مصرع 3 أشخاص وسقوط جرحى جراء العاصفة «كلاوديا» في البرتغال

آثار الدمار الذي خلفته العاصفة «كلاوديا» بمدينة ألبوفيرا السياحية في جنوب البرتغال (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي خلفته العاصفة «كلاوديا» بمدينة ألبوفيرا السياحية في جنوب البرتغال (إ.ب.أ)
TT

مصرع 3 أشخاص وسقوط جرحى جراء العاصفة «كلاوديا» في البرتغال

آثار الدمار الذي خلفته العاصفة «كلاوديا» بمدينة ألبوفيرا السياحية في جنوب البرتغال (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي خلفته العاصفة «كلاوديا» بمدينة ألبوفيرا السياحية في جنوب البرتغال (إ.ب.أ)

أفادت السلطات بمصرع 3 أشخاص على الأقل، يوم السبت، في مدينة ألبوفيرا السياحية في جنوب البرتغال، جراء رياح عاتية ضربت منطقة الغارفي التي وُضعت بحالة تأهب باللون البرتقالي؛ بسبب العاصفة الاستوائية «كلاوديا» التي تضرب البلاد منذ أيام، حسب مصادر رسمية.

وأعرب الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، في بيان مقتضب، عن «تضامنه مع عائلات الضحايا، عقب مرور المنخفض الاستوائي (كلاوديا) الذي ضرب ألبوفيرا صباح السبت»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي وقت سابق، أفادت وكالة الحماية المدنية، على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن الرياح العاتية أدت إلى «إصابة شخصين وفقدان شخص واحد» في موقع تخييم في ألبوفيرا.

الرياح العاتية للعاصفة الاستوائية «كلاوديا» أدت إلى إصابة شخصين وفقدان آخر في موقع تخييم في ألبوفيرا بجنوب البرتغال (إ.ب.أ)

وتوقَّعت وسائل إعلام محلية أن يكون القتيل هو نفسه الذي أُبلغ عن فقدانه في البداية.

وأفادت وكالة الحماية المدنية أيضاً بأن «انهياراً جزئياً لسقف مطعم في منتجع ساحلي قرب ألبوفيرا (...) أدى إلى إصابة 20 شخصاً».

وتشهد البرتغال وأجزاء من إسبانيا المجاورة منذ أيام أحوالاً مناخية قاسية جراء العاصفة التي امتدت إلى مناطق في بريطانيا وآيرلندا.

ووُضعت مناطق عدة في جنوب البرتغال في حالة تأهب باللون البرتقالي، السبت؛ بسبب سوء الأحوال الجوية في البلاد منذ أيام عدة.

وعُثر على زوجين مسنين ميتين، الخميس، في منزلهما قرب لشبونة إثر فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة.

وأفادت وكالة الحماية المدنية البرتغالية، صباح السبت، بأنها سجّلت أكثر من 3300 حادث منذ الأربعاء، معظمها فيضانات وسقوط أشجار في أنحاء البرتغال؛ نتيجة للعاصفة الاستوائية «كلاوديا».

عناصر إنقاذ وإغاثة يعبرون أحد شوارع جنوب ويلز وبحوزتهم قارب بعدما غمرت المياه المنطقة جراء الأمطار الغزيرة التي صاحبت العاصفة «كلاوديا» (رويترز)

وأظهر مقطع مصوَّر نُشر على الإنترنت الإعصار وهو يدمِّر عربات متنقلة في موقع تخييم، بينما أكد قائد الحماية المدنية الإقليمية، فيتور فاز بينتو، مقتل امرأة بريطانية تبلغ من العمر (85 عاماً). وأضاف أن 28 شخصاً أُصيبوا في فندق قريب، من بينهم اثنان في المستشفى بإصابات خطيرة.

وفي بريطانيا، شهدت بلدة مونماوث والمناطق المجاورة في جنوب شرقي ويلز، فيضانات عارمة. وقالت خدمة الإطفاء والإنقاذ في جنوب ويلز إنها تقوم بعمليات إنقاذ وإجلاء، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال متحدث باسم الحكومة في ويلز: «تسببت العاصفة (كلاوديا) في حدوث فيضانات كبيرة في أجزاء من ويلز خلال الليل، التي لا تزال تؤثر على المنازل والشركات والنقل والبنية التحتية للطاقة».

