شكرية باركزاي لـ«الشرق الأوسط»: كنت على قائمة المكروهين لدى «طالبان»

النائبة الأفغانية السابقة قالت إن خروجها من كابل كان بجهد بريطاني كبير

السفيرة والنائبة الأفغانية السابقة شكرية باركزاي (خاص - الشرق الأوسط)
السفيرة والنائبة الأفغانية السابقة شكرية باركزاي (خاص - الشرق الأوسط)
TT

شكرية باركزاي لـ«الشرق الأوسط»: كنت على قائمة المكروهين لدى «طالبان»

السفيرة والنائبة الأفغانية السابقة شكرية باركزاي (خاص - الشرق الأوسط)
السفيرة والنائبة الأفغانية السابقة شكرية باركزاي (خاص - الشرق الأوسط)

قالت السفيرة الأفغانية السابقة لدى النرويج والحقوقية والنائبة البرلمانية البشتونية العرق شكرية باركزاي لـ"الشرق الأوسط" إنها كانت على «قائمة المكروهين لدى (طالبان)، وكانوا يبحثون عني بعد سقوط كابل، في أغسطس (آب) 2021، إلى أن تمكنت من مغادرة العاصمة الأفغانية بفضل مساعدة البريطانيين».

كانت باركزاي قد تعرضت لتفجير انتحاري بسيارة مفخخة في عهد الرئيس السابق أشرف غني، الذي أدان العملية الإرهابية، وكانت ضمن وفد برلماني قرب مقر البرلمان بالعاصمة كابل، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.

أجرت «الشرق الأوسط» حواراً من قبل مع الحقوقية الأفغانية باركزاي مرتين؛ إحداهما تحت قبة البرلمان بمنطقة كارتي سيه، غرب العاصمة كابل، في عام 2009، بعد أن قدمني إليها الشيخ يونس قانوني رئيس البرلمان السابق، الذي يتحدث العربية بطلاقة، وكان يشغل منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية كرزاي، قالت وقتها لـ«الشرق الأوسط» إذا عادت «طالبان» إلى الحكم، فإنها ستغادر أفغانستان مع أطفالها بتذكرة ذهاب دون عودة، لأن هؤلاء يريدون من النساء العودة إلى الصفوف الخلفية. والنائبة السابقة باركزاي على العهد لم تتغير حتى بعد نجاتها وخروجها من كابل في انتقادها لـ«طالبان».

« نساء أفغانستان ... جرى محوهن من الحياة «العامة»... من العمل والتعليم والفضاء الاجتماعي والسياسة»

فشل الهجوم الذي وقع على مسافة أمتار من مقر البرلمان في كابل في تحقيق هدفه بقتل البرلمانية والصحافية الأفغانية، لكنه يأتي في إطار سلسلة من الهجمات تعرضت لها أفغانستان. وأدى الانفجار إلى مقتل 3 مدنيين وإصابة 22 آخرين، جلهم من الطلبة الجامعيين؛ وتسبب بتحطيم زجاج المكاتب والبيوت القريبة.

تقول باركزاي رداً على أسئلة «الشرق الأوسط»، من خلال رسائل صوتية عبر «واتساب» حيث توجد في مكان ما بالعاصمة لندن: «(طالبان) ليست وحدها التي كانت تهددني، بل أيضاً مافيا الفساد ورجال الأعمال الذين فضحتهم تحت قبة البرلمان من قبل، وكذلك قادة الجهاد الأفغاني أعضاء البرلمان الذين يريدون عودة المرأة مرة أخرى إلى كواليس المطبخ». وأوضحت: «هم يكرهونني، وأنا أعرف ذلك مقدماً، لكني لم أكن ألتفت كثيراً إلى انتقاداتهم».

