لافروف يعلن «فشل مشروع أوكرانيا» ويؤكد أن بلاده لن تهاجم فنلندا والسويد

موسكو تستعد لنشر أسلحة في جزر الكوريل... وميدفيديف يدعو اليابانيين إلى «الانتحار»

لافروف مع نظيره الغامبي في موسكو أمس (أ.ف.ب)
لافروف مع نظيره الغامبي في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

لافروف يعلن «فشل مشروع أوكرانيا» ويؤكد أن بلاده لن تهاجم فنلندا والسويد

لافروف مع نظيره الغامبي في موسكو أمس (أ.ف.ب)
لافروف مع نظيره الغامبي في موسكو أمس (أ.ف.ب)

عرض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مواقف بلاده حول الوضع في أوكرانيا، أمام لقاء موسع حضره، الثلاثاء، ممثلو السلك الدبلوماسي الأجنبي المعتمدون لدى روسيا. وحمل لافروف بقوة على الغرب واتهمه بمواصلة شن حرب هجينة على بلاده، وقال إن المسؤولين الغربيين بدأوا يدركون «فشل مشروع أوكرانيا» الذي هدف، وفقاً لقوله، إلى «إلحاق هزيمة استراتيجية» بروسيا.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وزاد الوزير أن «الغرب ومع أنه بات يدرك أن نهاية مشروع أوكرانيا قد اقتربت، لا يستطيع التوقف عن المسار الذي اختاره لدعم هذا المشروع، بما في ذلك من وجهة نظر الفوائد الاقتصادية».

وقال الوزير الروسي إن «الولايات المتحدة تعد المانح الرئيسي لأوكرانيا، تليها ألمانيا وبريطانيا والدنمارك وبولندا والنرويج وهولندا والسويد. طبعاً حجم الأموال التي تم تبديدها في أوكرانيا يؤكد مدى أهمية منع فشل مشروع أوكرانيا بالنسبة إلى الغرب».

الرئيس الأوكراني يصافح نظيره الليتواني... ويبدو الرئيس الأميركي وعدد من القادة الأوروبيين خلال اجتماع «مجلس أوكرانيا - الناتو» في فيلنيوس الشهر الماضي (أ.ف.ب)

ووفقاً للوزير، فقد تعزز موقف المجمع الصناعي العسكري الأميركي في أوروبا، بفضل النزاع في أوكرانيا، و«أكثر من 60 في المائة من الأسلحة التي تشتريها دول الاتحاد الأوروبي أميركية الصنع».

وأشار لافروف إلى أن الولايات المتحدة «شكلت تحالفاً مناهضاً لروسيا يضم 54 دولة، تم من خلاله إمداد نظام كييف بكل أنواع المساعدات المالية والعسكرية بهدف إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا».

بايدن مع زيلينسكي (أ.ب)

وأوضح أن الدول الغربية خصصت أكثر من 200 مليار دولار للدعم العسكري والمالي لأوكرانيا في أقل من عامين. وزاد: «للمقارنة، خصص الاتحاد الأوروبي أقل من 80 مليار دولار للدعم الاجتماعي والاقتصادي لدول جنوب وشرق العالم، خلال سبع سنوات».

وحذر من أن «الدول الغربية تتجاهل وتحاول عدم ملاحظة انتشار الأسلحة التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا إلى مناطق ساخنة عدة في العالم، حيث يستخدمها المتطرفون والإرهابيون». وأضاف أن معطيات بلاده تؤكد «وجود مرتزقة يزعم أنهم يقاتلون طوعاً إلى جانب أوكرانيا ضد الجيش الروسي. وفي الفترة الأخيرة، تم قتل العشرات من المرتزقة الفرنسيين بقصف روسي على مواقعهم في أوكرانيا. وكذلك يعمل في أوكرانيا العديد من الخبراء والمدربين، الذي يخدمون رسمياً في القوات المسلحة للدول الغربية. ولا يمكن إخفاء ذلك».

