الاتحاد الأوروبي يبقي خياراته مطروحة حيال إسرائيل

مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس (أ.ف.ب)
مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يبقي خياراته مطروحة حيال إسرائيل

مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس (أ.ف.ب)
مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس (أ.ف.ب)

قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، إبقاء الخيارات مطروحة لمعاقبة إسرائيل على انتهاك حقوق الإنسان في قطاع غزة من دون اتخاذ أي قرار، وفق ما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، صرحت كالاس بعد اجتماع وزراء الخارجية: «سنُبقي هذه الخيارات مطروحة، وسنكون مستعدين للتحرك إذا لم تحترم إسرائيل التزاماتها. الهدف ليس معاقبة إسرائيل، بل تحسين الوضع في غزة فعلياً».

أفاد تقرير للمفوضية الأوروبية، رُفع إلى الدول السبع والعشرين في نهاية يونيو (حزيران)، بأن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاقية الشراكة التي تربطها بالاتحاد الأوروبي فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان.

بناء عليه؛ أعدت كالاس قائمة بالخيارات الممكنة مثل تعليق الاتفاقية بشكل كامل، وحظر الصادرات من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومراجعة سياسة التأشيرات، أو حتى تعليق الجزء التجاري من اتفاقية الشراكة.

وضع حد للاستيطان

من جانبه، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى فرض عقوبات على المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى «وقف جميع أشكال الدعم المالي المباشر وغير المباشر للنشاط الاستيطاني».

وأكد بارو أن على الحكومة الإسرائيلية «وضع حدٍّ للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، وخصوصاً مشروع E1 الكارثي، الذي يقوم على بناء 3400 وحدة سكنية، ويهدد بتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، وتوجيه ضربة قاضية لحل الدولتين».

لكن رغم الغضب المتزايد إزاء الدمار في غزة، ما زالت دول الاتحاد الأوروبي منقسمة حول كيفية التعامل مع إسرائيل، ومن ثم فضل الوزراء إرجاء اتخاذ قرار حتى من دون أن يناقشوا التدابير التي اقترحتها المفوضية، وفق أحد الدبلوماسيين.

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (رويترز)

واستُبعدت فرضية فرض عقوبات بعدما وعدت إسرائيل الاتحاد الأوروبي بتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، إثر التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن أعلنته كالاس، الخميس.

ويواجه سكان قطاع غزة الذين يزيد عددهم على مليوني نسمة ظروفاً إنسانية كارثية جراء نقص الغذاء والماء والدواء بسبب القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل وحربها المدمرة في القطاع.

«الوقت ليس مناسباً»

رأت بعض البلدان الأوروبية أن تحسن الوضع في غزة، وهو ما لم يتم التحقق منه بعد، يبرر عدم التحرك، على الأقل على الفور. حتى إن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال في اجتماع للاتحاد الأوروبي ودول الجوار في بروكسل الاثنين: «أنا واثق بأن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لن تتبنى أياً من (تلك التدابير). لا يوجد أي مبرر لذلك على الإطلاق».

وقال دبلوماسي أوروبي إن الاتفاق بشأن زيادة المساعدات الإنسانية يمثل «تقدماً كبيراً... والوقت ليس مناسباً» لمناقشة فرضية تعليق اتفاقية الشراكة.

وقد انقسمت الدول الأعضاء السبع والعشرون بشكل حاد حول الموقف الذي ينبغي اتخاذه حيال إسرائيل منذ بدء حربها في غزة رداً على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» في إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ إذ تصرّ عدة دول أعضاء، منها ألمانيا، على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقاً للقانون الدولي، بينما تُدين دول أخرى، مثل إسبانيا، «الإبادة الجماعية» بحق الفلسطينيين في غزة.

لكن كالاس شددت على ضرورة أن تطبق إسرائيل الاتفاق بشأن زيادة المساعدات، وهو مطلبٌ كرّره عددٌ من الوزراء. وقال الوزير الآيرلندي توماس بيرن: «لم نرَ تطبيقاً فعلياً له، ربما بعض الإجراءات البسيطة جداً، ولكن المجازر مستمرة».

