استهدافات متبادلة للبنى التحتية الروسية والأوكرانية واتهامات لتعطيل مبادرات السلام

الكرملين يقول إن أوروبا تخطط لـ«العسكرة» تزامناً مع اجتماعٍ للقادة العسكريين في لندن

زيلينسكي خلال زيارته معهد تدريب عسكري متقدم في مدينة لفيف الأوكرانية (أ.ف.ب)
زيلينسكي خلال زيارته معهد تدريب عسكري متقدم في مدينة لفيف الأوكرانية (أ.ف.ب)
TT

استهدافات متبادلة للبنى التحتية الروسية والأوكرانية واتهامات لتعطيل مبادرات السلام

زيلينسكي خلال زيارته معهد تدريب عسكري متقدم في مدينة لفيف الأوكرانية (أ.ف.ب)
زيلينسكي خلال زيارته معهد تدريب عسكري متقدم في مدينة لفيف الأوكرانية (أ.ف.ب)

استمرت الهجمات المتبادلة بالمُسيَّرات ليلة الأربعاء - الخميس بين طرفي النزاع في الحرب الروسية - الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع، وأطلقت كل منهما الاتهامات باستهداف البنى التحتية للأخرى، لتعطيل مبادرات السلام.

واتفقت روسيا وأوكرانيا، بوساطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، على وقف الهجمات على منشآت الطاقة مؤقتاً، إلا أن تاريخ البدء الدقيق لا يزال غير واضح.

ويواجه كلا البلدين هجمات متكررة باستخدام الطائرات المُسيَّرة.

صورة وزّعتها وزارة الدفاع لمدينة سودجا في كورسك بعدما استعادتها قوات موسكو من أوكرانيا (أ.ب)

أفادت وكالة «سبوتنيك» للأنباء، الخميس، بأن وزارة الخارجية الروسية انتقدت الهجمات التي تشنها أوكرانيا على البنى التحتية الروسية، قائلةً إنها «استفزاز يهدف إلى تعطيل مبادرات السلام». ونقلت الوكالة عن الوزارة قولها إن أوكرانيا أظهرت افتقاراً تاماً إلى الإرادة السياسية للتوصل إلى سلام وحل الصراع بين البلدين دبلوماسياً.

وأضافت الوزارة أنها تأمل أن تكون الولايات المتحدة قد أدركت أن إنهاء المساعدات العسكرية والاستخباراتية لأوكرانيا هو المفتاح لوقف التصعيد.

وأدان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الهجمات الجوية الروسية الأخيرة. وقال زيلينسكي، عبر موقع «إكس»: «مع كل عملية إطلاق من هذا النوع، يكشف الروس للعالم عن موقفهم الحقيقي تجاه السلام».

امرأة من منطقة غونتشاروفكا على مشارف سودجا (يمين) تتفاعل خلال لقاء قريبة لها في نقطة إغاثة تابعة لوزارة الطوارئ الروسية غرب كورسك الاثنين (أ.ف.ب)

قال مسؤولون ووسائل إعلام رسمية في روسيا إن أوكرانيا قصفت قاعدة إنغلز الاستراتيجية للقاذفات الروسية، الخميس، بطائرات مُسيَّرة، مما تسبب في انفجار وحريق كبيرين على بعد نحو 700 كيلومتر من خطوط المواجهة في الحرب. وأظهر مقطع فيديو على قنوات روسية على موقع «تليغرام» انفجاراً كبيراً يمتد من المطار، ويدمر منازل ريفية قريبة. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية أسقطت 132 طائرة مُسيَّرة أوكرانية فوق مناطق مختلفة في البلاد.

وعرض مقطع فيديو، قالت «رويترز» إنها تأكدت من صحته استناداً إلى مكان المباني وشكلها، عموداً من الدخان الأسود يتصاعد فوق منازل صغيرة متضررة.

وتستضيف قاعدة إنغلز، التي يعود تاريخها إلى أوائل الحقبة السوفياتية، قاذفات روسية استراتيجية ثقيلة من طراز توبوليف تو-160، القادرة على حمل رؤوس نووية، والمعروفة باسم «البجع الأبيض». وأكد رومان بوسارجين، حاكم منطقة ساراتوف التي تضم القاعدة، وقوع هجوم بطائرات مُسيَّرة أوكرانية على مدينة إنغلز، مما أدى إلى اشتعال النيران في مطار، وإجلاء السكان في المناطق القريبة. ولم يذكر قاعدة إنغلز تحديداً، لكنها المطار الرئيسي في المنطقة.

