ترحيل رئيس مسجد في فرنسا بعد اتهامات بمعاداة السامية

صورة لمسجد باريس / فليكر
صورة لمسجد باريس / فليكر
TT

ترحيل رئيس مسجد في فرنسا بعد اتهامات بمعاداة السامية

صورة لمسجد باريس / فليكر
صورة لمسجد باريس / فليكر

قررت ولاية بوردو الفرنسية ترحيل رئيس «مسجد الفاروق»، عبد الرحمن رضوان نهاية الأسبوع المنصرم، عقب اتهامه بـ«معاداة السامية وبث الكراهية ضد اليهود ودعمه فلسطين»، إضافة إلى تهم أخرى متعلقة بـ«عدم احترام قانون الجمهورية الفرنسية والتطرف ودعم الإرهاب».

 

رئيس «مسجد الفاروق» عبد الرحمن رضوان في مدينة بوردو

وقال رضوان في تصريحات صحافية نشرها موقع «ري89 بوردو» إن قرار ترحيله إلى بلده الأم النيجر جاء بسبب رفضه الانضمام إلى قائمة المساجد والجمعيات التي تلتزم بـ«إسلام فرنسا»، وهو اللقب الذي أطلقته الحكومة الفرنسية وتراهن عليه ليكون المحور الشرعي لها في تنظيم الدين الإسلامي، وعدم التعبير عن موقف سياسي واختيار آيديولوجي، ورسم للإسلام الصورة على النحو الذي يجب أن تكون عليه بين «الإسلام المرفوض» و«الإسلام المقبول» في البلاد.

وأضاف رضوان أن السلطات الفرنسية اتخذت قراراً بشأن ملف إقامته على أراضيها عقب رفضه اعتبار حركة «حماس» منظمة إرهابية، ورفض اعتماد الرواية الرسمية الفرنسية التي تعدّ أي هجوم على إسرائيل معاداة للسامية.

من جهته، أعلن محامي رئيس المسجد، سيفين قز قز الملقب بمحامي «الإسلاميين»، في بيان صحافي نشره عبر حسابه على منصة «إكس»، أن موكله قد يتم ترحيله إلى بلده النيجر.

 

 

وأضاف «أن لجنةً ستكَلَّف دراسة الطلب المقدم من ولاية بوردو يوم 30 مايو (أيار) الحالي أمام المحكمة، حيث سيتم النطق بطرد عبد الرحمن رضوان».

 

وتضامناً مع رضوان، قامت مجموعة من سكان المدينة بنشر عريضة للمطالبة بعدم ترحيل رئيس «مسجد الفاروق» الواقع بمقاطعة بيساك أحد أبرز المساجد نشاطاً في بوردو، وقّعها 3274 شخصاً منذ أيام.

قرار ترحيل رئيس المسجد النيجري جاء بعد سنوات من المد والجزر بينه وبين وزارة الداخلية الفرنسية التي حاولت في مناسبات عدة إغلاق المسجد بسبب عدّه مصدراً لنشر التطرف في فرنسا، لولا تدخل مجلس الدولة في العام 2022 ورفضه قرار الإغلاق معتبراً أنه انتهاك خطير لحرية العبادة في البلاد.

استهداف «مسجد الفاروق» بوسوم عنصرية

وبعد قرار ترحيل رضوان، تم استهداف مسجد الفاروق الواقع في مقاطعة بيساك بولاية بوردو مرة أخرى بالوسوم العنصرية ليلة الأحد الماضي.

 

وقدمت إدارة المسجد شكوى صباح الاثنين إلى الشرطة ضد حركة شبابية يمينية متطرفة تطلق على اسمها «أكسيون ديريكت إيدونتيتير»، أي «حركة العمل المباشر»، وهي حركة ناشطة في مدينة بوردو.

وبعد أزيد من عام على غيابها، عادت الحركة المتطرفة لكتابة جمل كراهية وتحريض على الجدران واستهداف الجمعيات التضامنية التي تعمل مع المهاجرين والمساجد.

وتعدّ هذه المرة السابعة التي يتم فيها استهداف «مسجد الفاروق» منذ العام 2015، بوسوم عنصرية على غرار «كن عنصرياً: صوّت للبيض»، و«الأئمة الأجانب خارج فرنسا» و«احزموا حقائبكم أو أعدّوا نعوشكم».

 

إجراءات جديدة ضد استقدام الأئمة الأجانب إلى فرنسا

وابتداءً من بداية العام 2024، لم تعد حكومة رئيس الوزراء غابريال أتال تسمح للأئمة المرسلين من الخارج، وخاصة من المغرب والجزائر وتونس وتركيا بالعمل على أراضيها.

هذه المبادرة استهلّها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العام 2020، وأبلغ بعدها وزير الخارجية الدول المعنية بدخول هذا القرار حيز التنفيذ مع بداية هذا العام.

ووفقاً لهذا القرار؛ سيتعين على علماء الدين الذين تم إرسالهم من الخارج والذين ينشطون على الأراضي الفرنسية، طلب تصريح لتغيير وضعهم القانوني.

وسمحت الحكومة بوضع إطار خاص للسماح للجمعيات التي تدير المساجد في فرنسا بتوظيف الأئمة بنفسها، وأن تدفع لهم رواتبهم بشكل مباشر؛ للتأكد من أنهم ليسوا موظفين حكوميين في دول أجنبية إسلامية.

كما قررت الحكومة الفرنسية تدريب الأئمة الأجانب المقيمين على أراضيها في الجامعات الفرنسية.

قرار ماكرون إنهاء استقدام الأئمة الأجانب هي جزء من إجراءات مماثلة أطلقها الرئيس الفرنسي لمكافحة ما أُطلق عليها في العام 2020» «النزعة الانفصالية الإسلامية والتطرف الذي يعيشه الشباب في المساجد في فرنسا».

وكانت الحكومة الفرنسية قد أطلقت حزمة من القوانين ضد الإسلام «المتشدد» رداً على الهجمات «الإرهابية» الدموية التي شهدتها كل من نيس وباريس.

يشار إلى أن فرنسا حذت حذو الحكومة الألمانية التي توصلت إلى اتفاق مع نظيرتها التركية، يقضي بعدم إرسال المزيد من الأئمة الأتراك، مقابل تدريب 100 إمام في ألمانيا سنوياً كجزء من مبادرة مشتركة بين أنقرة وبرلين.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في ريو دي جانيرو (د.ب.أ)

ماكرون يندد بموقف روسيا «التصعيدي» إزاء أوكرانيا ويدعو بوتين «للتعقّل»

ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بموقف روسيا «التصعيدي» في الحرب في أوكرانيا، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «التعقّل».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بوينس أيرس (أ.ف.ب)

ماكرون: بوتين «لا يريد السلام» في أوكرانيا

أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لا يريد السلام» مع كييف و«ليس مستعداً للتفاوض».

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

«الإليزيه»: ماكرون يزور السعودية بين 2 و4 ديسمبر القادم

يزور الرئيس إيمانويل ماكرون السعودية في الفترة بين الثاني والرابع من ديسمبر المقبل، حسبما أعلن قصر الإليزيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.