قضية حضانة تتحول إلى فضيحة استخباراتية في ألمانيا

اتهامات لوريثة سلسلة مطاعم شهيرة باختطاف طفلَيها بمساعدة عملاء إسرائيليين

تقف المدعى عليها سيدة الأعمال والذواقة الألمانية كريستينا بلوك (وسط) بجانب محامييها إنغو بوت (يسار) وأوتمار كوري قبل استئناف محاكمتها بتهمة اختطاف طفل في المحكمة الجزئية في هامبورغ (أ.ف.ب)
تقف المدعى عليها سيدة الأعمال والذواقة الألمانية كريستينا بلوك (وسط) بجانب محامييها إنغو بوت (يسار) وأوتمار كوري قبل استئناف محاكمتها بتهمة اختطاف طفل في المحكمة الجزئية في هامبورغ (أ.ف.ب)
TT

قضية حضانة تتحول إلى فضيحة استخباراتية في ألمانيا

تقف المدعى عليها سيدة الأعمال والذواقة الألمانية كريستينا بلوك (وسط) بجانب محامييها إنغو بوت (يسار) وأوتمار كوري قبل استئناف محاكمتها بتهمة اختطاف طفل في المحكمة الجزئية في هامبورغ (أ.ف.ب)
تقف المدعى عليها سيدة الأعمال والذواقة الألمانية كريستينا بلوك (وسط) بجانب محامييها إنغو بوت (يسار) وأوتمار كوري قبل استئناف محاكمتها بتهمة اختطاف طفل في المحكمة الجزئية في هامبورغ (أ.ف.ب)

تخوض وريثة سلسلة مطاعم «بلوك هاوس» الألمانية، كريستينا بلوك، واحدة من أكثر قضايا الحضانة إثارة في تاريخ ألمانيا الحديث، بعدما تحول نزاعها الأسري إلى محاكمة جنائية معقّدة يتداخل فيها الأمن الدولي، والجواسيس الإسرائيليون، وقضاة من دولتين، تحت أنظار الإعلام والرأي العام، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

واتُّهمت بلوك، البالغة من العمر 49 عاماً، أمام المحكمة الإقليمية في هامبورغ، بتدبير وتنفيذ عملية اختطاف لاثنين من أطفالها الأربعة من زوجها السابق، شتيفان هينزل، في عملية نُفذت عبر الحدود الألمانية - الدنماركية ليلة رأس السنة، بمساعدة شبكة دولية يُزعم أنها ضمت عملاء استخبارات سابقين.

وحسب لائحة الاتهام، لجأت بلوك إلى شركة أمن خاصة، يُعتقد أنها ذات صلات بجهاز الموساد الإسرائيلي، لتنفيذ عملية اختطاف وُصفت بالوحشية، وقعت خلال احتفال عائلي في منزل والد الأطفال جنوب الدنمارك، حيث تعرّض هينزل للاعتداء أمام طفلَيْه اللذَيْن تم تقييدهما وتهديدهما بالقتل، قبل نقلهما سراً إلى داخل الأراضي الألمانية.

الصحافي الرياضي الألماني السابق غيرهارد ديلينغ (يسار) ومحاميه ديفيد ريكس في الصورة قبيل استئناف محاكمة سيدة الأعمال والذواقة الألمانية كريستينا بلوك (أ.ف.ب)

ويُحاكم إلى جانبها الصحافي الرياضي المعروف غيرهارد ديلينغ، شريكها العاطفي منذ عام 2021، بتهمة المساعدة في تنفيذ العملية.

وتُعقد المحاكمة داخل قاعة ذات إجراءات أمنية مشددة، عادة ما تُخصَّص لقضايا الإرهاب، بالنظر إلى حساسية القضية وهوية المتهمين.

ومن بين الأسماء المتداولة في التحقيقات، أوغوست هانينغ، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND)، الذي تتهمه النيابة بتسهيل الاتصال الأولي بين «بلوك» وشركة الأمن الإسرائيلية. إلا أن هانينغ نفى أي تورط في عملية الاختطاف، مؤكداً أنه قدَّم دعماً معنوياً فقط.

وتنفي كريستينا بلوك جميع التهم المنسوبة إليها، بما في ذلك التخطيط للاختطاف أو تمويله. ووفق روايتها، فإن والدتها المتوفاة هي من تعاقدت مع شركة الأمن، قبل وفاتها بـ9 أشهر، لافتة إلى أن العملية جاءت نتيجة يأسها من استرجاع أطفالها، بعدما رفض والدهم إعادتهم إلى ألمانيا رغم حكم قضائي ألماني منحها الحضانة الكاملة منذ عام 2021.

