زيلينسكي يوازن بين موقفه من ترمب وبايدن... ويرحّب بمقاتلات «إف - 16»

توافقت الدول الأعضاء على الإقرار بأن أوكرانيا تسلك «طريقاً لا عودة عنه» نحو انضمامها إلى الحلف

خلال محاضرة في «معهد رونالد ريغان» طالب بمزيد من الدعم العسكري الغربي (أ.ب)
خلال محاضرة في «معهد رونالد ريغان» طالب بمزيد من الدعم العسكري الغربي (أ.ب)
TT

زيلينسكي يوازن بين موقفه من ترمب وبايدن... ويرحّب بمقاتلات «إف - 16»

خلال محاضرة في «معهد رونالد ريغان» طالب بمزيد من الدعم العسكري الغربي (أ.ب)
خلال محاضرة في «معهد رونالد ريغان» طالب بمزيد من الدعم العسكري الغربي (أ.ب)

رحّب الرئيس الأوكراني بإعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، أن دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) بدأت ترسل مقاتلات «إف - 16» الموعود بها إلى أوكرانيا، التي تطالب بتعزيز دفاعاتها ضد روسيا، فيما توافقت الدول الأعضاء في الحلف خلال القمة على الإقرار بأن أوكرانيا تسلك «طريقاً لا عودة عنه»، نحو انضمامها إلى الحلف، وفق ما أكّد دبلوماسيون.

وقال بلينكن خلال القمة: «يجري في هذه اللحظات إرسال مقاتلات (إف - 16) من الدنمارك وهولندا». معتبرًا أن المقاتلات «تقرّب السلام العادل والدائم».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يرحب بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بكييف في مايو (أ.ب)

وقالت الدول الـ32 في بيان مشترك، وضعت عليه اللمسات الأخيرة، لكنه لا يزال يتطلّب موافقة قادة الأطلسي: «نواصل دعم (أوكرانيا) في مسارها الذي لا عودة عنه نحو اندماج يورو - متوسطي كامل، يشمل انضماماً إلى حلف شمال الأطلسي»، وفق المصادر نفسها.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفقة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في زيارة لقاعدة جوية تحوي طائرات «إف - 16» (أ.ب)

ورغم أنه من غير المتوقع أن يقدّم الحلف أي جدول زمني لانضمام أوكرانيا إليه، فإنه من المتوقع أن يعلن بشكل أكبر مكان أوكرانيا في الناتو، دون السماح فعلياً بحصول ذلك الآن. لكن من المرجّح أن تحمل القمة وعوداً جديدة بتقديم المساعدة لكييف، التي قد يأخذها زيلينسكي إلى وطنه كتعويض.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميللر، إن القمة ستجلب «تفاصيل إضافية حول جسر أوكرانيا إلى الناتو». وقال دبلوماسي غربي آخر، إن طريق أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي سيوصف بأنه «لا رجعة فيه».

زيلينسكي يحاذر انتقاد ترمب

وقُبيل الإعلانات الرسمية التي يتوقع أن تصدر عن قمة دول (ناتو) حول أوكرانيا، بدا الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مركز «رونالد ريغان» بواشنطن، مفعماً بالرمزية، وبالرسائل غير المباشرة، فاختيار القيّمين على المركز، الذي يُعدّ جزءاً من المؤسسة الجمهورية التقليدية التي تدعم أوكرانيا، دعوة زيلينسكي ليُلقي ثالث أهم خطاب له في العاصمة واشنطن، منذ بدء الغزو الروسي، كان رسالة طمأنة، عدّها مدير المركز، روجر زاخيم، جزءاً من أجندة المؤسسة التي تروّج لإيمان ريغان بسياسة خارجية «تقوم على السلام من خلال القوة».

وأشار إلى أن خطاب زيلينسكي يأتي بعد مرور 40 عاماً، على إدانة ريغان للانعزالية الأميركية، التي قال إنها «لم تكن ولن تكون أبداً رداً مقبولاً على الحكومات الاستبدادية ذات النيات التوسعية».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجوار بطارية «باتريوت» خلال تدريبات عسكرية في ألمانيا 11 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، المحسوبة على الجمهوريين، عن الجنرال المتقاعد، كيث كيلوغ، الذي عمل في مجلس الأمن القومي خلال عهد ترمب، ويواصل تقديم المشورة للرئيس السابق، قوله إن اختيار مركز ريغان ليدلي زيلينسكي بخطابه، كان مهماً رمزياً؛ «لأن المؤسسة تحمل اسم رونالد ريغان، الممارس الحقيقي للحرية».

وحرص زيلينسكي على تلبية دعوة المركز، لمخاطبة الرؤية التقليدية للقيادة الأميركية، مثلما حرص على عدم الظهور بموقف متناقض مع زعيم الحزب الجمهوري، دونالد ترمب، متجنباً انتقاده، بينما التوقعات تشير حتى الآن إلى أنه قد يكون عائداً إلى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني). لكنه استخدم العديد من العبارات التي انتقد فيها الميل نحو الانعزالية، وأنه يدعم إرث ريغان، قائلاً إنه إذا هُزمت بلاده، فسوف تُهزم القيم الغربية معها. وقال: «أريد أن أكون صريحاً، الآن الجميع ينتظر شهر نوفمبر، وبصراحة، بوتين ينتظره أيضاً».

زيلينسكي مع الرئيس الحالي جو بايدن (أ.ب)

وعندما سُئل عن رأي بوتين بالرئيسين بايدن وترمب، أجاب زيلينسكي أنه في حين أن الأميركيين قد يرون اختلافات كبيرة بينهما، فإن بوتين لا يرى ذلك. وأضاف: «بايدن وترمب مختلفان للغاية، لكنهما يدعمان الديمقراطية، ولهذا السبب أعتقد أن بوتين سيكرههما».

وهو ما عُدّ محاولة لإبعاد نفسه عن إثارة أي لغط في تقييمه للرجلين اللذين قد يتوقف على عودة أيّ منهما إلى البيت الأبيض الكثير. وجدّد زيلينسكي تقديم امتنانه للداعمين الغربيين، على المساعدات العسكرية التي حصلت عليها بلاده حتى الآن، داعياً إلى استمرار وتيرتها، في الوقت الذي تواجه فيه أوكرانيا وقتاً عصيباً على جبهات القتال.

المساعدات لا تكفي

وقال زيلينسكي إن زيادة الأسلحة الغربية أوقفت هجوماً روسياً بالقرب من مدينة خاركيف، الشهر الماضي، وإن وصول 5 بطاريات باتريوت جديدة للدفاع الجوي سيساعد أوكرانيا في التصدي لمزيد من الضربات الصاروخية الروسية. وشكر الولايات المتحدة على تقديمها قائلاً: «سوف تساعد... لكن بالطبع، هذا لا يكفي، إنه لا يكفي أبداً».

وتجنّب زيلينسكي الخوض في قضية عضوية بلاده في حلف الناتو، مستمعاً إلى العديد من النصائح التي تلقّاها بتجنّب التصريحات الغاضبة، كما جرى في قمة الحلف العام الماضي في فيلنيوس، وكثيراً ما أعرب زيلينسكي عن انزعاجه من إحجام أعضاء الناتو عن تحديد جدول زمني لدخول أوكرانيا إلى الحلف. وفي بعض الأحيان فشل في السيطرة على غضبه، حيث كان يشكو من تباطؤ المساعدات الأميركية لأوكرانيا، والقيود التي فرضتها على ضرب الأهداف في روسيا، لكنه دعا صراحةً إلى رفع تلك القيود «لكي يتسنّى لبلاده تغيير دينامية الحرب».

ستارمر يجيز ضرب روسيا

وعُدّت تصريحات رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، الأربعاء، التي أشار فيها إلى أن أوكرانيا يمكنها استخدام الصواريخ طويلة المدى التي زوّدتها بها بريطانيا، لضرب أهداف عسكرية في روسيا، بمثابة ضغوط قد تمهّد لإعلان إضافي من واشنطن في هذا الاتجاه. وقال ستارمر للصحافيين أثناء توجهه إلى واشنطن لحضور قمة الناتو، إن القرارات المتعلقة باستخدام صواريخ «ستورم شادو»، تعود للقوات المسلحة الأوكرانية.

وأضاف ستارمر أن المساعدات العسكرية البريطانية «لأغراض دفاعية، لكن الأمر متروك لأوكرانيا، لتقرّر كيف تستخدمها لهذه الأغراض الدفاعية». وعُدّت تصريحاته تأكيداً على اتّباع حزب العمال الموقف نفسه لحكومات المحافظين السابقة، بشأن تلك الصواريخ، حيث يتوقع أن يؤكد ستارمر مجدداً دعم بريطانيا لأوكرانيا، و«التزامها الراسخ» تجاه حلف الناتو خلال القمة، التي من المقرّر أن يلتقي خلالها بالرئيس الأوكراني زيلينسكي.

ورداً على تصريحات ستارمر، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا ستردّ إذا سمحت بريطانيا لأوكرانيا بضرب بلاده بأسلحة بريطانية، واصفاً الأمر بأنه «خطوة تصعيدية متهورة».

مساعدات طويلة المدى

وأعلن رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار، خلال القمة، أن أوسلو ستبدأ هذا العام بإرسال 6 مقاتلات أميركية من طراز «إف - 16» لأوكرانيا. وتطالب أوكرانيا منذ فترة طويلة بطائرات غربية متقدّمة، وأعطى الرئيس الأميركي جو بايدن في أغسطس (آب) الماضي الضوء الأخضر لإرسال طائرات «إف - 16» أميركية الصنع إلى كييف، رغم مخاوف سابقة بشأن المدة التي ستحتاج إليها كييف للتدريب على الطائرات.

ولفت بلينكن إلى أن إرسال الطائرات يجب أن يكون إشارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، موضحًا: «يوجّه ذلك ذهن فلاديمير بوتين نحو التركيز على أنه لن يصمد بعد أوكرانيا، ولن يصمد بعدنا، وفي حال استمراره سيتعمّق الضرر الذي سيستمر في إلحاقه بروسيا ومصالحها». وتابع: «إن أسرع طريقة للوصول إلى السلام هو عبر أوكرانيا قوية».

