تركيا تطالب الاتحاد الأوروبي بجهود «صادقة» لتفعيل آليات الحوار

أزمة جديدة مع اليونان حول جزيرة صغيرة في بحر إيجه

فيدان بحث مع مفوض شؤون الجوار والتوسع بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي في أنقرة الشهر الماضي استئناف مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي (الخارجية التركية )
فيدان بحث مع مفوض شؤون الجوار والتوسع بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي في أنقرة الشهر الماضي استئناف مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي (الخارجية التركية )
TT

تركيا تطالب الاتحاد الأوروبي بجهود «صادقة» لتفعيل آليات الحوار

فيدان بحث مع مفوض شؤون الجوار والتوسع بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي في أنقرة الشهر الماضي استئناف مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي (الخارجية التركية )
فيدان بحث مع مفوض شؤون الجوار والتوسع بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي في أنقرة الشهر الماضي استئناف مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي (الخارجية التركية )

جددت تركيا مطالبتها الاتحاد الأوروبي بالقيام بجهود صادقة؛ لتفعيل آليات الحوار، وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، وتحرير تأشيرة دخول دوله (شنغن) لمواطنيها، والوفاء بالتزاماته بموجب اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين.

وأكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي الموقّعة بين بلاده والاتحاد الأوروبي عام 1995 وإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة «شنغن»، هما أولوية بالنسبة لتركيا.

وقال فيدان، خلال اجتماع في أنقرة ليل الاثنين - الثلاثاء، مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي نيكولاوس ماير لاندروت، وسفراء دوله لدى تركيا: «لقد أظهرنا عزمنا بهذا الصدد، ونولي أهمية للرسائل الإيجابية من الاتحاد الأوروبي، ولكن يجب تنفيذها».

وكان الجانبان التركي والأوروبي اتفقا، خلال زيارة مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي، في 7 سبتمبر (أيلول) الماضي، على استئناف مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، خلال أسبوع، لكن لم تعقد المفاوضات حتى الآن.

ويمثل تحديث الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ في مطلع عام 1996، مطلباً متكرراً لتركيا في السنوات الماضية؛ بسبب اقتصارها على السلع الصناعية والمنتجات الزراعية المعالجة.

وشدد فيدان على ضرورة تفعيل آليات الحوار والتعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وأن يظهر الاتحاد الأوروبي جهوداً صادقة بهذا الشأن. وقال: «ننتظر أيضاً إزالة العوائق التي تؤخر حصول مواطنينا على تأشيرات الدخول بشكل فوري، وأن تكون التأشيرات الممنوحة متعددة الرحلات وطويلة الأمد».

فيدان التقى سفراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة لبحث علاقات بلاده مع التكتل (الخارجية التركية )

وفي ما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية، أكد الوزير التركي ضرورة أن يقوم الاتحاد الأوروبي بالوفاء بالتزاماته بموجب اتفاقية 18 مارس (آذار) 2016 بشأن الهجرة، وتقاسم أكبر للأعباء.

وتشتمل اتفاقية الهجرة على 3 بنود مرتبطة ببعضها حول الهجرة وإعادة قبول طالبي اللجوء، خصوصاً من اليونان التي تعد البوابة الأولى لأوروبا من الجانب التركي، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك لدول الاتحاد (شنغن)، كما تم بموجبها تخصيص مساعدات مالية لتركيا تصل إلى 6 مليارات يورو، للمساهمة في تحمل أعباء اللاجئين السوريين.

وترغب اليونان أيضاً في تحديث الاتفاقية وتوسيع نطاقها، لأنها أسهمت كثيراً في الحد من تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء إليها عبر تركيا.

وقال فيدان: «علينا أن نتعاون بشكل أقوى في مكافحة الإرهاب، فتركيا تلعب دوراً مهماً للغاية في حل المشكلات في محيطها»، معرباً عن أمله في أن يتعامل الاتحاد الأوروبي مع تركيا «برؤية جادة»، وأن يتخلى عن «الحسابات السياسية الضيقة».

أزمة بين اليونان وتركيا

في غضون ذلك، ظهرت بوادر أزمة جديدة بين الجارتين اليونان وتركيا، اللتين سعتا في الفترة الأخيرة إلى استئناف المحادثات حول الخلافات والملفات العالقة.

تركيا واليونان أجريتا مؤخراً محادثات على مستوى نواب وزيرَي الخارجية لبحث الملفات العالقة في بحرَي إيجه والمتوسط (الخارجية التركية )

وجاءت الأزمة الجديدة على خلفية تقارير صحافية يونانية، اتهمت تركيا بضم جزيرة صغيرة متنازع عليها في بحر إيجه، وإجراء تدريبات عسكرية عليها.

