الأمم المتحدة: مدنيو أوكرانيا يتعرّضون لتعذيب منهجي في منشآت روسية

رجال إنقاذ يخمدون حريقاً اندلع في مبنى دمرته ضربة روسية في مدينة زابوريجيا بأوكرانيا يوم 22 سبتمبر 2025 (أ.ب)
رجال إنقاذ يخمدون حريقاً اندلع في مبنى دمرته ضربة روسية في مدينة زابوريجيا بأوكرانيا يوم 22 سبتمبر 2025 (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة: مدنيو أوكرانيا يتعرّضون لتعذيب منهجي في منشآت روسية

رجال إنقاذ يخمدون حريقاً اندلع في مبنى دمرته ضربة روسية في مدينة زابوريجيا بأوكرانيا يوم 22 سبتمبر 2025 (أ.ب)
رجال إنقاذ يخمدون حريقاً اندلع في مبنى دمرته ضربة روسية في مدينة زابوريجيا بأوكرانيا يوم 22 سبتمبر 2025 (أ.ب)

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اليوم (الثلاثاء)، إن روسيا تمارس تعذيباً ممنهجاً بحق مدنيين أوكرانيين في أكثر من مائة مركز احتجاز داخل روسيا وفي المناطق الأوكرانية المحتلة منذ بداية الحرب، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وفصّل تقريرها حالات من عمليات الإعدام الوهمية والصعق الكهربائي واستخدام أوضاع إجهاد مطولة ضد مواطنين أوكرانيين بسبب أفعال غير جنائية مثل انتقاد الغزو الروسي، وهي ممارسات أفاد التقرير بأنها كانت قاتلة في بعض الحالات.

وقالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا دانييل بيل، في مؤتمر صحافي بجنيف، لعرض التقرير المكوّن من 22 صفحة: «إنه تعذيب واسع النطاق ومنهجي. ووُثق في كل منطقة من الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى عشرات المناطق داخل روسيا الاتحادية».

ويستند تقرير الأمم المتحدة إلى مقابلات مع 215 محتجزاً سابقاً قدّموا روايات مفصلة عن احتجازهم منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022.

سيارات مهدمة قرب مبان سكنية تضررت في بلدة كوراخوف الواقعة في منطقة دونيتسك التي تسيطر عليها القوات الروسية في أوكرانيا (رويترز)

وتقول المفوضية إنه لم يُسمح لها بالوصول إلى مراكز الاحتجاز البالغ عددها 114، التي عرضتها على خريطة في الأجزاء المحتلة من أوكرانيا و28 منطقة روسية. ويحتجز في بعضها أسرى حرب أوكرانيون تقول الأمم المتحدة إنهم تعرّضوا للتعذيب أيضاً.

وتقول أوكرانيا إن نحو 15 ألف مدني احتجزتهم روسيا منذ عام 2022، منهم 1800 على الأقل لا يزالون رهن الاحتجاز. وقالت بيل إن مكتبها أكد وجود ما لا يقل عن 400 حالة احتجاز حالية، ومن المحتمل أن يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير.

وذكرت بيل أنه في بعض الحالات، شارك مسعفون في المنشآت الروسية في عمليات التعذيب، أو تجاهلوا نداءات المعتقلين لمساعدتهم في علاج الأعراض التي يعانون منها جراء التعذيب. وأضافت أن مكتبها أكد حتى الآن 36 حالة وفاة بسبب التعذيب أو سوء الأوضاع أو عدم الحصول على الرعاية الطبية.

ووثّقت هيئات تابعة للأمم المتحدة في السابق بعض حالات سوء معاملة القوات الأوكرانية للمحتجزين الروس، وقالت كييف إنها ستحقق في أي مخالفات.


