مبعوثا بوتين وترمب يلتقيان في واشنطن وسط تقارب ثنائي

الجيش الروسي يدمّر سداً في بيلغورود باستخدام قنبلة جوية… الاتحاد الأوروبي يوفر أكثر من 50 % من احتياجات كييف من الذخيرة

الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (وسط) خلال اجتماع اقتصادي حضره بوتين في 27 مارس 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (وسط) خلال اجتماع اقتصادي حضره بوتين في 27 مارس 2025 (إ.ب.أ)
TT
20

مبعوثا بوتين وترمب يلتقيان في واشنطن وسط تقارب ثنائي

الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (وسط) خلال اجتماع اقتصادي حضره بوتين في 27 مارس 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (وسط) خلال اجتماع اقتصادي حضره بوتين في 27 مارس 2025 (إ.ب.أ)

وصل كيريل دميترييف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون الاستثمار، إلى واشنطن، الأربعاء، والتقى بعض المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترمب، في وقت يواصل فيه الرئيس الأميركي الضغط على روسيا وأوكرانيا للاتفاق على وقف لإطلاق النار. وستكون هذه الزيارة الأولى لمسؤول روسي كبير إلى الولايات المتحدة منذ شنت موسكو هجومها على أوكرانيا قبل أكثر من ثلاثة أعوام. وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن دميترييف وصل الأربعاء ومن المتوقع أن يلتقي مبعوث ترمب ستيف ويتكوف في البيت الأبيض، علماً بأنه لم يُعلن برنامج زيارته.

كيريل دميترييف يعقد «اجتماعات» الخميس مع بعض المسؤولين، وسط تقارب ثنائي بين روسيا والولايات المتحدة (رويترز)
كيريل دميترييف يعقد «اجتماعات» الخميس مع بعض المسؤولين، وسط تقارب ثنائي بين روسيا والولايات المتحدة (رويترز)

وقال دميترييف، الذي يُعدّ من كبير المفاوضين الروس، إنه سيعقد «اجتماعات»، الخميس، مع بعض المسؤولين، وسط تقارب ثنائي بين روسيا والولايات المتحدة. وكتب على «تلغرام»: «في 2 و3 أبريل (نيسان)... سأعقد في واشنطن اجتماعات مع ممثلين لإدارة الرئيس دونالد ترمب». وأضاف أن «استئناف الحوار ليس عملية سهلة، بل تدريجية. لكن كل اجتماع وكل محادثة صريحة تسمح لنا بالمضي قدماً».

وتأتي هذه المحادثات في حين يسعى ترمب إلى تحسين العلاقات مع موسكو والتواصل مع الرئيس فلاديمير بوتين، وإجراء محادثات مباشرة مع المسؤولين الروس سعياً لوقف لإطلاق النار في حرب أوكرانيا المستمرة منذ ثلاث سنوات.

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

ودميترييف، المصرفي السابق في «غولدمان ساكس» والذي تلقى تعليماً في جامعة ستانفورد، أحد أكثر أفراد النخبة الروسية دراية بالشؤون الأميركية وتربطه علاقات وثيقة ببعض أهم الأعضاء في فريق ترمب. وهو أبرز مسؤول روسي يزور الولايات المتحدة في مهمة رسمية منذ غزو أوكرانيا في عام 2022. ولم يتضح بعد ما الذي يناقشه دميترييف مع المسؤولين الأميركيين.

وتأتي زيارة دميترييف بعد تعبير ترمب عن استيائه من وتيرة محادثات وقف إطلاق النار وتصريحه يوم الأحد أنه «شعر بالغضب» من بوتين. كما تحدث عن إمكانية فرض عقوبات على من يشتري النفط الروسي، علماً أن روسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم.

