ماكرون وزوجته في زيارة دولة «تاريخية» إلى بريطانيا

أجواء ملكية... والأهم منذ «بريكست»

الملك تشارلز الثالث وزجته الملكة كاميلا مع ماكرون وزوجته بريجيت في ويندسور(أ.ب)
الملك تشارلز الثالث وزجته الملكة كاميلا مع ماكرون وزوجته بريجيت في ويندسور(أ.ب)
TT

ماكرون وزوجته في زيارة دولة «تاريخية» إلى بريطانيا

الملك تشارلز الثالث وزجته الملكة كاميلا مع ماكرون وزوجته بريجيت في ويندسور(أ.ب)
الملك تشارلز الثالث وزجته الملكة كاميلا مع ماكرون وزوجته بريجيت في ويندسور(أ.ب)

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زوجته بريجيت، الثلاثاء، زيارة دولة لبريطانيا، هي الأولى لزعيم أوروبي منذ الـ«بريكست»، وتستغرق ثلاثة أيام.

وكتب الرئيس الفرنسي في منشور على منصة «إكس»: «إنها لحظة كبيرة لأمّتينا»، و«هي أيضاً لحظة مهمّة لأوروبا الخاصة بنا»، مشدّداً على ضرورة أن تفتح أوروبا وبريطانيا «سبلاً جديدة للتعاون» في وجه «التحدّيات الكبيرة» على الصعيد العالمي.

ماكرون والأمير ويليام (رويترز)

وكان في استقبال الرئيس الفرنسي وعقيلته ولي العهد البريطاني الأمير وليام وزوجته كايت التي اختارت للمناسبة طقماً من توقيع «ديور»، في مدرج «قاعدة نورثولت العسكرية» في غرب لندن، حيث حطّت الطائرة الرئاسية بوجود حرس الشرف.

وتوجّه الجميع معاً إلى «قصر ويندسور»، حيث استقبلهما العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث المعروف بحبّه للثقافة الفرنسية وزوجته كاميلا، بعد نحو سنتين من زيارة الدولة التي قاما بها إلى فرنسا.

وبعد عزف النشيد الوطني الفرنسي، استقلوا عربات ملكية تجرها خيول في الجادة الرئيسية لويندسور، حيث ترفرف أعلام فرنسا وبريطانيا وصولاً إلى القصر، حيث مقر إقامة الرئيس ماكرون وزوجته.

وجلس العاهل البريطاني والرئيس الفرنسي في العربة الأولى، في حين ركبت الملكة كاميلا وبريجيت العربة الثانية. وقد تبادلت السيّدتان القبل خلافاً لأصول التحيّة الملكية.

العاهل البريطاني والرئيس الفرنسي في العربة الملكية (أ.ب)

بعد الجمود الذي خيّم على العلاقات بين البلدين إثر انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سنة 2020 وفي ظلّ الحكومات المحافظة السابقة، تأتي هذه الزيارة في أجواء أكثر دفئاً بين البلدين بعد تسلم حزب العمّال رئاسة الحكومة البريطانية العام الماضي.

وساهمت الحرب في أوكرانيا التي أعادت الرهانات الدفاعية والأمنية إلى قلب الاهتمامات الأوروبية،

في هذا التقارب بين الحليفين اللذين يعدّان أكبر قوّتين عسكريتين في القارة ويمتلك كلاهما السلاح النووي.

ويستضيف الملك تشارلز الثالث الرئيس الفرنسي مساء الثلاثاء حول مأدبة عشاء من المرتقب أن يتم التركيز خلالها على «التهديدات المعقّدة الآتية من كلّ الاتجاهات التي تواجه بلدينا» و«التي لا تعرف حدوداً».

وتعدّ زيارة الدولة هذه، وهي الأولى منذ زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي سنة 2008، الأولى لزعيم أوروبي منذ تولّي تشارلز العرش، ووصفتها الحكومة البريطانية، الاثنين، بـ«التاريخية».

