منظمة «الأمن الجماعي» تعزز مسار «المواجهة المشتركة» للأزمات

أرمينيا قاطعت القمة... وبيلاروسيا دعت لتطوير قدرات نووية

رؤساء روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان في قمة منظمة «الأمن الجماعي» (أ.ب)
رؤساء روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان في قمة منظمة «الأمن الجماعي» (أ.ب)
TT

منظمة «الأمن الجماعي» تعزز مسار «المواجهة المشتركة» للأزمات

رؤساء روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان في قمة منظمة «الأمن الجماعي» (أ.ب)
رؤساء روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان في قمة منظمة «الأمن الجماعي» (أ.ب)

سارت منظمة «الأمن الجماعي» خطوة إضافية نحو تعزيز مجالات التحرك العسكري المشترك لمواجهة ما وصف بأنه «تهديدات خارجية مشتركة». وأقرّت قمة المنظمة بحضور خمسة رؤساء لجمهوريات سوفياتية سابقة رزمة قرارات تؤسس لإنشاء مظلة دفاع جوية موحدة وآليات للتدخل السريع في الحالات الطارئة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (رويترز)

ووقّع قادة الدول الأعضاء في المنظمة التي تضم روسيا، وبيلاروسيا، وأرمينيا، وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان رزمة من الوثائق، خلال القمة التي انعقدت الخميس في مينسك العاصمة البيلاروسية، ركزت في مضمونها على تحديد آليات التحرك المشترك لمواجهة الأزمات وتطوير التعاون العسكري والأمني.

وعلى الرغم من أن مقاطعة أرمينيا، شكّل اللقاء تحدياً كبيراً لوحدة وتماسك هذه المجموعة الإقليمية التي تعد «الذراع الأمنية والعسكرية» للتحالفات التي تقودها موسكو في المنطقة، لكن الكرملين أعرب عن أمله أن تواصل يريفان التعاون مع الشركاء الإقليميين.

وركزت القرارات التي وقّعها الزعماء الخمسة الحاضرون على «تدابير تطوير نظام الاستجابة السريعة للأزمات التي تواجه بلدان المنطقة» في رسالة حملت إشارة دعم لموسكو ومينسك في مواجهة ما وصف بأنه «زيادة التهديدات التي يمثلها تمدد (الناتو) قرب الحدود».

وأوضح الأمين العام للمنظمة إيمانجالي تاسماجامبيتوف، أن الإعلان المشترك الصادر عن القمة يهدف إلى «التأكيد على المبادئ الأساسية لأنشطة المنظمة وإظهار موقفها بشأن القضايا الحالية للأمن الدولي». في حين قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي شارك في أعمال القمة: إن منظمة معاهدة الأمن الجماعي «نسقّت المواقف بشأن القضايا العسكرية الاستراتيجية الراهنة».

لافروف مع نظيره البيلاروسي سيرغي الينيك في مينسك الأربعاء (أ.ف.ب)

وأوضح بوتين، أن القادة أقرّوا خطوات مشتركة للتعامل مع التحديدات الجديدة والمشاكل الملحة على الأجندة الإقليمية والدولية. وزاد، أن المنظمة وضعت أساساً لتطوير الاتصالات مع منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة الدول المستقلة.

ووفقاً لبوتين، فإنه «بفضل التفاعل المثمر بين وزارات الخارجية ووزارات الدفاع ومجالس الأمن والبرلمانات، تم الاتفاق بسرعة على المواقف المشتركة بشأن القضايا السياسية والعسكرية الاستراتيجية الحالية والمشاكل الملحة في جدول الأعمال الإقليمي والدولي». وأشار إلى إيلاء أهمية خاصة لـ«الجهود المشتركة المبذولة لتحسين النشر الجماعي السريع وقوات الاستجابة العملياتية، وقوات الطيران وحفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي».

