسي الوضع في مخيم الهول للنازحين، على سبيل المثال». وأضاف: «هذا أمر يثير قلقنا الشديد. هناك قلق أمني بالنسبة لنا، وقلق إنساني كبير كذلك»، مشيراً إلى أن كثيراً من مقيمي هذه المخيمات، ومعظمهم من الأطفال، لا يتلقون الخدمات الكافية وهم عرضة لخطر التطرف.

ولفت المسؤول إلى أن التحالف يسعى لجمع 600 مليون دولار، وهو هدف حددته مجموعة عمل ببرلين في أبريل (نيسان)، لإنفاقها على برامج تحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا والعراق. وتوقع أن يعلن عدد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، عن تعهدات في اجتماع الرياض الشهر المقبل.

نجاح عراقي كبير

أعرب مكاري عن تفاؤل كبير حيال قدرة القوات العراقية على مكافحة أي جيوب متبقية لتنظيم «داعش» في البلاد.

وقال: «نعمل عن كثب مع حكومة رئيس الوزراء (محمد الشياع) السوداني. لقد طورت قوات الأمن العراقية قدرات استثنائية». وعن استمرار وجود قوات من التحالف في العراق، أوضح مكاري: «تجمعنا شراكة طويلة الأمد مع (القوات العراقية). وما زلنا نمتلك عنصر تدريب عسكرياً يقدم المشورة لقوات الأمن العراقية، لكنها تتصدر تنفيذ جميع مهام مكافحة (داعش) في العراق». وتابع: «أعتقد أنهم حققوا قدراً كبيراً من النجاح».

إلى جانب التدريب، قال مكاري إن التحالف يعمل عن كثب مع الحكومة العراقية لإعادة آلاف العراقيين الذين تقطعت بهم السبل في شمال شرقي سوريا، إذ تتم إعادة توطينهم تدريجياً وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية.

اجتماع الرياض

اعتبر مكاري الاجتماع الوزاري، الذي ستحتضنه الرياض الشهر المقبل، فرصة عظيمة لإعادة تنشيط التحالف الدولي لمكافحة «داعش». وقال: «بفضل كرم وقيادة مضيفنا السعودي، ستكون هذه فرصة عظيمة لإعادة تنشيط التحالف وإضافة مزيد من الزخم إليه». كما عد المسؤول الأميركي الاجتماع مناسبة للتأكيد على أهمية مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي، حتى في الوقت الذي نواجه فيه عدداً من التحديات الأخرى كتغير المناخ والوضع في أوكرانيا والتوترات في آسيا.

ولفت مكاري إلى أن التحالف الدولي هو منظمة واسعة للغاية تشمل 85 عضواً، وتتمتع بقدر هائل من الخبرة والموارد المشتركة. وتوقع أن يجمع لقاء الرياض عشرات وزراء الخارجية، بهدف «مراجعة التقدم المحرز في المجالات المختلفة التي عملنا عليها في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وسوريا، والعراق. كما سنولي قدراً كبيراً من التركيز والانتباه على نشاط (داعش) في آسيا الوسطى وحول أفغانستان».


مقالات ذات صلة

بايدن: لا ملاذ آمناً لتنظيم «داعش» في أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (رويترز) play-circle 02:13

بايدن: لا ملاذ آمناً لتنظيم «داعش» في أميركا

قال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الخميس، إنه «لا ملاذ آمناً لتنظيم داعش في أميركا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من موقع الهجوم الإرهابي بشارع بوربون في نيو أورليانز بلويزيانا بالولايات المتحدة الأميركية أمس (إ.ب.أ)

«التحقيقات الفيدرالي»: منفّذ عملية الدهس في نيو أورليانز تصرّف بمفرده

أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، الخميس، أن منفّذ عملية الدهس في نيو أورليانز، التي أسفرت عن مقتل 15 شخصاً على الأقل، تصرّف بشكل منفرد.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز (الولايات المتحدة))
المشرق العربي أحمد الشرع أثناء استقباله هاكان فيدان في دمشق (رويترز)

تركيا: على الإدارة السورية الإشراف على معسكرات احتجاز عناصر «داعش»

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم الخميس، إن الإدارة السورية الجديدة يجب أن تتولى إدارة المعسكرات والسجون التي يحتجز فيها عناصر تنظيم «داعش» وأسرهم.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ عنصران من شرطة ولاية لويزيانا في شارع بوربون بالحي الفرنسي 2 يناير 2025 بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي (أ.ف.ب)

هل من صلة بين هجوم نيو أورليانز والانفجار أمام فندق «ترمب إنترناشيونال»؟

يبحث المحققون الأميركيون احتمال وجود صلة بين هجوم الدهس المميت الذي وقع في نيو أورليانز، وانفجار شاحنة أمام فندق «ترمب إنترناشيونال» في لاس فيغاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ تقف سيارات الشرطة في منطقة مغلقة بعد أن صدم سائق شاحنة صغيرة حشداً في نيو أورليانز في الحي الفرنسي في وقت مبكر من يوم رأس السنة الجديدة مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً قبل أن تقتله الشرطة بالرصاص (د.ب.أ) play-circle 00:31

تقرير: نيو أورليانز كانت تفتقر إلى الحواجز الأمنية قبل الهجوم المميت

ذكرت تقارير أن مدينة نيو أورليانز كانت تفتقر إلى الحواجز الأمنية التي كان من الممكن أن تمنع السائق من تنفيذ الهجوم المميت صباح يوم رأس السنة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)

تأهب أمني في أميركا بعد هجوم نيو أورليانز

صورة لشمس الدين جبار خلال خدمته العسكرية في «فورت جونسون» (رويترز)
صورة لشمس الدين جبار خلال خدمته العسكرية في «فورت جونسون» (رويترز)
TT

تأهب أمني في أميركا بعد هجوم نيو أورليانز

صورة لشمس الدين جبار خلال خدمته العسكرية في «فورت جونسون» (رويترز)
صورة لشمس الدين جبار خلال خدمته العسكرية في «فورت جونسون» (رويترز)

عززت ولايات أميركية إجراءاتها الأمنية، لا سيّما في محيط «برج ترمب» بنيويورك والفنادق المرتبطة بالرئيس الأميركي المنتخب، غداة هجوم إرهابي في نيو أورليانز أودى بحياة 15 شخصاً، وانفجارٍ بدا متعمّداً لسيارة «تسلا سايبر ترك» خارج «فندق ترمب» بلاس فيغاس قضى فيه سائقها.

وتواصل السلطات التحقيق في رابط محتمل بين الحادثين، رغم استبعاد مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) وجود «صلة حاسمة». واشتعلت النيران في مركبة «تسلا» كانت معبأة بعبوات بنزين وألعاب نارية ضخمة، بعد وقت قصير من اقتحام شاحنة صغيرة لحشود تحتفل بالعام الجديد في الحي الفرنسي بنيو أورلينز. وكشف «إف بي آي»، أمس، أن المشتبه بتنفيذ عملية الدهس الإرهابية، المدعو شمس الدين جبار، أعلن تأييده لتنظيم «داعش» والتحاقه به.

وأوضح المسؤول في مكتب التحقيقات، كريستوفر رايا، أن جبار نشر خمسة مقاطع فيديو على حسابه على «فيسبوك» قبل يوم من الهجوم، أوضح فيها أنه خطط في البداية لإيذاء عائلته وأصدقائه، لكنه كان قلقاً من أن «عناوين وسائل الإعلام لن تركز على الحرب بين المؤمنين والكفار».