ألمانيا: يجب ألا نسمح لأميركا والصين بأن تنفردا بتحديد مستقبل التكنولوجيا في العالم

المستشار الألماني فريدريش ميرتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس (د.ب.أ)
TT

ألمانيا: يجب ألا نسمح لأميركا والصين بأن تنفردا بتحديد مستقبل التكنولوجيا في العالم

المستشار الألماني فريدريش ميرتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس (د.ب.أ)

دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس ألمانيا وأوروبا إلى بذل جهد كبير من أجل استعادة القدرة على المنافسة التكنولوجية على المستوى العالمي، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وخلال فعالية إطلاق أجندة الحكومة الألمانية للتكنولوجيا المتقدمة، قال ميرتس في برلين، اليوم الأربعاء: «يجب ألا نسمح للولايات المتحدة والصين بأن تنفردا بتحديد مستقبل التكنولوجيا في العالم - وذلك من أجل ازدهارنا وأمننا وحريتنا في نهاية المطاف».

وأكد رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي أن أوروبا كانت دائماً قادرة على بناء مستقبل أفضل لمواطنيها، مضيفاً: «لقد حققنا نجاحاً كبيراً في ذلك إلى درجة جعلتنا ربما نصبح بطيئين بعض الشيء في السنوات الأخيرة، لكن هذا أمر يمكن تصحيحه».

وشدد ميرتس على أن ألمانيا وأوروبا بحاجة إلى تحقيق السيادة التكنولوجية، في ظل الصراع المنهجي بين الدول الاستبدادية والحرة، وأردف: «نعيش اليوم تبعيات أحادية الجانب، وهذه التبعيات تستغل سياسياً، ما يجعلنا نرى مدى هشاشتنا».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس (يسار) ووزيرة البحث والتكنولوجيا والفضاء الألمانية دوروثي باير ينظران إلى قمر اصطناعي تابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية (أ.ف.ب)

وحذر المستشار الألماني من أن بقاء بلاده، ومن ثمّ أوروبا، لاعباً مهماً في النظام العالمي الجديد ليس أمراً مضموناً، مؤكداً أن أوروبا يجب أن تستعيد قدرتها على التأثير من خلال الريادة في مجال الابتكار.

وقال ميرتس إن سياسة الابتكار تمثل أولوية قصوى للحكومة الألمانية، مشيراً إلى أن اتفاق الائتلاف الحكومي ينص على تخصيص ما لا يقل عن 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبحث والتطوير بحلول عام 2030. وذكر أن «أجندة التكنولوجيا المتقدمة» تخدم هذا الغرض حيث ستعمل على إعادة توجيه السياسات الاقتصادية والعلمية نحو تعزيز القدرة التنافسية، وتحقيق القيمة المضافة، والسيادة التكنولوجية.

وأوضح ميرتس أن سياسة الدعم الحكومي ستركز مستقبلاً على ست تقنيات رئيسية هي الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الكم، والإلكترونيات الدقيقة، والتكنولوجيا الحيوية، والاندماج النووي، وإنتاج الطاقة المحايدة للمناخ، بالإضافة إلى تقنيات التنقل المحايدة للمناخ.

واختتم ميرتس تصريحاته قائلاً: «إذا أردنا أن تكون بلادنا في طليعة التكنولوجيا عالمياً، فعلينا الآن أن نوحد الصفوف بين الاقتصاد والعلم. لا يمكننا بعد اليوم أن نواصل العمل بشكل منفصل أو متعارض كما كان يحدث في الماضي».