عناصر حرس الحدود البولندية يجوبون جدار الشريط على الحدود البيلاروسية (أ.ب)

وزاد الرئيس الروسي: «تم اتخاذ عدد من الإجراءات للحفاظ على الاستعداد القتالي وتحسين نظام القيادة والسيطرة وزيادة تدريب الأفراد العسكريين».

ووقّع القادة المجتمعون رزمة من القرارات التي تنظم هيكلية التعاون وآليات التحرك. ورغم ذلك، رمى غياب أرمينيا بظلال ثقيلة على مستقبل المنظمة التي تتهمها يريفان بأنها أخفقت في تنفيذ أحد بنود ميثاقها الداخلي الذي ينص على التدخل الفوري لمساعدة أي عضو يتعرض لعدوان خارجي، في إشارة إلى الحرب مع أذربيجان التي نأت منظمة الأمن الجماعي بنفسها عنها.

وسارت يريفان خلال لقاء الخميس خطوة إضافية لإظهار ابتعادها عن المجموعة؛ إذ رفضت إدراج بند على جدول أعمال القمة حول «الدعم الجماعي لأرمينيا» في خطوة زادت من ترجيح احتمال انسحاب أرمينيا من المجموعة قريباً.

في المقابل، بدا رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو الذي ترأست بلاده هذه القمة، واثقاً من أن الخطوات المتخذة سوف تعزز تماسك المنظمة وعملها المشترك في ظروف المواجهة الحالية التي تخوضها موسكو ومينسك مع الغرب. ولوّح لوكاشينكو خلال كلمة ختامية بخطوات جديدة قد تتخذها المجموعة على صعيد نشر أسلحة ومكونات عسكرية.

وزاد لوكاشينكو في إشارة لافتة إلى أن «الأسلحة النووية وحدها هي التي تضمن الأمن في المنطقة وتعطي القدرة على إعلاء الصوت على الساحة الدولية». وكانت موسكو نشرت في وقت سابق مكونات نووية على أراضي بيلاروسيا المجاورة. وقال لوكاشينكو إن تلك الخطوة ارتبطت بتحركات الأطلسي على طول الحدود مع أوروبا.

وأوضح: «لقد كنا نراقب المناورات الدفاعية المزعومة لدول (الناتو) لفترة طويلة. ومنذ أن تم إزالة الأسلحة النووية من بيلاروسيا في عام 1996 سارت التطورات في منحى لا يخدم الأمن الجماعي لنا، وراقبنا تمدد (الناتو) إلى الشرق». وأضاف، أن «الاتهامات حول نشر أسلحة نووية تكتيكية روسية في بلدنا، سخيفة. لأننا لا نهدد أي طرف، لكن الواقع اليوم هو أن وجود الأسلحة القوية وحده هو الذي يضمن الأمن في المنطقة».

في غضون ذلك، لم يتم الكشف خلال القمة عن تفاصيل اتفاق حول إنشاء منظومة دفاع جوي مشتركة لبلدان المجموعة الأمنية. وهو أمر كان بوتين تطرق إليه عشية توجهه إلى مينسك، عندما أعلن أن «قضية تشكيل نظام دفاع جوي موحد لدول منظمة معاهدة الأمن الجماعي، دخلت مراحل تنفيذها الأخيرة»، وأوضح أن «موسكو تواصل هذا العمل وقد سلمت مؤخراً بطاريتين من صواريخ (إس - 300) لطاجيكستان». وزاد، أن بلاده «مستعدة لاستكمال عمليات تسليم المعدات اللازمة للبلدان الأخرى لتعزيز هذا النظام المشترك».

إلى ذلك، قال الكرملين: إن الزعماء الحاضرين في مينسك «ناقشوا بشكل مستفيض قضايا التفاعل في المنظمة، بما في ذلك تحسين نظام الأمن الجماعي، فضلاً عن المشاكل الدولية والإقليمية».