مقاتلة «إف 16» لسلاح الجو الأميركي (أرشيفية - أ.ب)

وتطرق الوزير إلى حادثة إسقاط طائرة نقل عسكرية قبل أيام، كانت تقل أسرى أوكرانيين، وقال إن الجانب الروسي يتحقق من «نوع السلاح الذي استخدمته قوات كييف لتنفيذ ذلك والدولة التي قدمته لأوكرانيا».

وجدد تأكيدات بلاده حول عدم نيتها مهاجمة أطراف أخرى في أوروبا بعد الحرب الأوكرانية، وقال إن «تصريحات السياسيين الغربيين بأن دول حوض البلطيق والسويد وفنلندا ستكون (الهدف التالي) إذا فازت روسيا في الصراع الأوكراني هي تصريحات سخيفة».

وزاد أنه «في الآونة الأخيرة، قال الأمين العام السابق لحلف (الناتو) أندرس فوغ راسموسن، الذي يعمل مستشاراً أو خبيراً لدى الرئاسة الأوكرانية، إن الغرب ينظر إلى أوكرانيا على أنها سور دفاعي أمام روسيا»، لافتاً إلى أن «الغرب ما زال يفكر بتلك العقلية (...) كل ما يتعلق بأوكرانيا يجب أن يستخدم لإلحاق (هزيمة استراتيجية) بروسيا».

الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ يتوسط الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريستيرسون في قمة «الناتو» بليتوانيا في 10 يوليو 2023 (رويترز)

ورأى لافروف «أن سخافة مثل هذه التصريحات واضحة للجميع، لكل من يفهم التاريخ على أقل تقدير، ويفهم الأهداف التي أعلناها علناً، ومن دون إخفاء، في ما يتعلق بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا. نحن نزيل الظلم التاريخي. نحن نقضي على محاولات، ليس فقط لإعادة كتابة تاريخ بلدنا الشعبي، بل لتحويل الأراضي التي عاش عليها الروس والشعوب الأخرى في روسيا لعدة قرون، إلى نقطة انطلاق ضدنا».

وفي موضوع متصل، قال الوزير الروسي إن بلاده تراقب تحركات الغرب لإقناع عدد من البلدان التي تجمعها شراكات مع موسكو لتقديم الأسلحة الروسية المنشأ لديها إلى الجانب الأوكراني.

وأوضح: «نجري اتصالات مع الدول المعنية التي يحاول الغرب إقناعها بنقل الأسلحة سريعاً إلى أوكرانيا، من دون إبلاغنا (...) في انتهاك لاتفاقات توريد تلك الأسلحة والمعدات للبلدان الأجنبية».

وأوضح أنه خلال العام ونصف العام الماضيين، سجلت موسكو «عدة حالات من هذا النوع»، مشدداً على حرص موسكو على الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع البلدان المستوردة، والتي تنص بوضوح على منع إعادة تصدير الأسلحة والمعدات الحربية إلى طرف ثالث من دون موافقة مسبقة من بلد المنشأ».

على صعيد آخر، وجه نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف رسائل نارية إلى اليابان، وأكد أن موسكو سوف تنشر قريباً طرازات حديثة من الأسلحة والمعدات في منطقة جزر الكوريل المتنازع عليها بين البلدين.

رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال جلسة افتتاح دورة أعمال البرلمان في طوكيو 26 يناير (أ.ف.ب)

واستخدم ميدفيديف الذي عرف منذ اندلاع الحرب الأوكرانية بإطلاق عبارات نارية، لهجة غير مسبوقة في مهاجمة اليابانيين، تعليقاً على تصريحات رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، الثلاثاء، في البرلمان، التي أكد فيها عزمه على تحقيق السلام مع روسيا بعد حل النزاع الإقليمي. وفي الوقت نفسه، أكد أن اليابان ستواصل تعزيز ضغط العقوبات على الاتحاد الروسي.

وقال ميدفيديف إن «الدور الاستراتيجي والأهمية الحيوية لجزر الكوريل تزايدا بشكل كبير (...) ونحن نعمل على تعزيز وضع الجزر بما في ذلك عبر نشر أسلحة جديدة هناك».