وينص هذا الاتفاق، من بين أمور أخرى، على «زيادة كبيرة في عدد الشاحنات التي تنقل المواد الغذائية وغير الغذائية التي تدخل غزة يومياً»، بالإضافة إلى فتح «معابر جديدة» في شمال وجنوب القطاع، وفق بيان صادر عن كالاس. كما ينص على استئناف تسليم الوقود للمنظمات الإنسانية «حتى المستوى التشغيلي».

وقالت كالاس الثلاثاء: «فُتحت المعابر الحدودية. ونشهد دخول مزيد من الشاحنات. كما نشهد إصلاحات في شبكة الكهرباء وأموراً أخرى مماثلة، لكن من الواضح أن هذا لا يكفي».


مقالات ذات صلة

ترمب بشأن الغرامة على «إكس»: على أوروبا توخي الحذر الشديد

العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب بشأن الغرامة على «إكس»: على أوروبا توخي الحذر الشديد

علّق الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، على غرامة الاتحاد الأروربي ضد منصة «إكس»، قائلاً إنه لا يعتقد أن الغرامة التي تتجاوز الـ100 مليون دولار «قرار صائب».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سيارات جديدة متوقفة في ميناء زيبروغ ببلجيكا (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يعتزم تأجيل مقترحاته بشأن ضريبة الكربون وصناعة السيارات

يعتزم الاتحاد الأوروبي تأجيل المقترحات القانونية لتوسيع نطاق ضريبة الكربون الحدودية، وربما تخفيف حظر بيع السيارات الجديدة العاملة بالوقود الأحفوري.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانعة السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)

«الأوروبي» يندد بـ«تصريحات مجنونة» لماسك بعد دعوته لإلغاء التكتل

ندد الاتحاد الأوروبي الاثنين بالهجوم الذي شنه إيلون ماسك على التكتل عبر الإنترنت بعدما فرضت بروكسل غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصته «إكس».

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث للصحافيين في كييف (إ.ب.أ) play-circle

زيلينسكي: لا اتفاق حتى الآن بشأن شرق أوكرانيا في محادثات الولايات المتحدة

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن المفاوضين الذين يناقشون مبادرة السلام التي ترعاها الولايات المتحدة ما زالوا منقسمين بشأن مسألة الأراضي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا يتحدث ماغنوس برونر المفوض الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة إلى الصحافة خلال اجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين في بروكسل (إ.ب.أ)

بينها 3 دول عربية... «الاتحاد الأوروبي» يعتمد 7 دول كبلدان منشأ «آمنة» في قواعد اللجوء

وافق مجلس الاتحاد الأوروبي اليوم (الاثنين) على تشريعين من شأنهما تعزيز تطبيق مفاهيم «بلد المنشأ الآمن» في قواعد اللجوء بالتكتل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )

الأوروبيون يجددون دعمهم لزيلينسكي بعد انتقادات ترمب للرئيس الأوكراني

زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
TT

الأوروبيون يجددون دعمهم لزيلينسكي بعد انتقادات ترمب للرئيس الأوكراني

زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)

أبدى حلفاء أوكرانيا الأوروبيون دعمهم للرئيس فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إذ عبروا عن شكوك بشأن أجزاء من مقترح أميركي لإنهاء الحرب مع روسيا.

التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس زيلينسكي لنحو ساعتين تقريباً، بعد أن اتهمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه لم يطلع على مقترحه الأخير لإنهاء النزاع مع روسيا والذي لم تُكشف تفاصيله بعد.

وفي مستهل الاجتماع عبر ميرتس عن «شكوكه» تجاه «بعض التفاصيل التي نراها في الوثائق الواردة من الولايات المتحدة»، من دون أن يحدد ما هي الوثائق التي يشير إليها.

واتخذ ماكرون على ما يبدو الموقف نفسه، إذ قال إن «المسألة الرئيسية» تكمن في «تقريب مواقفنا المشتركة، بين الأوروبيين والأوكرانيين، والولايات المتحدة».