مقالات ذات صلة

الملياردير الروسي بوتانين يستحوذ على حصة أقلية في شركة «سيليكتل» للخدمات السحابية

الاقتصاد الملياردير الروسي فلاديمير بوتانين (إكس)

الملياردير الروسي بوتانين يستحوذ على حصة أقلية في شركة «سيليكتل» للخدمات السحابية

قالت شركة «تي. تكنولوجيز»، الشريكة في مشروع مع شركة يملكها الملياردير الروسي فلاديمير بوتانين، إن المشروع استحوذ على 25 في المائة في شركة «سيليكتل».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تكنولوجيا سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

ما الاختراق القادم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يتوقعه رئيس «أوبن إيه آي»؟

توقع سام ألتمان، رئيس شركة «أوبن إيه آي»، أن يكون الإنجاز الكبير التالي نحو تحقيق ذكاء اصطناعي فائق القدرة هو اكتساب هذه الأنظمة «ذاكرة لا نهائية، ومثالية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، ما زال السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل نحن أمام ثورة رقمية أم فقاعة مالية كبيرة؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا «إكس» تطمح للتحول إلى منصة اتصال شاملة تجمع النشر والمراسلة والخدمات في مكان واحد (إكس)

«إكس» توحّد نظام المراسلة وتدمج الرسائل الخاصة مع «XChat» في تبويب واحد

يتيح النظام الجديد للمستخدمين الوصول إلى محادثاتهم من خلال واجهة موحدة بدلاً من الأقسام المتعددة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «إكس» تطمح للتحول إلى منصة اتصال شاملة تجمع النشر والمراسلة والخدمات في مكان واحد (إكس)

«إكس» توحّد نظام المراسلة وتدمج الرسائل الخاصة مع «XChat» في تبويب واحد

يتيح النظام الجديد للمستخدمين الوصول إلى محادثاتهم من خلال واجهة موحدة بدلاً من الأقسام المتعددة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

ارتفاع حصيلة فيضانات إسبانيا إلى ثلاثة قتلى

سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا (أرشيفية - رويترز)
سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا (أرشيفية - رويترز)
TT

ارتفاع حصيلة فيضانات إسبانيا إلى ثلاثة قتلى

سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا (أرشيفية - رويترز)
سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا (أرشيفية - رويترز)

عثرت فرق البحث، الاثنين، على جثتي رجلين فُقد أثرهما بعد أمطار غزيرة تسببت بفيضانات، جنوب إسبانيا، حسب ما أفاد مسؤولون، لترتفع الحصيلة الإجمالية للقتلى إلى ثلاثة.

وأفادت شرطة الحرس المدني الإسبانية بأنه تم العثور على الجثة على بعد نحو ثلاثة كيلومترات عن الموقع، حيث جرف نهرٌ ارتفع منسوبه الضحية قرب غرناطة.

وذكر التلفزيون الإسباني أن المياه جرفت الضحية البالغ 20 عاماً، بينما كان يحاول عبور النهر على متن دراجة نارية.

وعُثر على جثة رجل آخر جُرفت مركبته أيضاً في مالقة، حسب رئيس بلدية ألاورين، إل غراندي أنتونيو بيرموديز. وعُثر لاحقاً على جثة الراكب الذي كان معه. وقال بيرموديز إن الرجلين في مطلع الخمسينات.

عملية بحث عن رجل مفقود قرب ملقة في جنوب إسبانيا (إ.ب.أ)

وأعلنت البلدة، الثلاثاء، يوم حداد رسمي وألغت كل الفعاليات العامة «نظراً إلى أن أحداً في ألاورين إل غراندي لا يشعر بالرغبة بالاحتفال بشيء في هذا التوقيت» على وقع الفيضانات.

تأثرت إسبانيا بشكل كبير بتغير المناخ في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى موجات حر أطول ونوبات أمطار غزيرة متكررة.

وشهدت إسبانيا فيضانات كبيرة في 2024 خلّفت أكثر من 230 قتيلاً، غالبيتهم في منطقة فالنسيا (شرق).


زيلينسكي: ضمانات واشنطن الأمنية قوية لـ15 عاماً قابلة للتجديد

مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا أمس الأحد (أ.ف.ب)
مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا أمس الأحد (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي: ضمانات واشنطن الأمنية قوية لـ15 عاماً قابلة للتجديد

مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا أمس الأحد (أ.ف.ب)
مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا أمس الأحد (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، أنّ واشنطن اقترحت على كييف ضمانات أمنية «متينة» لمدة 15 عاماً قابلة للتجديد في مواجهة روسيا، مشيراً إلى أنّه طلب من الولايات المتحدة مدة أطول خلال لقائه الرئيس دونالد ترمب، أمس (الأحد).