قلَّل الناطق الرئاسي الروسي من أهمية تقارير تحدثت عن بدء الغرب تزويد أوكرانيا بمقاتلات من طراز «إف - 16» (أ.ب)

ويوم الثلاثاء وعد الرئيس الأميركي جو بايدن بتسليم كييف 5 أنظمة باتريوت للدفاع الجوي، وكمية كبيرة من الأسلحة المختلفة، وتعهد الحلفاء أيضاً تقديم صواريخ باتريوت أخرى أو ما يعادلها «هذا العام»، و«عشرات» أنظمة الدفاع الجوي التكتيكية «في الأشهر المقبلة»، بحسب الرئيس الأميركي، كما يتوقع أن يعلن الناتو عن خطط لتعيين مسؤول مدني كبير لتمثيله في كييف، وآليات لتعزيز الدعم طويل المدى لأوكرانيا، عبر مأسسة تقديم المساعدات مباشرةً من الحلف، بدلاً من مجموعة الاتصال الدفاعية التي كانت تحت قيادة الولايات المتحدة.

وفيما يطالب زيلينسكي بزيادة المساعدات العسكرية والأسلحة المتقدمة لبلاده، وخصوصاً طائرات «إف - 16»، قال إن بلاده تحتاج إلى 128 طائرة مقاتلة على الأقل، وأضاف أن روسيا قادرة على نشر 300 طائرة يومياً لمهاجمة بلاده. وأعلنت هولندا والدنمارك والولايات المتحدة في بيان مشترك، أنه يجري حالياً نقل هذه المقاتلات إلى أوكرانيا، ليتم نشرها في الصيف الحالي.

كما نقلت وكالة «رويترز» عن صحيفة «فيردينز غانغ» أن رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره، قال في واشنطن، إن بلاده ستتبرّع بـ6 طائرات مقاتلة من هذا الطراز لأوكرانيا، ومن المقرّر بدء تسليمها هذا العام أيضاً.


مقالات ذات صلة

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

العالم قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إن قوات من كوريا الشمالية بدأت الاشتراك في عمليات قتالية في صفوف القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته في زيارته الأولى لباريس منذ تسلمه منصبه الجديد (إ.ب.أ)

أوكرانيا والحلف الأطلسي محور الاتصالات الغربية استباقاً لخطط ترمب

المخاوف الغربية من خطط ترمب القادمة بالنسبة لأوكرانيا والحلف الأطلسي تهيمن على الاتصالات الراهنة.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا دبابة روسية مُدمَّرة على جانب طريق بمنطقة كورسك (أ.ب)

بوتين يسعى إلى استعادة كورسك قبل تنصيب ترمب

تشير تعيينات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، التي لم تؤكد كلها بعدُ، إلى أن ملف الحرب في أوكرانيا قد لا يكون بهذه السوداوية المتوقعة.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا يفرض القانون على الأفراد الذين يشاركون في الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء غرامة قدرها 4250 دولاراً (إ.ب.أ)

النواب الروس أقرّوا قانوناً يحظر الترويج لحياة من دون أبناء

أقرّ النواب الروس اليوم (الثلاثاء) قانوناً يحظر الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء، على خلفية الأزمة الديموغرافية في روسيا التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
TT

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية، حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما أكد متحدث باسم الجيش الأوكراني اليوم الثلاثاء.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، يمثل الهجوم الروسي في منطقة زابوريجيا الجنوبية تحديا للجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبة بالفعل على الجبهة الشرقية، ولا يزال منخرطا في عملية هجومية في منطقة كورسك الروسية، على الحدود الشمالية.

وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني، فلاديسلاف فولوشين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الروس يستعدون منذ فترة، منذ عدة أسابيع، لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات، لا سيما باتجاه زابوريجيا».

وأوضح أن الجيش الروسي يعزز قواته، خاصة في مناطق فريميفكا وغوليابول وروبوتيني.

وأضاف: «كل يوم يقوم باستطلاع جوي وفني هناك، ويتزود بالذخيرة. منذ عدة أسابيع، يستعد العدو لاستخدام المدرعات».

وامتنع فولوشين عن تحديد عدد الجنود الروس المحتشدين في هذا القطاع من الجبهة، لكنه أشار إلى أن مجموعات صغيرة تشن بالفعل هجمات كل يوم.

وأكد أن القوات الأوكرانية عززت خطوط دفاعها وهي مستعدة لصد هجوم واسع النطاق.

في الصيف الماضي، شنت القوات الأوكرانية هجوما واسع النطاق لاستعادة منطقتي زابوريجيا وخيرسون في جنوب البلاد، لكنها فشلت في إحراز تقدم ملموس.

وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن موسكو حشدت 50 ألف جندي، بينهم كوريون شماليون، في محاولة لدحر القوات الأوكرانية التي تسيطر منذ نحو ثلاثة أشهر على جزء من منطقة كورسك الحدودية الروسية.