الاتحاد الأوروبي يحاول التركيز على أوكرانيا في ظل حرب غزة

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل (أ.ب)
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل (أ.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يحاول التركيز على أوكرانيا في ظل حرب غزة

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل (أ.ب)
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل (أ.ب)

بحث قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الجمعة، زيادة الدعم لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، بينما تتسلّط الأضواء دولياً على الحرب المستعرة في الشرق الأوسط.

وتجري المحادثات بشأن أوكرانيا في اليوم الثاني للقمة، بعدما هيمن التوصل إلى موقف أوروبي موحّد حيال الحرب بين إسرائيل و«حماس» على جدول أعمال اليوم الأول.

وأفاد رئيس الوزراء الآيرلندي ليو فارادكار، لدى وصوله: «من المهم أن تكون إحدى نتائج هذا الاجتماع ألا نفقد تركيزنا على أوكرانيا بسبب كل الأمور الأخرى التي تحدث في العالم، لا سيما في الشرق الأوسط».

وتابع: «سيكون من السهل جداً أن نخسر التركيز على الحرب في أوكرانيا، وينبغي ألا نفعل ذلك»، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

بعد سجالات استمرت ساعات، طالب القادة في وقت متأخر، يوم الخميس، بـ«ممرات إنسانية وهدن»؛ ليكون من الممكن إيصال المساعدات إلى غزة، والوصول إلى المدنيين العالقين في القطاع، وبينهم المئات ممن يحملون جوازات سفر أوروبية.

وبينما أدانت جميع بلدان الاتحاد الأوروبي بشدّة هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي شنّته «حماس»، وأثار النزاع الأخير وغير المسبوق في حدّته، تسود انقسامات في أوساط الدول الأعضاء إذ تدعم بعضها بقوة التحرّك العسكري الإسرائيلي، بينما تطالب أخرى بحماية المدنيين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي.

وتقصف إسرائيل قطاع غزة منذ أن عبرت عناصر «حماس» الحدود من غزة وقتلوا 1400 شخص، وخطفوا أكثر من 220 رهينة، وفق مسؤولين إسرائيليين.

وتفيد وزارة الصحة في غزة بأن القصف أودى بحياة أكثر من 7000 شخص بينهم العديد من الأطفال، ما أدى إلى دعوات متنامية لحماية الأبرياء العالقين في النزاع.

وتأجلت معظم النقاشات المتعلقة بأوكرانيا التي تصدّرت جدول أعمال قمم الاتحاد الأوروبي منذ الغزو الروسي في فبراير (شباط) العام الماضي، إلى يوم الجمعة، وإن كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتصل خلال جلسة الخميس.

وأعرب زيلينسكي عن دعمه جهود الاتحاد الأوروبي الرامية لمنع تحوّل المواجهة بين إسرائيل و«حماس» إلى حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، محذّراً من أن «أعداء الحرية يبدون اهتماماً كبيراً بالزج بالعالم الحر في جبهة ثانية».

كما دعم قادة الاتحاد الأوروبي مقترحاً إسبانياً لعقد مؤتمر «قريباً» لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وأفاد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل لدى وصوله، الجمعة: «ندرك جميعاً أن هذا الوضع خطير للغاية بالنسبة للمنطقة والعالم، لذلك نعمل بشكل نشط من أجل محاولة تجنّب تصعيد إقليمي».

وأشار إلى أن القضية الأهم لليوم الثاني للقمة هي أوكرانيا، في ظل مباحثات بشأن كيفية «تطويرنا المزيد من الدعم لأوكرانيا والمحافظة على، بل وتعزيز، الضغط على روسيا من خلال عقوباتنا».

موازنة الاتحاد الأوروبي

تعد خطة تقدّر قيمتها بنحو 20 مليار يورو (21 مليار دولار) على مدى 4 سنوات، لتخصيص صندوق دفاعي لأوكرانيا في إطار التزامات أمنية غربية أوسع من بين أهم إجراءات الاتحاد الأوروبي.

وتدعم جميع بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27 باستثناء المجر وسلوفاكيا زيادة الدعم المالي لأوكرانيا.

لكن الخطة جزء من مفاوضات أكبر على ميزانية التكتل بعيدة الأمد والتي يبدو أنها باتت قضية خلافية كبيرة بالنسبة للقمة المقبلة المقررة في ديسمبر (كانون الأول).