ملكة بريطانيا كاميلا وزوجة ماكرون بريجيت (أ.ب)

وينظر إليها من الجانب الفرنسي على أنها مؤشر إلى «إعادة تقارب» حول «مصالح مشتركة» في سياق «إعادة إطلاق» أوسع نطاقاً للعلاقات يريد رئيس الوزراء العمّالي كير ستارمر تحقيقها مع الاتحاد الأوروبي.

وفي الشقّ السياسي، من المرتقب عقد قمّة ثنائية، الخميس، لإرساء تعزيز التعاون في مجال الدفاع ومكافحة الهجرة غير النظامية.

وفي تكريم نادر من نوعه، يلقي ماكرون خطاباً في برلمان ويستمنستر أمام أعضاء مجلسي اللوردات والعموم المجتمعين في القاعة الملكية.

ومن المقرّر أن يجتمع بكير ستارمر في اليوم التالي ويشارك في فعالية حول الذكاء الاصطناعي وفي مأدبة عشاء في حيّ المال والأعمال في لندن.

وفي الملفّ الاقتصادي، تأمل باريس إحراز تقدّم في مشروع المحطة النووية «سايزويل سي» الذي ما زال بانتظار قرار نهائي بشأن الاستثمار.

وتتخلّل زيارة ماكرون أيضاً محطّة في المتحف البريطاني.

والخميس، ينضمّ إلى ماكرون وستارمر وزراء عدّة في قمّة ثنائية يؤمل منها تحقيق تقدّم، لا سيما في ملفّ الدفاع... وتتمحور القمّة حول سبل التكيّف مع الرهانات الأمنية الجديدة، لا سيّما منها التهديد الروسي، في إطار اتفاقات «لانكستر هاوس» المبرمة سنة 2010 والتي تعدّ العمود الفقري للتعاون العسكري بين البلدين.

ويترأس سترامر وماكرون المصممان على الضغط لحلحلة العقدة الأوكرانية، اجتماعاً عبر الفيديو لبلدان «تحالف العزم» الذي أنشئ لضمان أمن أوكرانيا في حال إقرار وقف لإطلاق النار.

أمير ويلز وزوجته الأميرة كيت في ويندسور (أ.ف.ب)

ولا تزال هذه المبادرة التي أبصرت النور في مارس (آذار) رهن المفاوضات التي أطلقت بين الطرفين برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويعقد الجانب البريطاني من جهته، آمالاً كبيرة على إحراز تقدّم في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية بعد وصول عدد قياسي من المهاجرين عبر المانش منذ يناير (كانون الثاني).

وتضغط لندن منذ أشهر،من أجل أن تنفّذ قوى الأمن الفرنسية عمليات في المياه لصدّ الزوارق. وبموجب قانون البحار، لا تتدخّل السلطات الفرنسية حالياً في المياه إلا لتنفيذ عمليات إسعاف، غير أن باريس كشفت عن أنها تعمل على تطوير مبادئ جديدة في هذا الصدد.

وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية، الاثنين: «نأمل أن يدخل ذلك حيّز التنفيذ قريباً».

وتناقش لندن وباريس أيضاً فكرة تبادل مهاجرين. غير أن وسائل إعلام بريطانية أفادت، بأن هذا المقترح يثير قلق بلدان أوروبية عدّة تخشى أن تعيد فرنسا هؤلاء المهاجرين لاحقاً إلى أوّل بلد وصلوا إليه في الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يناقش مع نظيريه البحريني والإيطالي المستجدات الإقليمية والدولية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مباحثات ثنائية مع عبد اللطيف الزياني بمقر الخارجية السعودية في الرياض (واس)

وزير الخارجية السعودي يناقش مع نظيريه البحريني والإيطالي المستجدات الإقليمية والدولية

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الثلاثاء، مع نظيريه البحريني الدكتور عبد اللطيف الزياني، والإيطالي أنطونيو تاياني، المستجدات؛ إقليمياً ودولياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الوزيران السعودي والإيطالي بصحبة رجال الأعمال من الجانبين خلال المنتدى الاستثماري (الشرق الأوسط) play-circle 02:09

السعودية وإيطاليا توسّعان آفاق تعاونهما الاستثماري والتجاري

أكدت السعودية وإيطاليا عمق علاقاتهما الاقتصادية والتجارية الممتدة لأكثر من تسعة عقود، وتعزيز فرص الشراكة الاستراتيجية في مجالات الطاقة والتقنية والصناعة.