وأكد زيلينسكي أنّ تقديم هذه الضمانات الأمنية سيكون شرطاً لرفع الأحكام العرفية السارية في أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022.

وقال، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت: «أريد فعلاً أن تكون هذه الضمانات أطول. قلت له (ترمب) إننا نرغب في النظر في إمكانية طرح 30 أو 40 أو 50 سنة»، مشيراً إلى أن نظيره الأميركي وعده بدراسة هذا المقترح.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمد يده لمصافحة نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا 15 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)

وأجرى زيلينسكي ومفاوضون أوكرانيون محادثة هاتفية، الاثنين، مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، من دون الكشف عن تفاصيلها.

بعد محادثاته مع الرئيس الأوكراني في فلوريدا، الأحد، أعرب ترمب عن تفاؤل حذر، مشيراً إلى أنّ العملية باتت أقرب من أي وقت مضى من التوصل لاتفاق لإنهاء النزاع، من دون أن يذكر أي تقدم ملموس.

والاثنين، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن موسكو موافقة على تقييم ترمب بشأن المفاوضات.

«قوات دولية»

في الوقت ذاته، لم يقدّم زيلينسكي تفاصيل بشأن الضمانات الأمنية الأميركية، مكتفياً بالإشارة إلى أنّها تتضمّن عناصر سبق أن نوقشت. وهو كان يطالب بأن تضمن الولايات المتحدة وحلفاء كييف آلية أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي، التي تنص على المساعدة المتبادلة في حالة العدوان.

جنود أوكرانيون يطلقون النار من مدفع مضاد للطائرات باتجاه مواقع روسية على الجبهة 19 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

وأشار زيلينسكي إلى أنّ ترمب «أكد تفاصيل» هذه الضمانات، مشدداً على أنّه يجب أن يقرها الكونغرس الأميركي.

ورأى الرئيس الأوكراني أنّ وجود «قوات دولية» في أوكرانيا، سيمثل ضمانة أمنية ضرورية و«حقيقية» من شأنها أن تعزز ثقة المواطنين والمستثمرين في مواجهة أي عدوان روسي جديد. وحتى الآن، يرفض الكرملين وجود مثل هذه القوات في أوكرانيا.

وأوضح أنّه ناقش، خلال لقائه مع الرئيس الأميركي، خطة دعم اقتصادي لإعادة إعمار أوكرانيا تشمل شركات أميركية واتفاقية تجارة حرة محتملة.

قضيتان

سعى الرئيس الأوكراني للحصول على موافقة نظيره الأميركي على نسخة جديدة معدلة من الخطة التي قدمتها واشنطن قبل شهر تقريبا ورأت كييف حينها أنها مواتية لروسيا.

وتقضي النسخة الجديدة بوقف الحرب على خطوط الجبهة الحالية في منطقة دونباس الشرقية، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح، من دون تقديم حل فوري لقضية الأراضي التي تحتلها روسيا والتي تشكل 20 في المائة من أوكرانيا.

كذلك، أسقطت الوثيقة الجديدة مطلبين رئيسيين للكرملين: انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونيتسك (شرق) والتزام أوكرانيا عدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرأس اجتماعاً لكبار القيادات العسكرية في موسكو الاثنين (رويترز)

وفيما يتعلق بمنطقة دونباس التي تعتبر بنداً أساسياً في المحادثات الرامية لإيجاد حل للنزاع، قال ترمب: «نحن نقترب جداً، وربما نكون قريبين جداً» من التوصل إلى اتفاق.

