«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

انتقادات لمنح الأجانب «مزايا»... وتساؤلات بشأن استفادة القاهرة

طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
TT

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

أثار مشروع قانون ينظم أوضاع اللاجئين في مصر، ويناقشه مجلس النواب (البرلمان)، حالة جدل واسعة في مصر، وسط تساؤلات عن الفائدة التي ستعود على القاهرة من إقراره، وانتقادات لما نصّت عليه بنود مشروع القانون من «امتيازات وحقوق» للأجانب، عدّها البعض محاولة لـ«توطينهم»، ما يزيد من أعباء البلاد الاقتصادية.

وبينما أكّد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أهمية سن تشريع ينظّم ويقنن أوضاع اللاجئين، أرجعوا حالة الجدل بشأنه إلى «عدم التمهيد» للقانون، و«تناقض» مضمونه مع خطاب إعلامي ورسمي كان يشكو من العبء الاقتصادي لزيادة عدد اللاجئين.

وتصدرت وسوم «#قانون_اللاجئين» و«#مجلس_النواب»، «تريند» مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث شارك عدد من روّاد المنصات بنود مشروع القانون، مع تعليقات تراوحت بين الرفض والقبول، والسؤال عن جدواه في هذا التوقيت، تزامناً مع استكمال مجلس النواب مناقشاته، بعد أن وافق عليه مبدئياً قبل أيام، وأنهى، الاثنين، مناقشة 32 مادة من موادّه الـ39.

وتقدّر بيانات حكومية رسمية أعداد الأجانب الموجودين في مصر بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، ما بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة.

فيما تشير بيانات «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» إلى تسجيل 818 ألف لاجئ من 60 دولة في مصر، يحتل السودانيون المرتبة الأولى بينهم بواقع 537 ألفاً و882 لاجئاً، يليهم السوريون بواقع 148 ألفاً و938 لاجئاً».

بينما تشير البيانات الأخيرة الصادرة عن حكومة مصر إلى أن أكثر من 1.2 مليون سوداني فروا إلى مصر منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وعبر حسابها على موقع «إكس»، أشارت الإعلامية وعضوة مجلس النواب المصري دينا عبد الكريم إلى «أهمية التوقيت» عند مناقشة أي قانون. وقالت: «أدرك تماماً أن وقع القانون يبدو مخيفاً لبعض الناس في ظل القلق المتزايد من أعداد اللاجئين في مصر وضغطهم على الخدمات العامة»، لكنها أوضحت أن «القانون لم يأتِ بجديد سوى محلية التقييم مستنداً لما هو قائم بالفعل».

وانتقد بعض روّاد منصات التواصل الاجتماعي مشروع القانون، معربين عن مخاوفهم من أن يكون مقدمة لـ«توطين» الأجانب في مصر، أو أن يفتح الباب نحو زيادة أعداد اللاجئين بما يشكّل عبئاً إضافياً على الخدمات في البلاد، في وقت دافع فيه آخرون عن مشروع القانون.

وخشي البعض من «تحويل اللاجئ من ضيف لمستوطن»، واصفين مشروع القانون بأنه «يساوي بين اللاجئ وبين المواطن في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية».

غير أن عضو مجلس النواب المصري، محمود بدر، قال عبر حسابه على «إكس»، إن «القانون لا علاقة له بتوطين اللاجئين ومعظم مواده تأتي متوافقة تماماً مع اتفاقية اللاجئين التي وقّعت عليها مصر عام 1951». وأضاف أن القانون «يتيح حصر اللاجئين وينهي حالة الفوضى والعشوائية بشأن وجودهم».

وردّ بدر على ما يتردد بشأن منح الجنسية المصرية للاجئين، وقال: «القانون ليس له علاقة بذلك، والجنسية ينظمها تشريع آخر، واللاجئ كأي أجنبي يمكنه التقدم بطلب للحصول على الجنسية إذا انطبق عليه القانون الخاص بها».

ووفقاً لمجلس النواب، فإن القانون يأتي «في ضوء ما شهدته المنطقة من تفاقم بالأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في العديد من دول الجوار، ما أدى إلى تنامي موجات عديدة من النزوح وزيادة التدفقات الوافدة إلى مصر»، مشيراً إلى أن «مصر تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم بين الدول الأكثر استقبالاً لطلبات لجوء جديدة عام 2023».

وأرجع مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، حالة الجدل إلى «دهشة كثيرين من سعي الحكومة لسن قانون ينظّم شؤون اللاجئين، في وقت روّج الخطاب الإعلامي والرسمي طوال الفترة الماضية لما يشكّله وجود الأجانب من عبء اقتصادي على البلاد».

وقال الشوبكي لـ«الشرق الأوسط»: «كان لا بد من التمهيد للقانون وتوضيح الأسباب التي دفعت إلى إقراره لمنع حالة الجدل والبلبلة الموجودة حالياً».

