ماذا نعرف عن القاعدة الأميركية في غرينلاند؟

صورة لقاعدة بيتوفيك الفضائية الأميركية في غرينلاند أُخذت في أكتوبر 2023 (مصدر دنماركي غير تجاري)
صورة لقاعدة بيتوفيك الفضائية الأميركية في غرينلاند أُخذت في أكتوبر 2023 (مصدر دنماركي غير تجاري)
TT
20

ماذا نعرف عن القاعدة الأميركية في غرينلاند؟

صورة لقاعدة بيتوفيك الفضائية الأميركية في غرينلاند أُخذت في أكتوبر 2023 (مصدر دنماركي غير تجاري)
صورة لقاعدة بيتوفيك الفضائية الأميركية في غرينلاند أُخذت في أكتوبر 2023 (مصدر دنماركي غير تجاري)

زادت التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية والدنمارك مع الإعلان عن زيارة مقررة الخميس لوفد أميركي إلى الجزيرة الدنماركية ذات الحكم الذاتي، في حين شدد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب الذي أعلن عن رغبته في السيطرة عليها على أن الخطوة ليست «استفزازية».

وتضم غرينلاند، وهي أرض دنماركية تتمتع بحكم ذاتي وتسعى للتحرر من كوبنهاغن، احتياطات هائلة من المعادن والنفط، رغم أن التنقيب عن النفط واليورانيوم محظور.

القاعدة الأميركية في غرينلاند (أ.ف.ب)
القاعدة الأميركية في غرينلاند (أ.ف.ب)

وسلطت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الضوء على القاعدة الأميركية في غرينلاند الموجودة منذ الحرب العالمية الثانية.

وقالت إن هذه القاعدة، التي تُديرها الولايات المتحدة في شمال غرب غرينلاند، كانت تُعرف باسم قاعدة ثولي الجوية، وتُعرف الآن باسم قاعدة بيتوفيك الفضائية.

وتُعد هذه القاعدة، واحدة من أهم المواقع العسكرية الاستراتيجية في العالم حتى لو لم يسمع بها معظم الأميركيين من قبل.

ترمب وجزيرة غرينلاند (ناسا)
ترمب وجزيرة غرينلاند (ناسا)

وقال بيتر إرنستفيد راسموسن، وهو محلل دفاعي دنماركي: «إنها حرفياً العين الخارجية للدفاع الأميركي».

وأضاف: «بيتوفيك هي المكان الذي يمكن للولايات المتحدة من خلاله رصد أي إطلاق للصواريخ، وحساب مسارها، وتفعيل أنظمة دفاعها الصاروخي. إنها قاعدة لا غنى عنها».

وتحظى هذه القاعدة باهتمام جديد مع إرسال ترمب، الذي تعهد بضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة، وفداً رفيع المستوى إلى الجزيرة هذا الأسبوع، وسيكون من بين الزوار نائبه جي دي فانس، الذي صرّح الثلاثاء بأنه ينوي زيارة «حراسنا» في قوة الفضاء أثناء وجوده هناك.

يتمركز نحو 150 فرداً من القوات الجوية وقوة الفضاء الأميركية بشكل دائم في بيتوفيك ويتولون مهام الدفاع الصاروخي ومراقبة الفضاء، ويمكن لرادار الإنذار المبكر المُطوّر المتمركز هنا اكتشاف الصواريخ الباليستية في اللحظات الأولى من انطلاقها.

وفي كل صيف، يذهب نحو 70 فرداً من الحرس الوطني الجوي في نيويورك إلى بيتوفيك لدعم البعثات العلمية. وباستخدام الطائرة الوحيدة المُجهزة بزلاجات في الجيش الأميركي، وهي طائرة «LC-130»، ينقلون الباحثين والإمدادات إلى المعسكرات على الغطاء الجليدي.

وبدأ الوجود العسكري الأميركي في غرينلاند خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت غرينلاند مستعمرة دنماركية.

وبعد احتلال ألمانيا النازية للدنمارك عام 1940، أصبحت غرينلاند فجأة معزولة وغير محمية وأبرمت الولايات المتحدة اتفاقيةً مع سفير الدنمارك في واشنطن متجاوزةً الحكومة التي تسيطر عليها ألمانيا في كوبنهاغن تقضي ببناء القوات الأميركية مطاراتٍ ومحطات أرصاد جوية على الجزيرة.

تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)
تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)

وبحلول عام 1941، كانت القوات الأميركية قد هبطت، وأقامت دفاعاتٍ ومسحت المنطقة بحثاً عن غواصات ألمانية وبعد عقدٍ من الزمان، أضفت الدنمارك والولايات المتحدة طابعاً رسمياً على هذه الاتفاقية بمعاهدة دفاعية تمنح واشنطن حقوقاً واسعة لتشغيل منشآت عسكرية على الجزيرة.

وأصبحت غرينلاند الآن جزءاً شبه مستقل عن الدنمارك، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) مثل الولايات المتحدة.