غير أنّ زيلينسكي أشار إلى أنّ القضايا المتعلّقة بالأراضي التي تحتلّها روسيا وتشغيل محطة زابوريجيا النووية ما زالت آخر الأجزاء التي لم يتم حلّها في المحادثات لإنهاء الحرب.

وقبل ساعات من اللقاء بين ترمب وزيلينسكي الأحد، أجرى الرئيس الأميركي محادثة هاتفية «مثمرة» مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وأكد الرئيس الأوكراني، الاثنين، أن أيّ خطّة لإنهاء الحرب ينبغي أن تكون موقّعة من كييف وموسكو والولايات المتحدة والأوروبيين.

وأعرب عن أمله في عقد اجتماع قريباً في أوكرانيا بين مسؤولين أميركيين وأوروبيين.

وإضافة إلى ذلك، أيّد مجدداً تنظيم استفتاء في أوكرانيا، باعتباره «أداة قوية» لقبول شروط السلام التي سيتم اقتراحها.

وفي تصعيد للضغط في الميدان، قصفت روسيا السبت كييف ومنطقتها، ما أدى إلى حرمان أكثر من مليون منزل من الكهرباء لساعات، ثم أعلنت السيطرة على مدينتين جديدتين في شرق أوكرانيا.

ورأى الرئيس الأوكراني أن الهجمات الروسية وما يفعله بوتين في أوكرانيا لا تتوافق مع تصريحاته «السلمية» التي يدلي بها لترمب، وأنّ المسؤولين الروس «لا يريدون وقف إطلاق النار» في الوقت الحالي.

بوتين: احتلال 3 مناطق

وفي تصريحات أدلى بها الاثنين، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن جيشه ماضٍ في خطته لاحتلال 3 مناطق أعلنت روسيا ضمها في أوكرانيا.

وقال بوتين، في اجتماع متلفز مع قيادات عسكرية روسية، إن «الهدف من تحرير مناطق دونباس وزابوريجيا وخيرسون يُنفّذ على مراحل بما يتوافق مع خطة العملية العسكرية الخاصة... تتقدّم القوات بثقة» في المناطق الثلاث التي أعلنت روسيا ضمها إلى جانب لوغانسك.

وكان الكرملين قد أعلن، الاثنين، أنه يتعيّن على أوكرانيا سحب قواتها من ​الجزء الذي لا تزال تسيطر عليه في دونباس إذا ما كانت تريد سلاماً، وأضاف أنه إذا لم تتوصل كييف إلى اتفاق فإنها ستخسر المزيد من الأراضي.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائهما في البيت الأبيض 28 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن من المقرر إجراء مكالمة أخرى بين الرئيسين الروسي والأميركي قريباً جداً.

ورفض بيسكوف التعليق على فكرة إنشاء منطقة اقتصادية حرة في دونباس أو على مستقبل محطة زابوريجيا ⁠النووية، الخاضعة لسيطرة روسيا، وقال إن الكرملين يرى ذلك ‌غير ملائم.

وتشير تقديرات روسية ​إلى أن موسكو تسيطر حالياً على خُمس أوكرانيا، بما في ذلك شبه ⁠جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014، ونحو 90 في المائة من دونباس، و75 في المائة من منطقتي زابوريجيا وخيرسون، وأجزاء صغيرة من مناطق خاركيف وسومي وميكولايف ودنيبروبتروفسك.

وقال بيسكوف إنه لم يتم التطرق لإمكانية إجراء أي اتصال بين بوتين وزيلينسكي. وأعاد بيسكوف تكرار تصريحات ترمب التي قال فيها إن أوكرانيا قد تخسر المزيد من الأراضي ‌لصالح روسيا خلال الأشهر المقبلة ما لم تبرم كييف اتفاقاً ينهي الأزمة.