وأضاف نظيره الأوكراني: «هناك أمور معينة لا يمكننا إدارتها من دون الأميركيين، وبعض الأمور لا يمكننا إدارتها من دون أوروبا، ولهذا السبب يتعين علينا اتخاذ قرارات مهمة». وبعد لندن، ينتقل زيلينسكي إلى بروكسل حيث يلتقي مسؤولين في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

قبل الاجتماع صرح كير ستارمر الإثنين لقناة «آي تي في نيوز»: «لن أمارس ضغطاً على الرئيس» زيلينسكي، مضيفاً أن «الأهم هو التوصل إلى وقف الأعمال العسكرية، آمل أن يحصل ذلك، وأن يتم في شكل عادل ومستدام، وهذا ما سنركز عليه بعد ظهر اليوم».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستقبلاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مدخل 10 داوننغ ستريت (أ.ف.ب)

مسألة الأراضي

قبل محادثات لندن أفاد مسؤول أوكراني رفيع المستوى «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّ مسألة الأراضي لا تزال «الأكثر تعقيداً»، إذ تطالب موسكو بانسحاب القوات الأوكرانية من بعض المناطق التي ما زالت تسيطر عليها.

وتريد روسيا التي تسيطر على الجزء الأكبر من دونباس، السيطرة على كامل هذه المنطقة، وهو مطلب رفضته كييف مراراً.

كان من المفترض أن تتم أيضا في لندن مناقشة مسألة استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لتمويل أوكرانيا. وصرح مسؤول بريطاني الاثنين بأنه «يأمل في تحقيق تقدم قريباً» في هذا الشأن، إذ تأمل دول الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق خلال القمة الأوروبية القادمة يومي 18 و19 ديسمبر (كانون الأول).

ترمب يشعر بخيبة أمل

في الوقت نفسه، يُتوقَّع أن تزور وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر واشنطن للقاء نظيرها ماركو روبيو، في إطار جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا التي اندلعت إثر الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022.

وأعلن زيلينسكي السبت أنه أجرى مكالمة هاتفية «جوهرية وبناءة» مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر ومفاوضيه الذين أجروا محادثات في فلوريدا من الخميس إلى السبت.

ومنذ طرح الخطة الأميركية التي اعتبرت مراعية لروسيا قبل ثلاثة أسابيع، تسعى القوى الأوروبية المتحالفة مع كييف إلى إيصال صوتها.

وعقب اجتماع عُقد في جنيف نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي الموفدين الأميركيين ويتكوف وكوشنر.

وتحدث الكرملين عن بعض التقدم، رغم أنّ «الكثير من العمل» لا يزال مطلوباً.

ورداً على سؤال خلال احتفال أقيم في واشنطن مساء الأحد، انتقد ترمب الذي يبعث بإشارات مُتضاربة إلى زيلينسكي، نظيره الأوكراني لعدم «اطلاعه» على خطته.

وقال ترمب: «تحدثت مع الرئيس بوتين ومع القادة الأوكرانيين... بمن فيهم زيلينسكي... ويجب أن أقول إنني أشعر بخيبة أمل لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ المقترح بعد».

وأضاف الملياردير الجمهوري الذي يتقرّب من موسكو منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل نحو عام: «إنّ ذلك يُناسب روسيا، أعتقد أن روسيا تُفضّل أن تأخذ البلد بأكمله»، لكنني «لست متأكداً من أنّ ذلك يُناسب زيلينسكي».

ميدانياً في أوكرانيا، أصيب تسعة أشخاص في ضربات نُسبت إلى روسيا ليل الأحد الاثنين؛ سبعة في منطقة سومي (شمال شرق) واثنان في تشيرنيهيف (شمال).


«الترويكا الأوروبية» تربط أمن أوكرانيا بأمن القارة

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«الترويكا الأوروبية» تربط أمن أوكرانيا بأمن القارة

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)

أعلن مصدر رئاسي فرنسي رفيع المستوى أن اجتماع قادة «الترويكا الأوروبية» (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) في لندن، بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والاجتماع اللاحق بين القادة الثلاثة والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «غرضهما الأساسي، في المرحلة الراهنة، التوافق حول موقف أوروبي ــ أوكراني بحيث يشكل أساساً صلباً يمكن على أساسه التفاوض مع الأميركيين». ولبناء هذا الموقف، يحتاج الأوروبيون الذين استُبعدوا من المفاوضات الأخيرة بخصوص الحرب في أوكرانيا «أن يكونوا على دراية بدقائق مكونات التفاوض من أجل بلورة موقف يتمسك بالأساسيات، وأولها حق الأوكرانيين في اختيار مصيرهم، وتحديد معايير اتفاق سلام ممكن مع روسيا».