وزاد: «نحن لا نهتم بمشاعر الشعب الياباني في ما يتعلق بما يسمى عندهم بالأراضي الشمالية».

وأوضح السياسي الروسي أن «هذه ليست مناطق متنازعاً عليها بل هي أراضي روسيا (...) وأولئك الساموراي الذين يشعرون بالحزن بشكل خاص يمكنهم أن يقتلوا أنفسهم بالطريقة التقليدية في اليابان». وخاطب رئيس الوزراء بعبارة: «سيكون من الممتع أكثر أن تواصل سياسات الغزل تجاه الأميركيين بشغف، مما يمحو ذكرى هيروشيما وناغازاكي بالكامل».

وزاد: «اصنع بنفسك سيبوكو إذا كان لديك ما يكفي من الشجاعة»، في إشارة إلى ثقافة كانت سائدة لدى شعب الساموراي في اليابان في قرون غابرة، وهي تقوم على فكرة الانتحار الجماعي للمحاربين في حال تعرضوا لهزيمة.


مقالات ذات صلة

روسيا تشن هجمات غير مسبوقة... وتتوعد بالمزيد

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (أرشيفية - أ.ب)

روسيا تشن هجمات غير مسبوقة... وتتوعد بالمزيد

أفادت السلطات الأوكرانية بأن القوات الروسية شنت ليل الاثنين - الثلاثاء هجمات غير مسبوقة بطائرات مسيّرة على مدن أوكرانية، مما تسبب في انقطاع التيار.

أوروبا رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

تكافح أوكرانيا من أجل الاحتفاظ بأوراقها التي قد تتيح لها التوصل إلى اتفاق متوازن، بعدما بات من شبه المؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة مقبلة على هذا الخيار.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمس» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

اجتماع لمجلس «الناتو - أوكرانيا» لبحث دعم كييف والضربة الصاروخية الروسية

يعقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا الثلاثاء اجتماعا في بروكسل على مستوى السفراء، لبحث التصعيد على الجبهة وإطلاق صاروخ روسي باليستي فرط صوتي على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل) «الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا تظهر هذه الصورة التي نشرتها قناة وزارة الدفاع الروسية الرسمية على «تلغرام» يوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024... حطام صاروخ «أتاكمس» الذي تم العثور عليه في أراضي مطار كورسك في روسيا (قناة وزارة الدفاع الروسية الرسمية على تلغرام - أ.ب)

روسيا: أوكرانيا شنّت ضربتين باستخدام صواريخ «أتاكمس» الأميركية

أعلنت روسيا اليوم الثلاثاء أنها تعرضت في الأيام الأخيرة لضربتين أوكرانيتين نُفّذتا بصواريخ «أتاكمس» الأميركية، السلاح الذي توعدت موسكو برد شديد في حال استخدامه

«الشرق الأوسط» (موسكو)

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
TT

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)

لم تبد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أي ندم حول قرارها بفتح أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين عام 2015، رغم اعترافها بأن هذا القرار كان «نقطة تحول» بالنسبة إليها، وكان سبباً أساسياً في تقاعدها السياسي، وكاد أن يدفعها للخروج أبكر من الحياة السياسية.

وفي كتابها «حرية» الذي صدر الثلاثاء، وجاء مترجماً إلى 30 لغة، كتبت ميركل تفاصيل قرارها التاريخي الذي أدخل أكثر من مليون سوري إلى ألمانيا، وتسبب في دخول حزب يميني متطرف، هو «البديل من أجل ألمانيا»، في البرلمان للمرة الأولى منذ هزيمة النازيين.

وبرّرت ميركل ذلك في كتابها الممتد لـ700 صفحة، بأنه كان القرار الإنساني الوحيد الذي كان بإمكانها اتخاذه أمام صور عشرات آلاف اللاجئين السوريين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا براً وبحراً. وقالت إنه من الناحية القانونية، كان رفض السماح لهم بالدخول إلى ألمانيا «مبرراً»، استناداً لـ«اتفاقية دبلن» التي تنظم اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، وتفرض على الدولة الأولى التي يدخل إليها اللاجئ أن تنظر في الطلب، ما يعني أن العبء الأساسي كان يقع آنذاك على إيطاليا واليونان.

