انتقاد أممي لخطة لندن لترحيل اللاجئين إلى رواندا

مفوض حقوق الإنسان يؤكد تعارضها مع سيادة القانون

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يتحدث في البرلمان (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يتحدث في البرلمان (أرشيفية - رويترز)
TT

انتقاد أممي لخطة لندن لترحيل اللاجئين إلى رواندا

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يتحدث في البرلمان (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يتحدث في البرلمان (أرشيفية - رويترز)

رأى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن مشروع القانون البريطاني بشأن خطة الحكومة المثيرة للجدل، لإرسال طالبي لجوء على أراضيها إلى رواندا بانتظار معالجة ملفاتهم، يقوّض مبادئ الحقوق الأساسية.

وقال تورك إن الإجراءات الرامية لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا تتعارض مع المبادئ الأساسية لسيادة القانون، وتحمل خطر تسديد ضربة خطيرة لحقوق الإنسان.

عرضت حكومة رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، مشروع قانون «سلامة رواندا» أواخر العام الماضي بعد فترة قصيرة على صدور حكم عن المحكمة العليا بأن ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا سيكون غير قانوني وفقاً للقانون الدولي.

وفي حال إقراره بعد خضوعه للدراسة من قبل مجلسي البرلمان، سيجبر القانون القضاة البريطانيين على التعامل مع رواندا على أنها بلد ثالث آمن.

كما أن ذلك سيعطي وزراء الحكومة سلطة التغاضي عن مواد في القانون الدولي والقانون البريطاني لحقوق الإنسان.

وقال تورك في بيان: «الآثار المشتركة لهذا القانون الذي يحاول حماية تحرك الحكومة من المراقبة القانونية الاعتيادية يتعارض والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان... لا يمكن للحكومات إلغاء حقوق الإنسان الدولية التي يتمتعون بها، والالتزامات المتعلقة باللاجئين التي ينص عليها القانون»، داعياً إلى إعادة النظر في مشروع القانون.

أضاف تورك: «أحضّ حكومة المملكة المتحدة على اتّخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان الامتثال الكامل لالتزامات المملكة المتحدة القانونية الدولية وللمحافظة على تاريخ البلاد المشرّف في الرقابة القضائية الفاعلة والمستقلة».

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية - أ.ف.ب)

ورأى أن «موقفاً من هذا القبيل يعد اليوم أهم من أي وقت مضى».

تعهّد سوناك بخفض الهجرة المنظمة وغير المنظمة التي بلغت مستويات قياسية رغم التعهّدات بتشديد الرقابة على حدود المملكة المتحدة بعدما انسحبت من الاتحاد الأوروبي.

وتعد خطة رواندا في قلب تعهّد سوناك بـ«وقف قوارب» المهاجرين الذين يعبرون المانش من شمال شرقي فرنسا على متن مراكب رديئة وغير مناسبة.

ويشدد على أن خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى الدولة شرق الأفريقية ضرورية لردع المهاجرين عن التفكير في السفر إلى بريطانيا عبر طرق غير رسمية.

يواجه سوناك انتخابات عامة في النصف الثاني من هذا العام، ويرجّح أن تكون الهجرة من أبرز القضايا. وتظهر استطلاعات الرأي أن حزبه المحافظ يتّجه للتعرّض إلى هزيمة.

«غير أخلاقي»

أفاد تورك بأن مشروع القانون سيقلّص إلى حد كبير قدرة المحاكم على التدقيق في قرارات الترحيل عبر إلزامه جميع صانعي القرارات بالتعامل مع رواندا على أنها بلد آمن، بغضّ النظر عن أي أدلة قائمة حالياً أو قد يُكشف عنها مستقبلاً.

وقال إن «تسوية قضايا الحقائق المتنازع عليها والمسائل ذات التداعيات الهائلة المرتبطة بحقوق الإنسان هي ما تقوم به المحاكم، وهي أمر لمحاكم المملكة المتحدة سجل تاريخي مثبت القيام به بشكل شامل ودقيق... يعود الأمر للمحاكم في اتّخاذ قرار بشأن إن كانت الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة منذ صدور حكم المحكمة العليا عن المخاطر في رواندا كافياً... لا يمكن إصدار تشريعات لإلغاء حقائق».

وأثار تورك مخاوف من أن مشروع القانون يمكن أن يقيّد بشكل كبير إمكان تطبيق قوانين ومعايير حقوق الإنسان.