وبينما ترى «الترويكا الأوروبية» أن خيارات الإدارة الأميركية تميل بوضوح إلى جانب موسكو، فإن الأوروبيين عازمون على استخدام «كافة الأدوات المتاحة لهم من الدعم المالي والدعم العسكري من خلال (تحالف الراغبين)، المفترض به أن يصب في خدمة الهدف نفسه؛ أي تمكين أوكرانيا من استعادة حقوقها وتحديد مستقبلها، والدخول في مفاوضات مع روسيا من موقع قوة بحيث تتمكن من حماية مصالحها».

وترى باريس أن الطريق الأسلم للمفاوضات هو «أن يسمع الأميركيون من الطرف الأوكراني ما هو ممكن بالنسبة إليهم، وما هو غير الممكن. ومتى تبيّن لهم ذلك، فإن الأساس بعده أن يعمل الأميركيون على انتزاع التزامات من الجانب الروسي بحيث يصبح التفاوض ممكناً، ما سيسمح بإرساء وقفٍ لإطلاق النار والسعي إلى اتفاق يتحلى بالمصداقية». ولا يتوقف الدور الأوروبي كما تنظر إليه باريس عند هذا الحد. ففرنسا ترى أن العملية «ما زالت في بدايتها». وما تعنيه بذلك أن العمل التمهيدي والرغبة الأميركية في فرض حل على كييف ما زالا مبكرين، ومن واجب الأوروبيين الذين يوفرون لأوكرانيا مروحة واسعة من الدعم متعدد الأشكال «التأكد من أن مصالح أوكرانيا ومصالح أوروبا مجتمعَة - وهما متلازمتان - تؤخذ فعلاً في الاعتبار في إطار المفاوضات بين الطرفين الأميركي والروسي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستقبِلاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مدخل «10 داوننغ ستريت» الاثنين (أ.ف.ب)

لا يفصل الأوروبيون بين أمنهم الخاص وأمن أوكرانيا المستقبلي. ويريد الأوروبيون، وفق المصدر الرئاسي الفرنسي، أن تتوافر لديهم «رؤية مستقبلية» بخصوص أمن القارة الأوروبية. وما يجعل الأمور أكثر إلحاحاً هو تفاقم مخاوفهم من مضمون الوثيقة الاستراتيجية الأمنية الأميركية التي تهاجم أوروبا، ولا تحمل التزاماً أميركياً بأمنها. ولا يعرف الأوروبيون حقيقة مدى التزام واشنطن بما صرح به وزير الخارجية ماركو روبيو بشأن استعداد الإدارة الأميركية لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، والتي تشكل حجر الأساس لقبولها السير باتفاق مع روسيا. وكشف المصدر الفرنسي أن روبيو تحدث بالإيجاب بمناسبة مشاركته للمرة الأولى في اجتماع «تحالف الراغبين» بداية الأسبوع الماضي بدعوة من الرئيس الفرنسي. ووفق المصدر الرئاسي، فإن روبيو أفاد بأن الولايات المتحدة ستبدأ في التخطيط مع «تحالف الراغبين»، وبالتالي ستنخرط في عمل مشترك لـ«وضع تعريف للضمانات الأمنية».

وتعد مسألة الضمانات (وهي الغرض الأساسي من إنشاء «تحالف الراغبين») حيوية بالنسبة لكييف التي ترى فيها «بوليصة تأمين» وظيفتها منع أي اعتداءات روسية مستقبلية عليها. وحتى اليوم، ورغم الإصرار الأوكراني - الأوروبي، لم تكشف الإدارة الأميركية بشكل واضح عما تستطيع توفيره من ضمانات، علماً أن الدول المستعدة لتوفير عناصر عسكرية لـ«قوة الطمأنة» الأوروبية المفترض أن تنتشر خلف خطوط وقف إطلاق النار بعد توقفه، تربط مشاركتها بتوافر الضمانات الأميركية.