في المقابل، يتمسّك الزوج السابق هينزل بقرار المحاكم الدنماركية التي منحته الحضانة الكاملة للأطفال، في حين نقلت السلطات أن الطفلين لا يرغبان في التواصل مع والدتهما، ويعيشان الآن تحت أسماء جديدة وفي عنوان سري بالدنمارك.

وأعلنت النيابة أن عملية الاختطاف تم الإعداد لها بعناية وبتكلفة تجاوزت مئات الآلاف من اليوروات، واستُخدمت خلالها أجهزة مراقبة وإنذار، أُفشلت في اللحظات الأخيرة بعد أن فعَّل الأب جهاز تعقب مثبتاً بأحد أبنائه، مما مكّن الشرطة الدنماركية من ملاحقة الخاطفين، الذين فرّوا بالأطفال إلى جنوب ألمانيا.

وفي تطور إضافي، تواجه بلوك تهمة محاولة تلفيق قضية تحرش بالأطفال ضد زوجها، من خلال زرع صور مفبركة في ممتلكاته، وهي تهمة تنفيها أيضاً.

ومن المتوقع أن تمتد المحاكمة حتى نهاية العام الحالي، مع الاستماع إلى أكثر من 140 شاهداً و20 خبيراً. وقد أبدت الابنة الكبرى، البالغة 14 عاماً، رغبتها في الشهادة، إلا أن المحكمة أرجأت الجلسات بعد إثارة مخاوف قانونية بشأن تعارض الشهادة مع قضية منفصلة تتعلق بعدم امتثال الأب لحكم الحضانة الألماني.

في هذا السياق، عبّر يوجين بلوك، مؤسس سلسلة «بلوك هاوس»، البالغ 83 عاماً، عن حزنه العميق تجاه ما يحدث، قائلاً في تصريحات لصحيفة «هامبورغر آبندبلات» إنه لم يرَ أحفاده منذ سنوات، مضيفاً: «هذه المعركة تسببت لي في ألم نفسي كبير».

هذه القضية التي تمس العائلة الألمانية الثرية وتُثير الجدل حول الحدود القضائية بين الدول الأوروبية، تفتح الباب أمام أسئلة قانونية وأخلاقية حساسة حول دور القضاء الدولي، والأجهزة الأمنية، ومصلحة الطفل في النزاعات العابرة للحدود.


مقالات ذات صلة

إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

خاص المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة سبتمبر الماضي (رويترز) play-circle

إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

باتت حركة «حماس» تتحسب لعملية اغتيال إسرائيلية جديدة، محتملة لبعض قياداتها في خارج الأراضي الفلسطينية، وتحدثت مصادر كبيرة عن قلق من حدوثها في دولة غير عربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية غزيون تهجروا إلى مخيمات النزوح في جنوب قطاع غزة يعودون إلى ديارهم بشماله يوم 11 أكتوبر 2025 (رويترز)

يوسي كوهين: أطلقتُ خطة «التهجير المؤقت» للغزيين... والسيسي أسقطها

يكشف مدير «الموساد» السابق، يوسي كوهين، أنه صاحب فكرة تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة خلال الحرب الحالية، لكنه يؤكد أن فكرته لا تتعلق بتهجير دائم، بل مؤقت.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو يشير إلى وثائق من الأرشيف النووي الإيراني تكشف دور محسن فخري زاده في برنامج التسلح النووي لطهران (أرشيفية - رويترز)

يوسي كوهين: سرقنا الأرشيف النووي وأصيب الإيرانيون بهستيريا

يتحدث يوسي كوهين في كتابه عن تفاصيل سرقة الأرشيف النووي الإيراني واغتيال كبير علماء الذرة الإيرانيين محسن فخري زاده.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية جانب من تشييع عماد مغنية في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 14 فبراير 2008 (غيتي)

يوسي كوهين: تاجر «أرجنتيني» جنّد لبنانياً أوصل الموساد إلى عماد مغنية

يتحدث يوسي كوهين، مدير الموساد السابق، في كتابه «بالأحابيل تصنع لك حرباً»، عن خطة وضعها لاغتيال قاسم سليماني، وعملية قتل عماد مغنية.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية عميل «الموساد» الإسرائيلي محمد فاتح كيليش أو «سركان تشيشك» خلال تجوله في محيط سكن الناشط الفلسطيني في إسطنبول (صورة من كاميرات المراقبة موزعة على وسائل الإعلام التركية)

تركيا: القبض على عميل لـ«الموساد»... ومحامٍ ساعده بالمعلومات

أعلنت السلطات التركية القبض على أحد عملاء جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) تورط في أنشطة تستهدف ناشطاً فلسطينياً في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
TT

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

وكتبت هيئة الأركان العامة للجيش على تطبيق تلغرام أن مصنع نيفينوميسكي أزوت تعرض للقصف يوم الخميس، موضحة أن المنشأة تنتج مكونات للمتفجرات ووصفتها بأنها واحدة من أكبر المنشآت من هذا النوع في روسيا.