هل يفرض ترمب صفقة سلام سريعة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية؟

جنود أوكرنيون خلال تدريب ميداني في موقع غير محدد بالمنطقة الشرقية من أوكرانيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود أوكرنيون خلال تدريب ميداني في موقع غير محدد بالمنطقة الشرقية من أوكرانيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

هل يفرض ترمب صفقة سلام سريعة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية؟

جنود أوكرنيون خلال تدريب ميداني في موقع غير محدد بالمنطقة الشرقية من أوكرانيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود أوكرنيون خلال تدريب ميداني في موقع غير محدد بالمنطقة الشرقية من أوكرانيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

حاول الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إظهار أن الحرب الطويلة بين روسيا وأوكرانيا تقترب من نقطة تحول، وأن البلدين أقرب من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق. وتحدث الرئيسان عن تقدم كبير وخطة سلام مكتملة بنسبة تتراوح بين 90 في المائة و95 في المائة، وأن مجموعات العمل من الجانبين ستجتمع لمواصلة المفاوضات خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل. إلا أن تصريحاتهما والقضايا العالقة وتصاعد الهجمات الروسية تشير إلى صورة هشة يكتنفها عدم اليقين، وتخفي وراءها تعقيدات عميقة حول حسابات الطرفين الروسي والأوكراني ومطالب الدول الأوروبية.

وقد جاءت قمة فلوريدا في لحظة ترسخت فيها خطوط جبهة الحرب إلى حد كبير، حيث يواجه الجانبان ضغوطاً (تعاني أوكرانيا من الإرهاق وتضرر البنية التحتية، وتواجه روسيا ثقل العقوبات وتكاليف الحرب).

وبعدما أمضى المفاوضون من الولايات المتحدة وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» أسابيع في العمل على مسودة إطار سلام من 20 نقطة. أكد الجانبان الأميركي والأوكراني أن التوافقات بلغت نسبة «90 في المائة»، لكن أصعب القضايا - دونباس والمحطة النووية - لا تزال عالقة.

وقد اقتنص الرئيس الأوكراني توافقات قال إنها بلغت 100 في المائة بين كييف وواشنطن حول الضمانات الأمنية لضمان عدم غزو روسيا لأوكرانيا مرة أخرى، وتشمل الضمانات الحفاظ على جيش قوامه 800 ألف جندي أوكراني، والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تاريخ محدد، إضافة إلى اتفاقية أمنية ثنائية مع الولايات المتحدة يصوت عليها الكونغرس.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع ترمب عقب اجتماعهما في فلوريدا الأحد (أ.ف.ب)

وأشار زيلينسكي، الاثنين، إلى أن الولايات المتحدة عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية لمدة 15 عاماً في أحدث مسودة لخطة إنهاء الغزو الروسي، وأنه أبلغ ترمب أن كييف تريد تمديد الضمانات لمدة 50 عاماً.

ولم يتم الكشف عن الشكل الدقيق للضمانات الأمنية، لكن زيلينسكي أوضح أنها ستشمل مراقبة الانتهاكات في أي اتفاق سلام، إضافة إلى «وجود» لكل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وهو ما قد يشير إلى أفراد ومراقبين دوليين يشرفون على المناطق منزوعة السلاح أو خطوط وقف إطلاق النار وليس بالضرورة قوات قتالية.

القضايا الشائكة

تتمحور خطط إدارة ترمب حول خطة سلام مختصرة إلى 20 بنداً، تم تعديلها من مسودة أولية بلغت 28 نقطة بعد اعتراضات أوكرانية وأوروبية. الخطة، التي تم مناقشتها في لقاءات متتالية بين ترمب وزيلينسكي، تشمل ضمانات أمنية أميركية - أوروبية مشابهة للمادة الخامسة من ميثاق «الناتو»: إعادة إعمار اقتصادية بقيمة تصل إلى 800 مليار دولار، وعضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، ووقف إطلاق نار كامل مع تبادل أسرى «الكل مقابل الكل»، وتحديد مصير المواقع الاستراتيجية الرئيسية، مثل محطة زابوروجيا النووية التي تحتلها روسيا. لكن معظم هذه النقاط فنية وتعتمد على سؤال محوري واحد: ماذا سيحدث للأراضي التي تحتلها روسيا حالياً؟