ترمب يعلن عن رسوم جمركية جديدة تحت مسمى «يوم التحرير» بحضور وزير التجارة لوتنيك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
ترمب يعلن عن رسوم جمركية جديدة تحت مسمى «يوم التحرير» بحضور وزير التجارة لوتنيك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

وقال المسؤولان الأميركيان إن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف الذي قاد اتصالات إدارة ترمب مع الكرملين، دعا دميترييف لزيارة الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وأضافوا أن البيت الأبيض وجّه وزارة الخارجية لإصدار تصريح قصير الأجل لدميترييف للسفر إلى البلاد، وهي خطوة ضرورية في ظل مواجهة دميترييف عقوبات أميركية.

وقد يكون لدميترييف دور محوري في إصلاح العلاقات بين موسكو وواشنطن، التي كانت قبل تنصيب ترمب في يناير (كانون الثاني) عند أسوأ مستوياتها منذ أخطر مراحل الحرب الباردة. واضطلع المبعوث الروسي بدور في الاتصالات المبكرة مع الولايات المتحدة عند انتخاب ترمب رئيساً لأول مرة في عام 2016.

ووفقاً لوثيقة صادرة عن البيت الأبيض، الأربعاء، لم تدرج إدارة ترمب روسيا ضمن قائمة موسّعة للدول التي ستواجه رسوماً جمركية جديدة كبيرة، بينما فرضت على أوكرانيا رسوماً تبلغ عشرة في المائة.

وتأمل روسيا بأن ترفع واشنطن عقوبات واسعة فُرضت على اقتصادها في إطار اتفاق سلام، بما فيها تلك التي تستهدف بنكها الزراعي الحكومي.

ترمب هدَّد بفرض «رسوم جمركية ثانوية» على النفط الروسي وقال إنه يخطط للتحدث مع بوتين الأسبوع المقبل (أ.ف.ب)
ترمب هدَّد بفرض «رسوم جمركية ثانوية» على النفط الروسي وقال إنه يخطط للتحدث مع بوتين الأسبوع المقبل (أ.ف.ب)

وصرح الدبلوماسي الروسي الكبير سيرغي ريابكوف، الخميس، بأن الاتصالات الأخيرة لم تُسفر بعد عن «اختراق». وقال لمجلة «إنترناشونال لايف» الروسية: «نبدأ تدريجاً وببطء الانتقال نحو وضع طبيعي، كما آمل».

قُتل أربعة أشخاص على الأقل، الأربعاء، في هجوم روسي بصاروخ باليستي على مدينة كريفي ريغ في وسط أوكرانيا، بحسب ما أعلنت السلطات المحلية. وقال فيلكول، رئيس الإدارة العسكرية في كريفي ريغ، التي يتحدّر منها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن مباني سكنية تضرّرت بشكل خاص في هذا الهجوم. وأوضح في منشور على تطبيق «تلغرام»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «عملية إنقاذ طارئة جارية»، مشيراً إلى «اندلاع حريق كبير». وأظهرت صور متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من مبنى وسيارات تحترق في مكان قريب. ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، تُستهدف كريفي ريغ التي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن خط المواجهة، بانتظام بهجمات جوية. وقبل الحرب، كان عدد سكانها يناهز 600 ألف نسمة.

قالت القوات الجوية الأوكرانية، الخميس، إن روسيا شنت هجوماً عليها خلال الليل أطلقت فيه 39 طائرة مسيَّرة. وذكرت في بيان منشور على تطبيق «تلغرام» أنها أسقطت 28 طائرة مسيَّرة، ولم تصل سبع طائرات أخرى إلى أهدافها؛ وهو ما يرجع على الأرجح لتدابير الحرب الإلكترونية. ولم يحدد البيان ما حدث للطائرات الأربع المتبقية.

كما يبدو أن الجيش الروسي دمَّر أحد سدوده في منطقة بيلغورود الحدودية باستخدام قنبلة جوية، وفقاً لمراقبين عسكريين، كما نقلت عنهم الوكالة الألمانية. ويظهر مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي لحظة عمل جهاز متفجّر يقدر وزنه بنحو 3 أطنان. وقد وقع الانفجار قرب قرية بوبوفكا، على مسافة بضع مئات من الأمتار فقط من الحدود الأوكرانية، فيما يعتقد أنه جهد لعرقلة حركة المركبات المدرعة الثقيلة الأوكرانية.

