جدل في تركيا حول دعوة أوجلان للحديث أمام البرلمان

خصوم لإردوغان يتهمونه باللعب «بالورقة الكردية» من أجل التجديد لرئاسته

مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بإطلاق سراحه (رويترز)
مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بإطلاق سراحه (رويترز)
TT

جدل في تركيا حول دعوة أوجلان للحديث أمام البرلمان

مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بإطلاق سراحه (رويترز)
مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بإطلاق سراحه (رويترز)

رفضت أحزاب تركية الدعوة التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، إلى السماح لزعيم حزب «العمال» الكردستاني السجين في تركيا مدى الحياة عبد الله أوجلان، بالحديث أمام البرلمان، وإعلان حل الحزب، وإلقاء سلاحه ونبذ الإرهاب، مقابل تمتعه بالحق في الأمل في إطلاق سراحه.

وبينما لم ترد وزارة العدل التركية على طلب تقدَّم به حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، لزيارة رئيسَي الحزب المشاركين، تونجر باكرهان وتولاي حاتم أوغوللاري، لأوجلان في سجنه الانفرادي في جزيرة إيمرالي ببحر مرمرة غرب تركيا، تصاعدت أصوات الأحزاب الرافِضة للسماح لأوجلان بالحديث في البرلمان.

تشتت إردوغان

ورأى رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، أن هناك تبايناً في المواقف حتى الآن بين إردوغان وبهشلي، قائلا: «لا نعرف حتى الآن مدى تقبل إردوغان لما قاله بهشلي، ومدى موافقته عليه».

رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» التركي المعارض علي باباجان (موقع الحزب)

ورجّح باباجان، الذي عمل سابقاً في حكومات إردوغان في عدد من المناصب وزيراً للخارجية والاقتصاد، ونائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، أن يكون إردوغان عالقاً بين ما يدعو إليه حليفه بهشلي، وبين أولئك الذين لديهم منظور أمني في حكومته. ولفت إلى أن تركيا مرّت بعمليات مماثلة من قبل، ومن غير المعروف إلى أين ستذهب هذه الأعمال مع هذا الخط المتعرج الذي يسير فيه إردوغان.

وأكد باباجان، أن حزبه الممثل بـ15 مقعداً بالبرلمان التركي، سيدعم أي عملية لحل المشكلة الكردية في تركيا حتى لو كانت فرصة نجاح الحل لا تتجاوز 5 في المائة، لكننا نرى أن هناك حساسية كبيرة في دعوة أوجلان لإلقاء خطاب أمام المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» في الظروف الحالية، وأن هذا أمر غير ممكن.

جدل وشكوك

وأثار بهشلي الجدلَ في افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان التركي في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمصافحته المفاجئة لنواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي كان يصفه بأنه يدعم الإرهاب وحزب «العمال» الكردستاني، وزادت حدة الجدل مع إطلاقه دعوة في 15 من الشهر ذاته لحضور أوجلان إلى البرلمان، وإعلان حل «حزب العمال الكردستاني»، وإلقاء سلاحه، ونبذ الإرهاب مقابل التمتع بما يُعرف بـ«الحق في الأمل» الذي يتطلب تعديلات قانونية تساعد على العفو عن أوجلان.

مصافحة بين بهشلي والنواب الأكراد بالبرلمان فجَّرت جدلاً على مدى أكثر من شهرين (إعلام تركي)

ولم تلقَ تلك الدعوة تأييداً من إردوغان مثل تأييده مصافحة حليفه للنواب الأكراد. وعاد بهشلي في 22 أكتوبر ليعدّل من مقترحه، مطالباً بأن يتم فتح الباب لزيارة نواب الحزب الكردي لأوجلان في محبسه قبل أن يأتي إلى البرلمان ويتحدث أمام المجموعة البرلمانية للحزب.

وأعطى إردوغان موافقة على هذا الطرح، الذي لم يذكر فيه بهشلي مسألة الإفراج عن أوجلان أو العفو عنه.

ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية التركية بأن دعوة بهشلي، الذي يعدّ حزبه أكبر شركاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، إنما هي محاولة لفتح الطريق أمام الرئيس رجب طيب إردوغان للترشح للرئاسة للمرة الرابعة بالمخالفة للدستور، اعتماداً على دعم نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» التصويت على إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في 2028.

محاولة لترشح إردوغان

وفي تعليق على ما بدا أنه حراك من «تحالف الشعب» للعفو عن أوجلان، مقابل ضمان دعم الأكراد لترشح إردوغان للرئاسة مجدداً، قال رئيس حزب «النصر القومي» المعارض، أوميت أوزداغ: «لقد جلب تحالف إردوغان وبهشلي فجأة العفو عن أوجلان، والمبادرة الجديدة لحل المشكلة الكردية إلى جدول أعمال تركيا، ودعا بهشلي أوجلان للتحدث في البرلمان. هذا لا يضمن الوحدة الوطنية كما يدعيان، بل على العكس من ذلك، هو إهانة للأمة والدولة التركية، وأكبر ضربة للوحدة الوطنية».

أوميت أوزداغ متحدثاً أمام المؤتمر العام الثاني لحزب «النصر» (إكس)

وأضاف أوزداغ، خلال كلمة في المؤتمر العام لحزبه، الأحد: «مع عجز التحالف بين إردوغان وبهشلي عن حل المشكلات التي تعانيها البلاد، جلبا فجأة عفو أوجلان، والمبادرة الجديدة لحل المشكلة الكردية. إن حضور أوجلان إلى البرلمان هو إهانة للأمة التركية، وسيخلق صدمة لهذه الأمة، ويدلل مؤيدي المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني)؛ لأن من يظن أنه سيحقق الوحدة الوطنية بإجبار أوجلان على الكلام فهو في غفلة وضلال».

وأكد أن هدف إردوغان وبهشلي هو تغيير المادة 66 من الدستور التي تحُول دون ترشح إردوغان للرئاسة مجدداً، لافتاً إلى أن البعض يقول، سنقاتل حتى يشعر الأكراد بالمساواة. وقال: «الدولة لا تحكمها المشاعر. الدولة يحكمها القانون، ومن الناحيتين الدستورية والقانونية لا يتعرَّض أحد في تركيا للإيذاء أو التفرقة على أساس العرق».

لقاء بين إردوغان وبهشلي في 14 نوفمبر الماضي (الرئاسة التركية)

وتمسّك حزب «الحركة القومية» بموقفه، وقال نائب رئيس الحزب، فتي يلديز، عبر حسابه في «إكس»، تعليقاً على سقوط حكم بشار الأسد في سوريا: «الآن فهم الجميع سبب دعوتنا لزعيم المنظمة الإرهابية (أوجلان)، سنواصل العمل بكل قوتنا من أجل ضمان السلام الاجتماعي والطمأنينة على أساس الحرية والعدالة والإنصاف وتكافؤ الفرص، وتطوير الحقوق والحريات الأساسية، وقانون الأخوة، وثقافة التضامن، والقضاء على الإرهاب».


مقالات ذات صلة

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

تواجه «عملية السلام» في تركيا أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اختتمت اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع حول العملية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.