كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ «أتاكمز» الأميركية؟

كييف توقع اتفاقية أمنية مع الاتحاد الأوروبي لتوثيق التعاون في صناعة الدفاع

زيلينسكي مع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل(أ.ب)
زيلينسكي مع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل(أ.ب)
TT

كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ «أتاكمز» الأميركية؟

زيلينسكي مع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل(أ.ب)
زيلينسكي مع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل(أ.ب)

قال المحلل السياسي والعسكري ستافروس أتلامازوغلو، وهو أحد المحاربين القدامى في الجيش اليوناني، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، إنه بعد شهور من الضربات طويلة المدى بالصواريخ والمسيرات ضد البنية التحتية الحيوية والمراكز الحضرية الأوكرانية، ومقتل وإصابة آلاف المدنيين، أصبحت أوكرانيا في حالة هجوم مضاد، باستخدام أنظمة الأسلحة والذخائر المقدمة من الغرب لضرب أهداف عسكرية روسية مهمة خلف خطوط المواجهة.

إذ شنت أوكرانيا هجوماً طويل المدى على شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إلى أراضيها في عام 2014 باستخدام صواريخ «أتاكمز» التي زودتها بها الولايات المتحدة، مما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة أكثر من 100 آخرين.

وتعرضت مدينة سيفاستوبول، وهي عاصمة شبه جزيرة القرم، وتعد مركزاً عسكرياً مهماً للجيش الروسي للاستهداف بشكل متكرر من القوات الأوكرانية بهجمات جوية وبحرية.

واشنطن زوّدت كييف بصواريخ «أتاكمز» طويلة المدى (رويترز)

وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن صاروخاً أوكرانياً من طراز «أتاكمز» انفجر فوق شاطئ أحد المنتجعات في المدينة. وقد توعدت موسكو بالرد على هذا الهجوم ضد كل من أوكرانيا والولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دمتري بيسكوف، للصحافيين: «يجب أن تسألوا زملائي في أوروبا، وفي مقدمتهم، في واشنطن، المتحدثين الإعلاميين، لماذا تقتل حكوماتهم الأطفال الروس؟».

روسيات يضعن ورداً أمام قبر الجندي المجهول في سيفاستوبول بالقرم الاثنين لتذكّر قتلى الهجوم الذي استهدف المدينة الأحد (إ.ب.أ)

وأشار أتلامازوغلو إلى أن المسؤولين الأميركيين أكدوا أن كييف مسؤولة عن عمليات الاستهداف الخاصة بالضربات بعيدة المدى، وأن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تقدم مساعدات عسكرية للدولة المحاصرة لمساعدتها في الدفاع عن نفسها في مواجهة العدوان الروسي غير المبرر.

وأوضح أتلامازوغلو أن نظام «إم جي إم 140 - أتاكمز» (نظام الصواريخ التكتيكية للجيش)، هو عبارة عن ذخيرة باليستية تكتيكية يتم إطلاقه من راجمة الصواريخ «إم 142 هيمارس» (نظام صاروخ مدفعي عالي الحركة) أو من راجمة الصواريخ «إم 270» (نظام الصواريخ متعدد الانطلاق إم آل آر إس).

ويبلغ مدى هذا النظام 200 ميل، ويستخدم نظام تحديد المواقع العالمي للتحليق صوب الهدف بدقة. ويمتلك الجيش الأوكراني عدداً غير معروف من ذخائر «أتاكمز» كان يستخدمها ضد أهداف عسكرية عالية القيمة في أوكرانيا وخلف خطوط المواجهة.

ويرى الكاتب أتلامازوغلو أن ما حدث في القرم كان دائماً في ذهن المسؤولين الأميركيين، حيث إن الكرملين مستعد للتعلق بأي شيء لتشويه سمعة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والمساعدات العسكرية لأوكرانيا. وجاءت حقيقة أن الضربة الصاروخية أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين بوصفها دعاية سهلة للكرملين.

ورأى أتلامازوغلو، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، أن هذا الموقف كان أحد الأسباب الرئيسية التي كانت تجعل البيت الأبيض متردداً في إطلاق المساعدات العسكرية لكييف، إلا أن هذه هي الحقائق المؤسفة للحرب. الشيء المهم هو أن تكون لديك عملية استهداف مناسبة تأخذ في الاعتبار تجنب الخسائر بين المدنيين. وحتى الآن، كانت عملية الاستهداف الأوكرانية جيدة، حيث لم يتم تسجيل سوى الحد الأدنى من الإصابات غير المقصودة.