جرى إجلاء عشرات الأشخاص أو إنقاذهم من منازلهم في ويلز، بعد أن فاض نهر وغمر مدينة مونماوث، جراء الأمطار الغزيرة التي صاحبت العاصفة «كلاوديا»، التي اجتاحت أجزاء من المملكة المتحدة وآيرلندا.

عناصر إنقاذ وإغاثة في مدينة مونماوث جنوب ويلز بعدما غمرتها المياه جراء الأمطار الغزيرة التي صاحبت العاصفة «كلاوديا» (خدمات الإنقاذ في ويلز - رويترز)

وأظهرت لقطات جوية الطرق وقد غمرتها المياه الموحلة، بينما بدت السيارات والمتاجر على طول الشارع الرئيسي للمدينة مغمورة بالكامل، بعد أن ارتفع منسوب نهر «مونو» إلى مستوى قياسي وفاض على ضفافه، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس». وسجَّلت منطقة جنوب شرق ويلز هطول نحو 12 سنتيمتراً (4.7 بوصة) من الأمطار خلال الليل، كما شهدت بعض مناطق إنجلترا فيضانات نتيجة العاصفة التي تسببت أيضاً في رياح عاتية أسقطت الأشجار وأدت إلى تعطل خطوط عدة للسكك الحديدية؛ بسبب ارتفاع منسوب المياه أو سقوط الأشجار.

وقال بيتر فوكس، عضو البرلمان الويلزي عن حزب المحافظين: «شخصياً، لم أشهد وضعاً بهذا السوء منذ نحو 40 عاماً، أي منذ إنشاء الدفاعات ضد الفيضانات في مونماوث».

وتقع وسط مدينة مونماوث، القريبة من الحدود مع إنجلترا، في موقع مرتفع قليلاً عن نقطة التقاء نهر «مونو» بنهر «واي»، رابع أطول نهر في المملكة المتحدة.


مقالات ذات صلة

الفلبين توقف البحث عن ضحايا الإعصار مع اقتراب عاصفة أخرى

آسيا أفراد من القوات الجوية الفلبينية يحملون رفات طاقم مروحية بعد تحطمها أثناء قيامها بأعمال إغاثة خلال الإعصار كالمايغي (أ.ب)

الفلبين توقف البحث عن ضحايا الإعصار مع اقتراب عاصفة أخرى

توقفت أعمال الإنقاذ، السبت، في مقاطعة سيبو الفلبينية الأكثر تضرراً من الإعصار «كالمايغي»، الذي ضرب البلاد، وذلك في ظل اقتراب عاصفة كبيرة أخرى.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
يوميات الشرق جذع محطَّم يتحوّل إلى رمز أمل (مجلس مدينة ولفرهامبتون)

شمعة من جذع أرز ميت تُعيد الحياة إلى مدينة إنجليزية

كُشف النقاب عن منحوتة خشبية على هيئة شمعة ولهب تعكس شعار ولفرهامبتون في حديقة كنيسة بالمدينة الإنجليزية، نحتها الفنان المحلّي روبوت كوسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ امرأة تنزل من القطار بينما تتدفق مياه الأمطار على عربة مترو الأنفاق في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة 31 يوليو 2025 (رويترز)

أمطار غزيرة تضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة... وتتسبب في فيضانات مفاجئة

ضربت عواصف مطرية عاتية الساحل الشرقي للولايات المتحدة، يوم الخميس، مما أدى إلى تأخير الرحلات الجوية، وإغلاق طرقات، وتوقف محطات قطار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا عملية سحب القارب السياحي المنقلب في خليج ها لونج (أ.ف.ب)