وتحض الدول التي تعد «مقتصدة» ضمن التكتل، على رأسها ألمانيا، إلى ضبط الإنفاق، إذ توصي بأن يأتي الإنفاق الإضافي المخصص لأوكرانيا وأولويات أخرى مثل الهجرة من إعادة توزيع أموال متوافرة أساساً.

لكن دولاً أخرى تقول إنه يتعيّن جمع مزيد من الأموال نظراً إلى تفاقم الأزمات في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي.

وقالت رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس: «أعتقد أننا بعيدون عن التوصل إلى اتفاق».

واتفق نظيرها السلوفيني روبرت غولوب معها على أن «النقاش في هذا الشأن سيكون مطوّلاً، وتعد النقاشات بشأن الموازنة الأكثر صعوبة على الدوام».

وأفاد رئيس مجموعة اليورو باسكال دونوهو لدى وصوله لقمة الجمعة: «من الواضح أن العالم يتغير حالياً. بدأت الاقتصادات تتغير. بدأت تتباطأ».


مقالات ذات صلة

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني المهدمة في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

تمسكت حركة «حماس» بمطلبها، اليوم الثلاثاء، بأن تنهي إسرائيل هجومها على قطاع غزة بالكامل بموجب أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

شدّدت السعودية على رفضها وإدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي الإنساني

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات التي توزعها «الأونروا» في «مخيم النصيرات» للاجئين بغزة 5 نوفمبر 2024 (أ.ب)

«الأونروا» تحذر من «شلل» الخدمات المقدمة لملايين اللاجئين الفلسطينيين

حذرت «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)» من أن عملياتها قد تتعرض للشلل.

«الشرق الأوسط» (غزة )
شؤون إقليمية مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، بعد وقت قصير من انطلاق صفارات الإنذار في مناطق من البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بالتجاوب مع جهود تشكيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
TT

اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)

يعوّل الكثير من قادة الاتحاد الأوروبي على العلاقة الخاصة التي بدا أنها تترسخ يوماً بعد يوم، بين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. لا، بل قد تعدّ علاقتها «الخاصة» أيضاً مع إيلون ماسك، حليف ترمب، الذي بدا أن الحكومة الإيطالية تجري محادثات مع شركته «سبيس إكس» بشأن صفقة بقيمة 1.6 مليار دولار تتعلق بخدمة الإنترنت «ستارلينك»، مدخلاً لتخفيف التوتر الذي بلغ أقصاه في الأيام الأخيرة، بعد تبادله الاتهامات والانتقادات مع الكثير من القادة الأوروبيين.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) ووزير الخارجية ماركو روبيو في مارالاغو السبت (إ.ب.أ)

ترمب وميلوني

ترمب كان التقى ميلوني، قبل يوم من تصديق الكونغرس الأميركي على فوزه في الانتخابات، لإجراء محادثات غير رسمية. وهو ما عدَّه المراقبون تأكيداً للتوقعات واسعة النطاق، بأن الزعيمة الإيطالية اليمينية المتشددة ستكون جزءاً لا يتجزأ من علاقة الاتحاد الأوروبي بالبيت الأبيض بعد تولي ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني). ووصف ترمب ميلوني، بعد محادثاتهما، بأنها «امرأة رائعة اجتاحت أوروبا حقاً».

ورغم أن علاقتها بترمب، قد تطورت في الواقع على خلفية معتقداتهما الشعبوية اليمينية، لكن مما لا شك فيه أن علاقتها بالملياردير ماسك، الذي بات يلعب دوراً كبيراً بعد اندماجه بحركة «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة)، قد تمكنها من ترسيخ علاقتها مستقبلاً بالحركة التي بناها ترمب، وباتت تفيض خارج الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك (أ.ب)

جسر دبلوماسي

وفي الواقع، لم يتمكن سوى عدد قليل من القادة الأوروبيين من كسب مثل هذا الود لدى ترمب، مثل ميلوني، حيث يتوقع أن تلعب دور «جسر دبلوماسي» بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب الكثير من وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية. وأضافت أن ميلوني، التي طوّرت ملفاً آيديولوجيا «غامضاً استراتيجياً»، فاجأت منتقديها بتطوير علاقات دافئة مع قادة أوروبيين أكثر وسطية، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. في المقابل، فإن هذا الغموض يضع ميلوني في وضع جيد لجلب «الترمبية» إلى أوروبا مع تحول القارة نحو اليمين على أي حال، كما زعم كاتب عمود في صحيفة «نيويورك تايمز».