من هجوم أوكراني سابق استهدف جسر القرم الذي يربط البر الرئيسي الروسي بشبه الجزيرة (أ.ب)

واختتم أتلامازوغلو تحليله بالقول إنه في نهاية المطاف، من المرجح ألا يسعى الكرملين إلى مزيد من التصعيد، مثل شن ضربة نووية تكتيكية في أوكرانيا بسبب الهجوم الذي شنته بصواريخ «أتاكمز». ومن المرجح أن يكون المسؤولون الأميركيون قد أبلغوا نظراءهم الأوكرانيين بالفعل بأنه يجب أن تكون هناك معلومات استخباراتية أفضل قبل شن ضربة طويلة المدى باستخدام أنظمة أسلحة وذخائر مقدمة من البنتاغون. ولكن بخلاف ذلك، ستستمر الحياة كالمعتاد. ومع ذلك، قد يدرج المسؤولون الروس هذه الضربة في «قائمة المظالم» لدعم مزيد من التصعيد في الوقت الذي يختارونه.

صورة أرشيفية لسفينة الإنزال الروسية «قيصر كونيكوف» التي أعلنت كييف إغراقها (رويترز)

في غضون ذلك، قالت القوات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 23 طائرة مسيرة وخمسة من ستة صواريخ أطلقتها روسيا في الساعات الأولى من الخميس. وقال سيرهي تيورين، حاكم منطقة خميلينتسكي، إن الدفاعات الجوية أسقطت تسعة أهداف جوية فوق منطقته. وأضاف أن السلطات المحلية لم تتلق أي أنباء عن إصابات أو قتلى أو أضرار في الممتلكات. وذكر فيتالي كيم، حاكم منطقة ميكولايف في جنوب البلاد، أن الجيش دمر ست طائرات مسيرة وثلاثة صواريخ كروز فوق المنطقة. وأعلنت السلطات المحلية إسقاط طائرتين مسيرتين فوق منطقة خيرسون في الجنوب وواحدة فوق منطقة دنيبروبتروفسك.

دمار بسبب ضربة صاروخية روسية في منطقة كييف (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي

وفي سياق متصل، وقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتفاقية أمنية، الخميس، مع الاتحاد الأوروبي لتوثيق التعاون بين صناعة الدفاع في أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، تنص على أن يعقد الطرفان مشاورات طارئة خلال 24 ساعة، بناء على طلب أي من الطرفين لمناقشة الدعم المحتمل في حالة هاجمت روسيا أوكرانيا مجدداً بعد الغزو الحالي، أو استخدمت أسلحة نووية خلال الحرب الحالية.

ووقع زيلينسكي الاتفاقية خلال قمة قادة الاتحاد في العاصمة البلجيكية بروكسل، الخميس، في حفل حضره رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وتم التوصل إلى الاتفاقية بعد أشهر من المحادثات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الـ27 لدعم أمن أوكرانيا على المدى الطويل.

إلا أن المفوضية الأوروبية تعتزم إعادة فرض الرسوم الجمركية على واردات دول الاتحاد من السكر والبيض من أوكرانيا، بدءاً من الجمعة. ونقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية عن مصادر لم تحدد هويتها، القول إن الرسوم التي سيتم فرضها ستكون مماثلة لتلك التي تم فرضها على صادرات الشوفان الأوكراني، والتي ستستمر حتى يونيو (حزيران) من العام المقبل.

وذكرت وكالة أنباء «بلومبرغ» أن متحدثاً باسم المفوضية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، رفض التعليق على هذه التقارير. وأشارت الصحيفة إلى أن إعادة فرض هذه الرسوم تشير إلى الصعوبة التي تنتظر مفاوضات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

ويستطيع القطاع الزراعي القوي في أوكرانيا أن ينتج سلعاً غذائية أرخص كثيراً من الإنتاج في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وسيصبح هذا القطاع مستفيداً رئيسياً من الدعم الزراعي الذي يقدمه الاتحاد للدول الأعضاء، وهو الموقف الذي يتمتع به حالياً القطاع الزراعي الفرنسي.

يذكر أنه في يونيو (حزيران) 2022، وافقت المفوضية الأوروبية على إلغاء كل الرسوم والحصص المفروضة على واردات الاتحاد الأوروبي الغذائية من أوكرانيا، ضمن إجراءات دعم الأخيرة في مواجهة الغزو الروسي لأراضيها في فبراير (شباط) 2022.