وبالإضافة إلى ذلك، تطرق الحوار إلى تنسيق السياسة الخارجية، والتعاون العسكري، ومكافحة الإرهاب الدولي، ومكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى قضايا الأمن البيولوجي.

ونص البيان الختامي على تأكيد تطابق المواقف حيال السياسات الخارجية والملفات الإقليمية الساخنة، وبينها الوضع حول الحرب في الشرق الأوسط، ودعا القادة المجتمعون إلى وقف النار في غزة بأسرع وقت وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية. وكان وزراء الدفاع والخارجية ولجنة أمناء مجالس الأمن لدول منظمة معاهدة الأمن الجماعي عقدوا اجتماعات تمهيدية نسقت الوثائق المشتركة للقمة. وقال الأمين العام للمنظمة: إن المجموعة أنجزت خطتها السابقة ووضعت آليات للتحرك المشترك خلال المرحلة المقبلة.


مقالات ذات صلة

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)

«الناتو»: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا

أكّد حلف شمال الأطلسي الخميس أنّ الصاروخ البالستي الفرط صوتي الجديد الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا "لن يغيّر مسار الحرب".

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في سوتشي بروسيا 18 مايو 2018 (رويترز)

ماذا قالت ميركل في مذكراتها عن بوتين وترمب وأوكرانيا؟

بعد ثلاثة أعوام على تقاعدها عادت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إلى الأضواء بكتاب مذكرات عن حياتها تحدثت فيه عن أوكرانيا وعلاقتها ببوتين وترمب

راغدة بهنام (برلين)
الولايات المتحدة​ يدلي القائم بأعمال المدعي العام آنذاك مات ويتاكر بشهادته أمام لجنة القضاء في مجلس النواب الأميركي بشأن الرقابة على وزارة العدل في مبنى الكابيتول في العاصمة الأميركية واشنطن 8 فبراير 2019 (أ.ف.ب)

ترمب يختار مات ويتاكر سفيراً لأميركا لدى حلف الناتو

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الأربعاء)، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا نظام مدفعية آرتشر من فوج المدفعية الملكية التاسع عشر التابع للقوات المسلحة البريطانية يطلق النار أثناء تدريب على إطلاق النار الحي في 18 نوفمبر 2024 في لابلاند الفنلندية (أ.ف.ب)

الجيش البريطاني يطلق مدفعاً جديداً للمرة الأولى خلال مناورة للناتو

قام جنود الجيش البريطاني بإطلاق مدفع جديد، يستخدم لأول مرة، وذلك خلال مناورة تكتيكية لحلف الناتو بفنلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم أمس (الجمعة)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة في أعقاب الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو: «عندما يبدأ شخص ما في استخدام دول أخرى ليس فقط للإرهاب، ولكن أيضاً لاختبار صواريخهم الجديدة من خلال الإرهاب، فإن هذه بالتأكيد جريمة دولية».

وقال زيلينسكي إن سلوك روسيا «يسخر» من مواقف الصين ودول الجنوب العالمي الداعية إلى الاعتدال. داعياً مرة أخرى إلى رد فعل قوي من المجتمع الدولي.

كما وجه زيلينسكي نداء إلى مواطنيه والدبلوماسيين الأجانب العاملين في كييف. وقال إن أوكرانيا تعمل على تعزيز دفاعها الجوي. ومع ذلك، يجب أن يؤخذ كل إنذار بغارة جوية بشكل جدي، ويجب الاحتماء في حالة الخطر.

وفي الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغي استخدام التهديد المحتمل من هجوم صاروخي روسي كذريعة للتوقف عن العمل، في إشارة إلى السفارات المغلقة جزئياً في البلاد.

وأضاف: «عندما تنطلق صفارة الإنذار، نذهب للاحتماء. وعندما لا تكون هناك صفارة إنذار، نعمل ونخدم»، مشيراً إلى أن بوتين سيواصل ترويع أوكرانيا «لقد بنى قوته الكاملة على هذا».