سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

في وسط موسكو لا تزال المنتجات الغربية الفاخرة معروضة في الكثير من المحال التجارية من سيارات فارهة ومجوهرات وفساتين راقية في واقع يتناقض مع إعلان عدد كبير من الشركات الغربية انسحابها من الأسواق الروسية عام 2022 ردا على الهجوم الروسي على أوكرانيا.

تقول ناتاليا طبيبة الأسنان البالغة 51 عاما وهي تتجول في مركز «غوم» الفخم للتسوق على مسافة أمتار من الكرملين في الساحة الحمراء: «لا أرى أي تغيير. بعض العلامات التجارية انسحبت من السوق كـ(شانيل) و(ديور) و(ايرميس) لكن أخرى بقيت كـ(برونيلو كوتشينيلي) على سبيل المثال».

من جهته، يقول سيرغي المتقاعد الأنيق البالغ 61 عاما وهو يخرج من متجر: «لا أكترث للعلامات التجارية التي انسحبت من السوق. ظنوا أنهم سيعزلوننا؟ هذا أمر سخيف»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد أنه وجد على الرفوف كل ما كان يتبضعه قبل فبراير (شباط) 2022.

ويضيف: «العلامات التجارية التي أحبها لا تزال موجودة. كنت أشتري بدلاتي من علامة (ايسايا) ولا أزال».

صورة ملتقطة في 20 نوفمبر 2024 تظهر وكالة شركة صناعة السيارات الألمانية «بورش» في موسكو (أ.ف.ب)

«نفاق»

بعد شن الهجوم الروسي على أوكرانيا، أعلنت العديد من العلامات التجارية الغربية ومجموعات السلع الفاخرة مثل «شانيل» و«ايرميس» و«لوي فويتون» و«كارينغ» نيتها الانسحاب من الأسواق الروسية حفاظا على سمعتها في العالم.

لكن بعد ثلاث سنوات تقريبا على اندلاع الحرب، لا تزال العلامات التجارية الشهيرة موجودة على المحلات التجارية في وسط مدينة موسكو التي تنبض بالحياة وتعد حوالي 13 مليون نسمة.

في الواقع، احتفظت العديد من هذه الأسماء الأجنبية الفاخرة بمقارها الفخمة، المغلقة حاليا، على مرمى حجر من الكرملين أملا منها ربما بالعودة عندما ينتهي النزاع.

فلا مانع من بيع منتجاتها في الأسواق الروسية.

وقال رجل أعمال فرنسي لا يزال يبيع منتجاته الفاخرة في العاصمة الروسية طالبا عدم كشف هويته: «إعلانهم الخروج من السوق نفاق».

ويضيف أنه «حتى لو أغلقت المتاجر رسميا، فإن هذه العلامات التجارية تستمر في بيع منتجاتها للروس عبر أسواق أي مواقع البيع عبر الإنترنت بالإضافة إلى وسطاء مثل المحلات الكبرى.

وتقول إيلينا (38 عاما) مديرة تسويق علامة تجارية للملابس الداخلية إن «الخيار أقل مما كان عليه لكن كل شيء متوافر»، وذلك من مركز «تسوم» الفخم للتسوق على مسافة مئات الأمتار من مركز «غوم» التجاري.

وتضيف بائعة من «تسوم» أمام نقطة بيع ملابس «بيربري»: «لا تزال العلامات التجارية الفاخرة موجودة وكذلك زبائننا المعتادون. لم يتراجع الطلب على هذه السلع».

حتى إن تطبيق «تسوم» يتيح شراء ملابس من علامات «برادا» أو «سان لوران» أو «ألكسندر ماكوين» التي انسحبت من روسيا رسميا، عبر الإنترنت «بأسعار أكثر تنافسية...»، وفقا لإعلان إلكتروني.

زبائن يتجولون أمام متجر «بوغنر» الألماني في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

رحلات لشراء السلع

يتوجه الروس الأثرياء إلى دول أخرى كتركيا وكازاخستان اللتين تؤمنان عددا كبيرا من الرحلات الجوية مع روسيا، لشراء السلع الفاخرة.

لكن من المستحيل التحقق من أرقام مبيعات المنتجات الفاخرة في هذين البلدين، لأن معظم الشركات لا تقدم تفاصيل عن مبيعاتها حسب البلد أو حسب العلامة التجارية.

وتقول إيلينا مديرة التسويق إن هذه الظاهرة مربحة «للمشترين»، وهو مصطلح يشير إلى «الذين يسافرون إلى الخارج لشراء الملابس والسلع الفاخرة حسب الطلب».

وتقول: «لقد تكيفنا بسرعة».

ومصطلح «المشتري» يعيدنا إلى حقبة التسعينات عندما لم تكن العلامات التجارية الغربية متوافرة في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

وكان هؤلاء الأشخاص يقومون برحلات بين موسكو وأوروبا الغربية لشراء الملابس الفاخرة لزبائنهم الأثرياء.

حتى إن بعض «المشترين» يبرمون «عقودا مع متاجر كبيرة أو مراكز تسوق» في الخارج كما يقول أندري (52 عاما)، وهو مصمم أزياء من موسكو يتعامل مع الزبائن الأغنياء.

ويوضح أنه وفقا لنمط راسخ «يتوجهون إلى ميلانو أو باريس أو لندن ويشترون الأثاث والأواني الفاخرة والمجوهرات والملابس» ويأتون بها إلى روسيا حيث يبيعونها.

وهذا دليل على حد قوله على أن «العلامات التجارية ترغب في مواصلة التعامل» مع الزبائن الروس.

هل إلى حد التفكير في العودة يوما رسميا إلى الأسواق الروسية؟

يقول أندري: «إنها مسألة وقت».


مقالات ذات صلة

ما هي خطة ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

أوروبا قوات أوكرانية تطلق القذائف ضمن تدريبات عسكرية وسط استمرار الغزو الروسي (رويترز) play-circle

ما هي خطة ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

تتجه جميع الأنظار الى إدراة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حيث من المتوقع أن تكشف الولايات المتحدة عن خطتها لإنهاء الحرب في أوكرانيا الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا العلمان الأميركي والروسي عند مدخل السفارة الأميركية في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)

المخابرات الروسية تقلد «سي آي إيه» وتحثّ الأميركيين على التعاون معها

نشر جهاز المخابرات الخارجية الروسية، الخميس، مقطعاً مصوراً ناطقاً بالإنجليزية، حث فيه «المواطنين الأميركيين الحقيقيين» المهتمّين بالسلام العالمي على التواصل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا يوري بوريسوف حينها المدير العام لشركة الفضاء الروسية الحكومية «روسكوزموس» في 23 مارس 2024... أعلن الكرملين الخميس إقالته من منصبه (رويترز)

بعد سلسلة نكسات... بوتين يقيل رئيس وكالة الفضاء الروسية

أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقال رئيس وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس)، الخميس، مشيراً إلى الحاجة إلى «تطوير» الوكالة بعد سنوات من النكسات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

روسيا والصين تعارضان «الترحيل القسري» لسكان غزة بعد تصريحات ترمب

أعربت روسيا والصين عن رفضهما تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن طرد الفلسطينيين من غزة حيث قال إنه يرغب بأن تسيطر الولايات المتحدة على القطاع

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

روسيا والصين تعارضان «الترحيل القسري» لسكان غزة بعد تصريحات ترمب

أعربت روسيا والصين عن رفضهما تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن طرد الفلسطينيين من غزة حيث قال إنه يرغب بأن تسيطر الولايات المتحدة على القطاع

«الشرق الأوسط» (بكين)

ما هي خطة ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

قوات أوكرانية تطلق القذائف ضمن تدريبات عسكرية وسط استمرار الغزو الروسي (رويترز)
قوات أوكرانية تطلق القذائف ضمن تدريبات عسكرية وسط استمرار الغزو الروسي (رويترز)
TT

