فرنسا تشيّع نائل وسط تواصل أعمال الشغب

ماكرون يرجئ زيارة دولة إلى ألمانيا... والسلطات تعتقل مئات مثيري الشغب

ضابط من الوحدة الخاصة RAID يقف فوق سيارة مدرعة في ليل (رويترز)
ضابط من الوحدة الخاصة RAID يقف فوق سيارة مدرعة في ليل (رويترز)
TT

فرنسا تشيّع نائل وسط تواصل أعمال الشغب

ضابط من الوحدة الخاصة RAID يقف فوق سيارة مدرعة في ليل (رويترز)
ضابط من الوحدة الخاصة RAID يقف فوق سيارة مدرعة في ليل (رويترز)

بعد أيام من قتله برصاصة شرطي مرور، شُيّع في ضاحية نانتير الباريسية، السبت، الشاب نائل في مراسم اتّسمت بالهدوء، واقتصرت على عائلته والمقربين منه. في غضون ذلك، أجبرت أعمال الشغب والعنف والنهب التي فجّرها مقتل الشاب الذي يبلغ 17 عاماً، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إرجاء زيارة الدولة المقررة إلى ألمانيا، فيما تزداد الدعوات من اليمين واليمين المتطرف لفرض قانون الطوارئ.

جنازة هادئة

تجمّعت أسرة وأصدقاء الشاب نائل م.، الذي أشعل مقتله برصاص الشرطة اضطرابات عنيفة، لتشييع جثمانه السبت في ضاحية نانتير بباريس، حيث لقي حتفه. واصطف مئات عدة لدخول مسجد نانتير الكبير، الذي كان يحرسه متطوعون يرتدون سترات صفراء، بينما تابع المشهد بضع عشرات من المارة من الجانب الآخر من الشارع. وانتظم المشيّعون في الشارع لأداء صلاة الجنازة. وقالت سلسبيل، وهي شابة من أصل عربي، لوكالة «رويترز» إنها جاءت للتعبير عن دعمها لأسرة نائل. وأضافت: «أعتقد أنه من المهم أن نقف جميعاً معاً».

جانب من «المسيرة البيضاء» التي دعت إليها والدة نائل في نانتير في 29 يونيو (أ.ف.ب)

ومن جهتها، قالت ماري (60 عاماً) إنها عاشت في ضاحية نانتير لمدة 50 عاماً، وإن المشكلات مع الشرطة دائمة. وأضافت: «يجب أن يتوقف ذلك تماماً. الحكومة منفصلة تماماً عن واقعنا».

وقُتل نائل، وهو من أصل جزائري - مغربي، برصاص الشرطة يوم الثلاثاء عند نقطة تفتيش مروري بضاحية نانتير. وأذكت وفاة الشاب التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من المناطق الحضرية التي يقطنها أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة بالعنف والعنصرية والتمييز الذي تمارسه الشرطة. وقال شاب طلب عدم نشر اسمه: «إذا كان لون بشرتك غير مناسب، فإن الشرطة ستكون أكثر خطورة عليك»، مضيفاً أنه كان من أصدقاء نائل.

تعزيزات أمنية

نشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعدة عربات مدرعة خلال ليلة الجمعة - السبت للتصدي لأسوأ أزمة تواجه الرئيس إيمانويل ماكرون منذ احتجاجات «السترات الصفراء»، التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018. وألقت الشرطة الفرنسية القبض على أكثر من 1300 شخص خلال الليلة الرابعة من أعمال الشغب، التي قالت إنها كانت «أقل حدة» من الليلة السابقة.

موظفا مطعم يخمدان حريقاً أضرمه متظاهرون في نانتير (د.ب.أ)

ونهب لصوص عشرات المتاجر، وأضرموا النار في نحو ألفي سيارة منذ اندلاع أعمال الشغب، التي امتدت من نانتير إلى باريس ومرسيليا وليون وتولوز وستراسبورغ وليل.

وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح منذ اندلاع الاضطرابات، وجرى اعتقال المئات من مثيري الشغب، مضيفاً أن متوسط أعمارهم لا يتجاوز 17 عاماً. وشملت اعتقالات ليل الجمعة 80 شخصاً في مدينة مرسيليا الجنوبية، ثاني كبرى المدن الفرنسية، التي يقطنها عدد كبير ممن تعود أصولهم لمنطقة شمال أفريقيا. وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجاراً يهز منطقة الميناء القديم في مرسيليا لكن لم ترد تقارير عن وقوع أي إصابات. وقالت الشرطة إن مثيري الشعب في وسط مرسيليا نهبوا متجراً للأسلحة النارية، وسرقوا بعض بنادق الصيد، لكن دون ذخيرة. وأضافت الشرطة أنها اعتقلت شخصاً بحوزته بندقية، ربما نُهبت من المتجر، الذي يخضع الآن لحراسة الشرطة.

جانب من الصدامات بين الأمن ومتظاهرين في ستراسبورغ في 30 يونيو (أ.ب)

وفي ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية، نشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر لإخماد الاضطرابات. كما طلب رئيس بلدية ليون تعزيزات. وفي باريس، أخلت الشرطة ساحة الكونكورد الشهيرة في وسط العاصمة من المحتجين ليل الجمعة بعد أن بدأت فيها مظاهرة دون تخطيط مسبق. وطلب دارمانان من السلطات المحلية وقف حركة جميع الحافلات والترام من الساعة التاسعة مساء، ووجه رسالة لرجال الإطفاء وعناصر الشرطة قال فيها إنه يستطيع الاعتماد عليهم. وأعادت الاضطرابات إلى الأذهان أعمال شغب اندلعت في أنحاء البلاد عام 2005، وأجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ بعد وفاة شابين صُعقا في محطة للكهرباء في أثناء اختبائهما من الشرطة. ورداً على سؤال في برنامج تلفزيوني أمس عما إذا كان بإمكان الحكومة إعلان حالة الطوارئ، قال دارمانان: «بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية وسنرى بعد هذه الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية».

شرطيون يخاطبون رجلاً مسناً في نانتير (د.ب.أ)

وأصدر لاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم بياناً نادراً دعوا فيه إلى الهدوء. ونشر النجم كيليان مبابي البيان على حسابه على «إنستغرام» وقالوا فيه: «يجب أن يتوقف العنف من أجل الحداد والحوار وإعادة الإعمار». وألغيت فعاليات منها حفلان موسيقيان في استاد فرنسا بضواحي باريس. وقال منظمو سباق فرنسا للدراجات إنهم على استعداد للتكيف مع أي وضع عندما ينتقل الحدث إلى البلاد يوم الاثنين بعد انطلاقه من إسبانيا.

نكسة لماكرون

أجَّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الدولة التي كانت مقررة لألمانيا بسبب أعمال الشغب التي تشهدها بلاده، ما شكل ضربة لفتح "فصل جديد" بين الدولتين، بعد أن جرى إلغاء زيارة الملك تشارلز الثالث في الربيع إلى باريس بسبب الأزمة الاجتماعية المرتبطة بإصلاح نظام التقاعد. وأعلن الحليفان المقرّبان القرار السبت بعد محادثة هاتفية بين الرئيس الفرنسي ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، عشية بدء هذه الزيارة التي كان من المقرر أن تستمر حتى الثلاثاء.

ماكرون يصل للمشاركة في اجتماع أزمة بوزارة الداخلية في 30 يونيو (أ.ب)

وقالت الرئاسة الألمانية في بيان إن ماكرون «طلب تأجيل» الزيارة. وأكد الإليزيه لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «بالنظر إلى الوضع الداخلي، يرغب رئيس الجمهورية بالبقاء في فرنسا خلال الأيام القليلة المقبلة». ولم يتحدد موعد جديد للزيارة، وفق مصدر فرنسي. وأضاف البيان الألماني أن «الرئيس الألماني يأسف لإلغاء الزيارة، ويتفهم تماماً الوضع» في فرنسا الذي «يتابعه باهتمام كبير. ويأمل أن يتوقف العنف في الشوارع قريباً، وأن يحل السلم الاجتماعي مجدداً».


