رستم عمروف أبرز «صقور» كييف يخوض «المهمة الأصعب»

أول وزير من تتار القرم في أوكرانيا... وعائلته عانت التهجير في عهد ستالين

وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف (إ.ب.أ)
TT
20

رستم عمروف أبرز «صقور» كييف يخوض «المهمة الأصعب»

وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف (إ.ب.أ)

لم تحمل عبارات وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف بعد جولة محادثات مع المبعوثين الأميركيين في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، تفاصيل كثيرة عن مضمون المحادثات. لكنه أبدى ارتياحاً لـ«النقاش المثمر» حول إنهاء الحرب.

وقال عمروف عبر الشبكات الاجتماعية: «اختتمنا اجتماعنا مع الفريق الأميركي، كان النقاش مثمراً ومركزاً، وقد أثرنا نقاطاً رئيسية بينها الطاقة»، مضيفاً أن أوكرانيا تعمل على جعل هدفها المتمثل في «سلام عادل ومستدام، حقيقة».

لا تبدو مهمة الوزير سهلة، وعباراته المتفائلة قد يكون خلفها شعور مرير بخيبة الأمل، إذ مَن كان يتوقع قبل سنوات قليلة أن يجلس أحد أبرز الصقور في مطبخ السياسة الأوكراني، الذي لعب أدواراً مهمة للغاية في مواجهة سياسات الكرملين، إلى طاولة مفاوضات تهدف إلى إغلاق ملف ضم شبه الجزيرة إلى روسيا، والقبول بالأمر الواقع الجديد؟

وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف خلال حفل استقبال في براغ في 15 مارس الحالي (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف خلال حفل استقبال في براغ في 15 مارس الحالي (إ.ب.أ)

تفاوض حول مصير القرم

لكن للتاريخ مقالب. فالوزير الذي عاش طفولته يعاني مع عائلته سياسة التهجير القسري لتتار القرم في عام 1944، ونشأ في شبابه على مشاعر الخوف من طموحات الكرملين التوسعية في البلد الجار؛ أمضى الجزء الأعظم من حياته محارباً الوجود الروسي في القرم، ومتمسكاً بسياسة «إنهاء آثار العدوان» وإعادة شبه الجزيرة إلى السيادة الأوكرانية، مع عودة ممثلي تتار القرم السكان الأصليين للمنطقة إلى تقرير مصيرهم بأنفسهم. وها هو يفاوض الأميركيين على صفقة تقضي بإنهاء القتال مقابل التنازل عن الأراضي.

ولد عمروف في مدينة سمرقند التاريخية في أوزبكستان التي كان والداه وصلا إليها في إطار رحلة التهجير القسرية بالقطارات المصفحة التي تم فيها نقل الجزء الأعظم من تتار القرم إلى جمهوريات آسيا الوسطى بسبب اتهام الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين لهم بأنهم «تآمروا مع جيوش هتلر» وهي التهمة نفسها التي كانت سبباً لتهجير جزء كبير من الشيشانيين أيضاً من أراضيهم في تلك الحقبة.

عاد إلى القرم طفلاً، في بداية تسعينات القرن الماضي، عندما سمحت التطورات بعودة السكان الأصليين إلى مناطقهم. وكان لمكانة عائلته التاريخية في بلدة الوشتا، وبسبب أنها كانت عائلة ميسورة الحال، الفضل في أنه تخرج في مدرسة القرم الداخلية للأطفال الموهوبين، وهذه المدرسة كانت جزءاً من الشبكة التعليمية للداعية فتح الله غولن. بعد تخرجه في المدرسة الثانوية، أكمل تدريباً في الولايات المتحدة في إطار برنامج تبادل القادة المستقبليين، الذي تنفذه وزارة الخارجية الأميركية. وبعد عودته إلى أوكرانيا، تخرج في قسم الاقتصاد في الأكاديمية الوطنية للإدارة، وتخصص في التمويل والائتمان.

وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف يصافح نظيرته التشيكية يانا سيرنوخوفا خلال حفل استقبال في براغ في 15 مارس الحالي (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف يصافح نظيرته التشيكية يانا سيرنوخوفا خلال حفل استقبال في براغ في 15 مارس الحالي (إ.ب.أ)

نشاط سياسي مبكر

بدأ حياته المهنية في مجال الاتصالات وتحوّل إلى رجل أعمال بارز في هذا القطاع، لكن هاجسه الأساسي برز في نشاطه السياسي المبكر، وكان من بين مؤسسي منظمة «مجتمع تتار القرم»، التي ركزت على تطوير التمثيلات الإقليمية لتتار القرم في أوكرانيا. في عام 2007، أصبح أيضاً أحد مؤسسي منظمة الشباب لمجلس شعب تتار القرم «بيزيم كيريم». وبين عامي 2011 و2013، كان أحد المؤسسين ورئيس صندوق تنمية شبه جزيرة القرم، الذي شارك على وجه الخصوص في تنظيم الاجتماعات الدولية لزعيم المجلس، مصطفى جميليف، الشخصية الأبرز التي واجهت التوغل الروسي وقرارات الضم لاحقاً.

وبرز اسم رستم عمروف سريعاً باعتباره أحد قادة مجتمع تتار القرم وغدا لاحقاً نائباً في البرلمان الأوكراني عن منطقته.

ومنذ عام 2014، لعب عمروف أدواراً بارزة، وكان أميناً لمجلس تبادل السجناء السياسيين من شبه جزيرة القرم.

وفي البرلمان، أصبح أميناً للجنة البرلمان الأوكراني المعنية بحقوق الإنسان و«إنهاء الاحتلال وإعادة دمج الأراضي المحتلة مؤقتاً في منطقتي دونيتسك ولوغانسك وجمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبول والأقليات القومية والعلاقات بين الأعراق». وكان النائب عضواً في الوفد الدائم لدى مجلس أوروبا.

وفي يوليو (تموز) 2022، ترأس اللجنة الخاصة المؤقتة في البرلمان المعنية بمراقبة تسلم واستخدام المساعدات المادية والتقنية الدولية أثناء الأحكام العرفية. وقبل ذلك، في عام 2020، انضم إلى مجموعة العمل التابعة لمجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا لتطوير «استراتيجية إنهاء احتلال شبه جزيرة القرم»، وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه ساهم في إطلاق «مبادرة منصة القرم» التي وفرت مظلة دولية للتذكير وممارسة الضغوط لإنهاء الوجود الروسي في المنطقة.

وأثناء الحرب، لعب عمروف دوراً مهماً في محطات حساسة، فهو كان ضمن الوفد الأوكراني في عدة مراحل من المفاوضات مع الاتحاد الروسي. وشارك في مفاوضات لتبادل الأسرى، ثم شارك في مفاوضات إسطنبول لإقرار صفقة الحبوب. وفي تلك المرحلة كاد أن يتعرض لمحاولة اغتيال بالسم، وفق تأكيد مصادر أوكرانية قالت إن عمروف ظهرت عليه علامات تسمم بمادة مجهولة بعد لقاء مع رجل أعمال مقرب من الكرملين.

وشغل أول منصب رفيع في صيف عام 2022 عندما عين رئيساً لصندوق ممتلكات الدولة في أوكرانيا، ونجح في هذه المهمة في محاربة الفساد، واعتبر من السياسيين القلائل في أوكرانيا الذين لم يرتبط اسمه بملفات فساد.

خلال عام 2023 رافق القيادة الأوكرانية في رحلات عمل إلى عدة بلدان، بينها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وكان لوجوده أهمية؛ كونه يمثل تتار القرم. في ذلك الوقت كتبت صحف أوكرانية أن رستم عمروف يحظى بعلاقات جيدة في المنطقة، خصوصاً مع السعودية وتركيا.

تم تعيين عمروف وزيراً للدفاع في سبتمبر (أيلول) 2023 ليكون أول وزير مسلم في أوكرانيا، وأول وزير من تتار القرم في هذا البلد. وعُدّ تعيينه رسالة سياسية من جانب كييف بأنه لا تنازل عن القرم وعن ملكيتها لسكانها التتار في أي مفاوضات مقبلة.