عبير حمدي (الرياض)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)

الجزائر تفكّ الغموض حول «قضية صنصال» و«اتفاق السلام» مع المغرب

وزير الخارجية الجزائري: «إنني مندهش... أنا مثلكم فوجئت بهذا التصريح لأنني، شخصياً، لست على علم بأي مشروع اتفاق سلام بين البلدين»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أوروبا الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال «عاد إلى فرنسا»

«لجنة الدعم الدولية لبوعلام صنصال ترحب بتأثر بالغ بعودة صديقنا ومواطننا إلى فرنسا»...

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا صورة مركبة للكاتب بوعلام صنصال والمحكمة التي دانته (الشرق الأوسط)

ملفات «سجناء العشرية السوداء» ومعتقلي الحراك تعود إلى الواجهة

نحو 160 سجيناً من الإسلاميين في السجن منذ أكثر من 30 سنة، غالبيتهم متقدمون في السن ويعانون أمراضاً مزمنة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الأوروبيون يجددون دعمهم لزيلينسكي بعد انتقادات ترمب للرئيس الأوكراني

زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
TT

الأوروبيون يجددون دعمهم لزيلينسكي بعد انتقادات ترمب للرئيس الأوكراني

زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)

أبدى حلفاء أوكرانيا الأوروبيون دعمهم للرئيس فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إذ عبروا عن شكوك بشأن أجزاء من مقترح أميركي لإنهاء الحرب مع روسيا.

التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس زيلينسكي لنحو ساعتين تقريباً، بعد أن اتهمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه لم يطلع على مقترحه الأخير لإنهاء النزاع مع روسيا والذي لم تُكشف تفاصيله بعد.

وفي مستهل الاجتماع عبر ميرتس عن «شكوكه» تجاه «بعض التفاصيل التي نراها في الوثائق الواردة من الولايات المتحدة»، من دون أن يحدد ما هي الوثائق التي يشير إليها.

واتخذ ماكرون على ما يبدو الموقف نفسه، إذ قال إن «المسألة الرئيسية» تكمن في «تقريب مواقفنا المشتركة، بين الأوروبيين والأوكرانيين، والولايات المتحدة».

وأضاف نظيره الأوكراني: «هناك أمور معينة لا يمكننا إدارتها من دون الأميركيين، وبعض الأمور لا يمكننا إدارتها من دون أوروبا، ولهذا السبب يتعين علينا اتخاذ قرارات مهمة». وبعد لندن، ينتقل زيلينسكي إلى بروكسل حيث يلتقي مسؤولين في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

قبل الاجتماع صرح كير ستارمر الإثنين لقناة «آي تي في نيوز»: «لن أمارس ضغطاً على الرئيس» زيلينسكي، مضيفاً أن «الأهم هو التوصل إلى وقف الأعمال العسكرية، آمل أن يحصل ذلك، وأن يتم في شكل عادل ومستدام، وهذا ما سنركز عليه بعد ظهر اليوم».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستقبلاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مدخل 10 داوننغ ستريت (أ.ف.ب)

مسألة الأراضي

قبل محادثات لندن أفاد مسؤول أوكراني رفيع المستوى «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّ مسألة الأراضي لا تزال «الأكثر تعقيداً»، إذ تطالب موسكو بانسحاب القوات الأوكرانية من بعض المناطق التي ما زالت تسيطر عليها.

وتريد روسيا التي تسيطر على الجزء الأكبر من دونباس، السيطرة على كامل هذه المنطقة، وهو مطلب رفضته كييف مراراً.

