اشتعلت الجبهتان الشرقية والجنوبية في أوكرانيا، حيث أُعلن عن سقوط قتلى وجرحى بقصف روسي على خاركيف، وإحباط موسكو لعمليات أوكرانية في خيرسون، وذلك قبل أيام من انعقاد مؤتمر للسلام في مالطا.
وأعلنت السلطات المحلية الأحد مقتل ستة أشخاص وجرح 16 آخرين في قصف صاروخي أصاب مستودعاً لشركة بريد أوكرانية في منطقة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا. وشارك الرئيس فولوديمير زيلينسكي مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر ما يبدو أنه مستودع لحقت به أضرار كبيرة، وتحيط به الأنقاض، وحاوية تحمل شعار شركة البريد الأوكرانية «نوفا بوشتا».
وقال حاكم منطقة خاركيف أوليغ سينيغوبوف إن «القتلى الستة والجرحى الـ 14 نتيجة هجوم المحتلين كلهم من موظفي الشركة الذين كانوا داخل محطة نوفا بوشتا». وأضاف أن «الضحايا الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و42 عاماً أصيبوا بشظايا وجروح ناجمة عن انفجارات». وتابع أن سبعة من الجرحى الذين يخضعون للعلاج في المستشفى، في حالة خطرة، لافتاً إلى أن «الأطباء يكافحون من أجل إنقاذ حياتهم».
وأكدت وزارة الداخلية عدد القتلى، لكنها تحدثت عن 16 جريحاً. وقال سيرغي نوجكا الموظف لدى «نوفا بوشتا» إن إصابات بعض زملائه «طفيفة إلى متوسطة الخطورة»، مضيفا أن «البعض في حالة خطرة جدا». وأوضح أن صاروخاً «دخل المستودع المجاور ومستودعنا أيضا، وتطايرت النوافذ. هذه ليست المرة الأولى».
ووفق مكتب المدعي العام الإقليمي، أطلقت القوات الروسية في منطقة بيلغورود الروسية شمال خاركيف صواريخ «إس 300» أصاب اثنان منها المستودع. وقال المتحدث باسم المكتب دميترو شوبينكو لإذاعة «سوسبيلني» الحكومية الأوكرانية إن العمل مستمر في الموقع لـ«تحديد العدد الدقيق للجرحى».
كذلك، نقلت وكالة «رويترز» الأحد عن القوات الجوية أن دفاعاتها دمرت ست طائرات مسيرة هجومية وصاروخ كروز أطلقتها روسيا خلال الليل، مضيفة أن روسيا أطلقت في المجمل تسعة صواريخ كروز على أوكرانيا.
إحباط محاولات لعبور نهر دنيبرو
بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية الأحد إن قواتها أحبطت محاولات عدة لوحدات أوكرانية لعبور نهر دنيبرو في منطقة خيرسون في الجنوب. وأضافت الوزارة أنه تم اعتراض فرق «تخريب واستطلاع» أوكرانية أثناء محاولتها عبور النهر بالقرب من قرى بريدنيبروفسكي وتياهينكا وكرينكي. وقالت روسيا أيضا إنها دمرت معدات للأفراد لعبور المياه، ومركبات بالقرب من قرية ستانيسلاف.
وقال معهد دراسة الحرب، وهو مجموعة بحثية أميركية، يوم الجمعة، إن قوات أوكرانية اخترقت على ما يبدو الضفة الشرقية لنهر دنيبرو في خيرسون. واستعادت أوكرانيا السيطرة على أجزاء من منطقة خيرسون أواخر العام الماضي بعد احتلال روسي استمر شهورا. لكن القوات الروسية التي غادرت خيرسون تراجعت فقط إلى الجانب الآخر من نهر دنيبرو وتواصل قصف المدينة من هناك.
في سياق متصل، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن المتحدث باسم مجموعة «الشرق» القتالية التابعة للقوات المسلحة الروسية أوليغ تشيخوف، قوله إن المجموعة القتالية أحبطت محاولتين لتناوب القوات الأوكرانية في منطقة جنوب دونيتسك. وأضاف تشيخوف «في منطقة جنوب دونيتسك، أحبطت وحدات مجموعة الشرق القتالية، مدعومة بالمدفعية، محاولتين لتناوب القوات الأوكرانية قرب أوجليدار وإلى الشمال من نوفودنيتسك، وتم القضاء على مجموعة تخريبية أوكرانية بنيران المدفعية شمال مستوطنة بريوتنوي». وتابع أنه في اتجاه جنوب دونيتسك، أدت العمليات النشطة التي قامت بها وحدات مجموعة الشرق القتالية، وهجمات الطائرات الهجومية ونيران المدفعية إلى إلحاق أضرار بأفراد ومعدات اللواء الميكانيكي 72، واللواء الهجومي 79، ولواء المشاة الآلي 58، ولواء الدفاع الإقليمي 128 التابعة للجيش الأوكراني في مناطق قرب مستوطنات نوفوميخيلوفكا، وأروزهاينوي، وشيفتشينكو، وأوجليدار، وفوديانو، وستارومايورسكوي في إقليم دونيتسك، وكذلك بالقرب من مستوطنة بريوتنوي في منطقة زابوريجيا. وأوضح تشيخوف أن خسائر الجيش الأوكراني في منطقة جنوب دونيتسك خلال الـ24 ساعة الماضية بلغت 140 فرداً أوكرانياً وثلاث مركبات قتالية مدرعة. ولم يتسن التحقق من التقارير الميدانية من مصادر مستقلة.
«صيغة للسلام» في مؤتمر مالطا
وجاءت هذه التطورات الميدانية غداة إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه بحث مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، خلال اتصال هاتفي، صيغة للسلام في الاجتماع المرتقب في مالطا.
وكانت مالطا قد أعلنت الجمعة أنها ستستضيف اجتماعاً حول السلام بناء على طلب من الرئاسة الأوكرانية يومي 28 و29 أكتوبر (تشرين الأول)، علما أن اجتماعات مماثلة كانت عقدت في السعودية والدنمارك هذا العام. وكتب الرئيس الأوكراني على موقع «إكس» (تويتر سابقا) السبت «ناقشنا الجولة المقبلة من مفاوضات السلام في مالطا. وستشارك تركيا لتضيف صوتها وموقعها النافذ». وذكرت وسائل إعلام أوكرانية أن أي ممثل لموسكو لن يشارك في هذا الاجتماع. كما تطرق إردوغان وزيلينسكي إلى صادرات الحبوب الأوكرانية، وفق الأخير. وقال الرئيس الأوكراني إن «أوكرانيا لا تزال ملتزمة بدورها الحيوي بوصفها ضامنا للأمن الغذائي العالمي، وتسمح بتشغيل ممر الحبوب في البحر الأسود».
وأدت تركيا دور الوسيط في النزاع في أوكرانيا، وتوصلت كييف وموسكو، برعايتها إلى جانب الأمم المتحدة، إلى إبرام اتفاق العام الماضي يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية، الحيوية للأمن الغذائي العالمي. إلا أن موسكو علقت العمل بهذا الاتفاق في منتصف يوليو (تموز)، وحاولت تركيا منذ ذلك الحين إعادة الطرفين إلى التفاوض على أمل أن يؤدي ذلك إلى محادثات سلام أوسع بين أوكرانيا وروسيا. كما عبر زيلينسكي عن امتنانه لإردوغان على «دعمه الدائم لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها».