قمة غرناطة وعبء إصلاح الاتحاد الأوروبي

ميشال يتحدث عن تحديات وجودية بعد الحرب في أوكرانيا

أعلام دول الاتحاد الأوروبي خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (د.ب.أ)
أعلام دول الاتحاد الأوروبي خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (د.ب.أ)
TT

قمة غرناطة وعبء إصلاح الاتحاد الأوروبي

أعلام دول الاتحاد الأوروبي خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (د.ب.أ)
أعلام دول الاتحاد الأوروبي خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (د.ب.أ)

أكد رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، أن «الاتحاد بحاجة ماسة إلى الإصلاحات ليكون جاهزاً في المرحلة المقبلة التي تختلف كثيراً عن المراحل السابقة التي مرّ بها، سيّما وأنه اليوم أمام تحديات وجودية بعد الحرب الدائرة في أوكرانيا بسبب من العدوان الروسي عليها».

جاءت هذه التصريحات في لقاء عقده ميشال، مع مجموعة من وسائل الإعلام، من بينها «الشرق الأوسط»، عشية انطلاق أعمال القمة السياسية الأوروبية، وقمة الاتحاد الأوروبي، في مدينة غرناطة الأندلسية.

قال ميشال: «نأتي إلى غرناطة بعقلية جديدة لم تكن موجودة لدى الدول الأعضاء منذ أشهر، ونحن عازمون على أن تكون هذه القمة بداية لعملية توسعة الاتحاد التي أصبحت ظروفها ناضجة».

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يتحدث في مؤتمر صحافي ببروكسل في 30 يونيو 2023 (رويترز)

وعلى الرغم من أن ثمّة خمسة بنود رئيسية على جدول أعمال القمة، من الدفاع إلى الهجرة والاستقلالية الاستراتيجية والسياسة التنافسية، انصبّت معظم الأسئلة على ملفّ التوسعة، الذي اعترف ميشال بأنه محور اهتمامات القيادات الأوروبية في الوقت الراهن، معرباً عن ثقته في أن ترسي قمة غرناطة الخطوط العريضة لعملية انضمام الأعضاء الجدد إلى الاتحاد، على أن تحدد التوجهات والمبادئ الأساسية والجداول الزمنية في النصف الأول من العام المقبل خلال رئاسة بلجيكا الدورية للاتحاد. وكان رئيس المجلس الأوروبي صرّح مؤخراً، أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون جاهزاً في نهاية العقد الحالي لانضمام دول البلقان الست، إلى جانب أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا، ثم صدر تقرير عن مجموعة خبراء من فرنسا وألمانيا، أوصى بتسريع الإصلاحات في المؤسسات الأوروبية ليكون الاتحاد قادراً على استيعاب الأعضاء الجدد بحلول عام 2030.

وقال ميشال إن الدول المرشحة عليها أن تضاعف جهودها، وإنجاز الإصلاحات المطلوبة في سيادة القانون ومكافحة الفساد واستقلالية القضاء واحترام حرية الصحافة، لكنه اعترف بوجود أسباب تدفع هذه الدول إلى التشكيك بصدق نيات الاتحاد الذي تنتظر على أبوابه منذ سنوات.

وكان التقرير الذي وضعته مجموعة الخبراء الفرنسيين والألمان أوصى بضرورة اعتماد قاعدة الأغلبية في اتخاذ القرارات داخل المجلس الأوروبي، والتخلي عن قاعدة الإجماع التي تعادل علنياً حق النقض، لكنه شدد على أهمية وضع نظام عقوبات فاعلة ضد الدول التي تنتهك سيادة القانون، ودعا إلى خفض عدد المفوضين الأوروبيين الذي يبلغ حالياً ثمانية عشر، فضلاً عن الرئيسة وسبعة نواب لها، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية.

وشدد شارل ميشال، في حديثه، على أهمية فتح الحوار الرسمي حول التوسعة داخل المجلس، الأمر الذي كان يعد من المحرمات لأشهر خلت، وأن يترك إلى مرحلة لاحقة النقاش الذي كان حتى الآن يتعثر دائماً في بداياته بسبب من تمنع بعض الأعضاء عن الخوض فيه، خاصة وأن الآراء تتضارب حول ضرورة تعديل المعاهدات التأسيسية، أو المضي في عملية التوسعة من غير الانتظار لتعديلها.