كان من المفترض أن تتم أيضا في لندن مناقشة مسألة استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لتمويل أوكرانيا. وصرح مسؤول بريطاني الاثنين بأنه «يأمل في تحقيق تقدم قريباً» في هذا الشأن، إذ تأمل دول الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق خلال القمة الأوروبية القادمة يومي 18 و19 ديسمبر (كانون الأول).

ترمب يشعر بخيبة أمل

في الوقت نفسه، يُتوقَّع أن تزور وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر واشنطن للقاء نظيرها ماركو روبيو، في إطار جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا التي اندلعت إثر الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022.

وأعلن زيلينسكي السبت أنه أجرى مكالمة هاتفية «جوهرية وبناءة» مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر ومفاوضيه الذين أجروا محادثات في فلوريدا من الخميس إلى السبت.

ومنذ طرح الخطة الأميركية التي اعتبرت مراعية لروسيا قبل ثلاثة أسابيع، تسعى القوى الأوروبية المتحالفة مع كييف إلى إيصال صوتها.

وعقب اجتماع عُقد في جنيف نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي الموفدين الأميركيين ويتكوف وكوشنر.

وتحدث الكرملين عن بعض التقدم، رغم أنّ «الكثير من العمل» لا يزال مطلوباً.

ورداً على سؤال خلال احتفال أقيم في واشنطن مساء الأحد، انتقد ترمب الذي يبعث بإشارات مُتضاربة إلى زيلينسكي، نظيره الأوكراني لعدم «اطلاعه» على خطته.

وقال ترمب: «تحدثت مع الرئيس بوتين ومع القادة الأوكرانيين... بمن فيهم زيلينسكي... ويجب أن أقول إنني أشعر بخيبة أمل لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ المقترح بعد».

وأضاف الملياردير الجمهوري الذي يتقرّب من موسكو منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل نحو عام: «إنّ ذلك يُناسب روسيا، أعتقد أن روسيا تُفضّل أن تأخذ البلد بأكمله»، لكنني «لست متأكداً من أنّ ذلك يُناسب زيلينسكي».

ميدانياً في أوكرانيا، أصيب تسعة أشخاص في ضربات نُسبت إلى روسيا ليل الأحد الاثنين؛ سبعة في منطقة سومي (شمال شرق) واثنان في تشيرنيهيف (شمال).


«الترويكا الأوروبية» تربط أمن أوكرانيا بأمن القارة

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«الترويكا الأوروبية» تربط أمن أوكرانيا بأمن القارة

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)

أعلن مصدر رئاسي فرنسي رفيع المستوى أن اجتماع قادة «الترويكا الأوروبية» (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) في لندن، بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والاجتماع اللاحق بين القادة الثلاثة والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «غرضهما الأساسي، في المرحلة الراهنة، التوافق حول موقف أوروبي ــ أوكراني بحيث يشكل أساساً صلباً يمكن على أساسه التفاوض مع الأميركيين». ولبناء هذا الموقف، يحتاج الأوروبيون الذين استُبعدوا من المفاوضات الأخيرة بخصوص الحرب في أوكرانيا «أن يكونوا على دراية بدقائق مكونات التفاوض من أجل بلورة موقف يتمسك بالأساسيات، وأولها حق الأوكرانيين في اختيار مصيرهم، وتحديد معايير اتفاق سلام ممكن مع روسيا».

وبينما ترى «الترويكا الأوروبية» أن خيارات الإدارة الأميركية تميل بوضوح إلى جانب موسكو، فإن الأوروبيين عازمون على استخدام «كافة الأدوات المتاحة لهم من الدعم المالي والدعم العسكري من خلال (تحالف الراغبين)، المفترض به أن يصب في خدمة الهدف نفسه؛ أي تمكين أوكرانيا من استعادة حقوقها وتحديد مستقبلها، والدخول في مفاوضات مع روسيا من موقع قوة بحيث تتمكن من حماية مصالحها».