في المقابل، أكد أستاذ العلاقات الدولية ومدير «مركز دراسات الهجرة واللاجئين» في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الدكتور إبراهيم عوض، «أهمية سن قانون ينظم وجود اللاجئين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من المفترض أن يكون لكل دولة قانون ينظم أوضاع اللاجئين وألا يتم الاعتماد فقط على المفوضية الأممية في هذا الشأن»، مشترطاً أن «يتماشى القانون مع الالتزامات الدولية في ضوء الاتفاقيات التي وقّعت عليها مصر في هذا الشأن».

ورفض عوض إطلاق اسم «امتيازات» على ما يحصل عليه اللاجئ، وقال: «لا يوجد شيء اسمه امتيازات، هناك 3 اختيارات أمام من يحمل صفة لاجئ، إما البقاء في بلد اللجوء أو العودة لبلاده، أو إعادة توطينه في دولة أخرى».

وشدّد على أن «وجود قانون للاجئين لا يعني بأي حال من الأحوال توطينهم في بلد اللجوء»، مؤكداً أن «حصر أعداد اللاجئين أمر مهم للاجئ وللدولة المضيفة في آنٍ واحد».

وقدّر رئيس مجلس الوزراء المصري، في وقت سابق، التكلفة المباشرة لاستضافة مصر ما يزيد على 9 ملايين شخص، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

ويرى الشوبكي أن «مضمون مواد قانون اللاجئين بشكل عام لا ينطوي على مشكلات»، مشيراً إلى أن «حصر أعداد اللاجئين بدقة قد يسهم في زيادة الدعم الذي تحصل عليه مصر من المنظمات الدولية لتقديم الخدمات للاجئين».

وحسب مشروع القانون، «يتمتع اللاجئ فور اكتسابه هذا الوصف بحقوق منها الحق في الحصول على وثيقة سفر، وحظر رده أو إعادته قسرياً لموطنه أو بلد إقامته»، كما «يخضع اللاجئ في مسائل الأحوال الشخصية لقانون بلد موطنه أو لقانون بلد إقامته».


مقالات ذات صلة

الشيباني يبحث مع الاتحاد الأوروبي التعافي المبكر وإعادة إعمار سوريا

المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع الممثلة الأوروبية العليا للشؤون الخارجية كايا كالّاس والمفوضة الأوروبية للشؤون المتوسطية دوبرافكا سويكا في مؤتمر بروكسل للمانحين مارس الماضي (إ.ب.أ)

الشيباني يبحث مع الاتحاد الأوروبي التعافي المبكر وإعادة إعمار سوريا

الوزير ناقش مع المسؤولة الأوروبية تفعيل خطط التعافي المبكر وإعادة إعمار سوريا «لضمان الاستجابة الفاعلة للاحتياجات الأساسية ودعم البنية التحتية».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ المحكمة العليا الأميركية في واشنطن 17 ديسمبر 2024 (أ.ب)

المحكمة العليا الأميركية تسمح لترمب بتجريد 350 ألف فنزويلي من الحماية القانونية

سمحت المحكمة العليا الأميركية للرئيس دونالد ترمب بتجريد 350 ألف مواطن فنزويلي من الحماية القانونية، مما يعرّضهم للترحيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي جانب من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين بجنوب بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

اشتباكات داخل مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت

اندلعت اشتباكات مسلحة بمخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت بين «تجار مخدرات» وأسفرت عن سقوط إصابات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا قارب يحمل مهاجرين تتم مرافقته من قبل سفينة من الدرك الوطني الفرنسي في القنال الإنجليزي قبالة شاطئ ويميرو بفرنسا في 4 سبتمبر 2024 (أ.ب)

قتيل إثر غرق قارب محمّل بالمهاجرين في القنال الإنجليزي

لقي شخص حتفه إثر انقلاب قارب محمّل بالمهاجرين أثناء محاولته عبور القنال الإنجليزي ليلاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي مهجَّرو بلدة التريمسة في ريف حماة يغادرون مخيمات أطمة في شمال سوريا عائدين إلى ديارهم (سانا)

جهود أهلية لتسهيل عودة المهجرين من مخيمات النزوح شمال سوريا

يواجه العائدون ظروفاً معيشية في مناطقهم المدمرة أشد من ظروف مخيمات النزوح، فلا تخلو من نزاعات محلية ومخاوف من تضاعف الكثافة السكانية في مناطق تفتقر للخدمات.

سعاد جروس (دمشق)

الجزائر: قائد ميداني في مكافحة الإرهاب على رأس مديرية الأمن الداخلي

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)
من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)
TT

الجزائر: قائد ميداني في مكافحة الإرهاب على رأس مديرية الأمن الداخلي

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)
من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)

تسلَّم قيادة جهاز الأمن الداخلي الجزائري، اليوم السبت، الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، العائد إلى الخدمة بعد مشاكل مع القضاء، خلفاً للجنرال عبد القادر حداد، الذي قضى 11 شهراً فقط على رأس المخابرات.