مهاجرون غير شرعيين تحتجزهم السلطات الإسبانية في إحدى ضواحي غرناطة الأربعاء (إ.ب.أ)

ومن الملفات الشائكة الأخرى التي ستناقشها قمة غرناطة، ميثاق الهجرة الأوروبي الذي ما زال يتعثّر منذ سنوات، ويثير خلافات عميقة بين الدول الأعضاء التي بدا أنها توصلت إلى اتفاق لإنجازه مطالع الأسبوع الماضي. لكن إيطاليا رفضت في اللحظة الأخيرة التعديلات التي قدمتها فرنسا وألمانيا على نظام إدارة الأزمات الاستثنائية. وأعرب ميشال عن أمله في تذليل هذه العقبة الأخيرة خلال القمة، لكنه أعرب عن خشيته من أن يؤدي النقاش حول موضوع الهجرة إلى تعكير المناخ الإيجابي السائد لمقاربة ملف التوسعة «لأن الهجرة مسألة آيديولوجية بالنسبة لبعض الدول الأعضاء، ولها انعكاسات سياسية عميقة ليس من السهل تجاوزها».

وتقول مصادر دبلوماسية مطلعة إن الفكرة، التي تشق طريقها حالياً داخل المؤسسات الأوروبية حول التوسعة، هي الانضمام التدريجي الذي كانت اقترحته المفوضية منذ أشهر لانضمام أوكرانيا، وتعميمه على بقية الدول المرشحة. وتقوم هذه الصيغة، التي تحظى بدعم واضح من فرنسا ومن رئيس المجلس الأوروبي والمؤسسات الأخرى، على إشراك الأعضاء الجدد في مؤسسات تمثيلية مختلفة خلال مرحلة أولى انتقالية، وفي بعض جوانب السوق الموحدة، ثم الارتقاء بالانضمام حتى الوصول إلى العضوية الكاملة. لكن هذه الصيغة الهجينة تثير شكوكاً وتردداً بين بعض الدول الأعضاء، وحتى في داخل المفوضية، إذ يخشى معارضوها أن يكون الغرض منها في نهاية المطاف هو تأجيل انضمام الدول المرشحة لفترة أطول، وربما إلى أجل غير مسمّى، وفي أحسن الأحوال إنشاء أعضاء من الفئة الثانية في الاتحاد إلى جانب الفئة الأولى.

ويذكّر المشككون في مآل هذه الصيغة بأن فرنسا التي تقود حملة الترويج لها، كانت أشد المعترضين دائماً على توسعة الاتحاد في المرحلة الراهنة، وأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو صاحب فكرة إنشاء منظومة سياسية واسعة تضمّ جميع الدول الأوروبية، كان طرحها بعد أشهر قليلة من بداية الحرب في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»... وإنتاج كمية كبيرة منه

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»... وإنتاج كمية كبيرة منه

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية، وذلك بعد استخدامه لضرب أوكرانيا.

وقال بوتين، خلال اجتماع مع مسؤولين عسكريين بث التلفزيون وقائعه: «سنواصل هذه الاختبارات، وخصوصاً في الأوضاع القتالية، بحسب تطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا».

وأطلقت روسيا صاروخاً باليستياً فرط صوتي على منطقة دنيبرو في وقت مبكر الخميس. وأمر بوتين بإنتاج الصاروخ الذي يحلق بسرعة 10 ماخ؛ أي 10 أضعاف سرعة الصوت، بشكل تسلسلي. وأضاف أن روسيا تطور أنظمة متقدمة مماثلة.

وتابع، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن بحاجة إلى البدء بالإنتاج التسلسلي. القرار اتُّخذ فعلياً»، مشيداً بـ«القوة الخاصة لهذا السلاح».

وأضاف: «نظام الأسلحة الذي تم اختباره أمس هو ضمانة أخرى صادقة لوحدة أراضي روسيا وسيادتها».

وبحسب بوتين، فإنه لا يوجد دولة أخرى في العالم تملك تكنولوجيا صواريخ مماثلة. ولكنه أقر بأن دولاً أخرى ستطورها قريباً.

وتابع: «سيكون ذلك غداً، بعد عام، أو عامين. ولكن لدينا هذا النظام الآن. وهذا مهم».

وجاء اجتماعه المقرر مع وزير الدفاع والمسؤولين عن تطوير الصاروخ، في نهاية أسبوع شهد تصعيداً سريعاً للنزاع في أوكرانيا.

وأعلن الرئيس الروسي أن إطلاق الصاروخ «أوريشنيك» كان رداً مباشراً على استخدام قوات كييف للصواريخ التي زودتها بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد الأراضي الروسية لأول مرة.