إيلون ماسك (رويترز)

ومع ذلك، تواجه ميلوني مهمة موازنة علاقاتها الأميركية، مع القضايا الاقتصادية التي تهم إيطاليا. فهي لا تستطيع تحمل إبعاد حلفاء الاتحاد الأوروبي من خلال الميل إلى اليمين كثيراً، على حساب مصالح البلاد. ويزعم منتقدوها، سواء في إيطاليا أو في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، أن صفقة «ستارلينك» المقترحة، ستجعل روما تعتمد بشكل مفرط على إيلون ماسك. وذكر موقع «بوليتيكو» أن أحد الأعضاء الألمان التقدميين في البرلمان الأوروبي، كتب قائلاً إن الصفقة المقترحة، «تسلم الحكومة الإيطالية والدفاع والاتصالات العسكرية إلى فاشي بدائي لا يمكن التنبؤ به». إن صداقة ميلوني الواضحة مع ماسك تتعارض بشكل متزايد مع الطريقة التي ينظر بها القادة الأوروبيون الآخرون إليه.

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم بقصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

تحذيرات واتهامات

في الأيام الأخيرة ومع تصاعد نفوذه بشكل كبير في السياسة الأميركية، وسعيه للتأثير على الخارج، عبر انتقاده عدداً من زعماء العالم من خلال منصته «إكس» ذات التأثير الكبير، اتهم القادة الألمان والفرنسيون والبريطانيون ماسك بالتدخل السياسي وحتى التدخل في الانتخابات.

وأدان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الاثنين، ما عدّه «الأكاذيب والمعلومات المضللة» التي قال إنها تقوض الديمقراطية في المملكة المتحدة؛ وذلك رداً على سيل من الهجمات التي وجهها ماسك لحكومته، مقترحاً سجن ستارمر، ومتسائلاً عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة «تحرير» حليفتها.

وحث بعض كبار الساسة من الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة حلفاء ترمب بشكل خاص على إعادة التفكير في علاقته بإيلون ماسك بعد تعليقاته هذا الأسبوع، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ».

وتساءل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب أمام السفراء الفرنسيين عمن كان ليتخيل قبل عقد من الزمان «أن مالك إحدى أكبر الشبكات الاجتماعية في العالم سيدعم حركة رجعية دولية جديدة ويتدخل مباشرة في الانتخابات». لم يذكر ماكرون، الذي كانت تربطه في الماضي علاقة مع ماسك بالاسم، لكن كان واضحاً من هو المقصود.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في قصر الإليزيه مساء 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

ابتعد عن ديمقراطيتنا

وقوبلت تعليقات ماسك بغضب من الزعماء الألمان، حيث اتهمته برلين بمحاولة التأثير على الانتخابات المبكرة في البلاد الشهر المقبل في تعليقه على منصته، ومقال رأي كتبه يشيد بحزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتشدد.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إنه يظل «هادئاً» وسط انتقادات شخصية من ماسك، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، لكنه يجد أن «أكثر ما يثير القلق» أن ماسك خاض في السياسة الألمانية من خلال «دعم حزب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي هو في أجزاء متطرف يميني، ويدعو إلى التقارب مع روسيا بوتن ويريد إضعاف العلاقات عبر الأطلسي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (رويترز)

وحذَّر روبرت هابيك، مرشح حزب الخضر الألماني لمنصب المستشار، ماسك من التدخل في سياسة البلاد، قائلاً له: «سيد ماسك، ابتعد عن ديمقراطيتنا».

بدوره، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستور، الاثنين، إن «هذه ليست الطريقة التي ينبغي أن تكون عليها الأمور بين الديمقراطيات والحلفاء»، حسبما ذكرت وكالة «رويترز». وقال إنه «يجد من المقلق أن يتورط رجل يتمتع بإمكانية وصول هائلة إلى وسائل التواصل الاجتماعي وموارد اقتصادية ضخمة في الشؤون الداخلية لدول أخرى بشكل مباشر».