رجل إطفاء يخمد حريقاً اندلع بعد هجوم صاروخي روسي في كريفي ريغ (أ.ب)
رجل إطفاء يخمد حريقاً اندلع بعد هجوم صاروخي روسي في كريفي ريغ (أ.ب)

ويقول مراقبو الحرب إن أوكرانيا كانت تحاول تكثيف هجماتها عبر الحدود في منطقة بيلغورود. ولم تعلق أوكرانيا بعد علناً على التقارير التي تشير إلى أن قواتها تحاول التوغل في بيلغورود. وزعمت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها صدت الهجمات. وفي المنطقة الروسية المجاورة كورسك، كانت القوات الأوكرانية قد احتلت منطقة واسعة لأشهر عدة، لكنها سحبت مؤخراً معظم قواتها من تلك الأراضي.

من جانب آخر، قالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، الخميس، إن الدول الأوروبية توفر بالفعل أكثر من نصف احتياجات كييف من الذخيرة التي قدَّرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخراً بمليوني طلقة. وذكرت كالاس قبيل قمة لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في وارسو «الأمور تسير على ما يرام... نحتاج إلى إيصال المساعدة إلى أوكرانيا في أسرع وقت ممكن. قال الرئيس زيلينسكي إنهم في حاجة إلى خمسة مليارات للحصول على مليوني طلقة على الأقل». وأضافت: «يسرني أن أرى أن لدينا بالفعل مقترحات مختلفة، أو أن دولاً مختلفة تقدم مساهماتها في هذا الشأن؛ لذا فإن لدينا بالفعل أكثر من 50 في المائة مما هو مطلوب».

استهداف معارض الحرب

من جانب آخر، قدم البرلمان الروسي حزمة تشريعية جديدة تستهدف معارضي الحرب في أوكرانيا. ونقل الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان الروسي عن رئيس «مجلس الدوما» (مجلس النواب الروسي)، فياتشيسلاف فولودين قوله إن «أولئك الذين فرَّوا جبناً إلى الخارج ويواصلون الإضرار ببلدنا من هناك، ويمولون النازيين الأوكرانيين، ويشوّهون سمعة الجيش الروسي، ويدعون إلى ارتكاب جرائم ضد روسيا، يجب أن يدركوا أنهم سيتعرضون للمحاسبة».

وتم تمرير مشاريع القوانين الجديدة، التي قدَّمها أكثر من 400 نائب، في قراءتها الأولى. ويتطلب اعتمادها النهائي ثلاث قراءات. ويوسع أحد التشريعات تعريف «العميل الأجنبي»، حيث يمكن تصنيف الروس الذين يساعدون منظمات دولية «تعمل ضد مصالح روسيا» ضمن هذه الفئة. ويقدم مشروع قانون آخر 20 جريمة جنائية جديدة تمكن إدانة المتهمين بها غيابياً، وتشمل هذه الجرائم «نشر معلومات كاذبة» و«تشويه سمعة الجيش الروسي».

مظاهرات داعمة لبوتين بعد توقيعه على ضم المناطق الأوكرانية (أ.ب)
مظاهرات داعمة لبوتين بعد توقيعه على ضم المناطق الأوكرانية (أ.ب)

ويقترح مشروع القانون أيضاً عقوبات أشد على معارضي الحرب، إذ ينص على عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات ضد «الدعم بدافع مصلحة ذاتية» للمنظمات الدولية، بينما قد يؤدي «تشويه سمعة الجيش» أو الدعوة إلى فرض عقوبات على روسيا إلى السجن لمدة خمس سنوات. كما يجري النظر في مصادرة الأصول.


