البعثة الأوروبية: ظروف قطْر الناقلة «سونيون» المشتعلة قبالة اليمن غير مواتية

ناقلة النفط «سونيون» (أ.ف.ب)
ناقلة النفط «سونيون» (أ.ف.ب)
TT

البعثة الأوروبية: ظروف قطْر الناقلة «سونيون» المشتعلة قبالة اليمن غير مواتية

ناقلة النفط «سونيون» (أ.ف.ب)
ناقلة النفط «سونيون» (أ.ف.ب)

أعلنت البعثة البحرية الأوروبية «أسبيدس»، اليوم الثلاثاء، أنّ «الظروف غير مواتية» لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة بعد تعرضها لهجوم شنه المتمردون الحوثيون قبالة اليمن، محذرة من كارثة بيئية «غير مسبوقة» في المنطقة.

ووفقاً لـ«رويترز»، أفادت البعثة «أسبيدس» المعنية بالأمن في البحر الأحمر على حسابها على منصة «إكس» بأنه قد «توصلت الشركات الخاصة المسؤولة عن عملية الإنقاذ إلى أن الظروف لم تكن مواتية لإجراء عملية القطر وأنه لم يكن من الآمن المضي قدماً، وتدرس الشركات الخاصة الآن حلولاً بديلة»، من دون أنّ تقدم مزيداً من التفاصيل حول مسألة الأمان، في منطقة تشهد استهدافاً للسفن التجارية بشكل متواصل.

جاء ذلك غداة إعلان المهمة، الاثنين، أنّ عملية القطر «على وشك أن تبدأ».

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة «سونيون» التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه المتمردون الحوثيون، وأدى بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية (يو كاي إم تي أو) إلى اندلاع حريق على متنها وتعطل محرّكها.

وأعلن الحوثيون أنهم قاموا بتفخيخ ثم تفجير ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب في اندلاع حرائق عدة على متنها قبل السماح بإنقاذها.

وتم إجلاء طاقم السفينة «سونيون» المؤلف من 23 فلبينياً وروسيين في اليوم التالي للهجوم من قبل فرقاطة فرنسية مشاركة في المهمة الأوروبية.

وأعلنت المهمة الأوروبية أن مهمتها تهدف إلى «تسهيل الوقاية من كارثة بيئية غير مسبوقة في المنطقة».

وأضافت: «تواصل التركيز على مهمتها الأصلية، وهي العمل كمزود موثوق للأمن البحري من الاتحاد الأوروبي، بهدف المساهمة في حرية الملاحة للسفن التجارية في منطقة عملياتها».

وأطلقت مهمة «أسبيدس» في فبراير (شباط) لحماية السفن التجارية من هجمات الحوثيين.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف المتمرّدون الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، فيما يعدونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية التي تمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية، ما دفع بالولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف بحري دولي وضرب أهداف للحوثيين في اليمن، وقد شاركت بريطانيا في بعض الضربات.

ومهمة «أسبيدس» محض دفاعية ويسمح لها بإطلاق النار للدفاع عن السفن أو الدفاع عن نفسها.

وفي سياق الهجمات في البحر الأحمر، نفت السعودية، اليوم الثلاثاء، تعرض ناقلة نفط ترفع علمها لهجوم من قبل المتمردين الحوثيين قبالة سواحل اليمن، بعد ساعات من إعلان الجيش الأميركي استهدافها.

وكانت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط «سنتكوم» أعلنت فجر الثلاثاء أنّ السفينة «أمجاد» التي ترفع علم السعودية وتملكها وتديرها تعرضت لهجوم صاروخي وبالطائرات المسيّرة.

لكنّ الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، وهي أكبر مالك ومُشغِّل لناقلات النفط الخام العملاقة وناقلات الكيماويات في الشرق الأوسط، نفت ذلك «بشكل قاطع».

