صعود اليمين المتطرف في النمسا يدفع قضية الهجرة إلى صدارة المشهد

نمساويون يرفعون لافتة تقول «ليخرج النازيون من البرلمان» بعد تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بفيينا الأحد (إ.ب.أ)
نمساويون يرفعون لافتة تقول «ليخرج النازيون من البرلمان» بعد تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بفيينا الأحد (إ.ب.أ)
TT

صعود اليمين المتطرف في النمسا يدفع قضية الهجرة إلى صدارة المشهد

نمساويون يرفعون لافتة تقول «ليخرج النازيون من البرلمان» بعد تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بفيينا الأحد (إ.ب.أ)
نمساويون يرفعون لافتة تقول «ليخرج النازيون من البرلمان» بعد تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بفيينا الأحد (إ.ب.أ)

تجلس صائمة عرب، وهي خبيرة تجميل من أصل أفغاني تبلغ من العمر 20 عاماً، في حديقة مع أصدقائها عقب أداء الصلاة بمسجد في فيينا، وتشعر بالامتنان لتمتعها بالحرية في النمسا.

وقالت صائمة، التي جاءت إلى النمسا في 2017: «لم نتمكن أبداً من فعل هذا في أفغانستان، لم نطبخ أبداً، ولم نخرج، ولم نجلس في الأماكن العامة هكذا... المنزل هناك مثل السجن».

ومع ذلك يشعر كثير من النمساويين بالقلق بشأن قدرة بلادهم على دمج المهاجرين، لا سيما المسلمين، وكانت رغبتهم في فرض قوانين أكثر صرامة على الهجرة مسألة رئيسية في انتخابات الأحد، التي فاز فيها حزب «الحرية» المنتمي لليمين المتطرف للمرة الأولى.

وخاض «الحرية» وحزب «الشعب» الحاكم المنتمي إلى التيار المحافظ الانتخابات، بتقديم تعهدات بتشديد قوانين اللجوء ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

زعيم حزب «الحرية» اليميني المتطرف هربرت كيكل يحتفل مع أنصاره في فيينا الأحد (أ.ف.ب)

وزاد فوز «الحرية» النمساوي مخاوف المنتقدين بشأن صعود تيار اليمين المتطرف في أوروبا، بعد مكاسب انتخابية حققها حزب «البديل من أجل ألمانيا»، وحزب «التجمع الوطني» في فرنسا بالأشهر القليلة الماضية.

وقالت صائمة، التي تحدثت إلى وكالة «رويترز» في مقابلة أجريت قبل الانتخابات، إنها لا تحب الحديث في السياسة؛ لكنها تأمل في أن تتمكن من التصويت بالنمسا يوماً ما.

وفاز «الحرية» و«الشعب» بأكثر من 55 في المائة من الأصوات، ومن المؤكد تقريباً أن أحد الحزبين سيقود الحكومة المقبلة، وهو ما يعزز التوقعات بأن النمسا ستتبنى قواعد أكثر صرامة مثلما حدث في ألمانيا والمجر وفرنسا.

وأظهرت استطلاعات أن الهجرة والتضخم من بين المخاوف الرئيسية للناخبين. وكذلك القلق من أن النمسا تستقبل المهاجرين بسرعة أكبر من قدرتها على دمجهم.

وحازت مسألة المهاجرين على اهتمام كبير الشهر الماضي، عندما اعتقلت الشرطة مراهقاً من أصول مقدونية شمالية للاشتباه في تدبيره لهجوم مستوحى من تنظيم «داعش» على حفل لتايلور سويفت في فيينا.

متظاهرون يحتجون على التقدم الانتخابي لليمين المتطرف في فيينا الأحد (رويترز)

وارتفع عدد الأشخاص في النمسا، الذين ولدوا في الخارج أو كان آباؤهم من أصول أجنبية، بنسبة تزيد على الثلث بين عام 2015 والعام الماضي، ويمثلون الآن نحو 27 في المائة من عدد السكان البالغ نحو 9 ملايين نسمة.

ويجمع حزب «الحرية» في حديثه بين الهجوم على الهجرة وانتقاد الإسلام.

ويدعو الحزب إلى «إعادة المهاجرين»، بما في ذلك إعادة طالبي اللجوء إلى بلدانهم الأصلية، خصوصاً إذا فشلوا في الاندماج، والحد من حقوق اللجوء.

وأثار هذا قلق بعض الذين يشعرون بأن الحزب يشيطن الأجانب.

وينفي حزب «الحرية» هذا الاتهام. ويقول إن طالبي اللجوء يشكلون عبئاً على موارد الدولة، ويلفت الانتباه إلى الجرائم التي يرتكبها بعضهم.

وحصل «الحرية» بزعامة هربرت كيكل على 29.1 في المائة من الأصوات، بقفزة قدرها 13 نقطة مقارنة بالانتخابات السابقة عام 2019، وفق التوقعات بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.

وفي سياق صعود الأحزاب المتطرفة في أوروبا، فإن أداء هذا التشكيل الذي أسسه نازيون سابقون كان أفضل مما توقعته استطلاعات الرأي.


مقالات ذات صلة

من «جنّاتهنّ الصغيرة» إلى غرف الإيواء... شهادات نازحاتٍ جنوبيّات في لبنان

المشرق العربي سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

من «جنّاتهنّ الصغيرة» إلى غرف الإيواء... شهادات نازحاتٍ جنوبيّات في لبنان

خرجن من بيوتهنّ إلى التهجير مباشرةً من دون أن يتمكّنّ من تحضير الحقائب. النازحات اللبنانيات يفتقدن احتياجاتهن الأساسية وكثيراً من الخصوصية.