مقالات ذات صلة

بولندا تعيد فتح معبرَيْن على الحدود مع بيلاروسيا وسط مخاوف اقتصادية

أوروبا إيراستافيكا على الجانب البيلاروسي من معبر الحدود بين بولندا وبيلاروسيا كما شوهد من بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025... بعد إعادة بولندا فتح معبر بوبرونيكي (رويترز)

بولندا تعيد فتح معبرَيْن على الحدود مع بيلاروسيا وسط مخاوف اقتصادية

أعادت بولندا، الاثنين، فتح معبرين حدوديين مع بيلاروسيا كانا قد أُغلقا وسط توترات مستمرة مع حكومة جارتها المتحالفة مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا رجل إطفاء في موقع مبانٍ سكنية استهدفتها الضربات الصاروخية الروسية في بلدة بالاكليا في منطقة خاركيف بأوكرانيا في 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

المفوضية الأوروبية: أوكرانيا ستحتاج العام المقبل إلى 70 مليار يورو

أوردت وثيقة للمفوضية الأوروبية أن أوكرانيا ستحتاج العام المقبل إلى أكثر من 70 مليار يورو لتمويل حربها ضد موسكو.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا سكان يتلقّون مساعدات إنسانية بالقرب من مبنى شقتهم الذي تضرر خلال ضربات صاروخية روسية في بلدة بالاكليا في منطقة خاركيف بأوكرانيا في 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

مقتل 5 أشخاص بقصف روسي استهدف شرق أوكرانيا

قُتل 5 أشخاص على الأقل في ضربات روسية استهدفت شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت سلطات محلية، الاثنين، أشارت إلى وقوع أضرار جسيمة في مناطق سكنية، شملت روضة أطفال.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا قال مراسل للتلفزيون الرسمي الروسي في تقرير بُثَّ الأحد: «ينشط ضباط وجنود من وحدة القوات المسلحة الروسية في 6 دول أفريقية» (رويترز)

التلفزيون الروسي: جيشنا ينشط في 6 دول أفريقية

ينشط الجيش الروسي في 6 دول أفريقية، وفق تقرير للتلفزيون الرسمي، في اعتراف قلما يحدث بمدى الوجود العسكري الرسمي لموسكو في هذه القارة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد صندوق النقد الدولي قبل وصول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إلى واشنطن (رويترز)

وسط فضيحة فساد... صندوق النقد الدولي يجري محادثات «صعبة» مع كييف

بدأت بعثة صندوق النقد الدولي محادثات جديدة، الاثنين، مع أوكرانيا بشأن برنامج إقراض حيوي لجهودها في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)

لقاء بين ميرتس وماكرون وستارمر في برلين الثلاثاء

 المستشار الألماني فريدريش ميرتس (إ.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس (إ.ب.أ)
TT

لقاء بين ميرتس وماكرون وستارمر في برلين الثلاثاء

 المستشار الألماني فريدريش ميرتس (إ.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس (إ.ب.أ)

يلتقي المستشار الألماني فريدريش ميرتس في برلين، مساء الثلاثاء، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بحسب متحدث باسم الحكومة الألمانية من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

ووصل الرئيس الفرنسي إلى برلين في وقت سابق، الاثنين، لحضور قمة تركّز على الدفع نحو سيادة رقمية أوروبية أكبر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

وبحسب المتحدث، سينضم ستارمر إلى ميرتس وماكرون «على العشاء» بعد القمة.

ومع تزايد أهمية الذكاء الاصطناعي في كثير من القطاعات، تهدف قمة السيادة الرقمية إلى الاستجابة للدعوات المتزايدة لتسيطر أوروبا في شكل أكبر على مصيرها الرقمي.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (د.ب.أ)

ومن المقرر أن يشارك في القمة رؤساء تنفيذيون لشركات إقليمية كبرى، من بينها شركة الذكاء الاصطناعي الفرنسية «ميسترال» وشركة البرمجيات الألمانية العملاقة «SAP».


