​الكرملين يريد مفاوضات «جدّية» مع أوكرانيا للتوصّل إلى سلام طويل الأمد

موسكو لا ترد على طلب زيلينسكي لقاء بوتين في إسطنبول

صورة من شريط فيديو لتدريبات جنود روس داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة الاثنين (أ.ب)
صورة من شريط فيديو لتدريبات جنود روس داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة الاثنين (أ.ب)
TT

​الكرملين يريد مفاوضات «جدّية» مع أوكرانيا للتوصّل إلى سلام طويل الأمد

صورة من شريط فيديو لتدريبات جنود روس داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة الاثنين (أ.ب)
صورة من شريط فيديو لتدريبات جنود روس داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة الاثنين (أ.ب)

واصلت القوات الروسية شن هجمات على أوكرانيا، باستخدام أكثر من 100 طائرة مسيّرة من طراز «شاهد»، وطرازات أخرى خداعية، وذلك بعدما رفض الكرملين وقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يوماً، في الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وقال الكرملين إن روسيا عازمة على البحث بجدية عن سبل تحقيق تسوية سلمية طويلة الأمد للملف الأوكراني. وأضاف في بيان نشرته وكالة «سبوتنيك» للأنباء أن الرئيس فلاديمير بوتين حدّد موقفه بشكل واضح لا لبس فيه بشأن استئناف المفاوضات مع أوكرانيا من دون شروط مسبقة. وتابع: «موقف بوتين بشأن استئناف المفاوضات حول التسوية في أوكرانيا لاقى تفهماً ودعماً من قادة كثير من الدول... لا يحق لأحد استعمال لغة الإنذارات في الحديث مع روسيا». وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال، الأحد، إنه تقدم مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بمقترح واضح في كييف هو وقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوماً بدءاً من الاثنين. وأضاف ماكرون في حسابه على منصة «إكس» أن الرئيس الأوكراني أبدى التزامه من دون شروط «ونتوقع رداً مماثلاً من روسيا». جاء ذلك بعدما حذّر قادة أوروبيون روسيا من اتخاذ مزيد من الإجراءات القاسية ضدها إذا لم تلتزم بالسلام.

استضاف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في لندن الاثنين دبلوماسيين بارزين من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبولندا والاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)

وعدّ ترمب، الأحد، أن من شأن اللقاء في تركيا أن «يسمح على الأقلّ بمعرفة إن كان من الممكن التوصّل إلى اتفاق. وإن لم يكن الأمر كذلك، فسوف يعرف كل من أوروبا والولايات المتحدة واقع الحال، وستتحرّكان على هذا الأساس». ولم يصدر رد عن الكرملين على دعوة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لبوتين، لمقابلته لإجراء محادثات سلام وجهاً لوجه في إسطنبول خلال الأسبوع الحالي.

وبذلت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية جهوداً حثيثة لوقف القتال، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من جنود الجانبين، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف مدني أوكراني.

وطالبت أوكرانيا، وحلفاؤها الأوروبيون، روسيا بقبول وقف إطلاق النار بدءاً من اليوم الاثنين، قبل بدء محادثات السلام. ورفضت موسكو هذا الاقتراح عملياً، ودعت بدلاً من ذلك إلى عقد مفاوضات مباشرة في إسطنبول. وقال قادة أوروبيون إن رفض روسيا وقف إطلاق النار الذي عرضته أوكرانيا سيؤدي إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو.

صورة من شريط فيديو لتدريبات جنود روس داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة الاثنين (أ.ب)

واتّهم وزير الخارجية الأوكراني، أندري سيبيغا، الروس بتجاهل مقترح كييف وحلفائها الأوروبيين «تماماً»، ومواصلة «قصف المواقع الأوكرانية على امتداد خطّ الجبهة».

واستضاف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، في لندن، الاثنين، دبلوماسيين بارزين من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبولندا والاتحاد الأوروبي لمناقشة أفضل السبل للتصدي للعدوان الروسي.

وقالت كبيرة المسؤولين عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الاثنين، لدى وصولها إلى اجتماع لندن: «لا بدّ من وقف إطلاق النار للخوض في مباحثات سلام».

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إنه يتوقع أن يتوصل الجانبان إلى حل وسط خلال الأيام المقبلة، من شأنه أن يكسر الجمود بشأن ما إذا كانت المحادثات يمكن أن تبدأ من دون وجود هدنة قائمة.