السفيرة والنائبة الأفغانية السابقة شكرية باركزاي (خاص - الشرق الأوسط)

وعن تقييمها للأوضاع في أفغانستان اليوم، تقول باركزاي: «يعيش الناس في أفغانستان اليوم تحت حكم جماعة (طالبان)، وليس لدى هذه الجماعة أي نوع من التعريف لنمط الدولة الذي ينتهجونه، ونمط الحقوق والواجبات الذي يتمتع به المواطنون، وما يمكن لـ(طالبان) كحكومة فعلية أن تقدمه (للشعب). أضف إلى ذلك أن نظام (طالبان) لم ينل أي نوع من الاعتراف من المجتمع الدولي والدول المجاورة. أما نساء أفغانستان، فقد جرى محوهن من الحياة (العامة)، من العمل والتعليم والفضاء الاجتماعي والسياسة. ويكشف لنا التغيير الدراماتيكي في أفغانستان، للأسف، التحديات العميقة التي تجابهها أفغانستان».

السفيرة والنائبة الأفغانية السابقة شكرية باركزاي (خاص - الشرق الأوسط)

وعن وضع المرأة داخل أفغانستان في ظل حكم «طالبان» اليوم مقارنة بالحال من قبل، تقول باركزاي: «كنت في أفغانستان عندما استولت (طالبان) على السلطة. ومكثت هناك أياماً قليلة تحت حكم الحركة في مطار كابل خلال عمليات الإجلاء في أغسطس 2021، إلى أن تمكنت من الخروج عبر طائرة عسكرية إلى مطار برايز نورتون في بريطانيا. ولم أكن شخصاً يمكنه إخفاء اسمه أو وجهه أو صوته، فقد كنت مألوفة للغاية للشعب الأفغاني، بما في ذلك أعضاء (طالبان). وكان ذلك بمثابة تحدٍ كبير أمامي، وكان أعضاء (طالبان) يتعقبونني. وكنت على قائمتهم المقيتة، بل على رأس القائمة. وخلق ذلك رغبة داخلي في عدم الانسحاب من ساحة المعركة. إنها حرب. ولحسن الحظ، بذلت المملكة المتحدة كثيراً من الجهد من أجلي داخل أفغانستان، و(في نهاية الأمر) جرى إجلائي إلى لندن بجهود البريطانيين والأميركيين».

«إنهم يعادون رأيي باعتباري امرأة مسلمة. وكذلك يعادون حقوقي باعتباري إنساناً، فكيف يمكنني العمل معهم؟!»

وعن حياتها وأطفالها الذين قالت من قبل إنها أرسلتهم للتعليم في إحدى العواصم الأوروبية، توضح: «أنا أم لـ5 أطفال. وابنتي الكبرى متزوجة وتعمل في مجال الطب. أما ابنتي الثانية فتدرس في الجامعة، بينما تستعد ابنتي الثالثة للالتحاق بالجامعة. لحسن الحظ، لم يقرر أي من أبنائي العمل بالمجال السياسي، لأنهم ربما يدركون كيف ستكون حياة السياسي. ومع ذلك، فإنهم جميعاً نشطاء بمجالي حقوق المرأة وحقوق الإنسان. كما أنهم يبدون اهتماماً أكبر بالبيئة. لذلك، فإنهم يدركون ما يعنيه أن يكون المرء مواطناً مسؤولاً. وفيما يخص العمل مع وسائل الإعلام، مثل المكان الذي بدأت منه، ربما لا يكون هذا شيئاً يرغبون في اختياره. أما في ما يتعلق بأبنائي الذكور، فإن ابني البالغ 12 عاماً يبدي شغفاً كبيراً تجاه المحاماة».

وعن اليوم الذي تعرضت فيه لهجوم وإصابتها في كابل قبل أن تغادر أفغانستان لاحقاً، تقول: «أتذكر يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، كان الوقت صباحاً، تحديداً الساعة العاشرة، وأتذكر كيف كان المرء يتكبد ثمناً باهظاً مقابل ارتفاع صوته ضد أمراء الحرب وأباطرة المخدرات و(طالبان)، أي ضد صور التطرف كافة. لم يكن هذا الهجوم الأول ضدي، لكنه جاء بمثابة جرس إنذار للنساء الأخريات داخل أفغانستان. اللافت أنه جرى تدبير هذا الهجوم الانتحاري بذكاء بالغ، ربما بالتعاون مع مجموعات مختلفة. وإذا عاينت صورة انهيار أفغانستان، يمكنك أن ترى التعاون الوثيق بين حلفاء (طالبان) داخل الحكومة. وكي أكون صادقة معك، حتى يومنا هذا لا أعد من بين الوجوه اللطيفة أو الودودة لدى (طالبان) أو المجاهدين السابقين أو مافيا المخدرات. الحقيقة أنني لا أروق لهم، ولا يروقون لي».

وحول تقييمها لـ«طالبان» بين قيادات المجاهدين الذين حكموا أفغانستان في السابق، أشارت بالقول: «إنهم جميعاً الأسوأ. لم يتحمل أي منهم النقد، لكن (طالبان) أشد تطرفاً بين ردود أفعالهم مقارنة بالمجاهدين، بسبب الضرب الذي تمارسه (طالبان) والتحرش الجنسي والتحرش العقلي ووضع النساء والرجال والصحافيين ونشطاء حقوق المرأة ونشطاء حقوق الإنسان في السجن دون أي هيكل قضائي.

كان المجاهدون وعصابات المخدرات متطرفين أيضاً، لكن على نحو خاص بهم، إلا أن القوة التي تبديها (طالبان) اليوم، تعود لسيطرة الجماعة على أراضي أفغانستان، ولم يسبق أن جرى استغلال مثل هذه السيطرة قط ضد إرادة الشعب كما تستغلها (طالبان)، اليوم. إنهم لا يحبون أي نوع من النقد، بل لا يحبون النصيحة».

وتضيف: «لديّ اقتناع بأن (طالبان) تجد من يدعمون الحركة تحت مسمى التعاون معها. بالطبع، انخرطوا في هذا التعاون قبل اتفاق الدوحة، لكن هذا النوع من التعاون الدبلوماسي ينقل الجماعة إلى وضع مختلف، ويبقي بلادهم والدول الغربية راضية عن سياساتهم. من جانبي، أشعر بالسوء باعتباري مواطنة أفغانية، لأن بلدي أصبح ملعباً لجميع القوى الكبرى خلال فترة العقود الأربعة ونصف العقد الماضية. على وجه الخصوص، تحاول الأطراف الفاعلة داخله استعراض قوتها وتدمير الشعب الأفغاني».

وحول إن كانت في المستقبل ستقبل وظيفة لدى «طالبان»، توضح: «من جانبي، لا أحب أن أعمل يوماً مع (طالبان) إذا ظلوا على صورتهم الحالية، ذلك أنهم يعادون النوع الذي أنتمي إليه باعتباري امرأة. كما أنهم يعادون رأيي باعتباري امرأة مسلمة. وكذلك يعادون حقوقي باعتباري إنساناً، فكيف يمكنني العمل معهم؟! حتى وجودي غير مقبول لديهم، إن نوعي هو سبب التمييز المنهجي في نظام الفصل بين الجنسين القائم بأفغانستان اليوم. لذا أجد من غير المقبول مجرد التفكير في الأمر».

وهل «طالبان» هي معركتها الأخيرة؟ تقول باركزاي: «لقد صدمت في الفترة الأخيرة عندما رأيت إحدى النسويات التي تعمل مع واحدة من المنظمات الدولية، تصف الوضع في أفغانستان بأن كل شيء على ما يرام، بما في ذلك حقوق المرأة. أعتقد أن أولئك الذين يمثلون (حقاً) شعب ونساء أفغانستان على أساس القيم سيقفون معي.