مقالات ذات صلة

روسيا وأوكرانيا تتبادلان أسرى بينهم كهنة

أوروبا بناية سكنية تعرضت للقصف الروسي ليل الجمعة في منطقة دنبرو في الوسط الشرقي لأوكرانيا (إ.ب.أ)

روسيا وأوكرانيا تتبادلان أسرى بينهم كهنة

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنَّ كاهنَين أوكرانيين من طائفة الروم الكاثوليك، احتُجزا في مدينة برديانسك التي تحتلها موسكو، سُلما لكييف بفضل وساطة

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)
أوروبا لقطة من فيديو استقبال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ناريمان غيليال أحد زعماء تتار القرم

زيلينسكي يرحب بإطلاق سراح سجناء ومن بينهم أحد زعماء تتار القرم

رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، بعودة سجناء أوكرانيين من روسيا، بما في ذلك ناريمان غيليال، وهو أحد زعماء تتار القرم وناشط سياسي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود روس من وحدة مضادة للطائرات يوفرون غطاءً جوياً لمواقع الرماة الروس في اتجاه أفدييفكا (إ.ب.أ)

موسكو تعلن السيطرة على بلدة في شرق أوكرانيا ومقتل 5 روس على حدودها

قوات روسية تقول إنها سيطرت على بلدة بالقرب من مدينة تورتسك في شرق أوكرانيا التي تتعرّض لهجمات روسية متزايدة.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ نائب مبعوث واشنطن لدى الأمم المتحدة روبرت وود (أ.ب)

لتوفيرها أسلحة لروسيا... أميركا وحلفاؤها يدينون كوريا الشمالية

دخلت واشنطن وحلفاؤها في مواجهة مع كوريا الشماليّة في الأمم المتحدة أمس (الجمعة) على خلفيّة مزاعم بأنّ بيونغ يانغ تنتهك إجراءات مراقبة الأسلحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا 
شرطي يحرس أحد شواطئ شبه جزيرة القرم بعد الهجوم الصاروخي الأوكراني قبل أسبوع (رويترز)

بوتين يوجّه بإنتاج صواريخ كانت محظورة سابقاً

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أنَّ على بلاده أن تبدأ بإنتاج صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى سبق أن تمَّ حظرها بموجب معاهدة للأسلحة مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

فرنسا تصوّت اليوم... واليمين المتطرف في الصدارة

تتوقع استطلاعات الرأي أن يتصدّر «التجمع الوطني» التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات الفرنسية، الأحد (رويترز)
تتوقع استطلاعات الرأي أن يتصدّر «التجمع الوطني» التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات الفرنسية، الأحد (رويترز)
TT

فرنسا تصوّت اليوم... واليمين المتطرف في الصدارة

تتوقع استطلاعات الرأي أن يتصدّر «التجمع الوطني» التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات الفرنسية، الأحد (رويترز)
تتوقع استطلاعات الرأي أن يتصدّر «التجمع الوطني» التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات الفرنسية، الأحد (رويترز)

يصوّت الفرنسيون، اليوم، في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية يتصدّرها اليمين المتطرف، متقدّماً بفارق كبير على تكتل الرئيس إيمانويل ماكرون.

ودُعي نحو 49 مليون ناخب لاختيار 577 نائباً في البرلمان، في انتخابات يتوقّع أن تُقام دورتها الثانية في السابع من يوليو (تموز)، وتمثّل مغامرة سياسية كبيرة لماكرون.

وبدأ الفرنسيون في بعض أقاليم ما وراء البحار، الإدلاء بأصواتهم أمس، وسط توقعات ببلوغ نسبة المشاركة 66 في المائة، أي بزيادة 19 نقطة عمّا كانت عليه في عام 2022.

ومن بين المجموعات السياسية الثلاث التي تهيمن على المشهد الانتخابي، يبدو اليمين المتطرف، الذي يقوده جوردان بارديلا عن حزب «التجمع الوطني»، الأكثر أهلية للفوز بالأكثرية أو الاقتراب منها إلى حد كبير. وتفيد استطلاعات الرأي بأنَّ «التجمع الوطني» سيحتل المرتبة الأولى، بـ35 في المائة من الأصوات، تتبعه أحزاب اليسار المتحالفة ضمن «الجبهة الشعبية الجديدة» بنحو 30 في المائة، في حين يحل «ائتلاف الوسط» في المرتبة الثالثة.