مقالات ذات صلة

باكستان: مقتل 4 من أفراد الأمن على يد متظاهرين مؤيدين لعمران خان

آسيا مناوشات بين رجال الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان في إسلام آباد (أ.ف.ب)

باكستان: مقتل 4 من أفراد الأمن على يد متظاهرين مؤيدين لعمران خان

دارت مواجهات في إسلام آباد، الثلاثاء، بين آلاف المتظاهرين المؤيدين لرئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وقوات الأمن التي استخدمت القوة لتفريقهم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
شؤون إقليمية عائلات ومتضامنون مع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين 18 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

تظاهر أقارب رهائن محتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الاثنين، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق مع «حماس» للإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا أشخاص يرفعون صور عبد الله أوجلان أثناء المسيرة في كولونيا (د.ب.أ)

آلاف يتظاهرون في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم «العمال الكردستاني» أوجلان

تظاهر آلاف الأشخاص في مدينة كولونيا بغرب ألمانيا، السبت، للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي اعتُقل قبل 25 عاماً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا متظاهرون يقتحمون مبنى البرلمان في جمهورية أبخازيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

زعيم أبخازيا يعلن استعداده للتنحي إذا أخلى متظاهرون مبنى البرلمان

قال رئيس جمهورية أبخازيا التي أعلنت انفصالها عن جورجيا والمدعومة من موسكو، السبت، إنه مستعد للاستقالة بعد اقتحام متظاهرين مبنى البرلمان.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا خلال مواجهات بين محتجّين والشرطة الهولندية في أمستردام يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

الائتلاف الحاكم في هولندا يتجنب الانهيار وسط صراع بشأن «تعليقات عنصرية»

عقد مجلس الوزراء الهولندي جلسة طارئة، اليوم الجمعة، وسط تقارير عن احتمال انهيار الائتلاف الحاكم بسبب طريقة تعامل الحكومة مع أحداث العنف الأخيرة في أمستردام.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)
كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)
TT

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)
كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.

وقالت شركة «سينيا» الفنلندية المشغلة للكابل إن سفينة صيانة وصلت إلى الجزء المتضرر من الخط، صباح الأحد، وبدأت أعمال الإصلاح.

ومن المقرر استعادة الكابل البحري «سي ليون 1» بحلول نهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

وقبل أسبوع، اكتشفت «سينيا» عيباً في «سي ليون 1» جنوب شرقي جزيرة أولاند السويدية. ومن حينها اضطربت روابط الاتصالات عبر الكابل.

ثم تبين أنه قبل 24 ساعة من ذلك، لحق الضرر أيضاً بكابل اتصالات آخر في بحر البلطيق بين جزيرة جوتلاند السويدية وليتوانيا.

ولم يتضح سبب الضرر في الحالتين. وأطلقت الشرطة السويدية تحقيقاً في عمل تخريبي محتمل. كما تحقق السلطات في دول أخرى فيما إذا كانت الكابلات تعرضت لإتلاف متعمد.

وأصبحت الفرقاطة الصينية المسماة «يي بينغ 3» محور التحقيق.

وبحسب خدمات التتبع، فإن سفن تابعة لسلطات كثير من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) توجد في محيط السفينة الراسية منذ أيام في كاتيجات بين الدنمارك والسويد جنوب جزيرة أنهولت الصغيرة.

ولم يتأكد رسمياً ما إذا كان جرى احتجاز السفينة «يي بينغ 3». وقالت وزارة الخارجية الصينية إنها على اتصال بالأطراف الضالعين في الواقعة عبر قنوات دبلوماسية، ولكن لم تقدم تفاصيل بشأن السفينة.