وخلال الحرب الباردة، أصبحت ثولي قاعدةً رئيسيةً في القطب الشمالي من هنا، كان بإمكان القاذفات الأميركية بعيدة المدى الوصول إلى الاتحاد السوفياتي، كما بُنيت أنظمة رادار ضخمة لكشف الصواريخ التي تعبر الطريق القطبية وهي أقصر طريق بين القوتين العظميين.

القاعدة الأميركية في غرينلاند (أ.ف.ب)
القاعدة الأميركية في غرينلاند (أ.ف.ب)

وكانت إحدى أغرب تجارب تلك الحقبة هي معسكر القرن، وهي قاعدة تعمل بالطاقة النووية بُنيت تحت الجليد في أواخر الخمسينات جزءاً من مشروعٍ سري يُسمى «الدودة الجليدية»، وكانت الخطة تختبر إمكانية إخفاء الصواريخ النووية وإطلاقها من تحت الأرض.

وقال راسموسن: «كان ذلك طموحاً جامحاً خلال الحرب الباردة فقد بنوا قاعدة تعمل بالطاقة النووية في واحدة من أكثر البيئات عدائية على وجه الأرض لمجرد معرفة إمكانية تحقيق ذلك».

يرفرف عَلم غرينلاند في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
يرفرف عَلم غرينلاند في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)

وأثبت الجليد عدم استقراره، فهُجرت القاعدة، لكن النفايات بما في ذلك المواد المشعة والديزل لا تزال مدفونة، ويحذر العلماء من أن ارتفاع درجات الحرارة قد يكشفها في النهاية.

كما تركت القاعدة أثراً دائماً على سكان غرينلاند الأصليين ففي عام 1953، نُقل نحو 130 منهم قسراً من منازلهم بالقرب من قاعدة ثولي إلى مستوطنة أكثر قسوة في الشمال، غير مناسبة للصيد التقليدي ومُنحوا تعويضاً بعد عقود، لكن الاستياء لا يزال قائماً.

وتغير اسم القاعدة قبل عامين من ثولي إلى بيتوفيك، وهو ما يعني باللغة الغرينلاندية «المكان الذي نربط فيه كلابنا».

وتقع قاعدة بيتوفيك العسكرية فوق خط العرض 76 على الساحل الشمالي الغربي لغرينلاند، على بُعد نحو 750 ميلاً من القطب الشمالي، وهي واحدة من أكثر المنشآت العسكرية عزلةً على وجه الأرض.

وأقرب مستوطنة، كاناك، تبعد أكثر من 70 ميلاً، ويقطنها أقل من 650 شخصاً يصطاد الكثيرون الفقمات وأحياناً الدببة القطبية، للبقاء على قيد الحياة.

في الشتاء، تختفي الشمس لأسابيع وتنخفض درجات الحرارة إلى أقل من 34 درجة مئوية تحت الصفر.

وعلى الرغم من هذه الظروف، يعمل مطار بيتوفيك على مدار العام ولا يمكن للسفن الوصول إلى القاعدة إلا خلال فترة صيفية ضيقة عندما يتراجع الجليد البحري مؤقتاً.

عَلما الدنمارك وغرينلاند (أ.ف.ب)
عَلما الدنمارك وغرينلاند (أ.ف.ب)

وتُعد بيتوفيك جزءاً من شبكة عالمية من البنية التحتية الدفاعية الأميركية ومحطة حيوية.

ويقول الخبراء العسكريون إنه مع ظهور تهديدات جديدة مثل الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، فإن أنظمة الإنذار المبكر في بيتوفيك لا غنى عنها.

وقال تروي بوفارد، الضابط المتقاعد في الجيش الأميركي وخبير الشؤون الدفاعية بالقطب الشمالي: «الصواريخ الأسرع من الصوت لا تنطلق إلى الفضاء، بل تحلق على ارتفاع منخفض، وتناور، ولا سبيل لاعتراضها بمجرد إطلاقها. وهذا يجعل الإنذار المبكر أكثر أهمية من أي وقت مضى، وهنا يأتي دور بيتوفيك».

وأضاف أنه إذا أُطلق صاروخ من روسيا أو الصين باتجاه أميركا الشمالية، فمن المرجح أن يمر فوق القطب الشمالي.

وأكد أن أجهزة استشعار بيتوفيك الأرضية بالغة الأهمية في هذه الحالة؛ لأن الأقمار الاصطناعية لا تعمل بكفاءة في خطوط العرض العليا والليزر لا يعمل في القطب الشمالي أيضاً.

وقال: «أعمدة الهواء مليئة ببلورات الجليد - وهي في الأساس مرايا صغيرة والليزر والمرايا لا يتوافقان».