بولندا تعيد فتح معبرَيْن على الحدود مع بيلاروسيا وسط مخاوف اقتصادية

إيراستافيكا على الجانب البيلاروسي من معبر الحدود بين بولندا وبيلاروسيا كما شوهد من بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025... بعد إعادة بولندا فتح معبر بوبرونيكي (رويترز)
إيراستافيكا على الجانب البيلاروسي من معبر الحدود بين بولندا وبيلاروسيا كما شوهد من بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025... بعد إعادة بولندا فتح معبر بوبرونيكي (رويترز)
TT

بولندا تعيد فتح معبرَيْن على الحدود مع بيلاروسيا وسط مخاوف اقتصادية

إيراستافيكا على الجانب البيلاروسي من معبر الحدود بين بولندا وبيلاروسيا كما شوهد من بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025... بعد إعادة بولندا فتح معبر بوبرونيكي (رويترز)
إيراستافيكا على الجانب البيلاروسي من معبر الحدود بين بولندا وبيلاروسيا كما شوهد من بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025... بعد إعادة بولندا فتح معبر بوبرونيكي (رويترز)

أعادت بولندا، الاثنين، فتح معبرين حدوديين مع بيلاروسيا كانا قد أُغلقا وسط توترات مستمرة مع حكومة جارتها المتحالفة مع موسكو، حسبما أعلنت سلطات الحدود البولندية والبيلاروسية.

وقال المتحدث باسم شرطة الحدود أندريه يوزفياك لوكالة الصحافة الفرنسية، «تم فتح معبرين» في كوزنيتسا بياوستوكا وبوبرونيكي.

ضابط حرس حدود يقوم بدورية عند معبر الحدود الذي أعيد فتحه بين بولندا وبيلاروسيا في بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

وأكدت وزارة الداخلية البولندية، في بيان، أن «الحكومة تستجيب لتوقعات السكان ورواد الأعمال (في المنطقة)، بمن فيهم شركات النقل»، الذين عانوا جميعاً عواقب اقتصادية جراء إغلاق المعابر الحدودية.

والمعبران مغلقان منذ عدة سنوات بسبب أزمة الهجرة المستمرة والتوترات مع الحكومة البيلاروسية، الحليف الوثيق لروسيا.

لكن الحكومة البولندية قالت إن إعادة فتح المعبرين باتت ممكنة الآن، إذ أصبحت حدودها الشرقية مع الاتحاد الأوروبي «آمنة بشكل غير مسبوق».

وتبلغ قدرة معبر بوبرونيكي 900 سيارة ركاب و500 شاحنة يومياً في اتجاه واحد، بينما يمكن لمعبر كوزنيتسا بياوستوكا استيعاب 1600 سيارة ركاب و580 شاحنة يومياً، وفقاً لسلطات الجمارك في بيلاروسيا.

معبر الحدود في بوبرونيكي ليلة 16 إلى 17 نوفمبر بولندا 16 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

وأضاف يوزفياك أنه يمكن الآن لسائقي الشاحنات عبور الحدود البولندية البيلاروسية من ثلاثة مواقع: كوزنيتسا بياوستوكا وبوبرونيكي وتيريسبول، التي أغلقتها بولندا مؤقتاً عقب مناورات عسكرية روسية بيلاروسية في سبتمبر (أيلول) قرب أراضيها.

وأفادت سلطات الجمارك البيلاروسية بتطوير المعابر بما يشمل زيادة عدد المسارات وتخصيص مسارات للحافلات وإدخال معدات جديدة لنظام المراقبة الإلكترونية.

في سبتمبر (أيلول)، خرقت 21 مسيّرة روسية المجال الجوي البولندي مما زاد من تدهور علاقات وارسو مع موسكو وحليفتها مينسك - المتوترة أصلاً بسبب غزو روسيا لأوكرانيا.

وتعتزم ليتوانيا المجاورة، التي أغلقت مؤخراً آخر معبرين حدوديين لها مع بيلاروسيا بسبب اختراق بالونات تهريب أجواءها، الانتظار حتى 30 نوفمبر (تشرين الثاني) لإعادة فتحهما.

الناس يصطفون في طوابير عند معبر الحدود المعاد فتحه بين بولندا وبيلاروسيا في بوبرونيكي بولندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

وعلّقت العديد من الشاحنات على الجانب البيلاروسي من الحدود بسبب تلك الإجراءات.

وأرجأت بولندا فتح معبريها الحدوديين «تضامناً» مع ليتوانيا.

وقالت الحكومة البولندية إنها تراقب الوضع الأمني عند المعبرَيْن.