مقالات ذات صلة

ارتياح روسي للمفاوضات مع أميركا

أوروبا رجل إنقاذ أوكراني يرتاح في موقع الضربة الصاروخية الروسية بمدينة سومي الأحد (أ.ف.ب)

ارتياح روسي للمفاوضات مع أميركا

أعرب الكرملين، أمس، عن ارتياحه لسير المفاوضات بين موسكو وواشنطن، ورأى أن الاتصالات المباشرة عبر المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، «مفيدة وفعّالة»؛

رائد جبر (موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقاء في البيت الأبيض في واشنطن 14 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

ترمب يرفض تحديد مهلة لبوتين لوقف النار... ويلمّح إلى مقترحات جديدة

ألقى الرئيس الأميركي ترمب باللوم على الرئيس الأوكراني زيلينسكي والرئيس الروسي بوتين، وكذلك الرئيس الأميركي السابق بايدن في اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب: علينا إيقاف الحرب الروسية الأوكرانية بسرعة

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الاثنين، أنه يبذل جهداً كبيراً لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قائلاً: «علينا إيقاف هذه الحرب وبسرعة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مصافحة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف في بطرسبرغ في 11 أبريل 2025 (أ.ب)

الكرملين مرتاح للمفاوضات مع واشنطن... ولا يبالغ في التوقعات

رأى الكرملين أن الاتصالات المباشرة عبر المبعوث الرئاسي الأميركي، ستيف ويتكوف، «فعالة ومفيدة»؛ لأنها توفّر قناة «مباشرة للتواصل» بين الرئيسَيْن الروسي والأميركي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا صاروخ «تاوروس» من إنتاج شركة «إم بي دي إيه» الأوروبية متعددة الجنسيات لتطوير وتصنيع الصواريخ في مقرها الرئيسي في شروبنهاوزن بالقرب من ميونيخ بألمانيا... 5 مارس 2024 (رويترز)

روسيا تحذر من «التصعيد» إذا زودت ألمانيا أوكرانيا بصواريخ «تاوروس»

حذّرت روسيا من خطر «التصعيد» في النزاع في أوكرانيا إذا ما قرّرت ألمانيا تزويد كييف بصواريخ «تاوروس».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ارتياح روسي للمفاوضات مع أميركا

رجل إنقاذ أوكراني يرتاح في موقع الضربة الصاروخية الروسية بمدينة سومي الأحد (أ.ف.ب)
رجل إنقاذ أوكراني يرتاح في موقع الضربة الصاروخية الروسية بمدينة سومي الأحد (أ.ف.ب)
TT
20

ارتياح روسي للمفاوضات مع أميركا

رجل إنقاذ أوكراني يرتاح في موقع الضربة الصاروخية الروسية بمدينة سومي الأحد (أ.ف.ب)
رجل إنقاذ أوكراني يرتاح في موقع الضربة الصاروخية الروسية بمدينة سومي الأحد (أ.ف.ب)

أعرب الكرملين، أمس، عن ارتياحه لسير المفاوضات بين موسكو وواشنطن، ورأى أن الاتصالات المباشرة عبر المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، «مفيدة وفعّالة»؛ لأنها توفّر قناة «مباشرة للتواصل» بين زعيمي البلدين.

وقال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف، أمس، إن «هذه الاتصالات مفيدة وفعّالة للغاية، لأنها تُنشئ قناة مهمة جداً لتبادل المعلومات بين الطرفَيْن؛ قناة يمكن من خلالها نقل مختلف جوانب الموقف من قضايا معينة من رئيس الدولة مباشرة إلى نظيره الأميركي، مما يُساعد بالطبع في حصول الطرفَيْن على المعلومات من مصادرها المباشرة».

وكان ويتكوف قد زار روسيا، الجمعة، وعقد في سان بطرسبرغ لقاءً مطوّلاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أنها استهدفت اجتماعاً لقادة الجيش الأوكراني بصاروخَيْن باليستيين في سومي، واتهمت أوكرانيا باستخدام المدنيين «دروعاً بشرية»، بعد إعلان كييف الأحد مقتل 34 شخصاً على الأقل.