ولم يصدر على الفور رد فعل من جانب المسؤولين الروس، ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة ما أعلنه الجيش الأوكراني بشكل مستقل.


أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
TT

أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، اليوم الخميس، في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أوكرانيا تريد «سلاماً حقيقياً وليس تهدئة» مع روسيا.

وتسعى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي هيئة معنية بالأمن والحقوق، إلى الاضطلاع بدور في أوكرانيا ما بعد الحرب.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الأربعاء، إن الطريق أمام محادثات السلام غير واضح حالياً، في تصريحات بعد محادثات وصفها بأنها «جيدة إلى حد معقول» بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثين أميركيين.

وأضاف سيبيها أمام المجلس الوزاري السنوي للمنظمة: «ما زلنا نتذكر أسماء أولئك الذين خانوا الأجيال القادمة في ميونيخ. يجب ألا يتكرر ذلك مرة أخرى. يجب عدم المساس بالمبادئ ونحن بحاجة إلى سلام حقيقي وليس إلى تهدئة».

جنود روس يقومون بدورية بمنطقة سودجا بإقليم كورسك (أرشيفية - أ.ب)

وأشار الوزير بهذا على ما يبدو إلى اتفاقية عام 1938 مع ألمانيا النازية، التي وافقت بموجبها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا على أن يضم أدولف هتلر إقليماً فيما كان يُعرف آنذاك بتشيكوسلوفاكيا. وتستخدم هذه الاتفاقية على نطاق واسع باعتبارها إشارة إلى عدم مواجهة قوة مهددة.

ووجه سيبيها الشكر للولايات المتحدة على ما تبذله من جهود في سبيل إرساء السلام، وتعهد بأن أوكرانيا «ستستغل كل الفرص الممكنة لإنهاء هذه الحرب»، وقال: «أبرمت أوروبا الكثير للغاية من اتفاقيات السلام غير العادلة في الماضي. أسفرت جميعها عن كوارث جديدة».

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس إن فريقه يستعد لعقد اجتماعات في الولايات المتحدة وإن الحوار مع ممثلي ترمب سيستمر.

وبرزت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تضم 57 دولة منها الولايات المتحدة وكندا وروسيا ومعظم دول أوروبا وآسيا الوسطى، بوصفها منتدى مهماً للحوار بين الشرق والغرب خلال الحرب الباردة.

وفي السنوات القلائل الماضية، وصلت المنظمة إلى طريق مسدود في كثير من الأحيان، إذ عرقلت روسيا تنفيذ قرارات مهمة، واتهمتها بالخضوع لسيطرة الغرب. واشتكت روسيا في بيانها من «هيمنة أوكرانيا الشاملة على جدول الأعمال» في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.


تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
TT

تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)

ذكرت وسائل إعلام محلية في آيرلندا، الخميس، أن سفينة تابعة للبحرية الآيرلندية رصدت ما يصل إلى 5 طائرات مسيرة تحلق بالقرب من مسار طائرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى وصوله في زيارة دولة إلى آيرلندا، يوم الاثنين.

وذكرت صحيفة «آيريش تايمز» أن عملية الرصد أثارت استنفاراً أمنياً واسعاً وسط مخاوف من أنها محاولة للتدخل في مسار الرحلة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمّها القول إن الطائرة، التي وصلت قبل موعدها بقليل، لم تكن معرضة للخطر، وفقاً لوكالة «رويترز».

ووصل الوفد الأوكراني في ساعة متأخرة من مساء يوم الاثنين، وغادر في وقت متأخر من اليوم التالي، في إطار رحلة للمساعدة في حشد الدعم الأوروبي لكييف، في الوقت الذي تواصل فيه روسيا حربها على أوكرانيا.

وأدّت توغلات الطائرات المسيرة، التي لم يُكشف عن الجهة المسؤولة عنها حتى الآن، إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية في أوروبا في الآونة الأخيرة. ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، هذه التوغلات بأنها «حرب متعددة الوسائل».