وأكدت وزارة الداخلية البولندية أنها «إذا رأت أن هناك مخاطر مرتبطة بإعادة فتح المعبرين، فستنظر في إغلاقهما مجدداً» حسب ما جاء في البيان.


ماكرون وزيلينسكي يوقعان اتفاق تسليح ضخم لكييف

الرئيسان الفرنسي والأوكراني يوقعان في باريس الاثنين «رسالة النوايا» لتزويد كييف بطائرات رافال المقاتلة (رويترز)
الرئيسان الفرنسي والأوكراني يوقعان في باريس الاثنين «رسالة النوايا» لتزويد كييف بطائرات رافال المقاتلة (رويترز)
TT

ماكرون وزيلينسكي يوقعان اتفاق تسليح ضخم لكييف

الرئيسان الفرنسي والأوكراني يوقعان في باريس الاثنين «رسالة النوايا» لتزويد كييف بطائرات رافال المقاتلة (رويترز)
الرئيسان الفرنسي والأوكراني يوقعان في باريس الاثنين «رسالة النوايا» لتزويد كييف بطائرات رافال المقاتلة (رويترز)

خلال الزيارة التي قام بها إلى استوكهولم، عاصمة السويد، يوم 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء السويدي أولاف كريسترسون على «رسالة نوايا» للتعاون في القطاع الجوي، بحيث يفتح المجال أمام كييف للحصول على ما يتراوح ما بين 100 و150 طائرة مقاتلة من طراز «غريبن إي» تصنعها شركة «ساب» السويدية.

وتعد الطائرة المقاتلة «غريبن إي» الأكثر تطوراً من بين كل ما تنتجه مصانع «ساب» بفضل رادارها الجديد، وتجهيزاتها الإلكترونية، وقدراتها بوصفها طائرة قتال متعددة المهام. ولضخامة المشروع وما يتطلبه من تدريب وتجهيزات وقدرات موازية، فإن السير به يتطلب ما لا يقل عن 15 عاماً. أما تمويل الصفقة التي لم يكشف عن قيمتها، فقد بقي في الظل. ولكن ما فهم من تصريحات الطرفين أنه سيتم اللجوء إلى استخدام جانب من الأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي، وتحديداً في بروكسل، في مؤسسة «يوروكلير» المالية. ويخطط الاتحاد الأوروبي لتمكين أوكرانيا من الحصول على قروض من هذه الأصول، وفق آلية معقدة، قد تصل إلى 140 مليار يورو.

الرئيس ماكرون مرحباً بالرئيس زيلينسكي لدى وصوله إلى قصر الإليزيه (أ.ف.ب)

100 مقاتلة رافال

ما حصل في باريس الاثنين يشبه، إلى حد كبير، ما حصل في استوكهولم. فالرئيس زيلينسكي وقع صباحاً، في قاعدة فيلاكوبليه الجوية العسكرية الواقعة جنوب العاصمة، مع الرئيس إيمانويل ماكرون «رسالة نوايا» تحصل بموجبها كييف على 100 طائرة من طراز «رافال»، ومن أحدث ما تنتجه مصانع «داسو» للطيران. ووصف زيلينسكي الصفقة التي سيمتد العمل بها لعشر سنوات بأنها «ستكون أعظم وحدة دفاع جوي، لأن طائرة رافال المقاتلة تعد من أعظم الطائرات في العالم». وقدمت باريس للقوات الجوية الأوكرانية ست طائرات ميراج 2000 تسلمت منها كييف، حتى اليوم، ثلاثة.

وتجدر الإشارة إلى أن «رسالة النوايا» لا تعد عقداً، بل إنها تعكس توافقاً بين الجانبين، واستعدادهما لتنفيذ ما تتضمنه ما يستدعي مفاوضات لاحقة قبل أن تتحول إلى التزامات نهائية من الجانبين.

