ألمانيا: لأول مرة... مواطن من أصل مهاجر يرأس جهاز الاستخبارات الداخلية

سنان سيلين ولد في إسطنبول وقدم إلى كولون بسن الرابعة وتخلى عن جنسيته التركية

مقر جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)
مقر جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا: لأول مرة... مواطن من أصل مهاجر يرأس جهاز الاستخبارات الداخلية

مقر جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)
مقر جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)

لأول مرة في تاريخ ألمانيا، سيرأس جهاز المخابرات الألمانية الداخلية ألمانيٌّ من أصول مهاجرة، يدعى سنان سيلين، ولد في إسطنبول عام 1972 وعاش في مدينة كولون بألمانيا منذ كان في سن الرابعة بعد دخول والديه البلاد عاملَين آنذاك.

ورغم أن سيلين نفسه لا يتحدث كثيراً عن جذوره التركية التي لا يبدو أنها تعنيه، فهو تخلى عن جواز سفره التركي، فإن تعيينه رئيساً للمخابرات الألمانية، التي تَعدّ التطرف الإسلاموي في طليعة مهامها، يعدّ خطوة لافتة في بلد ما زال وصولُ من هم من أصول مهاجرة إلى مواقع رفيعة فيه أمراً نادراً، رغم أن 30 في المائة من المواطنين الألمان من أصول مهاجرة.

سنان سيلين الذي سيرأس جهاز الاستخبارات الداخلية في ألمانيا (د.ب.أ)

وقد وصف بعض الصحف الألمانية، مثل صحيفة «مورغن بوست» البرلينية، تعيين سيلين بأنه «مثال أساسي لنجاح المهاجرين». وجاء في مقال لمراسل شؤون السياسة الفيدرالية، أن تعيين سيلين في أعلى منصب للاستخبارات الداخلية دليل على أن «ألمانيا تغيرت»، وكتب ثورستن كنوف: «أن تكون من أصول مهاجرة في ألمانيا أصبح طبيعياً بقدر ما أنك ألماني أصلي». وتابع الكاتب أن «هذا دليل التقدم في المجتمعات المنفتحة: إذا عملت جاهداً وتبعت القوانين، فأي شيء ممكن. لا تهم أصولك؛ بل ما يمكنك إنجازه».

ووصف النائب عن «الحزب المسيحي الديمقراطي» الحاكم، رودريش كيسفتر، اختيار سيلين للمنصب بأنه «قرار ممتاز؛ لأن سيلين يجلب أفضل الخبرات والمعرفة الواسعة الضرورية».

وشغل سيلين، الذي درس المحاماة، منصب نائب رئيس الاستخبارات الداخلية منذ عام 2019، وهو يؤدي مهام الرئيس منذ نهاية العام الماضي بعد استقالة رئيس الجهاز، توماس هالدنفانغ، لخوض الانتخابات النيابية ممثلاً عن «الحزب المسيحي الديمقراطي» الحاكم، وهي انتخابات فشل فيها. ونقلت صحف ألمانية عدة أن وزير الداخلية، ألكسندر دوربينت، وافق على تعيين سيلين رئيساً لجهاز الاستخبارات. ويتمتع سيلين بخبرة طويلة داخل الجهاز؛ فقد بدأ عمله فيه منذ أكثر من 20 عاماً، وكان مسؤولاً عن الحماية الشخصية للمستشار الأسبق غيرهارد شرودر. وبعد ذلك عمل سيلين على ملف ما بات يعرف بـ«مفجري حقائب كولون» وهي محاولة تفجير فاشلة على قطارات نفذها 3 متطرفين إسلامويين. وعمل سيلين في وزارة الداخلية لسنوات، وتخصص في محاربة الإرهاب، قبل أن يغادر لبضع سنوات ليعمل في القطاع الخاص ويعود عام 2019 نائباً لرئيس جهاز المخابرات.