وترى باريس أن الطريق الأسلم للمفاوضات هو «أن يسمع الأميركيون من الطرف الأوكراني ما هو ممكن بالنسبة إليهم، وما هو غير الممكن. ومتى تبيّن لهم ذلك، فإن الأساس بعده أن يعمل الأميركيون على انتزاع التزامات من الجانب الروسي بحيث يصبح التفاوض ممكناً، ما سيسمح بإرساء وقفٍ لإطلاق النار والسعي إلى اتفاق يتحلى بالمصداقية». ولا يتوقف الدور الأوروبي كما تنظر إليه باريس عند هذا الحد. ففرنسا ترى أن العملية «ما زالت في بدايتها». وما تعنيه بذلك أن العمل التمهيدي والرغبة الأميركية في فرض حل على كييف ما زالا مبكرين، ومن واجب الأوروبيين الذين يوفرون لأوكرانيا مروحة واسعة من الدعم متعدد الأشكال «التأكد من أن مصالح أوكرانيا ومصالح أوروبا مجتمعَة - وهما متلازمتان - تؤخذ فعلاً في الاعتبار في إطار المفاوضات بين الطرفين الأميركي والروسي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستقبِلاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مدخل «10 داوننغ ستريت» الاثنين (أ.ف.ب)

لا يفصل الأوروبيون بين أمنهم الخاص وأمن أوكرانيا المستقبلي. ويريد الأوروبيون، وفق المصدر الرئاسي الفرنسي، أن تتوافر لديهم «رؤية مستقبلية» بخصوص أمن القارة الأوروبية. وما يجعل الأمور أكثر إلحاحاً هو تفاقم مخاوفهم من مضمون الوثيقة الاستراتيجية الأمنية الأميركية التي تهاجم أوروبا، ولا تحمل التزاماً أميركياً بأمنها. ولا يعرف الأوروبيون حقيقة مدى التزام واشنطن بما صرح به وزير الخارجية ماركو روبيو بشأن استعداد الإدارة الأميركية لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، والتي تشكل حجر الأساس لقبولها السير باتفاق مع روسيا. وكشف المصدر الفرنسي أن روبيو تحدث بالإيجاب بمناسبة مشاركته للمرة الأولى في اجتماع «تحالف الراغبين» بداية الأسبوع الماضي بدعوة من الرئيس الفرنسي. ووفق المصدر الرئاسي، فإن روبيو أفاد بأن الولايات المتحدة ستبدأ في التخطيط مع «تحالف الراغبين»، وبالتالي ستنخرط في عمل مشترك لـ«وضع تعريف للضمانات الأمنية».

وتعد مسألة الضمانات (وهي الغرض الأساسي من إنشاء «تحالف الراغبين») حيوية بالنسبة لكييف التي ترى فيها «بوليصة تأمين» وظيفتها منع أي اعتداءات روسية مستقبلية عليها. وحتى اليوم، ورغم الإصرار الأوكراني - الأوروبي، لم تكشف الإدارة الأميركية بشكل واضح عما تستطيع توفيره من ضمانات، علماً أن الدول المستعدة لتوفير عناصر عسكرية لـ«قوة الطمأنة» الأوروبية المفترض أن تنتشر خلف خطوط وقف إطلاق النار بعد توقفه، تربط مشاركتها بتوافر الضمانات الأميركية.

وعصراً، قال قصر الإليزيه إن اجتماع «الترويكا» مع الرئيس زيلينسكي «أتاح مواصلة العمل المشترك بشأن الخطة الأميركية بهدف استكمالها بالمساهمات الأوروبية، وبالتنسيق الوثيق مع أوكرانيا»، مضيفاً أن «مستشاري الأمن القومي للأطراف الأربعة يواصلون استكمال العمل» تمهيداً للقاءات لاحقة مع نظرائهم الأميركيين لغرض «تعزيز التقارب» بين الجانبين. كذلك يتم العمل على الضمانات الأمنية لأوكرانيا وإعادة إعمارها. وبعد لندن، يتوجّه زيلينسكي إلى بروكسل للقاء أمين عام الحلف الأطلسي مارك روتيه، وكذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)

وكان زيلينسكي قد أشار إلى أن المفاوضين الذين يناقشون مبادرة السلام التي ترعاها الولايات المتحدة ما زالوا منقسمين بشأن مسألة الأراضي.