وذكرت الشركة في بيان نشرته على منصة «إكس»: «نؤكد أن الناقلة (أمجاد) كانت تعبر شمالاً في البحر الأحمر بالقرب من ناقلة أخرى كانت قد تعرضت لهجوم. ونؤكد بشكل قاطع أن الناقلة (أمجاد) لم تكن مستهدفة ولم تتعرض لأي أضرار أو إصابات».

وأضافت أنّ الناقلة تعمل بكامل طاقتها وتواصل رحلتها نحو وجهتها النهائية المخطط لها دون أي انقطاع.


مقالات ذات صلة

السعودية تسعى لجذب الاستثمارات في السياحة الساحلية

الاقتصاد البحر الأحمر ينفرد بمميزات تجعل منه وجهة سياحية استثنائية (البحر الأحمر الدولية)

السعودية تسعى لجذب الاستثمارات في السياحة الساحلية

تواصل الهيئة السعودية للبحر الأحمر جهودها لبناء قطاع سياحي ساحلي مزدهر من خلال تبني مفهوم الاستدامة، وجذب الاستثمارات، وترويج التجارب السياحية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد ناقلة بحرية في مياه اليمن (أرشيفية - شركة الإنقاذ الهولندية بوسكاليس)

«البحري» السعودية: الناقلة «أمجاد» لم تُستهدف في البحر الأحمر

أكدت شركة «البحري» السعودية أن الناقلة «أمجاد» لم تكن مستهدفة ولم تلحق بها أي إصابات أو أضرار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي أحد الموانئ في جيبوتي (أ.ف.ب)

عرض جيبوتي بمنح ميناء لإثيوبيا... هل يُقلق مصر؟

مقترح جديد من جيبوتي بداعي «تخفيف حدة التوترات» في منطقة القرن الأفريقي في ظل أزمة تتصاعد عقب اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» لتأمين الوصول إلى البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري شرطي صومالي يستعد لتفجير محكوم للألغام المستردة على مشارف مقديشو (رويترز)

تحليل إخباري الصومال وخريطة التأثير والنفوذ... «كنز استراتيجي» تحيط به «التوترات»

بات الصومال محوراً لاهتمام وسائل الإعلام الدولية في الآونة الأخيرة، لا سيما بداية العام مع رفضه توقيع الجارة الغربية إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم انفصالي لديه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي ناقلة النفط «بلو لاجون 1» تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر (رويترز)

هجمات حوثية تصيب سفينتين في البحر الأحمر دون خسائر بشرية

تعرضت ناقلة نفط وسفينة تجارية في جنوب البحر الأحمر لهجمات يعتقد مسؤولية الحوثيين عنها دون تسجيل خسائر بشرية، فيما انتقد وزير يمني التساهل الدولي مع الجماعة.

علي ربيع (عدن)

روسيا... بأي اتجاه؟

بوتين يلقي خطاباً في الذكرى الـ85 لانتصار القوات المنغولية والسوفياتية على اليابان بمعركة «خلاخين غول» عام 1939 (أ.ف.ب)
بوتين يلقي خطاباً في الذكرى الـ85 لانتصار القوات المنغولية والسوفياتية على اليابان بمعركة «خلاخين غول» عام 1939 (أ.ف.ب)
TT

روسيا... بأي اتجاه؟

بوتين يلقي خطاباً في الذكرى الـ85 لانتصار القوات المنغولية والسوفياتية على اليابان بمعركة «خلاخين غول» عام 1939 (أ.ف.ب)
بوتين يلقي خطاباً في الذكرى الـ85 لانتصار القوات المنغولية والسوفياتية على اليابان بمعركة «خلاخين غول» عام 1939 (أ.ف.ب)

لا يمكن لروسيا أن تهرب من قدرها الجغرافيّ... لا يمكن لروسيا أن تهرب من تاريخ حروبها؛ إنْ كانت مع الشرق الآسيويّ في الغزوات المغوليّة، أو من الغرب بغزوات نابليون وهتلر. إنها الأمة القلقة. متطلّباتها الأمنية أكبر بكثير من إمكاناتها الماديّة. وصفها السيناتور الأميركي الراحل جون ماكين بأنها محطّة بنزين تتنكّر في دولة. وصفها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بأنها «قوّة كبرى؛ لكن إقليمية».