كما يجعل تطبيق أوامر الحماية المؤقتة الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أمراً نسبياً، علماً بأن هذه الأوامر ملزمة دولياً بالنسبة لبريطانيا.

وقال تورك: «إنه أمر مقلق بشكل كبير أن يجري استثناء مجموعة واحدة من الأشخاص أو أشخاص في وضع معيّن من الحماية المتساوية للقانون. إنه أمر مناهض لأخلاقيات العدالة المنصفة المتاحة للجميع من دون تمييز».


مقالات ذات صلة

سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للأمم المتحدة بالشرق الأوسط... من هي؟

العالم العربي المبعوثة الجديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط سيغريد كاغ (رويترز)

سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للأمم المتحدة بالشرق الأوسط... من هي؟

أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، تعيين وزيرة الخارجية الهولندية السابقة سيغريد كاغ مبعوثةً جديدة للمنظمة الدولية في الشرق الأوسط... فمن هي؟ وما أبرز محطات حياتها؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لدى وصوله إلى بيروت وكان في استقباله وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب (اليونيفيل)

غوتيريش من بيروت: الأمم المتحدة ستدعم لبنان بكل ما تملك

وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بيروت في زيارة «تضامن» تستمر ثلاثة أيام، وفق ما أعلن متحدث باسمه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى (الشرق الأوسط)

خاص منسق الأمم المتحدة في سوريا: متفائلون بإعادة الإعمار بشرط «نجاح الانتقال»

في حوار مع «الشرق الأوسط» يتحدث المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، عن شرط نجاح الفترة الانتقالية كأساس لإعمار سوريا.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مرحباً بالمفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: التوغلات في الجنوب تثبت تملص إسرائيل من التزاماتها

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن ما يجري في جنوب لبنان من انتهاكات إسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، دليل على «تملص العدو الإسرائيلي من التزاماته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطينيون يكافحون من أجل الحصول على الغذاء في مركز توزيع بخان يونس (أ.ب)

«الأغذية العالمي»: 80 ألف طن من الغذاء تنتظر الدخول إلى غزة

قال برنامج الأغذية العالمي، اليوم الخميس، إن لديه 80 ألف طن من الغذاء كافية لإطعام أكثر من مليون شخص تنتظر السماح لها بالدخول إلى غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)
أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)
أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

بوصفها «أفضل طالب» في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة التحدي الذي أطلقه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، وفق تقرير اليوم الجمعة لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

تحصين الحدود

هنا منطقة عازلة بعرض 200 متر تم إنشاؤها عند معبر بولوتشي بييشاتكا الحدودي الذي تم إغلاقه في عام 2023 لأسباب أمنية بين بولندا وبيلاروسيا. خطوط دفاع متتالية تحمي هذه الحدود بين منطقة بودلاسي في شرق بولندا، ومنطقة بريست في بيلاروسيا: خنادق مضادة للدبابات، وحواجز خرسانية، وأسلاك شائكة، وألغام، وسياج معدني بارتفاع 5 أمتار، إلى جانب أنظمة حرارية، وكاميرات وأجهزة كشف المعابر الإلكترونية...

جنود وشرطيون بولنديون يقفون في حالة تأهب على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا بالقرب من كوزنيكا 11 نوفمبر 2021 (رويترز)

بحسب التقرير، تحمي بولندا نفسها من خطر الهجوم المحتمل من جانب روسيا، ولكنها تحمي نفسها أيضاً من الحرب الهجينة الحقيقية التي تفرضها عليها روسيا بالفعل اليوم، التي تستغل عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يتم اجتذابهم من أفريقيا وإرسالهم عبر بيلاروسيا في محاولة لاستغلالهم ليعبروا الحدود نحو بولندا بهدف زعزعة الاستقرار (في الاتحاد الأوروبي). وقد أدى هذا إلى مقتل جندي بولندي يبلغ من العمر 21 عاماً، طعنه مهاجر في يونيو (حزيران) 2024. وحصلت توغلات بطائرات مسيّرة في الأراضي البولندية وأحياناً صواريخ تقع هناك عن طريق الخطأ. ويتذكر الفريق أول ستانيسلاف تشوسنر، نائب رئيس أركان الجيش البولندي، قائلاً: «إنها حدودنا الخارجية، ولكنها أيضاً حدود الاتحاد الأوروبي والجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي. نحن نتعلم من العدوان على جارنا الأوكراني: لو كان هناك المستوى نفسه من التحضير (العسكري)، ربما كان الوضع مختلفاً اليوم».

