رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

يميني متطرف معارض لمساعدة أوكرانيا و«الناتو» يتصدّر الجولة الأولى

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

فجّر المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو، الاثنين، مفاجأة مدوية بتصدّره الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، حسب النتائج شبه النهائية، وسينافس سياسية مغمورة في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وبعد فرز أكثر من 99 في المائة من الأصوات، حصل كالين جورجيسكو (62 عاماً) المنتمي إلى اليمين المتطرف، والمعارض لمنح أوكرانيا المجاورة مساعدات والمناهض لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على 22.94 في المائة من الأصوات، متقدماً على إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط وحلّت في المركز الثاني بـ19.17 في المائة من الأصوات في الانتخابات التي أُجريت، الأحد.

إيلينا لاسكوني (52 عاماً) التي ستخوض الجولة الثانية في أثناء إدلائها بصوتها الأحد (إ.ب.أ)

وتراجع رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو الذي كان المرشح الأوفر حظاً، إلى المركز الثالث، بفارق نحو ألف صوت فقط عن لاسكوني (19.15 في المائة).

وحقّق جورجيسكو هذه النتيجة المفاجئة بعد أن أطلق حملة عبر تطبيق «تيك توك» ركزت على ضرورة وقف كل مساعدة لكييف، وحقّقت انتشاراً واسعاً خلال الأيام الماضية.

وعلّق جورجيسكو، الأحد، بالقول: «هذا المساء، هتف الشعب الروماني من أجل السلام، وهتف بصوت عالٍ للغاية».

وكان من المتوقع أن يبلغ الجولة الثانية جورج سيميون (38 عاماً)، زعيم تحالف اليمين المتطرف من أجل وحدة الرومانيين (أور)، لكنه حلّ رابعاً بـ13.87 في المائة من الأصوات. وهنّأ خصمه، معرباً عن سعادته بأن «سيادياً» سيترشح للجولة الثانية.

رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو يلقي خطاباً وهو محاط بكبار المسؤولين في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

وعوّل سيميون المعجب بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على خطاباته القومية، للاستفادة من غضب مواطنيه الذين يعانون الفقر بسبب التضخم القياسي.

كما أراد أن يُظهر نفسه معتدلاً؛ لكن ذلك «انعكس عليه سلباً بين الأكثر تطرفاً»، وفق ما قاله المحلل السياسي كريستيان بيرفوليسكو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

تصويت مناهض للنظام

وأشار المحلل بيرفوليسكو إلى أن «اليمين المتطرف هو الفائز الأكبر في هذه الانتخابات»؛ إذ نال أكثر من ثلث الأصوات، متوقعاً أن تنعكس هذه النتائج لصالح اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقررة الأحد المقبل. لكن حصول ذلك يؤشّر إلى مفاوضات صعبة لتشكيل ائتلاف.

جورج سيميون (38 عاماً) زعيم تحالف اليمين المتطرف يتحدّث للإعلام في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

ويحكم الديمقراطيون الاشتراكيون، ورثة الحزب الشيوعي القديم الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، حالياً في ائتلاف مع الليبراليين من حزب التحرير الوطني الذي هُزم مرشحه أيضاً.

وبات الرومانيون يعوّلون على المرشحين المناهضين للنظام، في ظل صعود الحركات المحافظة المتشددة في أوروبا، بعد عقد من حكم الليبرالي كلاوس يوهانيس، وهو من أشد المؤيدين لكييف. وتراجعت شعبيته لا سيما بسبب رحلاته المكلفة إلى الخارج المموّلة بالمال العام. ويرى خبراء أن اليمين المتطرف استفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتر في رومانيا المنضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبات لهذه الدولة الواقعة على حدود أوكرانيا دور استراتيجي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث ينتشر على أراضيها أكثر من 5 آلاف جندي من حلف «الناتو»، وتشكّل ممراً لعبور الحبوب الأوكرانية.

وتُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا المجاورتين. ويشغل رئيس الجمهورية منصباً فخرياً إلى حد كبير، لكنه يتمتع بسلطة معنوية ونفوذ في السياسة الخارجية. وتباينت المواقف حيال هذه النتائج في شوارع بوخارست، الاثنين. ورأى البعض فيها مفاجأة سارّة، مثل المتقاعدة ماريا شيس (70 عاماً) التي عدّت أن جورجيسكو «يبدو رجلاً نزيهاً وجاداً ووطنياً وقادراً على إحداث التغيير». وأوضحت أنها أُعجبت بمقاطع الفيديو التي نشرها على «تيك توك» مشيراً فيها إلى موقفه من الحرب في أوكرانيا وتعهّده بـ«السلام والهدوء». وأضافت: «انتهى الخنوع للغرب، وليُفسح المجال لمزيد من الاعتزاز والكرامة».

في المقابل، أعرب آخرون، مثل أليكس تودوز، وهو صاحب شركة إنشاءات، عن «الحزن وخيبة الأمل أمام هذا التصويت المؤيّد لروسيا بعد سنوات عدة في تكتلات أوروبية أطلسية». وعدّ أنه بمثابة تصويت ضد الأحزاب التقليدية التي لحقت بها حملة «تضليل» على الشبكات الاجتماعية أكثر من كونه موقفاً مؤيداً لـ«الكرملين». وحول الجولة الثانية، فقد أعرب عن خشيته من أن «الرومانيين ليسوا مستعدين لانتخاب امرأة (لاسكوني)»؛ لصد اليمين المتطرف في هذا البلد؛ حيث لا تزال النعرات الذكورية راسخة.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية تتوسط عدداً من قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أبريل الماضي (أ.ب)

تحليل إخباري «نيران صديقة» على طريق ولاية فون دير لاين الثانية

حلقة في مسلسل استمرار جنوح المؤسسات الأوروبية نحو اليمين، بعد الانتخابات الأخيرة، مع تراجع قدرة الدولتين الكبريين في الاتحاد، ألمانيا وفرنسا، على ضبط الأمور

شوقي الريّس (بروكسل)
شؤون إقليمية إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي (أ.ب)

المدعية العامة تهدد بإقالة بن غفير لتدخله في عمل الشرطة

تعتزم المدعية العامة غالي بهاراف ميارا مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بإقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ما لم يتوقف عن تدخله المتكرر في شؤون الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وزير المالية الإسرائيلي يدعو إلى فرض سيادة بلاده على الضفة الغربية بحلول 2025

قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم (الاثنين)، إنه يأمل أن توسِّع إسرائيل سيادتها لتشمل الضفة الغربية بحلول 2025.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا زعيم اليمين المتطرف في هولندا‭‭ ‬‬خيرت فيلدرز (أرشيفية - د.ب.أ)

زعيم اليمين المتطرف في هولندا يلتقي وزير خارجية إسرائيل

ذكرت وكالة أنباء هولندية أن زعيم اليمين المتطرف‭‭ ‬‬خيرت فيلدرز سيلتقي مع وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر، ورئيس الكنيست أمير أوحانا، في مطار سخيبول بأمستردام.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
TT

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

اختار الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا رسمياً، الاثنين، المستشار أولاف شولتس مرشحاً له للانتخابات المبكرة المقررة في فبراير (شباط) على رغم تراجع شعبيته إلى مستويات غير مسبوقة بعد انهيار ائتلافه الحكومي.

وقال مصدر مقرب من الحزب اليساري الوسطي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن قيادته عبّرت «بالإجماع» عن تأييدها شولتس. وسيصادق أعضاء الحزب على الترشيح خلال مؤتمر في 11 يناير (كانون الثاني).

وكان شولتس (66 عاماً) قد أعلن رغبته في الترشح عن حزبه بعد انهيار ائتلافه الحكومي مع حزب الخضر والليبراليين في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، وواجه ضغوطاً داخل حزبه لترك منصبه لوزير الدفاع بوريس بيستوريوس الذي يتمتع بشعبية.