زيلينسكي لدى مشاركته في الاجتماع الذي عقدته لندن عن بُعد 15 مارس (أ.ف.ب)

وشنت أوكرانيا هجمات سابقة على قاعدة إنغلز الجوية تعود إلى ديسمبر (كانون الأول) 2022. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، قالت إنها قصفت مستودعاً للنفط يخدم القاعدة، مما تسبب في حريق هائل استغرق إخماده خمسة أيام. وقال مصدر أمني أوكراني في ذلك الوقت إن هجوماً بطائرات مُسيَّرة أصاب منشأة تخزين تحتوي على قنابل موجهة وصواريخ في قاعدة إنغلز.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط أكثر من 130 طائرة مُسيَّرة أوكرانية في عدة مناطق روسية خلال الليل. وقالت الوزارة، كما نقلت عنها وكالات أنباء إعلامية دولية، إنه جرى اعتراض أكثر من 50 طائرة مُسيَّرة في ساراتوف، و40 في فورونيج، وعشرات المُسيَّرات في بيلغورود، وروستوف، وكورسك، وليبيتسك، وفوق شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود. وقالت السلطات إنه تم تعليق حركة الطيران في المطارين المدنيين في ساراتوف وإنغلز بشكل مؤقت.

الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

من جانبه، أعلن سلاح الجو في أوكرانيا، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الخميس، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 74 من أصل 171 طائرة مُسيَّرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة الماضية. وقال البيان إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام 171 طائرة مُسيَّرة طراز «شاهد» وطرازات أخرى خداعية، تم إطلاقها من مناطق أوريول، وشاتالوفو، وميلروفو، وبريمورسكو-أختارسك الروسية، وكذلك من رأس تشودا بشبه جزيرة القرم، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم».

وأفاد مسؤولون بأن الهجوم الذي شنته مسيّرة روسية على بلدة كروبيفنيتسكي، على مسافة مئات الكيلومترات من خط المواجهة، أدى إلى إصابة 10 أشخاص بينهم أربعة أطفال، وأدى إلى تصاعد النيران والدخان في سماء المدينة. وقال حاكم المنطقة أندري رايكوفيتش «تعرضت كروبيفنيتسكي لأعنف هجوم من العدو. دُمِّرت مبانٍ سكنية».

وقالت شركة السكك الحديد الأوكرانية «أوكرزاليزنيتسيا» إن خدماتها تعطلت في المنطقة نتيجة القصف. وكتب المستشار الرئاسي أندري يرماك على وسائل التواصل الاجتماعي: «هكذا يبدو وقف إطلاق النار الذي أعلنه بوتين. روسيا تهاجم المدنيين بمتعة كبيرة».

واتهم الكرملين، الخميس، البلدان الأوروبية بالتخطيط لـ«عسكرة» نفسها بدلاً من السعي للسلام، وذلك تزامناً مع اجتماع للقادة العسكريين لبحث ضمانات لحماية أوكرانيا. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف: «في الجزء الأكبر منها، تتعلق المؤشرات الصادرة عن بروكسل والعواصم الأوروبية بخطط لعسكرية أوروبا... شرعت أوروبا في عسكرة نفسها وتحوّلت إلى طرف في الحرب بطريقة ما».

ترمب وبوتين (أ.ف.ب)

ويجتمع قادة عسكريون في لندن، الخميس، حيث دخل التخطيط لإنشاء قوة حفظ سلام في أوكرانيا «المرحلة العملياتية». ويحاول رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، حشد ائتلاف من الدول التي لديها الرغبة في تعزيز أي اتفاق سلام الذي قد يتم التوصل إليه بين كييف وموسكو، حسب وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا).

يأتي ذلك، بعدما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه يعتقد أنه «يمكن تحقيق سلام دائم العام الجاري»، بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

ويلتقي ستارمر مسؤولي التخطيط العسكري بعدما أعلن مطلع الأسبوع أن القادة العسكريين سوف يجتمعون لـ«وضع خطط قوية ومتينة تدعم اتفاق سلام وتضمن الأمن المستقبلي لأوكرانيا». كما أشار إلى التحرك صوب «مرحلة عملياتية» في معرض تأكيد اجتماع الخميس.