ومن القضايا الشائكة مصير منطقة دونباس. فقد طرحت واشنطن مقترحاً يقضي بانسحاب القوات الأوكرانية بالكامل من هذه المنطقة في شرق أوكرانيا، وهو مطلب روسي رئيسي من شأنه أن يعترف فعلياً بسيطرة روسيا على الأراضي المحتلة أو المتنازع عليها حالياً. لكن زيلينسكي أكد علناً رغبته في «تخفيف» هذا العنصر من الخطة، وطرح فكرة الاستفتاء واستشارة الشعب مباشرة حول مصير المنطقة، واشترط وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً لضمان التنظيم سواء اللوجيستي أو الأمني لإجراء هذا الاستفتاء، الذي يتطلب تعديلات دستورية وتنظيماً في مناطق محتلة، مما يجعله تحدياً سياسياً. وترفض روسيا هذا الشرط بشكل قاطع، عادّةً أن أي هدنة تمنح أوكرانيا وقتاً لإعادة التسلح. ويعكس هذا الرفض استراتيجية بوتين في الحفاظ على «الواقع على الأرض»، حيث يسيطر الجيش الروسي على نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية، ويطالب بعودة «الناتو» إلى حدود 1997، وعدم انضمام أوكرانيا إلى الحلف.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لمركز قيادة للجيش الروسي في موقع لم يُكشف عنه السبت الماضي (إ.ب.أ)

كذلك تُشكل محطة زابوروجيا النووية قضية شائكة. ويُقال إن المقترح يتناول ما إذا كان ينبغي نزع سلاحها تحت إشراف دولي، أو إعادتها إلى السيطرة الأوكرانية، أو وضعها تحت نظام خاص (كونستوريوم ثلاثي أميركي أوكراني روسي) محدد زمنياً.

وقد لخص ترمب هذه القضايا بأنها «قضية أو قضيتان شائكتان للغاية»، بينما أصر على أن التقدم في مجالات أخرى كبير. من جانبه، أكد زيلينسكي أن «القضايا الإقليمية» لا تزال حساسة وستكون محورية في المفاوضات.

رسالة ترمب: تفاؤل وغموض

اتبعت تصريحات ترمب نمطاً مألوفاً من مفاوضاته السابقة: التحدث عن الزخم، وتسليط الضوء على العلاقات الشخصية، وإبقاء المواعيد النهائية والتفاصيل غامضة عمداً. واتسمت تصريحاته في المؤتمر الصحافي بالتفاؤل العلني، فقد وصف ترمب مكالمته الهاتفية مع بوتين قبل الاجتماع بأنها «جيدة ومثمرة للغاية»، وأنها استمرت لأكثر من ساعتين، وقال لاحقاً إن محادثات السلام «قريبة من الاكتمال»، و«ربما قريبة جداً» من التوصل إلى اتفاق، وأشار أيضاً إلى أن «هذه ليست صفقة يتم إنجازها في يوم واحد»، وحذّر من أنه «إذا لم تحدث الأمور كما ينبغي فسوف يستمر القتال وسيستمر سقوط الضحايا... أعتقد أننا سنعرف النتيجة خلال أسابيع قليلة»، مشيراً إلى استعداده لمخاطبة البرلمان الأوكراني، معترفاً بأنه ستكون هناك حاجة إما إلى موافقة البرلمان أو استفتاء شعبي قبل إبرام أي خطة سلام تتضمن التنازل عن أراض.

هذا التأطير يضع ترمب في موقع الوسيط، الذي لا غنى عنه والقادر على التحدث مع كل من كييف وموسكو. في الوقت نفسه، حذر ترمب من أن الحرب «قد تستمر طويلاً»، ورفض الالتزام بجداول زمنية أو نسب مئوية دقيقة. هذا الغموض يمنحه مساحة للمناورة إذا تعثرت المحادثات، أو إذا رفضت روسيا أو أوكرانيا الحزمة النهائية.