ويرى بوفارد أن دور بيتوفيك يتوسع إلى ما هو أبعد من الرادار وقال: «يمكن أن يكون أيضاً بمثابة قاعدة انطلاق أمامية أو خط اتصال رئيسي كلما كانت هذه المواقع أكثر تقدماً، زادت فائدتها».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ ترمب يلوح لأنصاره من سيارته الليموزين لدى وصوله إلى «نادي ترمب الدولي للغولف»... (أ.ب)

إلغاء عرض كوميدي خلال عشاء «رابطة مراسلي البيت الأبيض» بعد توترات مع ترمب

أعلنت «رابطة مراسلي البيت الأبيض»، أمس (السبت)، إلغاء عرض كوميدي مقرر في العشاء السنوي، عقب هجوم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على كثير من وسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة فضائية من شركة بلانت لبس ترصد قاذفات بي-2 الشبحية بدييغو غارسيا، مع استمرار الضربات الأمريكية ضد الحوثيين (أ.ب)

ترمب يهدد بقصف إيران إذا أخفق في التوصل لاتفاق

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن سلوك الولايات المتحدة يحدد مسار المفاوضات غير المباشرة، مؤكداً رفض طهران «فكرة التفاوض غير المباشر بين الطرفين».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيارات متوقفة في موقف سيارات بميناء نيوارك بنيوجيرسي (رويترز)

ترمب «لا يكترث» إلى ارتفاع أسعار السيارات في أميركا بسبب رسومه الجمركية

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «عدم اكتراثه» في حال دفعت الرسوم الجمركية التي فرضها على السيارات المستوردة، بشركات صناعة السيارات الأجنبية إلى رفع أسعارها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد وزراء التجارة في كوريا الجنوبية والصين واليابان يتصافحون خلال الاجتماع بسيول (أ.ف.ب)

مع اقتراب رسوم ترمب... كوريا الجنوبية والصين واليابان تتفق على تعزيز التجارة

جدد زعماء التجارة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية دعوتهم إلى تدفق مفتوح وعادل للسلع وتعهدوا بتعميق العلاقات الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (سيول)

بابا الفاتيكان يُندد بـ«الكارثة الإنسانية المروعة» في جنوب السودان

نساء يبعن بضائعهن في سوق نزارا المفتوح جنوب السودان 15 فبراير (أ.ب)
نساء يبعن بضائعهن في سوق نزارا المفتوح جنوب السودان 15 فبراير (أ.ب)
TT
20

بابا الفاتيكان يُندد بـ«الكارثة الإنسانية المروعة» في جنوب السودان

نساء يبعن بضائعهن في سوق نزارا المفتوح جنوب السودان 15 فبراير (أ.ب)
نساء يبعن بضائعهن في سوق نزارا المفتوح جنوب السودان 15 فبراير (أ.ب)

جدَّد بابا الفاتيكان فرنسيس، الأحد، دعوته للسلام في أوكرانيا وفلسطين وإسرائيل ولبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار.

وأفادت بوابة أخبار الفاتيكان الرسمية «فاتيكان نيوز»، بأن البابا أكَّد أنه يواصل متابعة الوضع في جنوب السودان «بقلق شديد». وقال فرنسيس: «أجدد دعوتي الحارة لجميع القادة لبذل قصارى جهدهم لتخفيف حدة التوتر في البلاد»، مضيفاً: «علينا أن ننحي خلافاتنا جانباً، وأن نجلس بشجاعة ومسؤولية على طاولة الحوار، وأن نشارك في حوار بنَّاء».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقوم بدورية في أحد شوارع جوبا جنوب السودان (أ.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقوم بدورية في أحد شوارع جوبا جنوب السودان (أ.ب)

وأضاف: «بهذه الطريقة فقط، سيكون بالإمكان تخفيف معاناة شعب جنوب السودان الحبيب، وبناء مستقبل يسوده السلام والاستقرار»، مستذكراً كيف تستمر الحرب في السودان في «حصد أرواح الأبرياء».

وفي هذا الصدد، قال بابا الفاتيكان: «أدعو الأطراف المعنية في الصراع إلى وضع حماية أرواح إخوانهم وأخواتهم المدنيين في المقام الأول، وآمل أن تبدأ مفاوضات جديدة في أقرب وقت ممكن، وأن تكون قادرة على ضمان حل دائم للأزمة». ودعا المجتمع الدولي إلى «زيادة جهوده للتعامل مع هذه الكارثة الإنسانية المروعة».

وأدَّت الانقسامات الإثنية، لا سيما بين أكبر قبيلتين (الدينكا والنوير)، إلى تأجيج الحرب الأهلية الدامية التي استمرت منذ عام 2013 إلى 2018 وقتل فيها نحو 400 ألف شخص.

جنود من جنوب السودان يقومون بدورية في أحد شوارع جوبا (أ.ب)
جنود من جنوب السودان يقومون بدورية في أحد شوارع جوبا (أ.ب)

وبعد سنوات من الهدوء النسبي، تبرز مؤشرات مقلقة إلى تجدد الاستقطاب الإثني، وفق ما قال نيلسون كواجي، رئيس «ديجيتال رايتس فرونتلاينز»، وهي منظمة مقرها في العاصمة جوبا ترصد خطاب الكراهية والمعلومات المضللة عبر الإنترنت.

يأتي ذلك فيما أصبح اتفاق السلام الذي أبرم عام 2018 بين الرئيس سلفا كير ومنافسه نائب الرئيس الأول رياك مشار، وهما من الدينكا والنوير على التوالي، مهدداً بعد اعتقال مشار الأربعاء.