يمكن وصف تاريخ روسيا بأنه «صراع سيزيفي»؛ (أسطورة سيزيف من أكبر الأساطير اليونانية القديمة شهرة بسبب عقوبته في العالم السفلي)، فهي كانت، ولا تزال، مُضطرة إلى إثبات نفسها وانتزاع الشرعية والاعتراف بها من الغرب على أنها «قوّة عظمى». لذلك تلعب روسيا دائماً دور اللاعب «المُعطِّل - المُخَرْبِط (Disruptor)» على مسرح النظام العالميّ... تلعب لعبة «اللاتماثل (Asymmetry)» مع الغرب. تعبّئ الفراغ وتوجد حيث لا يوجد الغرب... هكذا هو دور شركة «فاغنر» في «القارة السوداء».

يتّسم تاريخ روسيا بأنه تاريخ الصراع مع الغرب، فنادراً ما كانت تتجّه شرقاً، إلا لخلق العازل الذي يحمي مركز الثقل السياسيّ؛ موسكو. وسّع إيفان الرهيب الوجود الروسيّ شرقاً حتى جبال الأورال، فخلق العازل شرقاً. وسّع بطرس الأكبر مساحة روسيا غرباً، فهزم الملك السويدي وبنى مدينة بطرسبرغ. تنكّر بطرس الأكبر في ثياب عادية ليزور أوروبا الغربية؛ فقط ليتعرّف على التكنولوجيا الغربيّة، خصوصاً في مجالَي الملاحة البحريّة وبناء السفن. أما كاترين الكبرى، فهي التي وسّعت نطاق الامبراطوريّة جنوباً باتجاه البحر الأسود، فسيطرت على شبه جزيرة القرم، وأسست للأسطول البحري الروسي هناك.

تواصل مودي - بوتين مستمر (رويترز)

يُنسب لكاترين الكبرى أنها قالت: «لو عشت مائة سنة، لكنت أخضعت أوروبا، وضربت عنجهيّة الصين، وفتحت الباب واسعاً أمام التجارة مع الهند». فهل لا تزال روسيا اليوم ضمن هذا النطاق الجغرافيّ؟ بالطبع.

خلال «اللعبة الكبرى (Great Game)» في آسيا الوسطى مع بريطانيا، اتُّفق على خلق منطقة عازلة بين الإمبراطوريتيّن، فكان «خطّ مورتمور دوراند»، الدبلوماسيّ البريطانيّ، الأمر الذي خلق ما تسمى اليوم دولة أفغانستان.

في كلّ نظام عالميّ مُستحدث، تسعى روسيا إلى حجز مكانها على أنها قوّة عظمى. شكّلت فترة الحرب الباردة أهمّ مرحلة لروسيا بوصفها قوّة عظمى؛ ففي هذه المرحلة كانت روسيا الندّ الأساسي لـ«العم سام» في نظام عالمي ثنائيّ القطب. كما شكّلت مرحلة الحرب الباردة الامتداد الجغرافيّ الأقصى لروسيا. لكن قدر روسيا الجغرافيّ يترنّح بين الامتداد والانحسار، فعند كل تمدّد تتسبب روسيا في مشكلات جيوسياسيّة لأوروبا، كما عند كل انحسار، خصوصاً أن موجة الانحسار تكون عادة مؤقتة؛ لأنها تشكّل مرحلة الاستعداد للتمدد مجدّداً، كما موج البحر.

إذا أردت أن تعرف السلوك الحالي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فما عليك إلا قراءة نص خطابه في «المؤتمر الأمني» في ميونيخ عام 2007. شكّل هذا الخطاب خريطة طريق للمخطّط الجيوسياسيّ للرئيس بوتين. رفض الهيمنة الأميركية الأحاديّة على العالم، وانتقد استعمال أميركا القوّة المفرطة؛ «الأمر الذي جعل العالم أقلّ أمناً». وختم بالقول إن القيم الأميركيّة ليست كونيّة. ذهب بوتين بعدها إلى حرب محدودة في جورجيا. بعدها جرّب عسكره وعتاده في الحرب السوريّة. لكن التحوّل الأكبر كان في غزوه أوكرانيا. عاقبه الغرب، وعزله، وساعد أوكرانيا على الصمود، كما وسّع حلف «الناتو» ليضيق الخناق أكثر حول روسيا.