ما هي خطة ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

قوات أوكرانية تطلق القذائف ضمن تدريبات عسكرية وسط استمرار الغزو الروسي (رويترز)
قوات أوكرانية تطلق القذائف ضمن تدريبات عسكرية وسط استمرار الغزو الروسي (رويترز)

تتجه الأنظار جميعها إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجديدة، حيث من المتوقع أن تكشف الولايات المتحدة عن خطتها لإنهاء الحرب في أوكرانيا، الأسبوع المقبل، التي قد تتضمَّن تجميد الصراع على الخطوط الحالية نفسها، واستخدام القوات البريطانية؛ لفرض وقف إطلاق النار، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

وكان ترمب قد جعل إنهاء الحرب أحد تعهداته الرئيسية خلال الحملة الانتخابية، وأصرَّ في السابق على أنه يمكن القيام بذلك في غضون 24 ساعة.

لكن هذا لم يحدث بالطبع، حيث اعترف الجنرال كيث كيلوغ، المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا، في وقت لاحق، بأن تحقيق السلام سيكون أكثر تعقيداً، وقد يستغرق 100 يوم.

بعد مرور نحو شهر على ولاية ترمب الثانية، سيقدِّم الجنرال كيلوغ، الأسبوع المقبل، خطةً لإنهاء الحرب بشكل خاص لحلفاء أميركا في «مؤتمر ميونيخ للأمن»، الذي يعقد من الجمعة إلى الأحد، بين 14 و16 فبراير (شباط).

جندي أوكراني يظهر بالقرب من دبابة على طول خط المواجهة في منطقة دونيتسك (رويترز)

ما الخطة؟

أفادت وكالة «بلومبرغ» بأن أحد العناصر الرئيسية لخطة الجنرال كيلوغ هو تجميد الصراع على الخطوط الحالية.

لقد حقَّقت روسيا مكاسب ثابتة على طول الجبهة الشرقية لأوكرانيا، وإن كان ذلك بتكلفة متزايدة. تكبَّدت موسكو بالفعل 50 ألف ضحية هذا العام، وفقاً لوزارة الدفاع البريطانية.

تجميد الصراع على الخطوط الحالية يعني أن روسيا تحتفظ بالسيطرة على نحو 20 في المائة من أوكرانيا، خصوصاً في منطقة دونيتسك الجنوبية الشرقية.

وكان من المتوقع أن يصبح ذلك نقطة خلاف، حيث أصرَّت كييف في السابق على أنها ستواصل القتال ضد روسيا حتى تعود أوكرانيا إلى حدودها المعترف بها دولياً.

لكن في نوفمبر (تشرين الثاني)، اعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لأول مرة، بأنه على استعداد للتنازل عن الأراضي لروسيا لإنهاء الحرب. وقال لشبكة «سكاي نيوز»: «إذا أردنا وقف المرحلة الساخنة من الحرب، فيجب أن نضع تحت مظلة (الناتو) أراضي أوكرانيا التي نسيطر عليها».

وفي مقابل تجميد الصراع على طول الخطوط الحالية، تتضمَّن خطة الجنرال كيلوغ تزويد أوكرانيا بضمانات أمنية لضمان عدم هجوم موسكو مرة أخرى.

الجنرال كيلوغ معروف بأنه مناصر لزيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا إذا رفضت موسكو الجلوس على طاولة المفاوضات.

ليس من الواضح بالضبط ما الضمانات الأمنية الأخرى التي ستُمنح لأوكرانيا، التي طالبت منذ فترة طويلة بعضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي حالة فشلها، يُسمح لها بامتلاك الأسلحة النووية.

امرأة تسير وسط الحطام في سوق تعرَّضت لغارة بطائرة روسية دون طيار في خاركيف (رويترز)

ويتضمَّن جانب آخر من صفقة الجنرال كيلوغ إجراء انتخابات في أوكرانيا، ويفضَّل أن يكون ذلك بحلول نهاية العام، خصوصاً إذا دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

يُحظر حالياً إجراء الانتخابات في أوكرانيا خلال الأحكام العرفية. لو لم تغزُ روسيا أوكرانيا، لكان من المقرر أن تنتهي فترة ولاية زيلينسكي في 20 مايو (أيار) 2024. وأكد زيلينسكي أنه على استعداد لإجراء انتخابات بعد الحرب.