وأضاف فيدان، في تفسيره للتأخير الحاصل، أن المسؤولين الروس والأوكرانيين يدركون أهمية الرأي العام في بلديهما، ويحاولون ضمان دعم الولايات المتحدة لمواقفهم.

تطورات ميدانية

تواصلت الهجمات الروسية على أوكرانيا ليلاً، كما هي الحال يومياً تقريباً منذ اندلاع الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022 في نزاع أودى بحياة عشرات أو حتّى مئات الآلاف من المدنيين من الجانبين.

وأعلن سلاح الجوّ الأوكراني أن روسيا «شنّت هجوماً بواسطة 108 مسيّرات من نوع شاهد وأنواع أخرى» ليل الأحد - الإثنين، تمّ إسقاط 55 منها على الأقلّ.

ولم يُعلن عن أي هجوم صاروخي. ويشكّل إحجام روسيا عن شنّ هذا النوع من الهجمات أمراً نادراً في النزاع المستمرّ منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وصباح الاثنين، أسفرت مسيّرة روسية عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بعد استهدافها مركبة تابعة لشركة توفّر خدمات أساسية في منطقة سومي (شمال شرق)، بحسب السلطات.

وأبلغت شركة السكك الحديدية الأوكرانية في بيان عن هجوم أصاب قطاراً للسلع في الشرق، مندّدة بـ«تجاهل» روسيا التي تحتّل نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية لدعوات وقف إطلاق النار.

وفي الجزء الذي تحتله روسيا في منطقة خيرسون (الجنوب)، أودت ضربات بمسيّرات أوكرانية بحياة أربعة مدنيين في بلدة تشيلبوردا، وفق ما أفاد المسؤول المحلّي المعيّن من موسكو فلاديمير سالتو.

وفي منطقة دونيتسك الشرقية، أعلن الجيش الروسي عن سيطرته على بلدة كوتلياريفكا.


مقالات ذات صلة

يبلغ سعرها 500 مليون دولار... روسيا تُبعد طائراتها الأكثر تكلفةً عن أوكرانيا

أوروبا طائرات روسية تحلّق فوق الساحة الحمراء خلال عرض يوم النصر في موسكو (رويترز) play-circle

يبلغ سعرها 500 مليون دولار... روسيا تُبعد طائراتها الأكثر تكلفةً عن أوكرانيا

نقلت روسيا بنقل طائراتها الحربية الأكثر قيمة إلى قاعدة جوية نائية في أقصى شرق البلاد، بعد هجوم مفاجئ بطائرات أوكرانية من دون طيار دمر أسطولها من القاذفات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ) play-circle

زيلينسكي: استوفينا جميع الشروط لبدء التفاوض على الانضمام للاتحاد الأوروبي

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الأربعاء، إن بلاده استوفت جميع الشروط لبدء التفاوض على الانضمام للاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا فتاة فلسطينية تركض بين أنقاض المباني المدمَّرة على طول ساحل مدينة غزة (أ.ب) play-circle

دراسة: عام 2024 شهد أعلى عدد نزاعات مسلحة منذ 1946

سجّل العام الماضي 61 نزاعاً في 36 دولة يشهد بعضها نزاعات عدة في آنٍ.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
أوروبا الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما على هامش قمة مجموعة العشرين 2019 (د.ب.أ) play-circle

الكرملين يتحدث عن «عقبات العلاقات الثنائية» مع واشنطن ويستبعد تحقيق «نتائج سريعة» في تطبيعها

الكرملين يتحدث عن «عقبات العلاقات الثنائية» مع واشنطن، ويستبعد تحقيق «نتائج سريعة» في تطبيعها، ويهدّد بأن أوكرانيا ستخسر مزيداً من الأراضي إذا رفضت مطالب موسكو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد صهاريج نفط في منشأة تابعة لشركة غازبروم نفت الروسية (شركة غازبروم نفت)

الكرملين: خفض سقف سعر النفط الروسي لا يُفيد أسواق الطاقة

قال المتحدث باسم الكرملين إن خفض سقف سعر النفط الروسي الذي اقترحته المفوضية الأوروبية، ضمن أحدث حزمة عقوبات على موسكو لن يُسهم في استقرار أسواق الطاقة العالمية

«الشرق الأوسط» (موسكو)

السجن 18 سنة غيابياً لمعارض روسي بارز

المعارض الروسي ليونيد فولكوف - بون 2 أغسطس 2024 (غيتي)
المعارض الروسي ليونيد فولكوف - بون 2 أغسطس 2024 (غيتي)
TT

السجن 18 سنة غيابياً لمعارض روسي بارز

المعارض الروسي ليونيد فولكوف - بون 2 أغسطس 2024 (غيتي)
المعارض الروسي ليونيد فولكوف - بون 2 أغسطس 2024 (غيتي)

أصدرت محكمة روسية الأربعاء حكماً غيابياً بالسجن المشدد لمدة 18 سنة على المعارض البارز ليونيد فولكوف، الذي كان مقرباً من زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني الذي كان يوصف بأنه «العدو رقم واحد» للرئيس فلاديمير بوتين.