زيادة الإنفاق الدفاعي

جعلت بولندا من الأمن شعار رئاستها الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، التي بدأت في الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي. وتأمل الولايات المتحدة في حشد شركائها الأوروبيين ليتبعوا مثالها من خلال زيادة إنفاقهم العسكري. فوارسو هي «أفضل طالب» لحلف شمال الأطلسي في هذا المجال، حسب تعبير «لوفيغارو»، مع هدف يبلغ 4.7 في المائة للإنفاق العسكري من ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنة بأقل من 2 في المائة في المتوسط ​​(بالنسبة للناتو)، أو ميزانية تبلغ 45 مليار يورو، وهي الثانية في أوروبا بعد فرنسا. وارتفعت هذه الميزانية الدفاعية لبولندا بأكثر من 50 في المائة منذ عام 2022. وفي مواجهة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي ذكر مؤخراً عتبة جديدة للإنفاق العسكري لدول «الناتو» تبلغ 5 في المائة من الناتج المحلي (الولايات المتحدة تنفق 3.7 في المائة من ناتجها المحلي على الدفاع)، تقول الحكومة البولندية إنها مستعدة لقبول التحدي.

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (يمين) ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتصافحان خلال حفل الترحيب في المستشارية في وارسو 17 يناير 2025 (إ.ب.أ)

وقال رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، إن تصريحات ترمب يجب أن «تؤخذ على محمل الجد»، ودعا شركاءه الأوروبيين إلى أن يكونوا جادين بشأن الإنفاق الدفاعي. وقال توسك، الأربعاء، في مؤتمر صحافي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وارسو: «ليس بإمكان الجميع إنفاق ما تنفقه بولندا، ولكن ينبغي على الجميع أن يتقاربوا نحو هذا الهدف حتى ترانا أميركا حلفاء موثوق بهم». وأضاف أن الحكومات التي لا تزال تحت نسبة 2 في المائة، بما في ذلك إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا. ولتسريع الوصول إلى الإنفاق العسكري المطلوب، تخطط وارسو في البداية للتعاون مع مجموعات صغيرة من الحلفاء المقتنعين بأهمية زيادة هذا الإنفاق، ولا سيما دول البلطيق ودول الشمال الأوروبي، فضلاً عن اللاعبين الأوروبيين الرئيسيين في مجال الدفاع: فرنسا والمملكة المتحدة (بريطانيا).

جنود بولنديون وأميركيون يشاركون في تدريب عسكري مشترك بنوفا ديبا في بولندا 8 أبريل 2022 (رويترز)

استقلال دفاعي

وذكر تقرير صادر عن مؤسسة «تشاتام هاوس»، وهو مركز دراسة سياسات مركزه لندن، أن «بولندا سوف تضطر إلى التوفيق بين نهجها الأطلسي التقليدي واستعدادها لزيادة مبادرات الاتحاد الأوروبي لتطوير قدرات وارسو الصناعية». إن الهدف هو تحقيق مستوى حاسم من الاستقلال الذاتي (الدفاعي) إذا أعادت الولايات المتحدة توجيه الجزء الأكبر من قوتها الرادعة نحو آسيا. يقول مصدر حكومي بولندي في هذا الإطار: «نحن نحاول إثارة اندفاعة بين حلفائنا: إذا هاجم بوتين إستونيا بعد أوكرانيا، فهل نحن مستعدون؟ هل لدينا ما يكفي من الذخيرة؟

جنود بولنديون أمام مقر حرس الحدود في ميخالوفو 11 أكتوبر 2021 (رويترز)

الدرع الشرقي

حذّر وزير الدفاع البولندي، فلاديسلاف كوسينياك كاميش، من أن «أوروبا لن تتمكن من الحصول على رادع فعال دون تطوير قدراتها في مجال الأسلحة والذخائر».

وقرب بولندا من الولايات المتحدة، حيث طلبت وارسو 32 طائرة من طراز «إف-35» من شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية و96 طائرة هليكوبتر من طراز «أباتشي» من شركة «بوينغ» الأميركية، قد يتعارض مع رغبة فرنسا في إعطاء الأولوية للمشتريات الأوروبية. وتستثمر وارسو أيضاً 2.3 مليار يورو على مدى أربع سنوات في درعها الشرقي، الذي تم إطلاقه في منتصف عام 2024. يغطي المشروع أكثر من 800 كيلومتر من المناطق الحرجة والمستنقعية على طول الحدود مع روسيا (منطقة كالينينغراد)، وليتوانيا، وبيلاروسيا، وأوكرانيا.