وعصراً، قال قصر الإليزيه إن اجتماع «الترويكا» مع الرئيس زيلينسكي «أتاح مواصلة العمل المشترك بشأن الخطة الأميركية بهدف استكمالها بالمساهمات الأوروبية، وبالتنسيق الوثيق مع أوكرانيا»، مضيفاً أن «مستشاري الأمن القومي للأطراف الأربعة يواصلون استكمال العمل» تمهيداً للقاءات لاحقة مع نظرائهم الأميركيين لغرض «تعزيز التقارب» بين الجانبين. كذلك يتم العمل على الضمانات الأمنية لأوكرانيا وإعادة إعمارها. وبعد لندن، يتوجّه زيلينسكي إلى بروكسل للقاء أمين عام الحلف الأطلسي مارك روتيه، وكذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)

وكان زيلينسكي قد أشار إلى أن المفاوضين الذين يناقشون مبادرة السلام التي ترعاها الولايات المتحدة ما زالوا منقسمين بشأن مسألة الأراضي.

وأوضح زيلينسكي، في مقابلة هاتفية مع وكالة «بلومبرغ»، أن بعض عناصر الخطة الأميركية يتطلب مزيداً من النقاش حول عدد من «القضايا الحساسة»، بما في ذلك الضمانات الأمنية للبلاد التي أنهكتها الحرب، والسيطرة على شرق البلاد. وأضاف: «هناك رؤى مختلفة للولايات المتحدة، وروسيا، وأوكرانيا، ولا توجد وجهة نظر موحدة بشأن دونباس»، مشيراً إلى أن كييف تضغط من أجل اتفاق منفصل يتعلق بالضمانات الأمنية من الحلفاء الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

الأصول الروسية

وفي سياق آخر، عبّر المصدر الرئاسي عن «ثقته» بقدرة الاتحاد الأوروبي على التوصل إلى تفاهم بالنسبة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة في مؤسسة «يوروكلير» البلجيكية، والتي يريد الأوروبيون توظيفها لدعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً. وبحسب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فإن الاتحاد يرغب في الحصول على تسعين مليار يورو من الأصول تقدم في إطار قروض لكييف للعامين 2026 و2027 لدعم مجهودها العسكري وماليتها. ويُنتظر أن تُبت هذه المسألة في اجتماع القادة الأوروبيين يومَي 18 و19 من الشهر الحالي. لكن الجانب الروسي هدد بتدابير عقابية في حال الاستيلاء على جانب من هذه الأصول الموضوعة في مؤسسات مالية أوروبية وأميركية، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 210 مليارات يورو. وسبق للاتحاد الأوروبي أن بدأ باستخدام فوائد هذه الأصول لدعم كييف. لكن مع توقف المساعدات الأميركية، لا يجد الأوروبيون بديلاً عن خيار اللجوء إلى الأصول الروسية للاستجابة لحاجات أوكرانيا المقدرة بـ135 مليار يورو للعامين القادمين.


إسبانيا: مقتل 4 جراء موجة هائلة ضربت مسبحاً طبيعياً في تينيريفي

السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)
السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)
TT

إسبانيا: مقتل 4 جراء موجة هائلة ضربت مسبحاً طبيعياً في تينيريفي

السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)
السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)

أعلنت السلطات الإسبانية ارتفاع عدد ضحايا الموجة الهائلة التي ضربت مسبحاً طبيعياً على الساحل الغربي لجزيرة تينيريفي الإسبانية، وسحبت عدداً من السباحين إلى البحر، إلى أربعة أشخاص، اليوم الاثنين.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، كانت آخر حالة وفاة مؤكدة لامرأة أصيبت بسكتة قلبية خلال الواقعة التي حدثت أمس الأحد، عند منحدرات لوس جيجانتس في منطقة سانتياجو ديل تيدي.

وحاول المسعفون إنعاشها ونقلها جواً إلى المستشفى، غير أنها لفظت أنفاسها هناك في وقت لاحق.

وأفادت خدمات الطوارئ في جزر الكناري بأن رجال الإنقاذ يواصلون البحث عن امرأة أخرى جرفتها الأمواج. وبحسب تقارير إعلامية، تمكن العديد من الأشخاص ممن جرفتهم الأمواج، من الوصول إلى الشاطئ بمفردهم.

وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية (آر تي في إي) أن السلطات المحلية أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج أمس الأحد. وكانت السلطات قد أكدت في وقت سابق مقتل رجلين وامرأة.