والعنصر الثالث وراء خطة الجنرال كيلوغ يتعلق بالمعادن النادرة والمعادن الحيوية في أوكرانيا، التي قال ترمب، يوم الاثنين، إن الولايات المتحدة تريدها في مقابل استمرار الدعم العسكري.

ووفقاً للتقارير، تفاوضت كييف بالفعل على اتفاقية معادن حيوية مع إدارة بايدن، التي صُممت للسماح للولايات المتحدة بالاستفادة من مجموعة الموارد الطبيعية المربحة في أوكرانيا.

لكن الصفقة تأخرت حتى يتمكَّن ترمب من إعلانها بوصفها جزءاً من انتصاراته، وفقاً لمصادر لصحيفة «نيويورك تايمز»، وهو الأمر الذي كان زيلينسكي سعيداً بفعله.

نقاط الخلاف

ناقش حلفاء أوكرانيا الأوروبيون، بما في ذلك بريطانيا وبولندا وفرنسا، إرسال قوات إلى كييف لفرض وقف إطلاق النار.

وأشار زيلينسكي إلى أن مثل هذه الخطة لا يمكن أن تنجح إلا مع القوات الأميركية، قائلاً: «هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 200 ألف جندي لفرض السلام، وإن أوروبا وحدها ليست موثوقة بما فيه الكفاية».

ومن المرجح أن يتم وضع القوات على طول منطقة عازلة بطول 800 ميل، على طول ما هي حالياً خطوط المواجهة للحرب في شرق أوكرانيا.

من غير المرجح أن يوافق ترمب - الذي تعتمد سياسته الخارجية على إبعاد الولايات المتحدة عن الصراعات العالمية - على إرسال قوات أميركية لفرض أي وقف لإطلاق النار.

كما تبدو الولايات المتحدة مستعدة لرفض دعوة أوكرانيا للحصول على أسلحة نووية.

وافقت كييف على إعطاء روسيا أسلحتها النووية في عام 1994 مقابل تطمينات باحترام استقلالها. قال زيلينسكي إن الاتفاق انتُهك بغزو روسيا، ولذلك طالب بالسماح لبلاده بامتلاك أسلحة نووية مرة أخرى.

وصب الجنرال كيلوغ الماء البارد على الفكرة على الفور. وأفاد لشبكة «فوكس نيوز» هذا الأسبوع: «فرصة استعادة أسلحتهم النووية ضئيلة إلى معدومة».

ومع ذلك، ظلت إدارة ترمب صامتةً بشأن حلف شمال الأطلسي.

صرَّح الجنرال كيلوغ عندما سُئل عن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، قائلاً: «هذا أحد الأسباب التي تجعلني أذهب الأسبوع المقبل إلى أوروبا، لرؤيتهم وجهاً لوجه... يمكنني أن أعيد ذلك إلى الرئيس، وأقول (حسناً، سيدي الرئيس، هذا هو مصدر قلقهم. هذه هي القضايا المطروحة)».

كما لا يوجد ما يضمن أن موسكو سوف ترغب في إنهاء الحرب على المنوال الحالي نفسه.

وقوات الرئيس فلاديمير بوتين تتقدَّم، وإن كان ذلك ببطء، في حين تُستَنزف الموارد والمعنويات الأوكرانية. كما لم تخفِ موسكو حقيقة أنها ترغب في استبدال مرشح آخر من اختيارها بزيلينسكي.

أرادت روسيا تنصيب الأوليغاركي الموالي للكرملين، فيكتور ميدفيدتشوك، رئيساً لأوكرانيا في إنذار نهائي عُرض على زيلينسكي خلال المرحلة الأولى من الحرب.

وقد ترفض موسكو بعد ذلك قبول أي سيناريو انتخابي ينطوي على ترشح زيلينسكي لولاية جديدة.