وزعمت التقارير اليونانية أن تركيا تجري اختباراً تجريبياً لتشغيل منظومة صواريخ «إس-400»، التي حصلت عليها من روسيا في صيف عام 2019 في جزيرة «الزرافة» الخاضعة للسيادة اليونانية، بدعم من طائرات «إف-16» وطائرات مسيّرة، بدأت الاثنين، وتستمر حتى الخميس.

وقالت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، (الثلاثاء)، إن أنقرة أرسلت مذكرة رسمية إلى أثينا أكدت فيها أن الجزيرة تخضع لسيادة تركيا.

وتقع جزيرة «الزرافة» الصخرية، التي تبلغ مساحتها 9 كيلومترات وتطل على ساحل يمتد لمسافة 32 متراً، بين بلديتي كوكجيدا في تشناق قلعة، وإنيز في ولاية أردنة في شمال غربي البلاد على الحدود مع اليونان، في المنطقة التي تتمتع فيها تركيا بحقوق سيادية حصرية.

وتضمنت مذكرة تركيا المرسلة إلى اليونان أن المنطقة التي بدأت فيها التدريبات تخضع لسيادتها، وضمن حدود منطقة «معلومات الطيران» في إسطنبول، وأن «السيادة اليونانية» التي تطالب بها أثينا على جزيرة الزرافة هي «احتلال»؛ لأن الجزيرة هي أرض تركية، وبالتالي فإنه يتم إجراء المناورات العسكرية عليها.

وتقول تركيا إن جزيرة الزرافة تقع ضمن المياه الإقليمية التي حددتها معاهدة لوزان عام 1923. ومن شأن هذا الوضع أن يعزز حقوق تركيا السيادية في بحر إيجه، بينما تدعي اليونان أن الجزيرة مُنحت لها بموجب معاهدة باريس للسلام عام 1947. وعدّت وسائل الإعلام اليونانية التدريبات التركية في الجزيرة أولَ تحدٍ من جانب تركيا في مئويتها الثانية.

وعقدت تركيا واليونان مباحثات في أثينا منذ نحو أسبوعين؛ لاستئناف الحوار بينهما حول الخلافات العالقة في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، إضافة إلى قضايا الهجرة.


مقالات ذات صلة

دفعة جديدة للتطبيع بين أنقرة ودمشق بعد زوال عقدة الانسحاب

شؤون إقليمية الأسد وإردوغان في دمشق قبل عام 2011

دفعة جديدة للتطبيع بين أنقرة ودمشق بعد زوال عقدة الانسحاب

تجددت الجهود لإحياء مسار محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، عقب إعلان الرئيس السوري بشار الأسد أن بلاده لا تضع انسحاب تركيا العسكري شرطاً للمفاوضات معها

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية.

بولا أسطيح (بيروت)
أوروبا وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية نانسي فايزر (الثانية من اليمين) تحضر الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان الألماني في برلين - الجمعة 30 أغسطس 2024 (أ.ب)

ألمانيا تباشر ترحيل اللاجئين المدانين بجرائم

رحّلت الحكومة الألمانية، أمس، 28 أفغانياً مدانين بارتكاب جرائم، وذلك للمرة الأولى منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة في 2021، في رسالة حازمة بشأن الهجرة.

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية تركيا تعدّ وجودها العسكري في سوريا ضماناً لوحدتها (إكس)

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

أكدت تركيا أن الحل الدائم الوحيد للأزمة السورية يكمن في إقامة سوريا تحكمها إرادة جميع السوريين مع الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر خلال الإعلان عن إجراءات مشددة بشأن حمل السكاكين في الأماكن العامة (أ.ف.ب)

ألمانيا تلغي المساعدات لبعض طالبي اللجوء بعد هجوم زولينغن

أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، أن الائتلاف الحاكم في البلاد اتفق على إلغاء المساعدات لفئة محددة من طالبي اللجوء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الرئيس الألماني يحضر حفل تأبين ضحايا هجوم زولينغن

المستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الداخلية نانسي فايزر يحضران مراسم وضع إكليل الزهور بفرونهوف لإحياء ذكرى ضحايا مهرجان زولينغن حيث قتل مهاجم ثلاثة أشخاص بسكين (د.ب.​​أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الداخلية نانسي فايزر يحضران مراسم وضع إكليل الزهور بفرونهوف لإحياء ذكرى ضحايا مهرجان زولينغن حيث قتل مهاجم ثلاثة أشخاص بسكين (د.ب.​​أ)
TT

الرئيس الألماني يحضر حفل تأبين ضحايا هجوم زولينغن

المستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الداخلية نانسي فايزر يحضران مراسم وضع إكليل الزهور بفرونهوف لإحياء ذكرى ضحايا مهرجان زولينغن حيث قتل مهاجم ثلاثة أشخاص بسكين (د.ب.​​أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الداخلية نانسي فايزر يحضران مراسم وضع إكليل الزهور بفرونهوف لإحياء ذكرى ضحايا مهرجان زولينغن حيث قتل مهاجم ثلاثة أشخاص بسكين (د.ب.​​أ)

أعرب الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير عن اعتقاده أن الدولة لم تتمكن في مدينة زولينغن من الوفاء بشكل كامل بـ«وعدها بتوفير الحماية والأمان».