وأكد بيان لوزارة الدفاع أن الفريق أول سعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، أشرف على مراسيم تولي آيت وعرابي مهامه الجديدة بمقر المديرية العامة للأمن الداخلي بالعاصمة، خلفاً للعميد حداد. مؤكداً أن التنصيب «كان فرصة سانحة للفريق أول للالتقاء بأطر هذه المديرية، الذين قدم لهم جملة من التعليمات والتوجيهات العملية، لا سيما في مجال السهر على أداء المهام الجسيمة الموكلة لهم، التي تقتضي بذل المزيد من الجهود المثابرة والمخلصة وأدائها على الوجه الأمثل».

مدير الأمن الداخلي المعزول على اليمين (متداولة)

ولم يذكر البيان أي شيء عن أسباب هذا التغيير، ولا عن مصير حداد (56 سنة)، علماً أن خبر عودة آيت وعرابي (73 سنة) إلى الجهاز الأمني جرى تداوله في حسابات ناشطين سياسيين بالإعلام الاجتماعي منذ أيام.

وقاد العميد عبد القادر آيت وعرابي، الشهير بـ«الجنرال حسان»، فصيلاً أمنياً ميدانياً تابعاً لجهاز المخابرات العسكرية بين 1995 و2015، وعرف عنه إشرافه على فريق من الضباط على درجة كبيرة في الفعالية في تنفيذ سياسة مكافحة الإرهاب. وأطلق هذا الفريق عمليات عدة ضد «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، وهي أخطر التنظيمات المسلحة، أسفرت عن مقتل واعتقال المئات من أفرادها. ومن ضمن هذا الفريق برز عبد القادر حداد، الشهير بـ«ناصر»، ويقول عارفون بالجهاز الأمني إن حداد كان المساعد الرئيسي لآيت وعرابي في أخطر العمليات الأمنية، التي تمت ضد الجماعات الإرهابية.

عبد القادر حداد قاد الأمن الداخلي لمدة 11 شهراً (متداولة)

لكن رغم المكانة التي وصل إليها آيت وعرابي في المخابرات، اتهمته النيابة العسكرية عام 2015 بـ«عدم احترام التعليمات العسكرية»، و«إتلاف وثائق عسكرية رسمية دون ترخيص»، ودانته محكمة عسكرية بغرب البلاد بالسجن 5 سنوات مع التنفيذ.

وتعود خلفية القضية إلى عملية اختراق لجماعة متطرفة تنشط بين مالي وليبيا عام 2012، انتهت بمصادرة كميات كبيرة من السلاح بإشراف شخصي من آيت وعرابي ومدير الأمن الداخلي يومها، الفريق محمد مدين الشهير بـ«توفيق». وبحكم أن المحاكمة تمت في جلسة مغلقة، لم تعرف أسباب ملاحقة «الجنرال حسان»، فيما كانت مصادر مطلعة أكدت أن رئيس أركان الجيش الراحل قايد صالح هو مَن حرَّك الدعوى العسكرية ضده، بسبب إخفاء أمر العملية الأمنية عنه. وبعد انتهاء العقوبة أعيدت محاكمة آيت وعرابي، وحصل على البراءة مع «إعادة الاعتبار».

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للأمن (الرئاسة)

أما حداد فقد غادر البلاد عام 2019، إثر حملة اعتقال أطلقها قايد صالح ضد عدة ضباط محسوبين على مدين وآيت وعرابي، ثم عاد في 2021 وعيَنه رئيس البلاد عبد المجيد تبون مديراً للأمن الداخلي في 2024.

ويأتي هذا التغيير في ظروف سياسية وأمنية دقيقة تواجهها الجزائر، بسبب توتر العلاقات مع مالي إثر إسقاط سلاح الجو الجزائري طائرة مسيَّرة مالية، بداية أبريل (نيسان) الماضي، حيث عدت باماكو الحادثة «إعلان حرب ضدها». وأعلنت النيجر، الجارة الجنوبية للجزائر، وبوركينافاسو تضامنهما مع مالي في هذه الخلاف، الذي ما زال مستمراً.

رئيس الأركان الراحل قايد صالح ومعه قائد الجيش الحالي سعيد شنقريحة (وزارة الدفاع)

كما يأتي هذا التغيير في ظرف سياسي وأمني حساس تمر به الجزائر، حيث تتواصل الأزمة مع المغرب منذ قطع العلاقات في 2021، في وقت تبقى الحدود مع ليبيا مصدر قلق، بسبب نشاط الجماعات المتطرفة والتهريب والهجرة غير النظامية. وإلى جانب ذلك، تشهد العلاقات الجزائرية - الفرنسية مؤخراً تدهوراً ملحوظاً.