الحملة الانتخابية في فرنسا بساعاتها الأخيرة واليمين المتطرف في الصدارة

مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)
مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)
TT

الحملة الانتخابية في فرنسا بساعاتها الأخيرة واليمين المتطرف في الصدارة

مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)
مناظرة سياسية لزعماء الكتل الرئيسية تم بثها على القناة التلفزيونية الفرنسية فرانس 2 في باريس في 27 يونيو 2024، قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا للجمعية الوطنية الجديدة (أ.ف.ب)

لم تبق لليسار والمعسكر الرئاسي في فرنسا سوى ساعات قليلة لمحاولة ردم الهوة مع اليمين المتطرف الذي لا يزال يتصدّر بفارق كبير نيات الأصوات للدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المقرّرة، الأحد، وسط جدل حول الدستور، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتتوقّف الحملة للدورة الأولى رسمياً منتصف ليل الجمعة (22.00 ت غ)، على أن تجري الدورة الثانية في 7 يوليو (تموز).

وبقي الوضع على حاله، مساء الخميس، في استطلاعات الرأي، مع تصدّر «التجمع الوطني» (يمين متطرف) بحصوله على 36 في المائة من نيّات الأصوات، متقدماً على تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري الذي تقدّم نصف نقطة إلى 29 في المائة، وفق استطلاع للرأي أجراه معهد «أيفوب - فيدوسيال» لحساب محطة «إل سي إي» وصحيفة «لو فيغارو» وإذاعة «سود راديو».

وتحت راية «معاً من أجل الجمهورية»، لا يزال تكتل الرئيس إيمانويل ماكرون في المرتبة الثالثة مسجلاً 21 في المائة من نيّات الأصوات، فيما «الجمهوريون» (يمين تقليدي) لا يتخطون نسبة 6.5 في المائة.

غير أنه يتعيّن على رئيس «التجمّع الوطني»، جوردان بارديلا، إقناع المزيد من الناخبين ليحصل على الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية، وهو ما وضعه شرطاً لتولّي رئاسة الحكومة بعد انتخابات تجري بالاقتراع الفردي على أساس الأغلبية في دورتين.

«تهدئة ضرورية»

يأتي يوم الحملة الأخير هذا غداة جدل حول تصريحات أدلت بها زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن أوحت بتعايش سياسي صعب في حال فوز «التجمّع الوطني».

وعدّت لوبن أن وظيفة «قائد القوات المسلحة» الممنوحة للرئيس هي مجرّد «لقب فخري»، وهو ما عبّر عنه بارديلا ضمناً خلال المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء الخميس.

والواقع أن صفة قائد القوات المسلحة التي ينص عليها الدستور تمنح الرئيس سلطات في مجال السياسة الخارجية والدفاع احتفظ بها الرؤساء في فترات التعايش السياسي السابقة التي عرفتها فرنسا.

وأسف زعيم الغالبية المنتهية ولايتها رئيس الوزراء غابريال أتال خلال المناظرة لمثل هذا الموقف، عاداً أنه يشير إلى أنه «إذا فاز التجمع الوطني في هذه الانتخابات، سيكون هناك نوع من الشجار بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية لمعرفة من سيتولى دور قائد القوات المسلحة».

وقال أتال الذي سجل صعوداً ملفتاً في صفوف الوسط الحاكم «إنها رسالة موجهة إلى القوى العالمية، وهي رسالة خطيرة جداً بالنسبة لأمن الفرنسيين وبالنسبة لاستمرارية» فرنسا.

ويقوم أتال الذي عُين قبل أقل من 6 أشهر، بزيارة الجمعة إلى منطقة قريبة من ليون (جنوب شرق) سعياً لاجتذاب أصوات بطرح نفسه في موقع خيار المنطق. وأكد الخميس عزمه على بث «التهدئة الضرورية» داخل المجتمع الفرنسي.

من جانبه، قال بارديلا: «أريد أن أجمع الفرنسيين، أريد أن أجمع كل الفرنسيين، من أينما أتوا وأياً كان خيارهم السياسي في الماضي».

ودعا الفرنسيين إلى أن يثقوا بمرشحي «التجمع الوطني» الذين وصفهم بأنهم «يكنّون حباً كبيراً للفرنسيين ويحترمونهم ويقيمون لهم خصوصاً اعتباراً».

مواضيع خلافية

وعمل أتال على دحض هذا الخطاب، متهماً خصمه من اليمين المتطرف بطرح حوالي «مائة مرشح» أدلوا بـ«كلام عنصري ومعاد للسامية ومعاد للمثليين»، وهو ما نفاه بارديلا نفياً قاطعاً.

في بروكسل، ندّد ماكرون خلال الليل بـ«تفلّت الكلام من الضوابط»، وانتقد «العنصرية ومعاداة السامية» في النقاش السياسي، حاملاً على «غطرسة» التجمّع الوطني الذي «وزع على نفسه منذ الآن» كل المناصب الحكومية.

وتكثر المواضيع الخلافية التي تقسم الفرنسيين، في طليعتها انعدام الأمن والهجرة والتربية.

في الخارج، تلقى الانتخابات الفرنسية متابعة حثيثة، لا سيما في كييف التي تخشى تراجع الدعم الفرنسي لها بمواجهة روسيا حال وصل اليمين المتطرف إلى السلطة في هذا البلد لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، لا سيما وأن «التجمع الوطني» متهم بأنه قريب من نظام فلاديمير بوتين.