زيلينسكي بين رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في بروكسل (أ.ف.ب)

وقال الكرملين، الخميس، إن روسيا والولايات المتحدة ستناقشان سبل ضمان سلامة الملاحة عبر البحر الأسود، خلال محادثات بخصوص تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية، في اجتماع بمدينة جدة السعودية خلال الأيام المقبلة.

وصرح ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأن المحادثات الأمريكية - الروسية ستُعقد، يوم الأحد، في جدة. لكنَّ المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، قال رداً على سؤال من «رويترز» إنها قد تُعقد بعد ذلك في الأسبوع المقبل.

وقال بيسكوف: «نتوقع أن تستمر المفاوضات على مستوى الخبراء في الأيام المقبلة»، مضيفاً أن يوري أوشاكوف، مساعد الكرملين، تحدث مع مايكل والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي، الأربعاء. وأشار بيسكوف إلى أنه عندما تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وترمب هاتفياً، يوم الثلاثاء، ناقشا «مبادرة البحر الأسود».

مقاتل شيشاني بجانب عربة أوكرانية مدمرة في كورسك (أ.ف.ب)

ودعت منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الخميس، الدول الأعضاء إلى توفير 5 مليارات يورو (4.5 مليار دولار)؛ لتزويد الجيش الأوكراني بالذخيرة.

وقالت خلال قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن مساعدة أوكرانيا على صد الهجمات الروسية تتطلب ليس فقط كلمات ولكن أيضاً تلزمها أفعال.

وكانت كالاس قد عرضت خطة بشأن التزامات أوروبية للمساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة تتراوح بين 20 مليار و40 مليار يورو خلال هذا العام، ولكنها لم تحظَ بدعم كافٍ من الدول الأعضاء، ويرجع ذلك جزئياً إلى مستوى الديون المرتفع في عدة دول أوروبية.

ستارمر مع وزير الدفاع البريطاني يتفحص نموذج لغواصة نووية (أ.ب)

وفيما يتعلق بإجراء مباحثات قمة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قالت كالاس إنها تتطلع إلى سماع مزيد منه بشأن مباحثاته الأخيرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، إنه من الضروري أن تستمر أوروبا في دعم أوكرانيا بقوة، بغضّ النظر عن أي محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، وذلك لضمان بقاء كييف في موقف قوة والحفاظ على أي وقف لإطلاق النار. وذكر شولتس، المنتهية ولايته، وهو في طريقه لحضور قمة لقادة دول الاتحاد الأوروبي: «علينا مواصلة دعمنا بموقف واضح مفاده أن السلام العادل يجب أن يكون ممكناً في أوكرانيا». وأضاف: «هذا يعني أن أوكرانيا قادرة على الدفاع عن استقلالها وسيادتها وتحديد مسارها واختيار قادتها، وأن يكون لديها بطبيعة الحال جيش قوي في وقت السلم». وذكر أن حزمة الديون التي وافقت عليها الحكومة الائتلافية المحتملة في ألمانيا، لتمويل زيادة الإنفاق الدفاعي والبنية التحتية، تشكل جزءاً رئيسياً من هذا الأمر. واستطرد: «سنتمكن الآن من أداء ما يجب علينا أن فعله بوصفنا دولة كبيرة وسط أوروبا».


مقالات ذات صلة

روسيا تبلور خطة لوقف النار في أوكرانيا وسط تكتم

أوروبا 
زار بوتين منطقة كورسك للمرة الأولى منذ إعادة فرض سيطرة الجيش الروسي عليها (أ.ب)

روسيا تبلور خطة لوقف النار في أوكرانيا وسط تكتم

أعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس (الأربعاء)، أن بلاده بدأت إعداد مذكرة تفاهم حول وقف إطلاق النار في أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذا المسار قطع أشواطاً.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا أجرى ترمب وبوتين 3 مكالمات هاتفية منذ يناير 2025 (أ.ف.ب) play-circle

موسكو تبلور مذكرة تفاهم لوقف النار بـ«سرِّية» وتتوقع نقاشات صعبة حولها

تبلور موسكو مذكرة تفاهم لوقف النار بـ«سرِّية» وتتوقع نقاشات صعبة حولها، فيما يزور بوتين كورسك، وهناك مؤشرات على ضغط عسكري يواكب المفاوضات.

