أزمة الهجرة تدفع الاتحاد الأوروبي لتعيين مبعوث إلى سوريا

لإعادة عدد من اللاجئين السوريين... وتخوف من موجات جديدة بينها لبنانيون

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الإيطالية جيورجيا ميلوني في بيروت أمس (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الإيطالية جيورجيا ميلوني في بيروت أمس (رويترز)
TT

أزمة الهجرة تدفع الاتحاد الأوروبي لتعيين مبعوث إلى سوريا

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الإيطالية جيورجيا ميلوني في بيروت أمس (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الإيطالية جيورجيا ميلوني في بيروت أمس (رويترز)

يستعدّ الاتحاد الأوروبي لتعيين موفد خاص إلى سوريا، وسط تأكيدات متعاقبة على ألسنة مسؤولين في «المفوضية» وقسم العلاقات الخارجية على أن هذه الخطوة لا تهدف إلى «التطبيع مع النظام»، بل إلى معالجة أزمة الهجرة المتفاقمة والمرشحة لمرحلة بالغة التعقيد بعد التطورات الأخيرة التي يشهدها لبنان، الذي نزح نحو ربع سكانه، ودُمرت مساكن معظمهم في القرى الحدودية وبعض أحياء العاصمة بيروت، بفعل الهجمات الإسرائيلية.

وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، قد نشطت في الأشهر الأخيرة، بالتنسيق مع نظيرها النمساوي، لدفع الاتحاد الأوروبي إلى مسار التطبيع مع سوريا لتسهيل إعادة اللاجئين، لكن بعض الدول الأعضاء، وفي طليعتها فرنسا، اعترضت بشدة على هذا التوجه، وقبلت، بعد مفاوضات طويلة داخل «المجلس الأوروبي»، بتعيين موفد خاص تنحصر مهامه في معالجة أزمة اللاجئين.

موضوع اللاجئين والنازحين شكّل محور المحادثات التي أجرتها ميلوني خلال زيارتها المنطقة مؤخراً، وكانت بيروت محطتها الأخيرة؛ حيث ناشدها رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي التدخل لمعالجة هذه الأزمة التي تنذر بالانفجار في ظروف قاسية جداً على أبواب فصل الشتاء.

في يوليو (تموز) الماضي، قررت إيطاليا، التي ترأس حالياً «مجموعة الدول الصناعية السبع»، تعيين سفر لها في دمشق من أجل «تسليط الضوء» على سوريا، كما جاء على لسان وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني. وكانت إيطاليا قد استدعت جميع أعضاء بعثتها الدبلوماسية من دمشق في عام 2012، وقررت تعليق نشاطها الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على موجة «العنف غير المقبول» الذي يمارسه نظام بشّار الأسد في حق مواطنيه.

الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي (رويترز)

ومطلع الصيف الماضي، وجهت إيطاليا و7 دول أخرى أعضاء في «الاتحاد» رسالة إلى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل، تطالب فيها بدور أوروبي اكثر فاعلية في سوريا، يساعد على إعادة عدد من اللاجئين السوريين في بلدان «الاتحاد»، خصوصاً في النمسا وسلوفينيا وكرواتيا.

وتطالب الدول الأعضاء الموقعة على الرسالة بالتخلي عن سياسة «اللاءات الثلاث»: رفع العقوبات، والتطبيع، والإعمار، ومبدأ أنه يستحيل تحقيق السلام في سوريا بوجود النظام الحالي.

لاجئة سورية وابنتها في قبرص (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)

وتفيد تقارير «دائرة الهجرة» في «الاتحاد الأوروبي» بأن السوريين ما زالوا يغادرون بلدهم بأعداد كبيرة نظراً إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، وبأن لاجئين سوريين في لبنان ينضمون إلى قوافل الهجرة غير النظامية إلى أوروبا بعد تفاقم الوضع المعيشي في هذا البلد خلال السنوات الماضية. وقد وقّعت الرسالة إيطاليا والنمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا.

السلطات اليونانية استخدمت القوة لمنع وصول لاجئين سوريين في تركيا إلى حدودها خلال فبراير عام 2020 (أرشيفية)

ومعظم هذه الدول كانت أعادت فتح سفاراتها في دمشق مؤخراً، وإيطاليا هي الوحيدة من بين دول «مجموعة السبع»، التي تضم الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا، التي استأنفت نشاطها الدبلوماسي في العاصمة السورية.

وكانت أوساط إيطالية قد أعربت عن خشيتها من أن يؤدي امتداد الحرب الدائرة في لبنان إلى سوريا، أو اتساع رقعتها في المدى الإقليمي، إلى انفجار أزمة هجرة كبرى أخرى ليس «الاتحاد الأوروبي» جاهزاً لمواجهتها في الظروف الراهنة.

ويعترف المسؤولون الأوروبيون بأنهم لا يملكون في الوقت الحاضر أي آليات أو خطط لإعادة اللاجئين، وبأن السبل القانونية لإعادتهم معدومة في الوقت الحاضر؛ نظراً إلى أن سوريا ليست على قائمة «الدول الآمنة» التي يمكن إعادة المهاجرين غير النظاميين إليها. ومن المتوقع أن تقتصر جهود الموفد الأوروبي الخاص في مرحلةٍ أولى على منع تدفق مزيد من اللاجئين السوريين في لبنان نحو أوروبا، وتقديم مساعدات للسكان السوريين الذين يعانون تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا.