ويشير الخبراء إلى أن هذه الرسالة المزدوجة تخدم كلاً من السياسة الداخلية وقوة التفاوض. فهي تسمح لترمب بادعاء إحراز تقدم وقيادة في مساعي السلام، مع تجنب تحمل مسؤولية أي نتيجة قد لا تحظى بشعبية لدى أي من الجانبين: فصفقة تبدو سخية للغاية لروسيا قد تُغضب الحلفاء الغربيين وكثيراً من الأوكرانيين، وصفقة لا تمنح روسيا سوى القليل قد تُثير ردود فعل عنيفة من موسكو، وتُعقّد رواية ترمب بأنه قادر على «إبرام صفقة» مع بوتين.

التوقعات

وتعكس تصريحات زيلينسكي بأن الكثير يمكن حسمه قبل العام الجديد، نوعاً من الاستعجال والشعور بأن أوكرانيا لا تستطيع تحمل حرب استنزاف مفتوحة، مع الأضرار الجسيمة في البنية التحتية والضغوط الاقتصادية التي تواجهها كييف مع استمرار الهجمات الروسية. ويواجه زيلينسكي ضغوطاً أميركية للتنازل عن بعض الأراضي لروسيا، لكنه يرد بأن أي تنازل عن الأراضي يهدد برد عنيف من الأوكرانيين والمعارضين السياسيين والجيش، ويهدد بزعزعة الاستقرار السياسي، وحدوث انقسامات داخلية.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتصافحان خلال مؤتمر صحافي في فلوريدا الأحد (رويترز)

ويقول محللون إن إصرار زيلينسكي على مراجعة بند الانسحاب من دونباس ومصير وضع محطة الطاقة النووية، لا يتعلق فقط بالدفاع عن سيادة أوكرانيا بقدر ما يتعلق بالجدوى العسكرية.

على الجانب الآخر، لم تظهر روسيا أي مؤشرات على استعداد لقبول ترتيبات تتضمن انسحاباً من مناطق رئيسية، أو فرض قيود على عمليات انتشار عسكري مستقبلي. ويرى المحللون أن هجمات روسيا الجوية على كييف ومدن أخرى هي محاولة للتأثير على شروط أي إطار سلام، وإظهار أن روسيا لا تزال قادرة على إلحاق الضرر متى شاءت.

ويشير تقرير معهد الدراسات الحربية ISW إلى أن نظرية بوتين في النصر تعتمد على حرب إفراغ، حيث يمكن لروسيا الصمود لسنوات، رغم مشاكل اقتصادية مثل نمو الناتج المحلي بنسبة 0.6 في المائة فقط في 2025 وفق توقعات صندوق النقد الدولي، مع تحذيرات من مخاطر نووية إذا دخلت قوات أوروبية إلى أوكرانيا لمراقبة تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن أوكرانيا، التي تراهن على استمرار الدعم الأوربي، يمكن أن تصمد عاماً آخر، لكن من دون دعم مستمر، قد تفقد مزيداً من الأراضي.

سلام مؤقت أم تصعيد مستمر؟

في ضوء هذه الديناميكيات، تتجه الحرب نحو سيناريوهات متعددة، حيث يتوقع محللون أميركيون انتصاراً روسياً إذا استمرت الحرب، بينما يرى آخرون أن الانهيار الروسي الاقتصادي ممكن إذا صمدت أوكرانيا.

والتوقع الأكثر واقعية يشير إلى سلام مؤقت في 2026، مع مخاطر تصعيد نووي إذا فشلت المفاوضات، وقد يفرض ترمب صفقة سريعة، لكن من دون حل جذري للنزاع، ما يترك الباب مفتوحاً لمواجهات مستقبلية. ويحذر المحللون من أن الاتفاقات المستدامة تتطلب آليات تنفيذ مفصلة ووثائق قانونية، وأن التسرع في إعلان إطار عمل من دون آليات وتسلسل زمني واضح، قد يؤدي إلى مشاكل خاصة في المناطق المتنازع عليها مثل دونباس ومحطة زابوروجيا.