كريستين حبيب (بيروت)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط) play-circle 02:57

النازحون السوريون يعانون جحيم حرب جديدة

أوضاع صعبة يعيشها آلاف السوريين الذين اضطروا مجدداً للهرب من مخيمات كانت تؤويهم في مناطق الجنوب اللبناني والبقاع بعد قرار إسرائيل توسعة الحرب على لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية أطفال سوريون وُلدوا في مخيمات اللجوء بتركيا (أرشيفية)

لاجئون وخبراء لـ«الشرق الأوسط»: عفو الأسد غير مقنع وسيضر السوريين في تركيا

أثار المرسوم الرئاسي السوري بشأن العفو عن بعض الهاربين في الداخل والخارج بشرط تسليم أنفسهم، جدلاً واسعاً في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية العفو الرئاسي السوري هل سيحل مشكلة اللاجئين في تركيا؟ (أرشيفية)

هل يمنح عفو الرئيس السوري عن الهاربين تركيا فرصة للتطبيع وعودة اللاجئين؟

رأت أوساط تركية أن قرار العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد بشأن الفارين داخل البلاد وخارجها، يشكل فرصة لدفع التطبيع وعودة اللاجئين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق أرادت محو الأحكام المسبقة عندما يتعلّق الأمر بامرأة وافدة من الشرق الأوسط (صور ريتا حايك)

ريتا حايك لـ«الشرق الأوسط»: في «البرابرة» أُثبتُ مَن أكون

بدأ عرض «البرابرة» في الصالات الفرنسية، وتأمل فنانته بعرضه في لبنان متى تهدأ ناره. ترى أنّ إشكاليته مطروحة، وتهمّ المُشاهد المحلّي لانخراطه في جدلية اللاجئين.

فاطمة عبد الله (بيروت)

روسيا تقدم ميزانيتها لعام 2025 من دون كشف النفقات العسكرية

جنود روس يطلقون النار من مدافع «Giatsint-B» باتجاه مواقع أوكرانية في مكان غير معلوم (إ.ب.أ)
جنود روس يطلقون النار من مدافع «Giatsint-B» باتجاه مواقع أوكرانية في مكان غير معلوم (إ.ب.أ)
TT

روسيا تقدم ميزانيتها لعام 2025 من دون كشف النفقات العسكرية

جنود روس يطلقون النار من مدافع «Giatsint-B» باتجاه مواقع أوكرانية في مكان غير معلوم (إ.ب.أ)
جنود روس يطلقون النار من مدافع «Giatsint-B» باتجاه مواقع أوكرانية في مكان غير معلوم (إ.ب.أ)

قدمت الحكومة الروسية، اليوم (الاثنين)، مشروع قانون ميزانيتها لعام 2025 إلى مجلس الدوما دون مناقشة علنية للإنفاق العسكري، الذي تضخم خلال العامين الماضيين لدعم الهجوم المكلِّف في أوكرانيا.

منذ عام 2022، ساهم الكرملين إلى حد كبير في إعادة توجيه اقتصاده نحو المجهود الحربي، وتطوير مجمعه الصناعي العسكري بسرعة عالية، لا سيما من خلال توظيف آلاف العاملين الجدد.

عام 2024 ارتفعت الميزانية العسكرية الوطنية بنسبة 70 في المائة تقريباً مقارنةً بعام 2023، وهو ما يمثل مع الاستثمارات الأمنية 8.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، حسب الرئيس فلاديمير بوتين، في سابقة في تاريخ روسيا الحديث.

وقالت وزارة المالية الروسية في بيان «إن الأولويات الرئيسية للميزانية (...) هي الوفاء بجميع الالتزامات الاجتماعية تجاه المواطنين وضمان الدفاع عن البلاد وأمنها والسيادة التكنولوجية».

إجمالاً سيرتفع الإنفاق الفيدرالي عام 2025 إلى 41.500 مليار روبل (نحو 400 مليار يورو) بزيادة قدرها 12 في المائة تقريباً في عام.

وكشفت الوزارة الروسية بالأرقام، كيف سيتم توزيع الاستثمارات العام المقبل لكن ليس بالنسبة لفئة «الدفاع».

وأوضحت أنه سيتم تخصيص «أموال كبيرة لتجهيز القوات المسلحة بالأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة، ودفع التعويضات ودعم مؤسسات المجمع الصناعي العسكري».

ورداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، أن «جميع تعليمات الرئيس (بوتين) تنعكس في مشروع القانون هذا» دون مزيد من التفاصيل.

ومنتصف سبتمبر (أيلول) أعلن بوتين «تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد» و«دمج المناطق الأوكرانية المحتلة» ضمن «أولويات» الميزانية.

وفي إشارة إلى أن الإنفاق العسكري لن ينخفض في الأشهر المقبلة، وقَّع فلاديمير بوتين مؤخراً مرسوماً لزيادة عدد الجنود بنسبة 15 في المائة تقريباً ليصل إلى 1.5 مليون جندي.

ولاستكمال ميزانيتها خططت الحكومة في الأول من يناير (كانون الثاني) لزيادة الضرائب على المداخيل المرتفعة والشركات، بوصفها وسيلة لمواصلة تمويل الهجوم في أوكرانيا والنفقات المرتبطة به.