لكن السياسة الأوروبية الجديدة؛ التي تقود إيطاليا الجهود الأوروبية لإرساء قواعدها، في خضمّ التحولات التي تشهدها المنطقة، ترمي إلى هدف أبعد؛ هو تعزيز الحضور الأوروبي لمنافسة روسيا على الساحة السورية، وتطويق النظام الإيراني الذي تلقّى ضربات موجعة مؤخراً، ومواجهة التمدد التركي الذي بدأ يتسع.

يذكر أن سوريا تخضع منذ عام 2011 لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى.

وتشمل العقوبات الأميركية حصاراً اقتصادياً وعقوبات دولية على مسؤولين، وتبعها «قانون قيصر» الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2019 وانتهت مفاعيله مطلع الصيف الماضي. غير أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بن كاردن، قدم تعديلاً الشهر الماضي على «قانون تفويض الدفاع الوطني» للسنة المالية 2025 بشأن سوريا، يتضمن تمديد «قانون قيصر» حتى عام 2028. وتقول المصادر إن حظوظ التمديد كبيرة.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة مانفريد فيبر رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بضرورة تضافر جميع جهود الأطراف الدولية، للدفع بقوة في اتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق جانب من «مهرجان الطعام الأوروبي» في حي السفارات بالرياض يظهر استقطابه عدداً كبيراً من الزوّار (الشرق الأوسط)

«مهرجان الطعام» يعزِّز «الولع المشترك بين الأوروبيين والسعوديين بالطعام الشهي»

اختُتمت في العاصمة السعودية الرياض النسخة الثانية من «مهرجان الطعام الأوروبي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل يتحدث إلى الصحافة في نابولي بإيطاليا 19 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

بوريل: «سباق مع الزمن» لتجنب توسع النزاع في لبنان

قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن المجتمع الدولي يجب أن يسرّع جهوده لإيجاد حل سياسي في لبنان، حيث تتواجه إسرائيل مع «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا السويد تعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع في محاولة لخفض تدفق المهاجرين (إ.ب.أ)

الحكومة السويدية تخصص مساعدات إنمائية للدول التي يتدفق منها المهاجرون

أعلنت السويد أنها ستعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع وعلى طرق الهجرة، في أول بادرة من نوعها تربط بين المساعدات الإنمائية ومحاولة خفض تدفق المهاجرين.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا مظاهرة لدعم غزة في ميدان ترافالغار بلندن (رويترز)

دراسة: نصف مسلمي الاتحاد الأوروبي يتعرضون للتمييز

أفاد نحو نصف المسلمين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي بأنهم يتعرضون للتمييز في حياتهم اليومية، مع تسجيل «زيادة حادة في الكراهية» عقب حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

فتحُ تحقيق في فرنسا بشأن نائب سابق وصف سكان غزة بـ«السرطان»

متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)
متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)
TT

فتحُ تحقيق في فرنسا بشأن نائب سابق وصف سكان غزة بـ«السرطان»

متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)
متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)

فُتح تحقيق في فرنسا بعد شكوى قدمتها الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بشأن تصريحات أدلى بها النائب السابق ميير حبيب شبه فيها فلسطينيي قطاع غزة بـ«السرطان»، حسبما أفادت به النيابة العامة في باريس، الاثنين.

وصف حبيب المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل الفلسطينيين بأنهم «سرطان» متحدثاً بلهجة عدائية في مقابلة عبر إذاعة «راديو جي» في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حين سئل عن الرد العسكري الذي ينبغي أن تنفذه إسرائيل عقب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» عليها في 7 أكتوبر 2023 وكذلك عن استقبال فلسطينيين.

كما دعا حبيب إلى رفض هؤلاء السكان وإلى التعبير عن الكراهية تجاههم، حسبما كتبت الرابطة على موقعها على الإنترنت.

ورداً على سؤال حول رفض مصر استقبال سكان قطاع غزة الفارين من القصف الإسرائيلي، قال ميير حبيب «إنه التضامن العربي الكبير! لأنهم اليوم يعرفون أن هذا الشعب سرطان».

وفي هذا السياق، قدمت الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان شكوى في 2 فبراير (شباط) بتهمة «الإهانة العامة والتحريض على الكراهية على أساس الأصل أو الانتماء إلى مجموعة عِرقية أو أمة أو عِرق».

وأدت الشكوى التي تم تلقيها في 16 يوليو (تموز)، إلى فتح تحقيق، حسبما أكدت النيابة العامة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال حبيب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين: «شُوّهت تصريحاتي عمداً». وأضاف: «من الواضح أنني لم أستهدف مطلقاً شعب (غزة) كله، ولكن فقط إرهابيي (حماس)، وكذلك آلاف المدنيين في غزة الذين دعموهم، ورافقوهم للأسف في 7 أكتوبر، مثل أولئك الذين ضربوا الرهائن، وأعدموهم عندما وصلوا إلى غزة».

انتُخب حبيب في عام 2013 نائباً عن الفرنسيين المقيمين في الخارج، وهو مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخسر مقعده النيابي خلال الانتخابات التشريعية المبكرة في يوليو.