مقالات ذات صلة

كييف تتلقى نسخة جديدة لـ«اتفاق المعادن» من واشنطن... وزيلينسكي ينتظر دراسته

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب) play-circle 03:44

كييف تتلقى نسخة جديدة لـ«اتفاق المعادن» من واشنطن... وزيلينسكي ينتظر دراسته

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أنه تلقّى من الولايات المتحدة نسخة جديدة من الاتفاق حول المعادن النادرة في أوكرانيا، والتي تريد واشنطن استغلالها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: رفض الأوروبيين رفع العقوبات عن روسيا يدل على أنهم لا يريدون «السلام»

أكد الكرملين، اليوم الجمعة، أن رفض الدول الأوروبية رفع العقوبات المفروضة على روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا، يدل على «أنها لا تريد سلوك طريق السلام».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

بوتين يريد رحيل زيلينسكي ويقترح «إدارة انتقالية» لأوكرانيا برعاية دولية

بوتين يريد رحيل زيلينسكي ويقترح «إدارة انتقالية» للبلاد برعاية دولية... والبيت الأبيض يرد: «الأوكرانيون هم مَنْ يحددون نظام حكم بلادهم».

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف: «الشرق الأوسط»)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال فعالية في مدينة مورمانسك الساحلية الواقعة في الدائرة القطبية الشمالية بروسيا... 27 مارس 2025 (أ.ف.ب)

بوتين يقترح وضع أوكرانيا تحت إدارة مؤقتة بإشراف أممي

اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمكانية إخضاع أوكرانيا لإدارة مؤقتة؛ للسماح بإجراء انتخابات جديدة، وتوقيع اتفاقات رئيسية؛ بهدف التوصُّل إلى تسوية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا انتهى اللقاء بين ترمب وزيلينسكي دون توقيع اتفاق المعادن في 28 فبراير 2025 (أ.ب) play-circle

صحيفة: أميركا تقدم مقترحاً جديداً للسيطرة الشاملة على موارد أوكرانيا

تسعى الولايات المتحدة إلى إبرام صفقة جديدة شاملة للسيطرة على المعادن وأصول الطاقة الحيوية في أوكرانيا، بينما لا تقدم لكييف أي ضمانات أمنية في المقابل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مقتل أربعة أشخاص في أوكرانيا جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة

رجال شرطة أوكرانيون في موقع تعرض لهجوم روسي بطائرات مُسيّرة  يوم أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة أوكرانيون في موقع تعرض لهجوم روسي بطائرات مُسيّرة يوم أمس (إ.ب.أ)
TT
20

مقتل أربعة أشخاص في أوكرانيا جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة

رجال شرطة أوكرانيون في موقع تعرض لهجوم روسي بطائرات مُسيّرة  يوم أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة أوكرانيون في موقع تعرض لهجوم روسي بطائرات مُسيّرة يوم أمس (إ.ب.أ)

قتل أربعة أشخاص على الأقل وأصيب 19 في مدينة دنيبرو بشرق أوكرانيا جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة ألحق أضرارا بمبان وأدى إلى اندلاع حرائق، وفق ما أفاد مسؤولون.

وكثفت روسيا وأوكرانيا هجماتهما الجوية ضد بعضهما البعض رغم الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين.

وأعلن سيرغي ليساك حاكم منطقة دنيبروبيتروفسك في منشور على تليغرام في وقت متأخر الجمعة، أن روسيا أرسلت أكثر من 24 طائرة مسيرة إلى دنيبرو.

وقال إن الهجوم تسبب بمقتل أربعة أشخاص، قبل أن يصدر تحديثاً في الساعات الأولى من صباح السبت يفيد بارتفاع عدد الجرحى إلى 19.

وأضاف: «تضررت مبانٍ عدة شاهقة في دنيبرو في هجوم مسائي بالطائرات المسيرة. اندلعت حرائق في نحو 12 منزلاً خاصاً، وامتدت النيران إلى مرائب ومحطات وقود".

وأشار إلى أن «رجال الإنقاذ تمكنوا من احتواء حريق في فندق ومطعم".

وفي وقت سابق الجمعة، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انشاء «إدارة انتقالية" برعاية الأمم المتحدة في أوكرانيا ورحيل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل إجراء مفاوضات بشأن اتفاق سلام بين البلدين.

ورفض زيلينسكي دعوة بوتين، معتبراً أنه يسعى إلى إطالة أمد الحرب.