وسيكون أمام سيلين تحدي إكمال ما بدأه خلفه من إجراءات لمراقبة حزب «البديل من أجل ألمانيا» وتصنيفه بأنه حزب «يميني متطرف بشكل مؤكد»؛ مما يسمح للجهاز بصلاحيات واسعة النطاق لمراقبة الحزب وجمع أدلة يمكن أن تؤدي إلى حظره في حال ثبت أنه يعمل بشكل مخالف للدستور.

وبالإضافة إلى اليمين المتطرف، فسيكون ملف المتطرفين الإسلامويين كذلك على رأس أوليات سيلين نظراً إلى خلفيته وتخصصه في الموضوع. وقد أظهر تقرير المخابرات الداخلية عن العام الماضي أن أعداد المتطرفين زادت في ألمانيا. وأشار التقرير آنذاك إلى أن هناك زيادة بنحو ألف شخص مصنفين «إسلامويين متطرفين»؛ مما رفع العدد من نحو 27 ألفاً إلى أكثر من 28 ألفاً. ويتضمن التصنيف من ينتمون إلى «داعش» و«القاعدة» و«حماس» و«حزب الله».

ويبدو أن سيلين يريد أيضاً إعادة تركيز جهود المخابرات الداخلية على التهديدات الروسية، وقد قال في مقابلات سابقة إنه على المخابرات أن تعيد «تركيز أولوياتها»؛ لأن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعدّ ألمانيا «هدفاً رئيسياً في أوروبا الوسطى»، محذراً بأن «أعداءنا أصبحوا أكثر عداء وتعقيداً». ونقلت عنه صحيفة «فيلت إم زونتاغ» في أغسطس (آب) الماضي، أن ألمانيا «تواجه طيفاً واسعاً من الأنشطة الروسية، وبالإضافة إلى العملاء من المستوى الأدنى، تشمل هذه الأنشطة بشكل متزايد الهجمات الإلكترونية والتضليل الإعلامي والتخريب المباشر». وقال إن الهجمات الروسية «لم تستهدف فقط البنية التحتية الحيوية، بل شملت أيضاً هجمات على السلطات المدنية، مثل المكاتب العامة والشركات الخاصة».

ويروج الرئيس الجديد للاستخبارات الألمانية لاستقلالية أكبر للمخابرات الألمانية عن المخابرات الأميركية؛ إذ تعتمد ألمانيا حالياً بشكل كبير على جهاز المخابرات الأميركي في الكشف عن تهديدات إرهابية خطيرة.


مقالات ذات صلة

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ضباط شرطة نيو أورلينز يحملون رجلاً خارج مبنى البلدية بعد مشاركته في احتجاج على نشر عملاء فيدراليين في المدينة (أ.ف.ب)

بعد إهانات ترمب.. اعتقال صوماليين في حملة ضد المهاجرين في مينيابوليس

قال مسؤولون اتحاديون أمس الخميس إن أفرادا من أصول صومالية كانوا من بين من جرى اعتقالهم في حملة ضد المهاجرين في مينيابوليس.

«الشرق الأوسط» (مينيابوليس)
شمال افريقيا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز مع نظيره المغربي خلال حفل توقيع اتفاقيات عدة بين البلدين (إ.ب.أ)

قضية الصحراء والهجرة تتصدران مباحثات رئيسي وزراء إسبانيا والمغرب

استضاف رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، نظيره المغربي عزيز أخنوش، في مدريد، الخميس، لتوقيع اتفاقيات عدة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شمال افريقيا محادثات صدام حفتر وقائد «أفريكوم» (الجيش الوطني)

«الجيش الوطني» الليبي يناشد واشنطن رفع «حظر التسليح»

دعا الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الولايات المتحدة عبر قيادتها العسكرية في أفريقيا «أفريكوم» لرفع حظر التسليح المفروض دولياً منذ 2011

خالد محمود (القاهرة )
الولايات المتحدة​ متظاهرون في مدينة شارلوت ضد نشر أفراد حرس الحدود ودائرة الهجرة والجمارك (أ.ف.ب)

إدارة ترمب تُعلِّق طلبات الهجرة لمواطني 19 دولة

أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترمب علّقت جميع طلبات الهجرة من 19 دولة تعدها شديدة الخطورة بعد أيام على هجوم في واشنطن

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.