غير أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رأى في تصريحات خطية لوكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، «نعتقد أن الفرنسيين سيستمرون في دعم أوكرانيا أياً كان الوضع السياسي».

وأكد بارديلا، الخميس، بهذا الصدد، أنه لن يدع «الإمبريالية الروسية تبتلع دولة حليفة مثل أوكرانيا».

لكنه ردد مرة جديدة أنه سيرفض في حال توليه رئاسة الحكومة إرسال جنود فرنسيين إلى أوكرانيا، وهو احتمال سبق أن طرحه ماكرون.

وقال: «موقفي بسيط جداً حول هذا النزاع... ولم يتغير إطلاقاً. هو موقف يقضي بدعم أوكرانيا وتفادي تصعيد مع روسيا... القوة النووية».

كما أكد مرة جديدة رفضه إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى «يمكن... أن تضرب مباشرة الأراضي الروسية، وتضع فرنسا والفرنسيين في وضع الشريك في النزاع».


مقالات ذات صلة

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

شمال افريقيا شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

بحسب دراسة أجراها «الباروميتر العربي» صدرت قبل أكثر من شهر، فإن 7 من كل 10 شباب تونسيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يريدون الهجرة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)

مزارعات تونس المهمشات مصرّات على التصويت لمحاربة الفقر والتهميش

مزارعات تونس المهمشات يؤكدن مشاركتهن في الانتخابات الرئاسية لتحسين أوضاعهن في ظل تدهور اقتصادي واجتماعي كبير.

«الشرق الأوسط» (فرنانة - تونس)
الولايات المتحدة​ صورة مدمجة تظهر المرشحين الرئاسيين كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)

أزمة الشرق الأوسط تخيّم على الانتخابات الرئاسية الأميركية

خيّم النزاع في الشرق الأوسط إلى حد كبير على حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تصاعد حدة التوتر، يمكن أن يغيّر هذا النزاع نتيجة انتخابات الرئاسة في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة في 23 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب رفض تقديم مساعدات حرائق الغابات في كاليفورنيا قبل معرفة من سيصوت له

قال تقرير لموقع «بوليتيكو» إنه في السنوات الأربع التي جلس فيها دونالد ترمب في البيت الأبيض، فضّل أحياناً اعتماد التفضيل السياسي في الاستجابة للكوارث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول  في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

للأسبوع الخامس... المستثمرون يواصلون تخارجهم من الأسهم الأميركية

خفض المستثمرون حيازاتهم في صناديق الأسهم الأميركية للأسبوع الخامس على التوالي حتى 25 سبتمبر مدفوعين بمخاوف مستمرة بشأن صحة الاقتصاد

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

القضاء الأوروبي: كل النساء الأفغانيات يحق لهن طلب وضع لاجئ في دول الاتحاد

امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)
امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)
TT

القضاء الأوروبي: كل النساء الأفغانيات يحق لهن طلب وضع لاجئ في دول الاتحاد

امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)
امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)

قضت محكمة العدل الأوروبية، الجمعة، بأن الجنسية والجنس «كافيان» لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي لمنح حق اللجوء للنساء الأفغانيات بسبب «الإجراءات التمييزية» التي فرضت عليهن في ظل حكم «طالبان».

وجاء في الحكم الصادر عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي: «يحق للسلطات المختصة في الدول الأعضاء اعتبار أنه من غير الضروري إثبات أن هناك خطراً من أن تتعرض مقدِّمة الطلب فعلياً لأعمال اضطهاد في حال عودتها إلى بلدها الأصلي».

وأضاف القرار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يكفي أن نأخذ في الاعتبار جنسيتها ونوعها الاجتماعي فقط». واستجابت المحكمة، التي يقع مقرها في لوكسمبورغ، لإحالة من المحكمة الإدارية النمساوية بعد رفض السلطات هناك الاعتراف بوضع اللاجئ لامرأتين أفغانيتين.

وذكرت المحكمة أنه في حال كان الأمر يتعلق بـ«الزواج القسري، الذي يشبه شكلاً من أشكال العبودية»، أو «الافتقار إلى الحماية ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف المنزلي»، فهذه «أعمال اضطهاد».

وعلى نطاق أوسع، فإن «الأثر التراكمي والتطبيق المتعمد والمنهجي» للتدابير التمييزية يؤدي إلى «الحرمان الصارخ من الحقوق الأساسية المرتبطة بالكرامة الإنسانية».

ومن بين دول الاتحاد، تمنح السويد وفنلندا والدنمارك بالفعل وضع اللاجئ للنساء الأفغانيات. بينما تبقى الدول الأعضاء ذات سيادة فيما يتعلق بمنح وضع اللجوء أو عدم القيام بذلك، إلا أن قرار المحكمة الأوروبية على الأرجح سيشكّل سابقة.

في فرنسا، قضت المحكمة الوطنية للجوء، في يوليو (تموز)، أن «جميع النساء الأفغانيات» بوصفهن «مجموعة اجتماعية» من المرجح الآن أن يحصلن على اللجوء.

منذ عودتها إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021، تضع الحركة قيوداً على النساء، بينما تندّد الأمم المتحدة بسياسات تكرّس التمييز و«الفصل القائم على النوع الاجتماعي».

وأغلقت سلطات الحركة الثانويات ثم الجامعات أمام النساء، وكذلك المتنزّهات وصالات الرياضة والحمامات.