34 قتيلاً بانقلاب قارب أثناء عاصفة رعدية في فيتنام

ذكرت وسائل إعلام رسمية أن قارباً يقل سياحاً انقلب خلال عاصفة رعدية مفاجئة في فيتنام، بعد ظهر السبت، أثناء رحلة سياحية، مما أسفر عن مقتل 34 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (هانوي)
علوم يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي التنبؤ بالأعاصير والعواصف بسرعة ودقة (رويترز)

الذكاء الاصطناعي «أسرع وأكثر دقة» في التحذير من الأعاصير والعواصف

قال باحثون في الولايات المتحدة وهولندا، إنه يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للحصول على تنبؤات أسرع وتحذيرات أكثر دقة من الأعاصير والعواصف القوية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

البابا: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان

البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)
البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)
TT

البابا: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان

البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)
البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)

أكد البابا ليو الرابع عشر أمام سفراء جدد، اليوم (السبت)، أن الفاتيكان لن يقف مكتوف الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء العالم.

وهذه من أوضح التصريحات التي تكشف حتى الآن عن فلسفة البابا الأميركي، الذي انتُخب على رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم في مايو (أيار) عقب وفاة البابا فرنسيس.

وقال البابا أمام مجموعة السفراء الـ13: «أود أن أؤكد مجدداً أن الكرسي الرسولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام التفاوتات الجسيمة، والظلم وانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية في مجتمعنا العالمي الذي يزداد انقساماً وعرضة للصراعات».

و«الكرسي الرسولي» هو الهيئة الحاكمة للكنيسة التي يقودها البابا، ويمتلك سلطة روحية على 1.4 مليار كاثوليكي.

وأكد البابا أن «دبلوماسية الكرسي الرسولي تتجه باستمرار نحو خدمة خير البشرية، لا سيما من خلال مناشدة الضمائر، والإصغاء لأصوات الفقراء، أو الذين يعيشون في أوضاع هشّة، أو الذين يُدفعون إلى هامش المجتمع».

وبتركيزه على عدم المساواة، يبني ليو على أولويات سلفه البابا فرنسيس، الذي دافع عن حقوق المهاجرين وغيرهم من الفئات المستضعفة خلال حبريته.

وانتقد ليو، الذي أمضى قرابة 20 عاماً مبشّراً في البيرو، معاملة المهاجرين «غير المحترمة» في الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترمب.

والسفراء الجدد المعتمدون الذين استقبلهم الفاتيكان السبت، من أوزبكستان ومولدوفا والبحرين وسريلانكا وباكستان وليبيريا وتايلاند وليسوتو وجنوب أفريقيا وفيجي وميكرونيزيا ولاتفيا وفنلندا.


استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)

لم يكن مفاجئاً مضمون استراتيجية إدارة الرئيس دونالد ترمب للأمن القومي الأميركي التي تُصوّر الحلفاء الأوروبيين بوصفهم ضعفاء، وتسعى إلى إعادة تأكيد هيمنة الولايات المتحدة في النصف الغربي من الكرة الأرضية.

ستثير الوثيقة التي صدرت الجمعة 5 ديسمبر (كانون الأول) 2025 عن البيت الأبيض استياء الحلفاء التقليديين لواشنطن في أوروبا، لما تتضمّنه من انتقادات لاذعة لسياسات قادة «القارة العجوز» في شأنَي الهجرة، وحرية التعبير، إذ تُشير إلى أنهم يواجهون «احتمال امّحاء حضاريّ»، وتشكّك في مدى موثوقيتهم بأنهم شركاء للولايات المتحدة على المدى الطويل.

وتُجدّد الوثيقة، بلغة لا تخلو من البرودة، والنبرة التصادمية، تأكيد فلسفة ترمب القائمة على مبدأ «أميركا أولاً» الذي يعني عملياً عدم التدخل في الخارج، وتُعيد تقييم عقود من الشراكات الاستراتيجية، وتضع المصالح الأميركية فوق كل اعتبار.