وأوضح زيلينسكي، في مقابلة هاتفية مع وكالة «بلومبرغ»، أن بعض عناصر الخطة الأميركية يتطلب مزيداً من النقاش حول عدد من «القضايا الحساسة»، بما في ذلك الضمانات الأمنية للبلاد التي أنهكتها الحرب، والسيطرة على شرق البلاد. وأضاف: «هناك رؤى مختلفة للولايات المتحدة، وروسيا، وأوكرانيا، ولا توجد وجهة نظر موحدة بشأن دونباس»، مشيراً إلى أن كييف تضغط من أجل اتفاق منفصل يتعلق بالضمانات الأمنية من الحلفاء الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

الأصول الروسية

وفي سياق آخر، عبّر المصدر الرئاسي عن «ثقته» بقدرة الاتحاد الأوروبي على التوصل إلى تفاهم بالنسبة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة في مؤسسة «يوروكلير» البلجيكية، والتي يريد الأوروبيون توظيفها لدعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً. وبحسب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فإن الاتحاد يرغب في الحصول على تسعين مليار يورو من الأصول تقدم في إطار قروض لكييف للعامين 2026 و2027 لدعم مجهودها العسكري وماليتها. ويُنتظر أن تُبت هذه المسألة في اجتماع القادة الأوروبيين يومَي 18 و19 من الشهر الحالي. لكن الجانب الروسي هدد بتدابير عقابية في حال الاستيلاء على جانب من هذه الأصول الموضوعة في مؤسسات مالية أوروبية وأميركية، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 210 مليارات يورو. وسبق للاتحاد الأوروبي أن بدأ باستخدام فوائد هذه الأصول لدعم كييف. لكن مع توقف المساعدات الأميركية، لا يجد الأوروبيون بديلاً عن خيار اللجوء إلى الأصول الروسية للاستجابة لحاجات أوكرانيا المقدرة بـ135 مليار يورو للعامين القادمين.


إسبانيا: مقتل 4 جراء موجة هائلة ضربت مسبحاً طبيعياً في تينيريفي

السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)
السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)
TT

إسبانيا: مقتل 4 جراء موجة هائلة ضربت مسبحاً طبيعياً في تينيريفي

السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)
السلطات المحلية في إسبانيا أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج (إ.ب.أ)

أعلنت السلطات الإسبانية ارتفاع عدد ضحايا الموجة الهائلة التي ضربت مسبحاً طبيعياً على الساحل الغربي لجزيرة تينيريفي الإسبانية، وسحبت عدداً من السباحين إلى البحر، إلى أربعة أشخاص، اليوم الاثنين.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، كانت آخر حالة وفاة مؤكدة لامرأة أصيبت بسكتة قلبية خلال الواقعة التي حدثت أمس الأحد، عند منحدرات لوس جيجانتس في منطقة سانتياجو ديل تيدي.

وحاول المسعفون إنعاشها ونقلها جواً إلى المستشفى، غير أنها لفظت أنفاسها هناك في وقت لاحق.

وأفادت خدمات الطوارئ في جزر الكناري بأن رجال الإنقاذ يواصلون البحث عن امرأة أخرى جرفتها الأمواج. وبحسب تقارير إعلامية، تمكن العديد من الأشخاص ممن جرفتهم الأمواج، من الوصول إلى الشاطئ بمفردهم.

وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية (آر تي في إي) أن السلطات المحلية أصدرت تحذيرات من ارتفاع الأمواج أمس الأحد. وكانت السلطات قد أكدت في وقت سابق مقتل رجلين وامرأة.