رائد جبر (موسكو)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (يسار) ونظيره الأرميني أرارات ميرزويان خلال مؤتمر صحافي يوم 21 مايو 2025 (د.ب.أ)

لافروف: حرب أوكرانيا تؤخّر تسليم الأسلحة لأرمينيا

تجد موسكو صعوبة في تزويد حليفتها التقليدية يريفان بالأسلحة بسبب حرب أوكرانيا، بحسب ما أفاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في القصر الكبير بالكرملين 10 مايو 2025 (رويترز)

الكرملين: يتم العمل على مذكرة التفاهم بين روسيا وأوكرانيا بشكل سري

أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الأربعاء، أن معظم العمل على مذكرة التفاهم بين روسيا وأوكرانيا «يتم بشكل سري، ولا ينبغي أن يكون مفتوحاً للجمهور».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا عناصر شرطة يعملون بالقرب من جثة النائب الأوكراني السابق أندريه بورتنوف بعد أن قُتل بالرصاص أمام مدرسة أطفاله في بوسويلو دي ألاركون بالقرب من مدريد (أ.ف.ب) play-circle 00:33

مقتل مسؤول أوكراني سابق مقرّب من روسيا بإطلاق نار قرب مدريد

قُتل أندريه بورتنوف، النائب والمساعد السابق لكبير موظفي الرئاسة الأوكرانية في عهد فيكتور يانوكوفيتش المقرب من روسيا، بإطلاق نار عليه.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

الشرطة الألمانية تعتقل 5 في مداهمة على خلفية الإرهاب الداخلي

قالت وزيرة العدل الألمانية شتيفاني هوبيغ  في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي: هذه علامة تحذيرية وتُظهر أن الإرهاب اليميني المتطرف لا يعرف عمراً (غيتي)
قالت وزيرة العدل الألمانية شتيفاني هوبيغ في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي: هذه علامة تحذيرية وتُظهر أن الإرهاب اليميني المتطرف لا يعرف عمراً (غيتي)
TT

الشرطة الألمانية تعتقل 5 في مداهمة على خلفية الإرهاب الداخلي

قالت وزيرة العدل الألمانية شتيفاني هوبيغ  في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي: هذه علامة تحذيرية وتُظهر أن الإرهاب اليميني المتطرف لا يعرف عمراً (غيتي)
قالت وزيرة العدل الألمانية شتيفاني هوبيغ في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي: هذه علامة تحذيرية وتُظهر أن الإرهاب اليميني المتطرف لا يعرف عمراً (غيتي)

ذكر ممثلو الادعاء الفيدرالي الألماني، الأربعاء، أن الشرطة قد اعتقلت خمسة مراهقين خلال مداهمة استهدفت مجموعة نازية جديدة متطرفة أسسها شباب، وذلك في ظل تصاعد غير مسبوق للجرائم ذات الدوافع السياسية بالبلاد خلال جيل تقريباً.

استنفار ألماني عقب هجوم إرهابي (أرشيفية - متداولة)

ووفقاً للادعاء، تأسست المجموعة المعروفة باسم «موجة الدفاع الأخيرة» في العام الماضي، ونفذت هجمات على مبانٍ تأوي طالبي لجوء، بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» الخميس.

اعتقالات في 3 ولايات

وقد تم اعتقال الشبان الخمسة المشتبه فيهم، والتي تراوحت أعمارهم بين 14 و18 عاماً، في ثلاث ولايات بشرق ألمانيا ووسطها، خلال مداهمة تمت فجر الأربعاء. وأفاد الادعاء بأن ثلاثة من المعتقلين يُعدّون من القادة البارزين في المجموعة، بينما كان ثلاثة أعضاء آخرين بالفعل قيد الاحتجاز.

وأوضح ممثلو الادعاء أن جميع المعتقلين، الذين لم تُذكر أسماؤهم الكاملة، يُشتبه في انتمائهم أو دعمهم لتنظيمات إرهابية داخلية. وقد وُجّهت تهم بمحاولة القتل وإشعال الحرائق عمداً إلى اثنين منهم.

ومن المتوقع أن يقدم المشتبه بهم التماساً عند بدء المحاكمة، ولم تُذكر أسماؤهم كاملة التزاماً بالقوانين الألمانية الصارمة المتعلقة بالخصوصية. وذكر الادعاء في بيان: «لقد تصرفوا جميعاً بصفتهم شباباً لديهم قدر كافٍ من المسؤولية».