هذه أول استراتيجية للأمن القومي -وهي وثيقة يُلزم القانون الإدارة بإصدارها- منذ عودة الرئيس الجمهوري إلى السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) 2025. وتمثل سطورها قطيعة واضحة مع النهج الذي اعتمدته إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، والتي سعت إلى إعادة تنشيط التحالفات بعد أن كانت قد تزعزعت خلال الولاية الأولى لترمب، وإلى كبح جماح روسيا الناهضة اقتصادياً بفضل صادراتها من النفط، والغاز.

*دور متراجع

سعى ترمب منذ عودته إلى البيت الأبيض إلى التوسّط لإنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية المستمرة منذ نحو أربع سنوات في أوكرانيا، وهو هدف تؤكد الاستراتيجية الجديدة أنه يدخل ضمن المصالح الحيوية لواشنطن الراغبة في تحسين علاقاتها مع موسكو بعد سنوات من التعامل مع روسيا بوصفها دولة منبوذة دولياً، وبالتالي يغدو إنهاء الحرب مصلحة أميركية أساسية من أجل «إعادة إرساء الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا».

إطفائي يتعامل مع نيران أشعلها هجوم جوي روسي على العاصمة الأوكرانية كييف (أ.ف.ب)

وتنتقد الوثيقة حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين الذين وجدوا أنفسهم هذا العام الذي يطوي أيامه الأخيرة أمام قساوة إصرار ترمب على التخلص من أعباء الحرب الروسية-الأوكرانية، بينما يواجهون تحديات اقتصادية داخلية، إضافة إلى أزمة وجودية، و«حضارية»، وفق واشنطن.

الواقع أنه ليس مستغرباً أن يضمر «حجم» أوروبا في التفكير الاستراتيجي للولايات المتحدة. فالتاريخ يُظهر أن الاستراتيجية الكبرى الأميركية التي كانت في الغالب تتمحور على أوروبا لا بد أن تعكس تراجع خطر هيمنة قوة واحدة على القارة القديمة منذ مطلع الألفية، وظهور مراكز أخرى للنفوذ الجيوسياسي، والرهانات الجيواقتصادية. وهذا ما دفع الولايات المتحدة إلى إعطاء مناطق أخرى من العالم أهمية متزايدة. فبينما ركّز الرئيس جورج بوش الابن على الشرق الأوسط، أعلن كل رئيس جاء بعده -حتى وإن لم يُنفَّذ الأمر بشكل كامل- سياسات تهدف إلى «التحوّل نحو آسيا». وفي عهد ترمب، أضيفت أميركا اللاتينية إلى آسيا، وما قاله الرجل عن بنما، وما يفعله حيال فنزويلا، وبدرجة أقل نحو كولومبيا خير دليل على ذلك.

*جيل أميركي مختلف

تُظهر التحوّلات الديموغرافية في الولايات المتحدة أنّ «جيل الحرب الباردة»، الذي كان يميل تلقائياً بشيء من الحنين إلى «الأطلسية»، والجسور الثقافية الممتدة إلى الجزر البريطانية، واليابسة الأوروبية، يقترب من «التقاعد»، ويحلّ محلّه جيلٌ أصغر سناً، وأكثر تنوّعاً من الناحية العرقية، ويعيد النظر في الدور الأميركي على مستوى العالم. ونظراً للحذر العميق الذي يعتمل في نفس ترمب حيال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي، كان طبيعياً أن يعمد في ولايته الثانية إلى إنزال أوروبا درجات في سلّم الأولويات، ومعها «الناتو» الذي أُنشئ عام 1949 للوقوف في وجه الاتحاد السوفياتي، ومنعه من مدّ نفوذه إلى أوروبا الغربية. فالتفاهم مع موسكو بشأن أوروبا ومناطق أخرى من الكوكب أفضل من إنفاق الأموال على حماية أوروبا «الاتكالية».