الشرق مقابل الغرب

يتّبع حالياً الرئيس بوتين استراتيجيّة «إلى الشرق دُرْ (Look East Strategy)». لكن الأسس والبنى التحتيّة لهذه الاستراتيجيّة ليست جاهزة للتنفيذ. ويعود هذا الأمر إلى سببين أساسيّين؛ هما: العائق الجغرافيّ. وتاريخ روسيا الذي ارتبط دائماً بأوروبا. بعد الحرب الأوكرانيّة، سُدّت الأبواب أمام بوتين وفي كل الأبعاد باتّجاه الغرب. تمدّد «الناتو» فأصبح بحر البلطيق بحيرة خارجة عن السيطرة الروسيّة. هذا عدا ديناميكيّة الحرب في البحر الأسود، في ظلّ الحرب الأوكرانية على البحرية الروسيّة هناك. كما أن البحر الأسود هو أصلاً بحيرة يطوّقها حلف «الناتو» ويتحكّم في مضائقها عبر تركيا.

رئيس وزراء منغوليا لوفسان نامسراي أويون إردين لدى لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فلاديفوستوك عام 2022 (غيتي)

فها هو بوتين في «منظّمة شنغهاي للتعاون»؛ المنظمة التي ابتكرتها وتديرها الصين، وهي منظّمة دولية، ذات طابع سياسيّ، وأمنيّ، واقتصاديّ. زاد التبادل التجاريّ بين الصين وروسيا، فوصل إلى نحو 240 مليار دولار العام الماضي. هذا عدا العلاقات التاريخيّة بين الهند وروسيا. فهل بدأنا نرى تشكّل المثلث الجيوسياسيّ، المؤلّف من روسيا، والهند والصين؟ وهل يمكن لهذا المثلث أن يكون البديل لمشروع الرئيس الصينيّ «الحزام والطريق»، خصوصاً أنه يحوي مركز الثقل العالمي؛ إن كان في البُعد البشريّ، أو حتى الاقتصادي؟

يحاول الرئيس بوتين مأسسة العلاقة مع الشرق، عبر بناء مشاريع كبيرة، تهدف كلّها إلى الربط والوصل مع الشرق، مقابل تجميد التواصل مع الغرب الأوروبيّ. فهناك، على سبيل المثال، مشروع «الكوريدور» من الشمال إلى الجنوب، الذي يربط روسيا بإيران ومنها إلى الهند. هذا عدا محاولات الربط البرّي بين الصين وروسيا في الشرق الروسي، ومحاولة التموضع البحري الروسي في البحر الأحمر عبر الطلب من السودان إنشاء قاعدة بحريّة.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين في بكين (أرشيفية - رويترز)

التحدّيات

هل يمكن لروسيا أن تموّل هذه المشاريع؟ أو حتى إيران؟ وإذا موّلت الصين، فهل سيبقى الطابع الروسي مسيطراً على أيّ مشروع؟ كيف يمكن التوفيق بين الصين والهند، وهما العدوان اللدودان المتجاوران، والمتنافسان على قيادة العالم في القرن الحادي والعشرين؟ كيف يمكن للصين أن تتملّق دول آسيا الوسطى؛ وهي المنطقة التي تشكّل أحد أعمدة المُسلّمات الجيوسياسية لروسيا؟ هل يمكن لروسيا أن تلعب دور «لاعب جونيور» إلى جانب الصين في صراعها مع «العم سام»؛ وهي التي تتحدّى العالم للاعتراف بها على أنها قوّة عظمى؟ وماذا لو عادت الصين إلى المطالبة باسترداد أراضٍ حصلت عليها روسيا من الصين بالقوّة؟