فوضى الانسحاب الأميركي من أفغانستان بعد سيطرة «طالبان» على كابل، أغسطس 2021 (متداولة)

هذه هي المعركة التي نرغب في مواصلتها، ونأمل أن نكون الجانب المنتصر، وليس الخاسر. هذه ليست المعركة الأولى التي أخوضها، ففي عهد المجاهدين، وفي عهد (طالبان)، وفي زمن كرزاي، وفي زمن أشرف غني، ظلت القضية هي نفسها. الحقيقة أن قبول المرأة في مجتمع يهيمن عليه الذكور مثل أفغانستان ليس بالمهمة السهلة، لكنني لن أستسلم أبداً. لن نتنازل، ليس أنا فقط، وإنما أتحدث عن نساء أفغانستان. وبالطبع، سيكون لدينا مزيد من النساء داخل البرلمان إذا أُجريت انتخابات نزيهة».


مقالات ذات صلة

السجن السوري الكبير... بيروقراطية القتل و«بازار» الابتزاز

خاص منير الفقير عضو مؤسس «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا» في جولة على سجنه مع «الشرق الأوسط» play-circle 08:45

السجن السوري الكبير... بيروقراطية القتل و«بازار» الابتزاز

صيدنايا رأس جبل جليد دونه أفرع أمنية ومعتقلات لا تقل رعباً وقسوة موزعة في أحياء دمشق السكنية. ناجٍ من صيدنايا يدخل أفرع الموت مع «الشرق الأوسط» ويروي وقائع من كابوس الاعتقال.

بيسان الشيخ (دمشق)
العالم عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

أعلنت لجنة حماية الصحافيين، الخميس، أنّ عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية 2024، حيث احتلّت إسرائيل المرتبة الثانية في سجن الصحافيين، بعد الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس)

السعودية: تشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان

صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، القاضي بتشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان في دورته الخامسة لمدة أربع سنوات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (إ.ب.أ)

لأول مرة... المفوض السامي لحقوق الإنسان يزور سوريا

وصل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى العاصمة السورية دمشق اليوم (الثلاثاء) في أول زيارة يقوم بها إلى البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا سودانيون يحاولون الدخول إلى حافلة في بورتسودان (أ.ف.ب)

بلينكن يؤكد ارتكاب «الدعم السريع» إبادة في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تأكدت أن أعضاء «قوات الدعم السريع» والجماعات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان.


الرئيس القبرصي: مسؤولون أميركيون يزورون الجزيرة لدرس تطوير القدرات الدفاعية

الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس (إ.ب.أ)
الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس القبرصي: مسؤولون أميركيون يزورون الجزيرة لدرس تطوير القدرات الدفاعية

الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس (إ.ب.أ)
الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس (إ.ب.أ)

قال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس، اليوم السبت، إن مسؤولين أميركيين سيزورون قبرص قريبا لمناقشة تطوير البنية التحتية العسكرية، وذلك بعد أيام من قرار تاريخي اتخذته واشنطن بتعزيز التعاون العسكري مع الجزيرة.

تتمتع قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، بموقع استراتيجي في الشرق الأوسط الذي يشهد تقلبات. وكان لها دور رئيسي في إجلاء المدنيين من المنطقة خلال كثير من فترات تصاعد التوتر. كما أنشأت ممرا للمساعدات الإنسانية إلى غزة خلال الحرب قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الأسبوع الماضي.

وقال خريستودوليديس على هامش مؤتمر في برلين إن المسؤولين الأميركيين سيزورون قاعدة جوية على الساحل الغربي للجزيرة في إطار محادثات لتطويرها. وأضاف: «أهدافنا تتوافق في إطار تعزيز العلاقات عبر الأطلسي»، علماً أن الجزيرة ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وكشف أن السلطات تعمل أيضا على تطوير قاعدة بحرية في جنوب الجزيرة يمكن أن يستخدمها حلفاء قبرص الأوروبيون.

وانقسمت الجزيرة منذ غزو تركيا في عام 1947 بعد انقلاب لفترة وجيزة بإيعاز من اليونان. وتواجه مساعي قبرص لتطوير قدراتها الدفاعية المتواضعة مراقبة لصيقة من تركيا التي تنتقد الاتفاق الدفاعي بين قبرص والولايات المتحدة.