طائرة رافال المقاتلة التي تصنعها شركة «داسو» الفرنسية في تمرين استعراضي بمناسبة معرض دبي للطيران يوم 17 نوفمبر (رويترز)

وتشمل الصفقة تزويد الطائرات المقاتلة بكافة الأسلحة المصاحبة، إضافة إلى توفير منظومات صاروخية للدفاع الجوي من طراز SAMP-T من الجيل الجديد، وأنظمة رادار، ومسيّرات. وفيما يخص المسيّرات، فقد شهد قصر الإليزيه بعد ظهر الاثنين اجتماعاً خصص للتعاون بين الجانبين في هذا القطاع الذي أخذ يحتل موقعاً استثنائياً في الحرب الحديثة، الأمر الذي يظهر يومياً في أوكرانيا وروسيا. ويخطط الطرفان لإنتاج مشترك، على الأراضي الأوكرانية، لمسيرات هجومية، وأخرى لإسقاط المسيرات المعادية. ويؤكد العسكريون أن كييف كسبت خبرات واسعة في هذا القطاع، وأن الغربيين دأبوا على إرسال عسكرييهم للتعرف على ما تنتجه المصانع الأوكرانية. وتخطط كييف هذه السنة لاستخدام أكثر من 4.5 مليون مسيّرة، مع العلم أن الطائرات من دون طيار تتسبب في 70 في المائة من الدمار الذي يلحق بالمعدات المعادية على الجبهات.

كما تستخدم أوكرانيا المسيرات لإسقاط الطائرات من دون طيار من طراز شاهد التي تطلقها روسيا عليها كل ليلة.

وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد في قصر الإليزيه، توقف ماكرون ملياً عند هذا التطور الرئيس في الشراكة العسكرية الاستراتيجية بين باريس وكييف. وقال ماكرون: «اليوم نقطع مرحلة جديدة مع هذا الاتفاق، ونواصل التعويل على التقارب، ودمج صناعاتنا الدفاعية من أجل الاستمرار في دعم أوكرانيا، وتحديث قواتها المسلحة التي تبقى في الخطوط الأمامية، وهي خط الدفاع الأول عن أوروبا، وأداة الردع ضد العدوان. ونقوم بذلك على المدى الطويل، مع إقرار أن القدرة على إعادة توليد الجيش الأوكراني تُعدّ عنصراً حاسماً في أمننا جميعاً». وأضاف الرئيس الفرنسي: «هذا الاتفاق يُظهر الإرادة الفرنسية في وضع تميزها الصناعي والتكنولوجي لخدمة دفاع أوكرانيا، وبالتالي الدفاع عن أوروبا». وشدد ماكرون على التكامل بين الصناعات الدفاعية بين البلدين، وعلى الشراكة الواسعة التي يطمح إليها، وتشمل إنتاج المسيرات على الأراضي الأوكرانية، وتزويد كييف بمنظومات صاروخية للدفاع الجوي.

رئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال فابيان ماندو لدى وصوله إلى قصر الإليزيه للمشاركة في اجتماع مع الرئيس الأوكراني (أ.ف.ب)

باريس وكييف نحو شراكة استراتيجية

تريد باريس، وفق ما شددت عليه مصادر الإليزيه، مساعدة كييف بشكل خاص على حماية أجوائها، وأراضيها من الهجمات الجوية الروسية، سواء كانت بالمسيرات، أو الصواريخ الباليستية، أو القنابل الانزلاقية. وفي كل مناسبة، ناشد زيلينسكي الغربيين الحصول على منظومات الدفاع الجوي. ووفق جهات واسعة الاطلاع في باريس، فإن الإدارة الأميركية لم تعد تلبي الطلبات الأوكرانية رغم استعدادها المبدئي لبيعها، شرط أن يتكفل الأوروبيون بدفع أثمانها. وبحسب الإليزيه، فإن الصفقة الجديدة، في حال إتمامها، تحضر للمستقبل بحيث تساعد كييف على بناء قوة جوية أوكرانية حديثة شبيهة بما تمتلكه جيوش الحلف الأطلسي. ووفق رئيس الأركان الفرنسي الجنرال ماندو، فإن أنظمة الدفاع الجوي الأوروبية الصنع من طراز SAMP-T التي قدّمتها فرنسا أثبتت فعاليتها أكثر من بطاريات باتريوت الأميركية ضد الصواريخ الروسية صعبة الاعتراض. وأضاف ماندو في شهادة له أمام مجلس الشيوخ الفرنسي أن هذه المنظومة دفعت الجانب الروسي لتغيير مسارات الصواريخ لتجنب إسقاطها.