ليونيد فولكوف كبير مساعدي أليكسي نافالني الراحل غادر روسيا في عام 2019 بعد أن فتحت السلطات قضية جنائية ضده (رويترز)

ورأت المحكمة أن فولكوف الذي يقيم خارج روسيا منذ عام 2019 مذنب في كل بنود الاتهام التي وجهتها النيابة العامة الروسية، وهي 9 بنود، بينها إنشاء جماعة متطرفة، وإشراك قاصرين في ارتكاب جرائم، والتخريب لأسباب سياسية، والترويج لإعادة تأهيل النازية، ونشر معلومات كاذبة عن تصرفات الجيش الروسي، وإنشاء منظمة غير ربحية تنتهك شخصية وحقوق المواطنين، بالإضافة إلى تمويل أنشطة متطرفة.

لكن هذه الاتهامات لا تُعدّ الوحيدة التي يُلاحَق بسببها فولكوف منذ سنوات، فقد كانت وزارة العدل أدرجته في وقت سابق على لائحة «العملاء الأجانب»، وظهر اسمه بعد ذلك على اللائحة السنوية لمؤسسة «روس فين مونيتورينغ»، ضمن «الأشخاص المتورطين في دعم وتبرير الإرهاب والتطرف».

ونص الحكم على حبس المعارض 18 سنة، كما غُرّم بمبلغ مليونَي روبل، وحظرت المحكمة عليه القيام بأي نشاط لإدارة مواقع أو منصات إلكترونية لمدة 6 سنوات.

ورغم أن الحكم لا يُعدّ نهائياً إلا بعد القبض على فولكوف وإعادة محاكمته حضورياً، فإن مقربين منه قالوا إن المحكمة استجابت لكل طلبات الادعاء؛ ما يعني أن الحكم سوف يجري تثبيته في حال نجحت السلطات في اعتقاله.

ورُفعت القضية الجنائية ضد فولكوف أمام المحكمة في أوائل أبريل (نيسان)، وتضمنت 45 تهمة، الجزء الأعظم منها مرتبط بشكل أو بآخر بالحرب الأوكرانية، وبالنشاط السابق لفولكوف في إطار «صندوق مكافحة الفساد» الذي نشط من خلاله إلى جانب نافالني في إعداد تحقيقات استقصائية عن فساد رجالات الدولة. بالإضافة إلى اتهامات تتعلق بتحريض القاصرين على الانضمام لتحركات احتجاجية غير مرخصة قانوناً.

وسخر فولكوف من القرار، وكتب على منصة «تلغرام»: «لقد حكموا علي بـ18 عاماً من الحراسة المشددة، تماماً كما طلب المدعي العام. لكن الغرامة كانت بمثابة صفعة خفيفة: مليوني روبل فقط. ولم يمنعوني من استخدام الإنترنت! حسناً، سوف أواصل استخدامه».

وحمل التعليق إشارة إلى مطلب النيابة العامة بحظر استخدام الإنترنت على فولكوف لمدة 10 سنوات، وهي عقوبة لم يتم إدراجها في حكم المحكمة.

كان فولكوف لوحق قضائياً منذ عام 2021 بتهم تتعلق بإشراك قاصرين في مظاهرات. وفي صيف 2022، فُتحت قضية جنائية أخرى ضده بتهمة «تبرير الإرهاب». لكن التهم الحالية التي أُدين فيها حالياً تتعلق بالدرجة الأولى بنشاطه بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

كان فولكوف سابقاً رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة مكافحة الفساد (المُصنّفة في روسيا عميلاً أجنبياً) وتم حظر نشاطها سابقاً. أُنشئت هذه المنظمة من قِبل فريق المعارض الراحل أليكسي نافالني عام 2022.

وكان والد ليونيد ميخائيل فولكوف قد لوحق قضائياً أيضاً في روسيا منذ أبريل (نيسان)، بعدما وجهت إليه اتهامات تتعلق بتبرير الإرهاب والمساهمة في تمويل ودعم أنشطة متطرفة.