مبنى بيرلايمونت حيث مقر المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (أ.ف.ب)

خالف هذا التوجه تمسّك جميع الرؤساء الذين تولّوا الحكم في واشنطن بعد الحرب الباردة بالموقع الرئيس لأوروبا في الاستراتيجية الأميركية. فقد كانت أوروبا تُعدّ سوقاً رئيسة للبضائع، والخدمات الأميركية (خصوصاً الدفاعية)، وكان يمكن للحلفاء الأوروبيين أن يشكّلوا قوة مضاعِفة للنفوذ الأميركي في مناطق أخرى من العالم. وفي المقابل، كانت روسيا تهديداً لأمن أوروبا، وللنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، بما يشمل منطقة المحيط الهادئ، حيث تعمل موسكو على تعزيز مصالحها الخاصة، وتتماهى في مواقفها مع الصين.

*التحديات الثقيلة

جاء في وثيقة الاستراتيجية الأميركية أن «الركود الاقتصادي في أوروبا يقل أهمية عن الاحتمال الحقيقي والأكثر حدّة لحصول امّحاء حضاريّ».

وترى واشنطن أن أوروبا تضعف بسبب سياسات الهجرة التي تعتمدها، وتراجع معدلات الولادة، و«قمع حرية التعبير، وكبح المعارضة السياسية»، فضلاً عن «فقدان الهويات الوطنية، والثقة بالنفس».

تضيف الوثيقة: «إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن القارّة ستكون مختلفة تماماً في غضون 20 عاماً أو أقل. بالتالي، ليس من الواضح إطلاقاً ما إذا كانت بعض الدول الأوروبية ستملك اقتصادات وجيوشاً قوية بما يكفي لتبقى من الحلفاء الموثوقين (...). نحن نريد لأوروبا أن تبقى أوروبية، وأن تستعيد ثقتها الحضارية بنفسها».

إذا سلمنا بصحة هذا التصوّر، فإننا نستنتج فوراً أن على أوروبا أن تصدّ أو تلطّف تداعيات الخروج الأميركي المرجَّح من معمعة الحرب الروسية–الأوكرانية. فالقارة لا تملك القوة الكافية لرفد كييف بما يمكّنها من مواصلة الحرب، ومجاراة القوة العسكرية الروسية. ولا فائدة من رفع الإنفاق العسكري في دول أوروبية عديدة لإقامة توازن مستحيل مع القوة الروسية، في موازاة استنزاف اقتصادات متعثرة تعاني عجزاً هائلاً بـ«قيادة» ألمانيا التي يبلغ دينها العام 2.55 تريليون يورو، وهو ما يعادل نحو 62.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفرنسا (3.416 تريليون يورو، أي ما يعادل 115.8في المائة من الناتج المحلي).

لا شك في أنه يحق للاتحاد الأوروبي أن يشغل مقعداً إلى طاولة المفاوضات الجارية على قدم وساق بين واشنطن وموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا التي تكتفي –رغم محاولات التجميل– بدور المتلقي. فالحرب مسرحها أوروبي، و«أهل الدار» معنيون بما يجري على أرضهم.

*التواصل أجدى من القطيعة

لن يتحقق المطلب الأوروبي إلا بإقامة خطوط اتصال بين بروكسل وموسكو، فبغير ذلك لا انخراط لأوروبا في صَوغ القرارات التي ستُتّخذ لإنهاء حرب أوكرانيا مع ما لذلك من انعكاسات على الأمن الأوروبي. وإن لم يحصل هذا الأمر فسيجد الأوروبيون أنفسهم يكتفون بردّ الفعل على تطوّرات تقودها واشنطن وموسكو، وبدرجة أقل كييف.

جنود من المشاة خلال تدريب عسكري فرنسي - بلجيكي مشترك في منطقة مفتوحة قرب بلدة سيسون بشمال شرقي فرنسا (أ.ف.ب)

أوروبا كبيرة، وغنية رغم العثرات الحالية، ومتقدمة تكنولوجياً. وهي تحتاج بالفعل إلى برنامج إعادة تسليح قوي يقنع موسكو -التي لا تريد حرباً مع أوروبا كما قال فلاديمير بوتين لكنها مستعدة لها– بالتفاوض الجدّي.