المستشارة السابقة أنجيلا ميركل بعد إعلانها تقاعدها في مؤتمر حزبها «المسيحي الديمقراطي» عام 2017 (أ.ف.ب)

وروت في سيرتها التي كتبتها بنفسها بمساعدة سكرتيرتها القديمة وصديقتها بيته باومان، كيف شغلتها أزمة اللاجئين معظم عام 2015، وروت تلقيها اتصالاً على جوالها يوم الأحد 19 أبريل (نيسان) من ذاك العام من رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي غادة غرق مركب للاجئين قبالة سواحل ليبيا ومقتل المئات. وقالت إن يومها كان عيد ميلاد زوجها يواكيم الـ66، وكانا يعدان لقضاء يوم هادئ سوياً. ولكن اتصال رينزي ألغى كل شيء. فهو كان يستجديها مساعدة بلاده التي لم تعد قادرة على التعامل مع أزمة اللاجئين، وعقد قمة لقادة أوروبا لمناقشة الأزمة. وقالت إن رينزي كان يقول بأن الأزمة لم تعد تتعلق بإيطاليا وحدها بل باتت أزمة أوروبية، ويستجدي ألا تترك إيطاليا وحدها. وأكدت حين ذلك، بحسب روايتها، أن رينزي كان محقاً.

وبقيت أزمة اللاجئين طاغية في الأشهر التي تلت ذلك، وكانت أعداد الواصلين إلى ألمانيا تتضاعف يومياً. وتروي في كتابها عن اتصال تلقته من مستشار النمسا آنذاك فيرنر فايمان يوم الجمعة 4 سبتمبر (أيلول)، وصف لها أن الطرقات السريعة في النمسا مليئة باللاجئين الذين يعبرون الحدود من المجر ويدخلون إليها. كان فايمان يطلب بتقاسم الأعباء بين ألمانيا والنمسا. وكتبت: «لم يشأ فايمان اتخاذ القرار بنفسه. المسؤولية كانت تقع على عاتقي، وأنا كنت مصرة على قبولها. كنا نواجه كارثة إنسانية». وروت كيف تشاورت مع الحزب «الاشتراكي» الذي كان يشاركها الحكومة قبل اتخاذ القرار، وكيف لم يعارض الحزب السماح للاجئين بالدخول. ولكنها لم تتمكن من الاتصال بوزير داخليتها آنذاك هورست زيهوفر، الذي كان أيضاً زعيم الحزب «المسيحي البافاري»، وهو الحزب الشقيق لحزبها. واصطدمت آنذاك ميركل مع زيهوفر بشأن سياسة الهجرة، فهو كان معارضاً شديداً لقرارها. ولكن في تلك الليلة، قالت ميركل إنها لم تتمكن من الحديث معه، بغض النظر عن عدد المرات التي حاولت الاتصال به. وبعد أن تأكدت من قانونية «فتح الأبواب» أمام اللاجئين، أصدرت قرابة الساعة 11 ليلاً، بياناً مشتركاً مع مستشار النمسا نشراه على «فيسبوك»، يقولان فيه إنه يمكن للاجئين دخول ألمانيا والنمسا. وقالت إنهما اختارا النشر على «فيسبوك»، لأنهما اعتقدا بأن اللاجئين يعتمدون على التطبيق لجمع المعلومات.

وما تبع ذلك، هو رواية ميركل للردود على قرارها، من استياء وزير داخليتها، إلى الانتقادات التي تلقتها، منها من الصحافة المحافظة. وقالت إن قرارها أحدث شرخاً ليس فقط داخل حزبها، ولكن أكثر مع الحزب «المسيحي البافاري» الشقيق الذي كان على الجهة المعاكسة منها في سياستها تجاه اللاجئين. وكتبت: «لقد رأيت أن سياسة الهجرة أصبحت نقطة تحول في ولايتي... ولكن ليس فقط منذ ذلك الحين كنت أفكر فيما إذا كنت سأترشح لولاية جديدة عام 2017، بل بدأت بالتفكير في ذلك بداية عهدي الثالث عام 2013».