وكما في حالة السويد، تطرح في باريس إشكالية تمويل الصفقة الأوكرانية. وفي كلامه للصحافة أشار ماكرون إلى احتمال استخدام الأصول الروسية، إلى جانب الآليات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي، ومنها برنامج «إيرا» أو الاستدانة الجماعية الأوروبية. وشدد ماكرون على أهمية «احترام القانون الدولي»، والانخراط الجماعي، وكذلك «مجموعة السبع» لتقاسم الأعباء، والضمانات. وأضاف: «نحن نعمل أيضاً على تهيئة شروط دعمنا، ولا سيّما فيما يتعلق باستخدام الأموال (الروسية) التي يجب أن تتيح دعم الجهود العسكرية والدفاعية لأوكرانيا، وذلك من خلال تعزيز دمج القواعد الصناعية والدفاعية الأوروبية، والأوكرانية، مع وضع معايير واضحة للأفضلية الأوروبية». وبكلام آخر، فإن ماكرون لا يريد أن تذهب الأموال لشراء المعدات، والأسلحة الأميركية.

ما قاله ماكرون استعاده زيلينسكي الذي أشار إلى إمكانية إنتاج أجزاء من مقاتلات رافال على الأراضي الأوكرانية. وبالنسبة للأصول الروسية، وهو من أشد الداعين لاستخدامها، فقد أعلن زيلينسكي أن الاتحاد الأوروبي «سينجح في إيجاد حل يسمح باستخدامها، خصوصاً لدعم حزمة الدفاع الأوروبي للإنتاج الأوكراني، ولتوفير أنظمة الدفاع الجوي»، مضيفاً أنه «من العدل استخدامها للمشاريع التي تحدثنا عنها اليوم مع الرئيس ماكرون». وتساءل: «هل ذلك كافٍ؟ لا، ليس كافياً. وسوف نواصل العمل في هذا الاتجاه لتوفير الأموال».

زيارة ناجحة قام بها زيلينسكي إلى باريس، بينما يعاني في بلاده من صعوبات في الميدان العسكري، ومن فضائح مالية، وسياسية. فماكرون وفر له دعماً سياسياً، وعسكريا، والتزاماً بدوام الوقوف إلى جانبه، إضافة إلى مشاريع تعاون في قطاعي الطاقة، والمواصلات. واستفاد ماكرون من المناسبة لينبه روسيا من «المراهنة على إرهاق الأوروبيين (من تواصل الحرب)»، مؤكداً «عزمهم على مواصلة تعزيز العقوبات ضدها بالتنسيق مع واشنطن، من أجل إضعاف قدراتها على مواصلة مجهودها الحربي». كذلك لمح ماكرون إلى صعوبات الرئيس الأوكراني، ولم يتردد في الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي الذي تسعى كييف إلى الانضمام إليه متيقظ لقدرة السلطات على محاربة الفساد، واحترام القوانين المرعية، وكلها تؤخذ بعين الاعتبار في عملية قبول انضمام كييف إلى النادي الأوروبي.

الرئيسان ماكرون وزيلينسكي يستمعان خلال زيارتهما الاثنين لمقر قيادة القوة متعددة الجنسيات من أجل أوكرانيا لشروح من أحد كبار الضباط (رويترز)

من جانب آخر، قام ماكرون وزيلينسكي بزيارة مقر «قيادة القوة متعددة الجنسيات» القائم قريباً من باريس التي تعمل على تنسيق الجهود لنشرها «في المواقع الخلفية» بعد أن يتم التوصل إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما يبدو احتمالاً بعيد المنال. وانبثقت القوة، نظرياً حتى اليوم، من «تحالف الراغبين» الذي أطلق في فبراير (شباط) الماضي بمبادرة فرنسية-بريطانية.