استنفار للشرطة الألمانية في العاصمة برلين (متداولة)

وقد فتشت السلطات 13 موقعاً في أربع مناطق، في عملية جاءت بعد تحقيق استمر أشهراً عدة، وشارك فيه أكثر من 220 شرطياً. وقالت شتيفاني هوبيغ، وزيرة العدل الألمانية، إنه من المثير للقلق قيام جميع أولئك المتهمين بتأسيس المجموعة حين كانوا قُصّراً.

وأضافت هوبيغ في بيان عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «هذه إشارة تحذيرية وتُظهر أن الإرهاب اليميني المتطرف لا يعرف سناً».

اليمين المتطرف لا يعرف سناً

ووفقاً للادعاء، فإن المجموعة، التي تأسست في أبريل (نيسان) 2024، تهدف إلى إسقاط النظام الديمقراطي الفيدرالي في ألمانيا، وتسعى لزعزعة استقرار المجتمع الألماني من خلال استخدام العنف ضد المهاجرين والمجموعات التي تعدّها خصوماً سياسيين، خصوصاً المنتمين إلى تيار اليسار.

وتُعد مجموعة «موجة الدفاع الأخيرة» واحدة من بين عدد متزايد من الجماعات اليمينية المتطرفة التي باتت تجتذب الشباب، حيث تنتشر هذه الجماعات على وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء مثل «فرقة التخريب» و«شباب وأقوياء»، بحسب تقارير نشرتها وسائل الإعلام الألمانية.

وسجلت ألمانيا زيادة بنسبة 40 في المائة في الجرائم ذات الدوافع السياسية بين عامي 2023 و2024؛ ما يمثل أعلى معدل منذ بدء تسجيل هذه الجرائم في عام 2001. وأظهرت البيانات أن الجرائم المرتبطة بالآيديولوجيات اليمينية المتطرفة ارتفعت بنسبة تقارب 48 في المائة منذ عام 2023 حتى العام الماضي.

وقال ألكسندر دوبرينت، وزير الداخلية الألماني، خلال عرض للأرقام يوم الثلاثاء: «يأتي التهديد الأكبر للديمقراطية من التطرف اليميني».

الشرطة الألمانية في موقع تعرَّض لهجوم إرهابي (د.ب.أ)

وشملت الجرائم المسجلة رسومات سياسية على الجدران، أو إيماءات آيديولوجية مثل التحية النازية المحظورة، بالإضافة إلى هجمات عنيفة، مثل التهديدات بالعنف ضد سياسيين خلال الحملة الانتخابية العام الماضي. كما ارتفعت جرائم الحرق المتعمد وغيرها من جرائم الكراهية العنيفة بنسبة 17 في المائة لتصل إلى 1477 حالة في عام 2024.

وربط ممثلو الادعاء بين المشتبه بهم، الذين اعتُقلوا يوم الأربعاء، وبين هجمات عدة مختلفة أخرى، ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أضرم شابان النار في مركز مجتمعي في «آلتدوبيرن»، على بعد نحو 80 كيلومتراً شمال درسدن. ولم يُصب أي من سكان المركز بأذى، لكن الحريق ألحق أضراراً تُقدّر بـ500 ألف يورو (أكثر من 560 ألف دولار) تقريباً. ووصف ممثلو الادعاء العام أحد المتورطين في ذلك الهجوم، ويُعرف باسم ليني. م، بأنه من زعماء وقادة مجموعة «موجة الدفاع الأخيرة»، وأشارت إلى صلته بهجمات أخرى، بالإضافة إلى قيامه بتجنيد أعضاء جدد. وكان من بين المعتقلين يوم الأربعاء.

وفي يناير (كانون الثاني)، حاول عضوان من المجموعة إضرام النار في مبنى يأوي طالبي لجوء في شمولن، وهي بلدة تقع على بعد 40 ميلاً جنوب مدينة لايبزيغ، وهشموا نافذة وألقوا ألعاباً نارية داخل المبنى، لكن لم ينشب حريق. كذلك كتبوا شعارات يمينية متطرفة على الجدران، منها: «إلى الخارج أيها الأجانب»، و«ألمانيا للألمان»، و«أرض النازيين»، بحسب ما ذكره ممثلو الادعاء.

كذلك أفاد الادعاء بأن أعضاء من المجموعة حصلوا على متفجرات من جمهورية التشيك، لاستخدامها في تنفيذ هجوم بالقنابل على مبنى آخر يأوي طالبي لجوء في بلدة زنفتنبيرغ شرق البلاد.