اختفى مايك لينش، رائد الأعمال البريطاني في مجال التكنولوجيا، بعد غرق يخت فاخر قبالة سواحل صقلية، وهو أحد الأمثلة القليلة لرجل أعمال بريطاني أنشأ شركة تكنولوجيا عالمية.
وقال عناصر خفر السواحل الإيطالية، أمس (الاثنين)، إن رجلاً لقي حتفه وفُقد 6 آخرون، من بينهم لينش، بعد أن ضربت عاصفة عنيفة على نحو غير متوقع يختاً فاخراً قبالة باليرمو عاصمة إقليم صقلية.
ولم يُكشف عن أسماء الضحايا والمفقودين بعد، لكن شخصاً مطلعاً على عمليات الإنقاذ أكد أن لينش في عداد المفقودين، وتمكّن 15 شخصاً، من بينهم زوجة لينش مالكة القارب، أنجيلا باكاريس، ورضيعة عمرها عام واحد من الفرار قبل غرق اليخت، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.
ووُصف لينش بأنه «بيل غيتس البريطاني»، ولكن في الحقيقة تختلف قصته بشكل كبير عن قصة مؤسس شركة «مايكروسوفت»، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وقيل إن ثروة لينش وزوجته أنجيلا باكاريس، تبلغ 965 مليون دولار (500 مليون جنيه إسترليني) في قائمة الأثرياء التي نشرتها صحيفة «صنداي تايمز» هذا العام.
تهمة احتيال
قبل أقل من 3 أشهر، تمّت تبرئة لينش (59 عاماً) من 15 تهمة احتيال واجهها في الولايات المتحدة بشأن شراء شركة «أوتونومي» العملاقة في وادي السيليكون بقيمة 11.1 مليار دولار في عام 2011، وهي القضية التي كان يخشى أن تنتهي بوفاته في السجن؛ بسبب حالة الرئة.
وقال لينش لصحيفة «صنداي تايمز» الشهر الماضي: «أعاني من مشكلات طبية مختلفة كانت لتجعل من الصعب جداً البقاء على قيد الحياة. لو سارت الأمور في الاتجاه الخطأ، لكان ذلك نهاية الحياة كما أعرفها بأي معنى من المعاني».
ووُلد لينش في آيرلندا، ونشأ بالقرب من تشيلمسفورد في إسيكس، حيث كانت والدته ممرضة، ووالده يعمل رجل إطفاء.
درس لينش الفيزياء والرياضيات والكيمياء الحيوية في جامعة كمبردج، وتخصص في النهاية في التعرف على الأنماط التكيفية. ويقال إن أطروحته للدكتوراه من أكثر الأبحاث قراءةً على نطاق واسع في مكتبة الجامعة.
بعد إطلاق عدد قليل من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المبكرة - بما في ذلك شركة متخصصة في برامج التعرف التلقائي على لوحات الأرقام وبصمات الأصابع والوجه للشرطة - أنشأ شركة «أوتونومي» في عام 1996.
وتم استخدام برنامج «أوتونومي» من قبل الشركات لتحليل كميات هائلة من البيانات، وكان جزئياً مديناً بفاعليته لـ«الاستدلال البايزي»، وهي نظرية إحصائية ابتكرها الإحصائي والفيلسوف توماس بايز في القرن الثامن عشر، وهي نوع من الاستدلال لتطوير تقييم احتمالات فرضية ما بسبب اكتشاف دليل جديد، ويُعدّ التطوير البايزي ذا أهمية خاصة في التحليل الديناميكي لتسلسل البيانات.
وتمت تسمية اليخت الفاخر الذي غرق قبالة صقلية خلال عاصفة عنيفة في الساعات الأولى من يوم الاثنين باسم «البايزي».
منصب سياسي... وإعلامي
كانت شركة «أوتونومي» صاحبة نجاح تجاري فوري تقريباً. تم طرح الشركة في بروكسل عام 1998، وكان النمو السريع سبباً في انتقالها إلى بورصة لندن، حيث انضمت «أوتونومي» إلى مؤشر «إف تي إس إي 100» لأفضل الشركات المدرجة في المملكة المتحدة.
أدت انتصارات لينش إلى أن يصبح مستشاراً علمياً لديفيد كاميرون عندما كان رئيساً للوزراء ببريطانيا، ومديراً غير تنفيذي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، فضلاً عن حصوله على «وسام الإمبراطورية البريطانية» في عام 2006 لخدماته للمؤسسات.
ومع ذلك، في حين أثارت «أوتونومي» إعجاب شركة «إتش بي» بما يكفي لدفع أكثر من 11 مليار دولار مقابل الشركة في عام 2011، لم يستغرق الأمر سوى عام واحد حتى تتحمل شركة الحوسبة الأميركية العملاقة خسارة قدرها 8.8 مليار دولار عند استحواذها، قائلة إنها اكتشفت «مخالفات محاسبية خطيرة» في الشركة البريطانية.
لقد شارك لينش بشكل فعّال في الدفاع عن سمعته منذ ذلك الحين، مع استمرار إرث المطالبات في إحداث عواقب، على الرغم من أن رجل الأعمال ينفي دائماً مزاعم ارتكاب مخالفات.
حُكم على المدير المالي السابق لشركة «أوتونومي»، سوشوفان حسين، بالسجن لمدة 5 سنوات في الولايات المتحدة بعد إدانته في عام 2018 بالاحتيال فيما يتعلق بصفقة «إتش بي».
في عام 2022، خسر لينش قضية مدنية بخصوص تهمة الاحتيال رفعتها شركة «إتش بي» في المملكة المتحدة، التي قيل خلالها إن رجل الأعمال مارس السيطرة على حسين، وإنه من غير المعقول أن مؤسس «أوتونومي» لم يكن على علم بالممارسات الاحتيالية المزعومة التي حدثت في شركته.
كان من المقرر أن يحكم القاضي هيلديارد، قاضي المحكمة العليا في القضية، على مطالبة «إتش بي» بتعويضات قدرها 4 مليارات دولار. وقال إن المبلغ الذي ينوي منحه سيكون أقل بكثير. وقال لينش إنه ينوي الاستئناف ضد الحكم.
محب لجيمس بوند
وكان لينش يضع بصمته الشخصية في الشركات التي أدارها، حيث كان يستمتع بميله إلى جيمس بوند، وفقاً لـ«الغارديان». ويقال إن غرف الاجتماعات كانت تحمل أسماء أعداء بوند، مثل دكتور نو وجولدفينغر، كما كان لدى شركة «أوتونومي» حوض سمك «البيرانا» في الأتريوم، في إشارة إلى فيلم جيمس بوند «You Only Live Twice».
يبدو أن هذه الصورة المهنية للينش تتعارض قليلاً مع ما هو معروف عنه شخصياً: فهو متزوج ولديه ابنتان، ويُقال إنه يقضي وقت فراغه في بناء نماذج السكك الحديدية وتربية سمك الشبوط.
ومن المفهوم أيضاً أن إحدى بنات لينش، التي تبلغ من العمر 18 عاماً، من بين البريطانيين الأربعة المفقودين بعد غرق اليخت. كما يوجد أميركيان وكندي في عداد المفقودين أيضاً.