أما الورقة الثانية للإقناع فتكون بكسر الجمود بشأن الأصول الروسية المجمدة والمحتجَزة بموجب العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي على دفعات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. فموسكو ستَنشد حلاً لتحرير أصولها الأوروبية التي تقدَّر قيمتها بـ210 مليارات دولار. أما الرأي الأوروبي القائل بضرورة استخدام هذه الأصول لدعم أوكرانيا، فمؤداه إطالة عمر الحرب، ووضع القارة في حالة مواجهة مع روسيا هي في غنى عنها.

ثمة من يقول إن الكرملين لا يفهم سوى لغة القوة، والبيت الأبيض لا يفهم سوى لغة الأعمال، وعلى أوروبا أن تتقن اللغتين. وثمة من يردّ على ذلك بالقول إن ما ورد عن البيت الأبيض صحيح، في حين أن ما ورد عن الكرملين مضلِّل.

ولعلّ الحقيقة أن كل هذه المعادلة لا ضرورة لها، وليس على أوروبا أن تتقن لغتين، بل عليها أن تُحسن إنجاب قادة حقيقيين يعرفون التاريخ ليضعوا رؤى لمستقبل يقيهم شرّ «الامّحاء الحضاري»، و«تلاشي الهويات»، فهل تتحقق «المعجزة»؟...


«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
TT

«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس (الجمعة)، أن الدرع الواقية في محطة تشرنوبل النووية بأوكرانيا، التي تم بناؤها لاحتواء المواد المشعة الناجمة عن كارثة 1986، لم تعد بإمكانها أداء وظيفتها الرئيسية للسلامة، بعد تعرضها لأضرار بسبب طائرة مسيرة، وهو ما اتهمت أوكرانيا روسيا بالمسؤولية عنه، بحسب «رويترز».

وقالت الوكالة إن عملية تفتيش الأسبوع الماضي لهيكل العزل الفولاذي الذي اكتمل في عام 2019، وجدت أن تأثير الطائرة المسيرة في فبراير (شباط)، أي بعد 3 سنوات من الصراع الروسي في أوكرانيا، أدى إلى تدهور الهيكل.

وقال رافائيل غروسي المدير العام للوكالة في بيان، إن «بعثة التفتيش أكدت أن (هيكل الحماية) فقد وظائف الأمان الأساسية، بما في ذلك القدرة على الاحتواء، ولكنها خلصت أيضاً إلى أنه لم يكن هناك أي ضرر دائم في هياكله الحاملة أو أنظمة المراقبة».

وأضاف غروسي أنه تم بالفعل إجراء إصلاحات «ولكن لا يزال الترميم الشامل ضرورياً لمنع مزيد من التدهور، وضمان السلامة النووية على المدى الطويل».

وذكرت الأمم المتحدة في 14 فبراير، أن السلطات الأوكرانية قالت إن طائرة مسيرة مزودة برأس حربي شديد الانفجار ضربت المحطة، وتسببت في نشوب حريق، وألحقت أضراراً بالكسوة الواقية حول المفاعل رقم 4 الذي دُمر في كارثة عام 1986.

وقالت السلطات الأوكرانية إن الطائرة المسيرة كانت روسية، ونفت موسكو أن تكون قد هاجمت المحطة.

وقالت الأمم المتحدة في فبراير، إن مستويات الإشعاع ظلت طبيعية ومستقرة، ولم ترد تقارير عن تسرب إشعاعي.

وتسبب انفجار تشرنوبل عام 1986 في انتشار الإشعاع بجميع أنحاء أوروبا، ودفع السلطات السوفياتية إلى حشد أعداد هائلة من الأفراد والمعدات للتعامل مع الحادث. وتم إغلاق آخر مفاعل يعمل بالمحطة في عام 2000.

واحتلت روسيا المحطة والمنطقة المحيطة بها لأكثر من شهر في الأسابيع الأولى من غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، حيث حاولت قواتها في البداية التقدم نحو العاصمة الأوكرانية كييف.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أجرت التفتيش في الوقت نفسه الذي أجرت فيه مسحاً على مستوى البلاد للأضرار التي لحقت بمحطات الكهرباء الفرعية، بسبب الحرب التي دامت نحو 4 سنوات بين أوكرانيا وروسيا.