مساعدون يضعون إكليلاً من الزهور في فرونهوف تخليداً لذكرى ضحايا هجوم مهرجان زولينغن (د.ب.​​أ)

جاء ذلك في تصريحٍ أدلى به الرئيس، خلال مراسم تأبين ضحايا الهجوم الذي يُشتبه في كونه إسلامي الدوافع بالمدينة الواقعة غرب ألمانيا.

وأكد شتاينماير أنه يجب التحقيق بشكل شامل في الجريمة والأخطاء وأوجه التقصير التي ربما أسهمت في عدم منع وقوع الجريمة.

وأضاف شتاينماير أن ألمانيا دولة توفر الحماية للأشخاص الفارّين من الاضطهاد السياسي والحروب، وتمنحهم اللجوء.

وقال: «نريد أن نُبقي هذه الدولة»، مشيراً إلى أن هذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا جرى تقليل عدد الأشخاص الذين يأتون دون أن يكون لهم حق في هذه الحماية. وقال إنه على طالبي اللجوء الالتزام «بالقوانين والأنظمة في بلادنا». وأوضح الرئيس الألماني أن هناك حاجة لبذل جهود كبيرة لتنفيذ القواعد الحالية، وتلك التي يجري وضعها حالياً، وأردف أن هذه مهمة ضخمة يجب أن تكون لها أولوية قصوى.

هندريك ويست رئيس وزراء شمال الراين ويستفاليا وتيم كورتزباخ عمدة زولينغن يحييان ذكرى ضحايا هجوم مهرجان زولينغن في مراسم وضع إكليل الزهور بفرونهوف (د.ب.أ)

وشدّد شتاينماير على ضرورة بذل جهد وطني شامل، وقال إن هذا ما يتوقعه الناس في ألمانيا، أن يجري بشكل يتجاوز الخلافات الحزبية والمستويات الرسمية. ورأى شتاينماير أنه ينبغي ألا يجري تحميل عبء نجاح الهجرة على عاتق الأشخاص المتفانين؛ مثل الموظفين في المدن والبلديات والمتطوعين وأفراد الشرطة، بالإضافة إلى كل الأشخاص الذين وصلوا بالفعل إلى حدود طاقتهم.

وأكد: «يجب ألا نُرهق ذوي النيات الحسنة». وأشار شتاينماير إلى أن هذه الجريمة أثّرت على البلاد بأكملها في جوهرها، ووصف ألمانيا بأنها «دولة ودية ومنفتحة ومتنوعة». وقال: «إن الجريمة أثّرت على مفهومنا لذاتنا بصفتنا أمة يعيش فيها الناس معاً بسلام، على الرغم من كل الاختلافات، ويرغبون في العيش معاً، سواء كانوا ممن يعيشون هنا منذ أجيال، أم أولئك الذين انضموا لاحقاً». وشدد الرئيس على أن الجاني في زولينغن «استهدف هذا الجوهر بكراهيته، مثلما فعل الجُناة قبله».

وإلى جانب شتاينماير، شارك في حفل التأبين، الذي أقيم في المسرح وقاعة الحفلات الموسيقية بالمدينة شخصيات مسؤولة؛ من بينها المستشار أولاف شولتس، ورئيسة البرلمان بيربل باس، ورئيس حكومة ولاية شمال الراين-ويستفاليا (التي تقع بها زولينغن) هندريك ويست، ووزير داخلية الولاية هربرت رويل، كما كانت إيلكه بودنبندر، قرينة الرئيس الألماني، بين حضور الحفل البالغ عددهم نحو 450 شخصاً.

وتحدّث شتاينماير مع أقارب ضحايا الجريمة، التي أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة ثمانية آخرين، وقال شتاينماير إن الألم الذي سبَّبه الحادث لا يمكن تحمله. وأضاف، موجهاً الحديث إلى أقارب الضحايا: «لا أستطيع، وكلنا لا يستطيع، تقدير حجم المعاناة التي تمرون بها، أيها الأعزاء من العائلات والأصدقاء، وما يجب أن تتحملوه، والجحيم الذي تعيشونه».