وروت أنها تحدثت عن هذا الموضوع مع الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما، حيث تربطها علاقة شخصية قوية معه. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، زار أوباما برلين في زيارة وداعية، وقالت إنهما التقيا في فندق أدلون في 16 نوفمبر على العشاء، وأخبرته أنها تفكر في التقاعد وعدم الترشح مجدداً العام المقبل. وكتبت عن ذلك: «كنا نجلس معاً فقط، وكان يسأل سؤالاً من هنا وآخر من هناك لمساعدتي على التوصل إلى قرار، ولكن عدا ذلك احتفظ برأيه لنفسه. أحسست بأنه أراد أن يؤكد على استمراري بالمسؤولية... وقال إن أوروبا ما زالت بحاجة إلي، ولكن في النهاية علي أن أتبع حدسي».

وفي النهاية قالت ميركل إنها قررت الترشح مرة جديدة، بالفعل فاز حزبها بنسبة 33 في المائة، وهو معدل أقل من الانتخابات التي مضت، ولكنه كان ما زال فوزاً كبيراً. ولكن قرارها بالتقاعد بقي يلاحقها، والهوة بين حزبها والحزب «المسيحي البافاري» الشقيق ظلت تتسع بسبب سياسة الهجرة، حتى اتخذت القرار أخيراً وأعلنته بعد عام إثر خسائر في انتخابات محلية مُني بها حزبها، بشكل أساسي بسبب سياسة الهجرة. وكتبت: «لم أعد قادرة على الإكمال بالعمل كالعادة». ورغم قرارها عدم الترشح مرة جديدة لزعامة حزبها، فقد قالت إنها كانت واثقة في أنها كانت لتنتخب مرة جديدة، لو أنها ترشحت «وإن بأغلبية ضئيلة».

صورة أرشيفية للمستشارة السابقة أنجيلا ميركل وباراك أوباما (أ.ب)

وبالفعل، غادرت ميركل منصبها، وكانت شعبيتها لا تزال مرتفعة رغم الانتقادات التي واجهتها بسبب أزمة اللاجئين، ومساهمتها في صعود اليمين المتطرف. وقالت إنه في النهاية، كانت حجج التقاعد أقوى من البقاء، وكتبت: «تطورات أزمة اللاجئين كانت نقطة تحول في عهدي...»، واعترفت بأن قرارها هذا أسهم في زيادة حظوظ «البديل من أجل ألمانيا»، وكتبت عن ذلك: «عام 2013 تأسس (البديل من أجل ألمانيا) بوصفه حزباً معارضاً لليورو، وفشل ولم ينجح في دخول البرلمان. ولكن بعد عامين فقط، كسب زخماً جديداً مستغلاً أزمة اللاجئين».

وفي عام 2017 دخل «البديل من أجل ألمانيا» البرلمان بنسبة 12 في المائة من الأصوات، وهو اليوم حظي بنسبة تصل إلى 19 في المائة، وفق استطلاعات الرأي للانتخابات المقبلة في نهاية فبراير (شباط) المقبل.

وتطرقت ميركل في كتابها لعوارضها الصحية في العامين الأخيرين من عهدها، ونوبات الرعشة التي كانت تتعرض لها. وقالت إن النوبة الأولى حصلت أثناء وقوفها إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين أثناء الاستقبال الرسمي له.

وتكرر مرتين خلال أسابيع قليلة خلال وقوفها إلى جانب زعماء آخرين. وقالت إنها خضعت آنذاك لفحوصات عصبية وداخلية مفصلة من دون أن تظهر علة. وقالت إن طبيباً في النهاية قال لها إن التوتر هو سبب تلك الرعشات. وشرحت أن والدتها كانت قد توفيت خلال تلك الفترة، وأنه لم تتح لها الفرصة لأن تحزن عليها بسبب انشغالها الدائم. وتابعت أنها منذ ذلك الحين، قررت أن تبقى جالسة في كل الاستقبالات الرسمية التي تجريها؛ تفادياً لعودة الرعشة، وهو ما حصل فعلاً.