وزير الدفاع بوريس بيستوريوس الذي يتمتع بشعبية داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (أ.ف.ب)

وقرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

وحصل ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي المعارض المحافظ على أكثر من ضعف هذه النسبة (33 في المائة)، كما يتقدم «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف على حزب شولتس حاصداً 18 في المائة من نوايا التصويت.

وكتبت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن أولاف شولتس هو «على الأرجح المرشح الأكثر ضعفاً وأقل شخصية مناسبة لتولي منصب المستشار رشحها الحزب الاشتراكي الديمقراطي على الإطلاق».

انهار الائتلاف الحكومي الألماني بزعامة شولتس، الذي تولى السلطة منذ نهاية عام 2021، بعد إقالة المستشار وزير المال الليبرالي كريستيان ليندنر إثر خلافات عميقة حول الميزانية والسياسة الاقتصادية التي يجب اتباعها، في خضم معاناة أكبر اقتصاد في أوروبا من أزمة صناعية.

«مستشار السلام»

ويكرر شولتس الهادئ الطباع قناعته بقيادة حزبه إلى النصر مرة أخرى، مذكراً بفوزه في انتخابات عام 2021 بخلاف كل التوقعات؛ إذ استفاد إلى حد كبير من انقسامات في المعسكر المحافظ.

المستشار أولاف شولتس ووزير الدفاع بوريس بيستوريوس بعد إعلان فوز الأول بترشيح الحزب ببرلين الاثنين (رويترز)

وتتمثل استراتيجيته هذه المرة، في تقديم نفسه على أنه رجل ضبط النفس في الدعم العسكري لأوكرانيا على أمل الاستفادة من النزعة إلى السلام المتجذرة لدى الألمان منذ الفظائع النازية، ومن أصوات المؤيدين لروسيا.

وأشار استطلاع حديث أجراه التلفزيون العام «آي آر دي» ARD، إلى أن 61 في المائة ممن شملهم يؤيدون قرار شولتس بعدم تزويد أوكرانيا بصواريخ «توروس» القادرة على ضرب عمق الأراضي الروسية.

ويتناقض هذا الموقف مع موقف حلفاء ألمانيا الرئيسين، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وفي السياق نفسه، أثار الاتصال الهاتفي الذي أجراه شولتس مؤخراً مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الاستياء خصوصاً في كييف.

كما اتهمته المعارضة في ألمانيا، بالمساهمة في الـ«دعاية» الروسية وبالقيام بمناورة انتخابية تقدمه على أنه «مستشار السلام» قبل انتخابات خطيرة.

«خبرة كبيرة»

ولا يخفي المحافظون ارتياحهم لترشيح المستشار. وقال النائب ماتياس ميدلبرغ إن القرار «جيد بالنسبة لنا»، مضيفاً أن «بيستوريوس كان سيسبب إزعاجاً أكبر لائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي» المعارض المحافظ.

لكن أظهر شولتس مرات عدة قدرته على تحدي التوقعات، وهو سياسي مخضرم شغل منصب رئيس بلدية مدينة هامبورغ (شمال)، ونائب المستشارة أنجيلا ميركل (2005 - 2021) في حكومتها الأخيرة متولياً حقيبة المال.

وفي 2021، فاز من خلال تقديم نفسه على أنه الوريث الحقيقي للمستشارة المحافظة.

وينوي هذه المرة أيضاً أن يطمئن الناخبين من خلال تجربته، في خضم سياق جيوسياسي عالمي متوتر وغارق في المجهول بعد انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وشددت رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ساسكيا إسكين في تصريحات للإذاعة البافارية، الاثنين، على أن شولتس يتمتع بـ«خبرة كبيرة جداً، وبقدرة على المناورة، لا سيما على المستوى الدولي».